من محاضرة الثبات حتى الممات
يقول الشيخ سلمان العودة في محاضرته القيمة التي ألقاها بمدينة الخرج بعنوان : " الثبات حتى الممات " سأذكر لكم قصة عبد الله القصيمي .. كان هذا الرجل يعيش في بلاد نجد يجالس العلماء ويقرأ عندهم ، وربما مشى وصحيح البخاري في إبطه ، وربما حضر مجالس العلم والذكر ، وكان معروفاً حتى أنه ألف كتباً كثيرة ينصر فيها الحق ، ومن هذه الكتب كتاب مشهور مطبوع في مجلدين اسمه : الصراع بين الإسلام والوثنية وهو رد على أحد الشيعة الذين سبوا وذموا دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ، فرد عليه عبد الله القصيمي بهذا الكتاب ( الصراع بين الإسلام والوثنية ) حتى قال بعض طلبة العلم آنذاك : لقد دفع عبد الله القصيمي مهر الجنة بهذا الكتاب
ثم انتكس عبدالله القصيمي وارتد ردةً كليّة وصلت في فترة من الفترات إلى درجة الإلحاد المطلق ، بل وإلى الكفر حتى بجملة الرسالة ، والكفر بالأمة التي أنـزل عليها الإسلام، وهي أمة العرب، فرفض الإسلام ورفض العرب
وأعتقد والله أعلم أن ردته لم تكن بسبب شبهة بقدر ما كانت بسبب شهوة خفية متأصلة في أعماق قلبه ، هذا هو ما توصلتُ إليه بعد طول تأمل في حاله ؛ وهذا درس يجب أن نعيه ؛ فلم تكن القضية قضية شبهة أو شك أو إلحاد حقيقي ، إنما كان هذا الإلحاد ستاراً يتستر به أو مسوغاً يسوغ به الواقع الذي يعيشه ، أما الحقيقة -والله تعالى أعلم- أن الرجل إنما ارتد بسبب شهوة
ما هذه الشهوة ؟ إنها شهوة العظمة، حتى إن هذا الرجل كان يقول في شعره :
ولو أن ما عندي من العلم والفضلِ *** يوزّع في الآفاق أغنى عن الرسْلِ
هذا البيت قرأتُه في كتاب أحد العلماء الذين ردوا عليه ، ثم قلت في قلبي : هل من المعقول أن يقول إنسان مثل هذا الكلام ؟
وإذا بي أقف على كتاب مطبوع من كتب
القصيمي التي ألفها قبل أن يرتد ، ألفها يوم كان يزعم أنه مهتدٍ ، وهو كتاب اسمه ( الفصل الحاسم بين الوهابيين ومخالفيهم ) فوجدتُ هذا الرجل يتغزل بنفسه ويعظّم ذاته ، ويتكلم عن نفسه كلاماً يستغرب الإنسان أن يسمعه
يقول في قصيدة بعنوان أسى :
ولو أنصفوا كنت المقدم في الأمر *** ولم يطلبوا غيري لدى الحادث النُكر
ولـم يرغبوا إلا إليّ إذا ابتغــــــــوا *** رشاداً وحـزماً يعزبان عن الـفكــــــر
ولم يذكروا غيري متى ذُكر الذكا *** ولم يبصروا غيري لدى غيبة الـبدر
فما أنا إلا الشمس في غير برجها *** وما أنا إلا الـدر في لجج الـبحــــــــر
بلغت بقولي مـا يرام إلى الـعلــى *** فـما ضرني فقد الصوارم والسمــــــر
ومـا ضــــــرني ألا أروح واغتدي *** بأردان مجدود عـلى سابـح يثـــــري
ثم يقول :
أسفتُ على علمي المضاع ومنطقي *** وقد أدركا لو أدركا غاية الفخر
أرى كـل قـوم يحفظون أديبهم *** ويجزونه بالعز والمال والشكــــــــــر
خلا معشري ما عندهم لأديبهم *** سوى الحسد الممقوت والبغض والهجر
إذا قـام فيهـم ناشئ ذو مـخايل *** تدل عـلى العلياء والحسب الحـــــــــــر
أطاحوه غضاً قبل أن يبلـغ المدى *** وقامـوا على أعواده الخضر بالكسر
إلى آخر القصيدة التي أصبح يتكلم فيها عن واقع الناس كلام الذي يتسخط فيها على قضاء الله وقدره، ويرى أنه كان جديراً وحقيقاً بكل خير، وأن الأقدار ما أنصفته
إذن الرجل يشكو نفسه وحاله ، ويرى أنه مضيّع في أمته وقومـه وقبيلته
هذا الرجل الذي تحول من التظاهر بالإيمان إلى التطاول على الله تعالى والسخرية به، وازدراء القيم، والعقائد، والمثل، والأخلاق، إنما يعيش ردة فعلٍ عن المجتمع الذي عاش فيه ولم يلب طموحاته الشخصية، ولم يكن متوافقاً مع متطلباته الذاتية، فكانت النتيجة أن تحطم هذا الرجل، ثم ترك الإيمان والإسلام -والعياذ بالله- وذهب يبحث لنفسه عن شهرةٍ ومجدٍ في الكفر والإلحاد
انتقاء : محمد بن سليمان المهنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليق :
يا سلمان العودة
وأنت تفكر في اعداد هذه المحاضرة وكذا وأنت تلقيها ،، ألم تعتبر وتتأمل مسيرتك !؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..