الخميس، 18 أكتوبر 2012

كفى صمتاً

 يوماً بعد يوم تستفحل ظاهرة التحرش الجنسي بالنساء سواء في الشوارع أو في الجامعات أو أماكن العمل, فالمرأة تتعرض للتحرش بغض النظر عما ترتديه من لباس ,ولا يختلف الواقع من بلد عربي لآخر فالحال واحد ويتسم
بالتساهل مع المتحرشين وقلة الدعاوى القضائية وصمت الضحايا خوفا من الفضائح,فالغالبية العظمى من النساء تواجه التحرش سواء كان لفظيا أو جسديا بالكتمان ولا تتقدم بشكوى درء للمشاكل وتلويث السمعة وخوفا من فقدان العمل –في حال كانت موظفة - بسبب الأعراف السائدة في مجتمعاتنا العربية التي تمنح المتحرش بعض من العذر, فالثقافة السائدة ترى أن المرأة مذنبة على الدوام ,وأنها المسؤولة عن دفع الرجل للتحرش بها بسبب طريقة لباسها والتي قد يراها الرجل مثيرة فيجب عليها أن تتحمل تبعات خروجها من المنزل ,وهذه الأحكام الجاهزة تتجاهل حقيقة أن التحرشات تحدث لجميع الفئات العمرية و حتى للمنقبات وغير العاملات .

الأحكام في قضايا التحرش غالبا ما تكون متساهلة مع المتحرشين مما يساهم في استمرارية الظاهرة ,ففي الجزائر حكم قبل أيام على مدير القناة الرابعة الناطقة بالأمازيغية بالتلفزيون الجزائري بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ بتهمة التحرش الجنسي بمجموعة من الصحافيات, وفي السعودية حكم على متحرش اسيوي بالجلد 20 جلدة لقيامه بلمس جزء حساس من  جسد امرأة داخل المطعم الذي يعمل به ,وجاء الحكم بعد دعوى اقيمت ضد الشاب من قبل السيدة الشجاعة والتي لم تتجاهل ما حدث خوفا من الفضيحة وصفعت الشاب غير انه رد لها تلك الصفعة على الفور, مما يدل على عدم خوفه من العقاب وعدم شعوره بعظم جريمته  ,وقد شعرت بالصدمة من عفو السيدة عن الشاب المتحرش وكذلك من العقوبة المتساهلة إزاء شخص مارس التحرش الجنسي ثم اعتداء بالضرب على المتحرش بها ,في الحقيقة كان الحكم مخيبا للامال فهو يستحق السجن وإبعاده عن البلاد بعد قضاء محكوميته لحماية المجتمع من شروره, في السابق كان يحكم على المتحرش من أبناء البلد بأكثر من 20 جلده ويتعرض للسجن وربما الفصل من عمله بسبب ممارسته للترقيم والتحرش اللفظي, فلماذا أصبحت الأحكام بحق مرتكبي التحرش الجنسي متساهلة جداً؟

هذا الحكم الغير الرادع وغيره من الأحكام التي تتساهل مع المتحرشين توجه رسالة سلبية للمرأة المتحرش بها بضرورة الصمت وتجاهل ما حدث لها ,وقد تشجع مثل هذه الأحكام من يمارس هذه الأفعال الدنيئة على الاستمرارية مما يساهم في زيادة التحرشات واستمرار معاناة النساء,وأكثر ما أخشاه أن تفقد المجتمعات العربية الثقة بالقضاء, وأن تلجأ المرأة أو عائلتها لتحقيق العدالة بأنفسهم في ظل تساهل القانون مع المتحرشين ,وخاصة أننا مجتمعات محافظة وتحارب بشراسة كل ما يمس الكرامة والعرض وهي مناطق محرمة بالنسبة للرجل العربي, وقد يدفع حياته ثمنا للدفاع عن عرضه و محارمه .

د.نوف علي المطيري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..