2012-10-18 |
وتناقل كثيرون هذا القول، ما بين مصدق ومكذب، فكيف باليهودي العتيد الذي لم يُر فيه إلا
اليهودي المخلص لقومه، وقد ذكر
في مذكراته أنه لم يبك إلا مرتين مرة يوم ماتت أمه وأخرى وهو يحاول إقناع
جولدا مائير أن تقبل بما يراه صلحا مع السادات في مصلحة إسرائيل لم يفهمه
قادة إسرائيل، ونشر مالك التريكي في جريدة القدس العربي (نهاية إسرائيل على
يد العزيز هنري: 12\10\2012) عن هذا القول له، وعن عدم إصراره حين كان
وزير خارجية على نقل اليهود الروس إلى إسرائيل، لأنه لا يراهم في خطر.
د. محمد الأحمري
في مقال نشرته جريدة "نيويورك بوست" للكاتبة
"سيندي آدمز"، كتبت ما يشبه الإشاعات نقلا عن مصدر سمع كيسنجر الذي وصفته
بـ"العلامة"، يقول بالحرف إنه "بعد عشر سنوات لن يكون
هناك إسرائيل".
هناك إسرائيل".
وتناقل كثيرون هذا القول، ما بين مصدق ومكذب، فكيف باليهودي العتيد الذي لم يُر فيه إلا
وهنا فلعل كيسنجر كان يرى مثله مثل كثيرين من
عقلاء يهود حول العالم في قيام إسرائيل كارثة على بني جنسهم لا تقل خطرا عن
المحرقة، فالمفكر الشهير تشومسكي لم ير في الحركة الصهيونية إلا فكرة
"جيتو" أو الحارة المغلقة التي كان اليهود يعيشونها في العصور الوسطى
الأوروبية حيث يغلق على اليهود في حي ضيق مساء ويفتح لهم صباحا، خوفا منهم
لأسباب مختلفة دينية ودنيوية.
فكثير من الأوروبيين كانوا يرونهم مصدر الفساد
الأخلاقي والاقتصادي، وبعضهم يراهم مصدر لغضب الرب حيثما ذهبوا وبعض
اليهود عنده فكرة الحي اليهودي الذي تقام فيه شرائعهم ويحاط بحائط يفصلهم
عن الأغيار "الأميين" وقد طالبوا في التسعينات الميلادية بسياج على حي
هرندن في شمال لندن أو منطقة منه ليتمتعوا بتطبيق شريعتهم فيه، ومنها أشياء
تتعلق بتحريم التقنية يوم الأحد وما سوى ذلك.
وموقف تشومسكي تغير من الصهيونية بعد أن تحمس
في شبابه وهاجر وتجنس بجنسيتهم، وكان يأمل في إشتراكية مثالية يهودية
وعربية مشتركة فلما رأى العنصرية الصهيونية فارقهم إلى غير رجعة وعاد
لأمريكا، وهو من ألد خصومهم اليوم حتى إنهم لا يسمحون له بدخول فلسطين، إذ
لا يرى في الصهيونية إلا حركة عنصرية جمعت اليهود في حارة مغلقة "جيتو"
كحارات العصور الوسطى تجمعهم لمن سيقضي عليهم مستقبلا.
وقد اختلف المفسرون لقول كيسنجر، فمن قائل إنه
ينشر الرعب خوفا على اليهود في "إسرائيل" من سلاح إيران، أو خوفا من مرشح
ديمقراطي هو أوباما لا يكون وفيا لهم كما يجب، أو تحذير من خطر زيادة عدد
الفلسطينيين، وذكر التريكي أن مترجم كيسنجر الفلسطيني: عيسى خليل صباغ، نقل
عن كيسنجر أنه كان يلذع الصهاينة ويكره صلفهم السياسي ولا يقبل كثيرا من
منطقهم.
ولا يستبعد هذا المنطق من رجل يهودي هاجر من
ألمانيا واندمج في المجتمع الأمريكي ويرغب من اليهود الأمريكيين أن يندمجوا
في هذا المجتمع الذي استقبلهم وعاشوا فيه، دون تمييز قاس، وهو علماني
متحرر إلى حد ما من قيود اليهودية، ثم لا أستبعد أن يكون كارها لجماعات
الضغط الصهيونية المسيطرة على السياسة الأمريكية الخارجية، وقد يسبب
تعاليها وتطرفها وغرورها بنفوذها انعكاسا مضادا لما يفعلون الآن.
فقد بلغ تطرفهم أن يذلوا كل رئيس أمريكي
ويملوا على الرئيس والسياسيين ما لا تفعله أي قوة ضغط، فالحج وزيارة القدس
وحائط المبكى ولبس الطاقية اليهودية وزيارة مخيم آشفتز محرقتهم في بولندا،
وزيارة رمز المحرقة اليهودية في فلسطين شرط الوصول للبيت الأبيض ولم يعد
يناقشها من يفكر أن يفد للبيت الأبيض رئيسا.
ونعلم أن كيسنجر عمل مع نكسون الرئيس العملي
مثله الذي كان يكن كراهية وخوفا من اليهود، وقد قالها صراحة القس "بل
جراهام"، إذ قال جراهام إن اليهود يسيطرون على 90% من الإعلام في أمريكا،
فرد نكسون لا بل: 95% من الإعلام، وقد مات نكسون قبل نشر الوثائق وهي
تسجيلات كان يسجلها على جلسائه في البيت الأبيض. أما القس بلجراهام فقد
تورط ونشرت الوثائق وهو حي يرزق على رأس البروتستانت الأمريكيين فقدم
اعتذارا لليهود عما قال.
على أي حال لو كان من قال هذا القول الشيخ سفر
الحوالي كما تنبأ بذلك قبل إثني عشر عاما لما كاد يهتم أحد. وقد وجد أحد
الأصدقاء في الثورات العربية ما رآه مصداقا لتنبؤ الشيخ، إذ يرى صاحبي أن
خلع عميلهم في القاهرة نهاية لهم!
وذكر مقال القدس العربي أيضا تنبؤات المسيري
من كتبهم، والذي يصعب قبوله لدى أي مراقب هو تحديد وقت بناء على نصوص
التوراة والإنجيل كما فعل الشيخ سفر نقلا عن كتابهم، ومع أنه شكك ولكنه وسع
القول في الأمر بما يوحي بأنه موافق لما ورد في كتبهم، ولعل كيسنجر قال
عشر سنوات لأنه يعلم أنه حينذاك يكون قد مات أو خرف.
وسواء قال الرجل هذا القول أم لا، فإن الشك في
مستقبل وجودهم في فلسطين هو همّهم اليومي، وهمّ حلفائهم رغبة أو تظاهرا
بالمناصرة وخوفا من إعلامهم، فسياستهم وتفكيرهم في حياتهم اليومية
وعلاقاتهم الدولية مبنية على شك عظيم في إمكان استمرارهم، فهجرتهم للغرب،
واستعادة بعضهم لجوازات ألمانية وبولندية وعودة مهاجريهم من روسيا إليها
ومن طريف قلقهم من المستقبل أن درسوا ورددوا برعب في الكنيست قصيدة محمود
درويش: "عابرون في زمان عابر"، ويطلبون من كل سياسي يزورهم أن يرى صغر
أرضهم وإمكان تعرضهم للإنهاء بأيدي العرب أو الإيرانيين، ورعب دائم من
الفلسطينيين.
والآن من الثورات العربية التي أعادت الشعوب
للفعل، وقد تبرعت لهم هيلاري بتطمينات كثيرة أن مصر مشغولة بأدوائها، ولا
تفكر فيهم، ولكن الذي نخافه نحن العرب فعلا إعلام يواليهم ويرسخ وجودهم،
ويقنع به، ويصرف النظر عن شرورهم إلى خصومهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..