الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

كلمة الأميرة بسمة بنت سعود في كامبريدج


من الربيع العربي إلى الربيع الأوروبي للأزمة العالمية: ما اود تغييره فى جميع بلدانا

حتى بلدي المملكة العربيةالسعودية التى تبدو قوية، فلولا ثروتها المحسوسة لاصبحت عرضة للخطر

في كثيرمن الأحيان أتلقى طلبات صحافية من وسائل الاعلام الغربية، التى تبدو مهتمة قبل كل شيء بأصولى بصفتي أميرة سعودية، و ما يجب أن أقول عن المملكة العربية السعودية – و أكثر تحديداً ما اود تغيره فى المملكة. و لعل هذا ليس مفاجئاً بقدر ما هو مكبلاً.


ما يجب أن أقوله عن المملكة العربية السعودية، وماود تغيره، يجب أن أقوله واغييره في كثيرمن البلدان. اننى و بسبب ميلادى كعضوة في العائلة المالكة السعودية، و بسبب الخبرة، اصبحت داعية للإصلاح، أقول الإصلاح وليس الثورة، لأن لهيب الشرق الاوسط اليوم يوضح ان ثورة لم تكن عامل مساعد لتغيير دائم يأمله الكثير منا.
قد حدث الكثيرفى جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة ، ولكننا لم نرتغير يتناسب مع الاضطرابات. ان وجهة النظر الخيرية هوأن الثورات كانت لبذر بذور الأفكار في عقول الناس حول كيفية تغيير حقيقي يمكن ان يحدث و لكنه الآن هوالوقت المناسب للإصلاح لإجراء التغييرات الدائمة، و الاهم فى هذا كله هو تغيير نوعية القيادة.


و لا يوجد شيء استثنائي في هذا فيما يخص المملكة العربية السعودية، أو أي مكان آخر في العالم العربي، و من وجهة نظرنا فيما يخص أوروبا التى ليست بحالة جيدة ايضاَ و بخاصة اليونان وإسبانيا.
ما نواجهه هو قضية عالمية. فالعالم ليس هونفسه كما كان من قبل. و بغض النظرعن مدى البطء فى ادراك الناس لهذا، فليس هناك مقياس اكثر من الانهيارالاقتصادي العالمي. وقد كان هذا شىء مذهل للغاية. وقد قدمت الأسواق المالية مستويات غيرمسبوقة من الاستقلال عن الحكومات الوطنية، بدون أي نوع من المسؤلية و هو شى مطلوب بشدة و هذا بالطبع ادى للكثير من الاخطاء التى جعلت أوروبا، وخاصةجنوب أوروبا تدفع ثمنا باهظا.


ان المشروع الأوروبي يفشل لأن الوحدة الاقتصادية في الأوقات الجيدة فقط تغطى الشقوق التى سببتها نقص الوحدة السياسية بشكل حتمى. فما جدوى وجود سوق موحدة بقيمة 500 مليون و لا يوجد من يشترى؟
يوجد في الاقليم العربى قضايا اساسية جدا.حيث لدينا اناس فى الشوارع، هم شباب اليوم والغد ينادون بحقوقهم و يطالبون بحقوق الإنسان البسيطة التي حرم منها الملايين، انها حقوق للوصول الى فرص اقتصادية اساسية.


ولكن في عالم العولمة اليوم، ما يحدث في الشرق الأوسط له تأثيرعلى أوروبا و على العلم اجمع فليس هناك من هو بمنأى عن هذه الاضطرابات والأزمات، فمشكلتك هي مشكلتي والعكس بالعكس و مع ذلك فيبدو ان الافكار اللازمة للتقدم ما زالت بطيئة فنحن بحاجة إلى أفكارجديدة، بحاجة إلى نوعية القيادة جديدة و بحاجة إلى قبول فكرة فشل النظم السياسية التى كانت تستخدم لإدارة التعاون الدولي والمحلي و حيث تظهر علامات من القلق الجسيم إلى الحد الذي يمكن ان يؤثر بالسلب على خططنا المستقبلية.
ان ما نبنيه اليوم جب ان يعنى شيئا للأجيال القادمة. فلا يمكن أن يكون مجرد اعادة صياغة للأنظمة القديمة، فنحن الان بحاجة للحديث عن “القانون الرابع”.


ان الأنظمة التى كنا نستخدمها بدأت فى الفشل وبمرورالوقت سوف تفشل جميعها لان لا شىء يدوم للابد فنحن يجب علينا أن نستخدم “القانون الرابع”لتوفيرالإطارالذي يمكننا من التقدم.
فبالخمسينات و الستينات كان ‘عدم الانحياز’ مهم جدا في منطقتنا وفي أجزاء أخرى من العالم. فبعد تجارب الاستعمار،أرادات العديد من البلدان التعبيرعن أنفسهم بعدم الانحيازلأن لا الغرب ولا الاتحاد السوفيتي كان لديهم ما يلبون به الاحتياجات المختلفة للدول التى تخلصت من الاستعمار.


بالطبع ان ألاشياء لايمكن ان تنجح تماماً بنفس الاسلوب الذى نفكر فيه. وهكذا فعلت أقطاب الحرب الباردة في أجزاء كثيرة من العالم. نحن لم نتمالك ان ننحاز بطريقة او بأخرى و بدرجات مختلفة و بأمزجة محلية معينة. و مع ذلك كان هناك كثير من المناقشات المثالية عن الصراع الفكرى و العدالةالعالمية – على نحو ما يمكن أن يسمى ‘”القانون الثالث’ و الذى نشأ من فكرة امكانية فشل الرأسمالية و الاشتراكية؟ هل يمكن لهذا النوع من الوسطية ان يأخذ أفضل ما فى الاشتراكية والرأسمالية للتوصل إلى طريقة مهجنة يمكن أن تحكم العالم؟
الجواب القصير هو “لا”. فقد اخذت الرأسماليةالغنائم، وانهارت الاشتراكية في العوائق. ان الرأسمالية تكتشف الان ما كان لا يمكن تصوره منذ خمس سنوات فقط.
ومع ذلك، فإنه لم يعد مهم الان ان تكون منحاز لاى فكر تحديداً. فقد مضى وقت طويل ولكن اللعب الان على مستويات لم يسبق لها مثيل.
لم نعد نستطيع ان نفكر بشكل استثنائى فى ان فكرة مشاكل دولة او اقليم توثر عليه فقط، فأن الملعب أتسع الان اصبحت مشاكلنا العالمية متصلة بشكل وثيق. .


يبدو ان الاستثنائية تجعل الخلافات تبرز ، و عندما أتحدث عن رسم ارضية مشتركةفهذا يعنى قبول الترابط المتبادل و ليس الحصار المتبادل.
اذن لماذا “القانون الرابع”؟ و اهم من ذلك، ماهو؟
كما تبدو الأمور الآن، فالمستقبل غيرمؤكد، هناك عدم استقرار في أنحاء كثيرة من العالم، و صرعات توضح قدرة خاصة على ايقاع الدول المجاورة. ان غياب السلام الجوارى الاسطورى له انعكاسات عالمية ضخمة، لست بحاجة إلى ذكرها.


و قد شهدت منطقتي بالطبع اضطرابات خطيرة، و عندما شهدت اول دولة في الشرق الأوسط، -تونس- تبدأ بالثورة، شعرت يقيناً ان البقية سوف تأتى، و قد فعلوا ذلك حتى بلدي المملكةالعربيةالسعودية التى تبدوقويا، فلولا ثروتها المحسوسة لاصبحت عرضة للخطر.
ان هذه الدول التى كانت تقاوم الدعوة الاجبارية للتغيير سوف تتجه للاصلاح طوعاً او تواجه ثورات شعبية، حيث تنظر الشعوب حولها و تجد التغييرات للأفضل، و هذه الشعوب نمت ثقتها كثيراً عندما واجهت قوات الامن.


من أنقاض كل ذلك، ماذا سوف يظهر؟ هذاهوالمكان الذي تكمن مخاوفي ثورة الشباب- ثورة بالشباب من اجل الشباب، نحن عموماً نقول ان الشباب هم المستقبل كلا انهم الحاضر، عليك فقط ان تنظر الى التركيبة السكانية للمنطقة حالياً لتعرف ذلك، و انظر ايضاً الى التركيبة السكانية فى اوربا و اى قارة اخرى تهمك. كيف ندير الزيادة فى عدد السكان و موارد الارض؟ سؤال يصبح اكثر الحاحاً طوال الوقت..
بالنظر إلى تجربة الربيع العربى القصيرة فهناك بعض العلامات الغير مشجعة مثل حماسة الشباب التي أعطت الكثير من قوة الدفع للثوارت تبددت و تبدلت بخلافات و تأخير.


ان الوصول إلى فرص لحقوق الإنسان الأساسية و التي كافح الكثير من أجلها تأتى بطيئة جداً. و لكنني لا أريد أن أبدو يائسة جدا، فقد تغير شيء جوهري، و ليس هناك ما يمكن أن يزيل الاهمية الطبيعة لكل ما حدث في المنطقة، هذا لان مع وجود تراكمات عقود من الاستبداد لم يكن هناك أي فرصة واقعية لحدوث تحول سلس.


ولكن في حين أن الصبر مطلوب فهذا لا يعن ان لسلبية مطلوبة. فنحن بحاجة إلى الاقتراب من المستقبل بقوة، كما بدأنا فى عملية إعادة البناء. و لكى اعبر عن ذلك بابسط شكل، أنا أتحدث عن المضي قدما والبناء على أخطاءالماضي وتضحيات الكثيرين..


نحن في الشرق الأوسط لسنا الوحيدين الذين نعيد البناء، فاوروبا لديها فرصة ضئيلة فى هذه المسألة. ان الطريق الرابع الذى اتحدث عنه لا يتعلق بهدم المؤسسات الموجودة و لكن فقط بطريقة النظرإلى الأشياء.
ان الإصلاح هو الطريق المفضل للعمل و ما لا يمكن انكاره هو ان هناك نوعاً من العمل يجب القيام به و العمل المطلوب قبل كل شيء تغيير العقلية..


عمليا، هناك أشياء كثيرة يتعين النظر فيها مثل. الهياكل الاجتماعية و التوازنات، و الروابط و التوزيع الاقتصادى و الأنظمة المعمول بها لضمان احترام الحقوق، سواء على المستوى الفردى أو القومى أوبين الدول..
هناك الكثيرللنقاش هنا بطبيعةالحال..


لقد سبق و ذكرت القيادة. و هذا هو عنصر حاسم في “القانون الرابع” حيث تلاشت الشباب بعيدا بعد الثورات، و تولت السياسات اللاحقة أناس قطعت أسنانهم في الأنظمة الاستبدادية السابقة، لا زالت آليات الحكومة و الوزارات و المؤسسات تدار بشكل غير فعال، لم يتم اصلاحها بشكل ملحوظ، وبعبارة أخرى، ان اليات الحكومات مصممة لتخدم سيد واحد، و لا زالت هذة الذاكرةالمؤسسية موجودة.
بالطبع لا يستطيع الفرد ان يتمنى محو التاريخ ولكن في نفس الوقت لا يمكن ان يتمنى للمستقبل الا يأتى، فالشباب الذين كانوا طى النسيان يجب ان ينظر اليهم كعنصر حيوى فى السلام العالمى و عامل مؤثر للتعاون و ليس للخصومة.


من بين صفوف الشباب يجب ان يظهر قادة اليوم، يجب ان نساعدهم ليتعلموا من المواقف و الخبرات المختلفة، ان تأثيرهم بالغ الاهمية و بعد كل شىء هناك الكثير منهم هم و اقرانهم اكثر من الرجال كبار السن فى بذلتهم.
هذا هو كيف ولماذا “القانون الرابع”، انه يبدأ بالحوار الذى لن يكون سهل و لكننا نتمنى ان يكون محدداً و مقرراً بوساطة قادة اكفاء شرعيين. ان التوصل إل توافق هوشيء رائع يمكن أن يوفر أرضية مشتركة و منصة ينطلق منها نجاح اكبر و تقدم أعظم.
ان الربيع الاوروبى يحتاج الى هذا الطريق تماماً كما يحتاج اليه الربيع العربى..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..