مرض الربو يصيب المجاري التنفسية ويؤدي إلى التهابها ومن ثم تضييقها
وزيادة حساسيتها. وهو مرض شائع يصيب نحو 4 إلى 32 في المئة من البشر، ويؤدي
إلى عدد كبير من المراجعات إلى أقسام الطوارئ وعيادات
الأطباء، كما قد يؤدي إلى الوفاة في الحالات الشديدة (18/1000.000). يعتقد الكثير من الباحثين أن نسبة الإصابة بالربو قد ازدادت بسبب التدخين وزيادة التلوث والاعتماد على المواد الصناعية والكيميائية، كما أن الربو له علاقة مباشرة مع الغبار والأتربة ومخلفات العث والحشرات التي قد تسكن معنا في البيوت.
الأطباء، كما قد يؤدي إلى الوفاة في الحالات الشديدة (18/1000.000). يعتقد الكثير من الباحثين أن نسبة الإصابة بالربو قد ازدادت بسبب التدخين وزيادة التلوث والاعتماد على المواد الصناعية والكيميائية، كما أن الربو له علاقة مباشرة مع الغبار والأتربة ومخلفات العث والحشرات التي قد تسكن معنا في البيوت.
إن الهواء النقي مع نسبة رطوبة ملائمة والسكن النظيف والخالي من دخان
السجائر تعتبر من أهم العوامل المساعدة على تفادي الربو وعلى تحسين فرص
علاجه. وعلى الرغم مما يشاع عن مرض الربو إلا أنه يمكن علاجه والسيطرة عليه
والتأقلم معه، ولكن لا بد للمريض والطبيب المعالج من التعاون للوصول إلى
أحسن مستوى من السيطرة على المرض والتأقلم مع الحياة المنتجة. فهناك العديد
من الرياضيين المحترفين المصابين بالربو المصاحب لرياضة الجهد وهم يأخذون
أدويتهم بانتظام حسب إرشادات الطبيب ثم يتدربون أو يتنافسون في الرياضة
ويعيشون حياتهم مثل أي إنسان عادي يحب الرياضة ويستمتع بالمنافسة.
مرض الربو كما يعلم القارئ مرض شائع جدًا، وهناك الكثير من المرضى الذين
يعانونه. ونظام علاج الربو يخضع لمراجعة مستمرة من قبل المختصين. وهناك
جهات علمية عالمية تضع ضوابط وطرق العلاج، وتصدر هذه الضوابط بناء على أفضل
الأدلة العلمية المتوافرة، ويتم مراجعتها بصورة دورية كل سنة أو سنتين،
وتصدر الجهات الصحية في كثير من الدول إرشادات لعلاج الربو، وهناك إرشادات
سعودية يتم مراجعتها بصورة دورية.
ويتطلب علاج الربو تفهُم التغيرات التي تحدث وتزيد من أعراض الربو. لذلك
على الطبيب الحصول على معلومات مفصلة عن المرض من المريض. وإذا كان المريض
يتناول علاج الربو ولكنه لا يشعر بالتحسن فيجب حينئذ البحث عن سبب ذلك، كأن
يكون المريض غير منتظم في أخذ العلاج أو لا يجيد استخدام العلاج أو يحتاج
إلى تعديل في جرعة أو نوع العلاج، كما سنبين لاحقًا. كما يجب البحث عن
أسباب زيادة أعراض الربو كالتهاب الجيوب الأنفية أو توقف التنفس أو ارتداد
الحمض إلى المريء وعلاجها. كما يجب جعل بيئة غرفة النوم مناسبة جدًا، حيث
يفضل عدم استخدام السجاد (الموكيت) في غرف المصابين بالربو الليلي لأنه وسط
مناسب جدًا لعيش عثة الغبار، كما يُنصح بتنظيف غرفة النوم والفراش بصورة
منتظمة من الغبار وغسل الشراشف وأكياس المخدات بصورة منتظمة وعدم السماح
للحيوانات الأليفة بدخول غرف النوم.
وسنستعرض في هذا المقال النظام العلاجي للمرضى المصابين بالربو أو حساسية
الصدر. فعلاج الربو في أساسه يتكون من البخاخات وفي بعض الأحيان بعض
الأقراص.
وبخاخات الربو تتكون في الأساس من نوعين: النوع الأول موسّعات الشعب أو ما
يعرف أيضًا بالأدوية المسعفة ومنها بخاخ الفينتولين وتأخذ عند اللزوم أو
عند إحساس المريض بضيق في التنفس، والنوع الثاني الأدوية الواقية وتأخذ
عادة بانتظام مرتين أو مرة باليوم حسب وصف الطبيب. أما البخاخ المسعف فعلى
المريض تناوله في أي وقت احتاج إليه. والفكرة خلف استخدام الأدوية الواقية
هو تغير فهم آلية مرض الربو، حيث ينظر الأطباء للآن إلى مرض الربو على أنه
التهاب يحدث في مجاري وقصبات الهواء ويحدث أعراض الربو. فآلية مرض الربو
أكثر بكثير من مجرد انقباض العضلات في قصبات الهواء مما يحدث ضيقًا في مجرى
التنفس. وتهدف الأدوية الواقية إلى وقف الالتهاب في قصبات الهواء، ويتم
ذلك على عدة مستويات وبعدة أدوية؛ فالستيرويدات (الكورتيزون) المدعمة
بموسّعات الشعب طويلة المدى تعمل على مستوى معين لوقف الالتهاب ومضادات
الليوكوترايينز (سنجلويير) تعمل على مستوى آخر، وهكذا تستمر محاولات
الأطباء والباحثين للوصول إلى أدوية واقية جديدة. وبفضل الله فإن النسبة
العظمى من مرضى الربو يستجيبون للأدوية الواقية المتمثلة في البخاخات
الواقية. وأطمئن القراء أن هذه الأدوية آمنة في الاستخدام إذا استخدمت حسب
وصفات الطبيب المختص، وهناك خبرة طويلة للمعالجين مع هذه الأدوية تصل إلى
عدد كبير من السنوات، كما أن هذه الأدوية آمنة الاستخدام أثناء فترة الحمل
والرضاعة. وهناك اعتقاد لدى المرضى أن الربو يمكن علاجه بصفة قاطعة ونهائية
بحيث تنقطع الأعراض تمامًا ولا ترجع مرة أخرى، لذلك من المهم أن يعرف أن
الربو ليس له علاج قاطع ونهائي مثله في ذلك مثل مرض السكري والضغط وغيرهما،
وذلك نظرا إلى وجود العاملين المهمين في تكوينه وهما الاستعداد الوراثي
والمحسسات الخارجية، إلا إذا تم عزل الإنسان عن بيئته تمامًا، وهذا غير
ممكن، ولكن بمحاولة تجنب المحسسات البيئية واستعمال الأدوية الفعالة يمكن
للمصاب أن يعيش حياة طبيعية هادئة دون أزمات ربوية أو أعراض مزعجة. ومن
الأخطاء الشائعة التوجه إلى استعمال مخلوطات عشبية غير مدروسة وغير معروفة
وصرفها من قبل أشخاص غير مختصين في علم النبات والأعشاب وليس لديهم خلفية
طبية جيدة. ومع توافر الأدوية الحديثة الفعالة والتي تعرف جرعتها ومدى
تأثيرها وأعراضها الجانبية بالتفصيل فلا يُنصح باللجوء إلى علاجات عشبية
غير مقننة وغير مدروسة وقد تكون مغشوشة أو ضارة أو غير مفيدة، وأقل ما فيها
أنها قد تصرف المريض عن استعمال أدويته مما يسبب انتكاسة لحالته. أسأل
الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفي كل المرضى.
الربو الليلي
الربو الليلي مشكلة طبية شائعة، ونعني بها زيادة أعراض الربو والحساسية
أثناء الليل. وحتى عند الأصحاء فإنه يحدث ضيق في مجرى الهواء أثناء الليل.
فقد أظهرت الدراسات أن قياس القدرة القصوى للنفخ لدى الإنسان الطبيعي تقل
بنسبة 8 في المئة ليلاً، بينما تصل نسبة النقص عند بعض المصابين بالربو
الليلي إلى 50 في المئة. وكثير من مرضى الربو يدركون أن أعراض الحساسية
تزداد لديهم ليلاً. وفي بعض الحالات فإن الأعراض تظهر في الليل فقط وتختفي
في النهار. وتتكوّن هذه الأعراض من السعال، والأزيز، واحتقان الصدر، وزيادة
البلغم، وأحيانًا اضطراب النوم. ونتيجة لتأثر النوم، فإن المصاب يعاني
نقصًا حادًا في النوم مما يؤثر بدوره في نشاطه بالنهار. فقد ينخفض التحصيل
العلمي للطفل وتقل إنتاجية الموظف وهكذا. كما أن أزمات الربو الشديدة تظهر
عادة في الليل أو ساعات الفجر الأولى.
ما مدى شيوع هذه المشكلة؟
الكثير من الدراسات الحديثة أظهرت أن هذه المشكلة أكثر شيوعًا مما كان
يعتقد سابقًا. فقد أظهر استبيان وُزّع على مرضى الربو الذين يخضعون للعلاج
في المملكة المتحدة أن 39 في المئة من مرضى الربو يعانون أعراض الربو
الليلي كل ليلة، وأن 64 في المئة منهم يعانون الأزيز ثلاث ليال بالأسبوع.
وأظهرت دراسة أخرى أن ربع المرضى المصابين بالربو الخفيف يعانون أعراض
الربو الليلي على الرغم من تناولهم العلاج. مما سبق يتضح لنا مدى شيوع
المشكلة واستمرارية الأعراض في الليل على الرغم من السيطرة عليها في
النهار، وهو الأمر الذي يوجب على الأطباء الحرص على سؤال المرضى عن الأعراض
الليلة.
ما أسباب زيادة أعراض الربو بالليل؟
هناك أسباب متعددة ومتداخلة تجعل أعرض الربو تزداد بالليل. فتغير الإيقاع
اليومي بين الليل والنهار يؤثر في كثير من وظائف الجسم ومنها الجهاز
التنفسي. وكثير من هذه التغيرات لم يتم فهمها بصورة كاملة بعد، ولكن هناك
الكثير من النظريات والفرضيات. فقد أظهرت الدراسات أن الجهاز التنفسي أكثر
حساسية بالليل منه بالنهار، كما أن مجاري التنفس السفلية (القصيبات
الهوائية)تكون في أضيق حالاتها الساعة الرابعة فجرًا. كما أن هناك العديد
من التغيرات التي تحدث في الجسم مع تغير الإيقاع اليومي فيحدث نقص أثناء
الليل في بعض الهرمونات التي تساعد على توسيع الشعب الهوائية مثل هرمونات
الكورتيزول، والأدرينالين، وتحدث في الليل زيادة في بعض الوسائط التي تسبب
الالتهاب. كما أن درجة حرارة الجسم تنخفض بمقدار درجة مئوية واحدة خلال
النوم، وهذا قد يكون أحد أسباب زيادة حساسية مجرى الهواء أثناء النوم. كما
أن زيادة تجمع الإفرازات في مجاري الهواء بسبب عدم إخراجها أثناء النوم قد
تزيد من الأعراض. وهناك اضطرابات أخرى تحدث عند بعض المرضى أثناء النوم
تزيد من أعراض الربو مثل المرضى المصابين بارتداد الحمض إلى المريء أثناء
النوم والمرضى المصابين بتوقف التنفس أثناء النوم بسبب انسداد مجرى الهواء
العلوي. كما أن المصابين بحساسية أو التهاب الجيوب الأنفية تزداد لديهم
أعراض الربو بالليل بسبب تجمع الإفرازات القادمة من الجيوب الأنفية في مجرى
الهواء العلوي نتيجة لعدم إخراجها بصورة منتظمة أثناء النوم. وهناك أمور
بيئية خارجية تزيد من أعراض الربو أثناء الليل. فقد يوجد في بيئة غرفة أو
في فراش النوم مواد تزيد من الحساسية كوجود عثة الغبار في الفراش والوسادة.
وإذا كان المريض يربي حيوانات أليفة في البيت كالقطط فإن وجودها في غرفة
أو فراش النوم قد يترك بعض القشور أو الشعر في الفراش مما يزيد من الحساسية
أثناء النوم حتى وإن لم تسبب للمريض حساسية أثناء النهار لأنه كما ذكرنا
سابقًا فإن حساسية الجهاز التنفسي تزداد بالليل.
كيف يمكن علاج الربو الليلي؟
يتطلب علاج الربو الليلي تفهُم التغيرات التي تحدث في الليل وتزيد من
أعراض الربو. لذلك على الطبيب الحصول على معلومات مفصلة عن المرض من
المريض. وإذا كان المريض يتناول علاج الربو ولكنه لا يشعر بالتحسن، فيجب
حينئذ البحث عن سبب ذلك، كأن يكون المريض غير منتظم في أخذ العلاج أو لا
يجيد استخدام العلاج أو يحتاج إلى تعديل في جرعة أو نوع العلاج كما سنبين
لاحقًا. كما يجب البحث عن الأسباب التي تم ذكرها سابقًا والتي تزيد من
أعراض الربو الليلي كالتهاب الجيوب الأنفية أو توقف التنفس أو ارتداد الحمض
إلى المريء وعلاجها. كما يجب جعل بيئة غرفة النوم مناسبة جدًا، حيث يفضل
عدم استخدام السجاد (الموكيت) في غرف المصابين بالربو الليلي لأنه وسط
مناسب جدًا لعيش عثة الغبار، كما ينصح بتنظيف غرفة النوم والفراش بصورة
منتظمة من الغبار وغسل الشراشف وأكياس المخدات بصورة منتظمة، وعدم السماح
للحيوانات الأليفة بدخول غرف النوم.
أما بالنسبة إلى العلاج الطبي فيجب في البداية مراجعة الأدوية التي
يتناولها المريض وتعديل الجرعة إذا لزم الأمر. وعلاج الربو المستمر يتكون
في الأساس من الأدوية الواقية والتي تتكون في أساسها من بخاخات كالبلميكورت
والفلوكسيتايد وغيرهما. ولكن إذا استمر ظهور الأعراض في الليل، فيفضل
حينئذ دعم بخاخات الستيرويدات بموسّعات الشعب طويلة المدى والتي يستمر
مفعولها لمدة 12 ساعة كبخاخ الأكسيس والسيريفنت وغيرهما. وهذه البخاخات
يستمر مفعولها لمدة كافية لتغطية الفترة التي تزيد فيها حساسية الجهاز
التنفسي ويضيق فيها مجرى الهواء. ويجب أخذ هذه البخاخات بصورة منتظمة كل 12
ساعة حتى تغطي اليوم كاملاً. وقد أظهرت الدراسات أن استخدام موسّعات الشعب
طويلة المدى يقلل من أعراض الربو الليلي ويحسّن نشاط المصاب في النهار
بسبب تحسّن النوم. ولا يغيب عن القارئ أن أخذ أي من العلاجات السابقة يجب
أن يكون تحت إشراف طبيب مختص.
العواصف الرملية والربو
يصاحب بعض التغيرات الجوية عواصف رملية شديدة ينتج عنها زيادة في تركيز
ذرات الغبار في الهواء ما يؤثر في بعض المصابين بحساسية الجهاز التنفسي
العلوي (الأنف والجيوب الأنفية) أو السفلي (الرئتين والقصبات الهوائية).
والمريض المصاب بحساسية الجهاز التنفسي تتهيج وتزداد لديه الأعراض عند
استنشاقه لبعض المواد الطبيعية أو الصناعية، فعند وصول هذه المواد إلى
الجهاز التنفسي يبدأ تفاعل الجسم معها كمواد غريبة وينتج عن ذلك أعراض
الحساسية.
وتعتبر ذرات الغبار الموجودة في الهواء إحدى هذه المواد التي تهيج أعراض
الحساسية لدى الكثير من الأشخاص. فزيادة تركيز هذه الذرات في الهواء يزيد
كمية المادة المستنشقة منها مما يؤدي إلى زيادة الحساسية.
ونلاحظ في بعض أوقات العام التي يزيد فيها الغبار زيادة أعراض الحساسية
لدى مرضى الحساسية المزمنين "الربو"، كما أن بعض الأشخاص يصابون بحساسية
موسمية تحدث في هذا الوقت من كل عام.
وتظهر أعراض الحساسية لدى البعض كزيادة في العطاس وإفرازات الأنف والسعال الجاف أو المصاحب ببلغم، ويشكو البعض كذلك من أزيز في الصدر واحتقان في الصدر وضيق في التنفس، وقد يصاحب ذلك حكة في الحلق والأنف والعينين.
وتظهر أعراض الحساسية لدى البعض كزيادة في العطاس وإفرازات الأنف والسعال الجاف أو المصاحب ببلغم، ويشكو البعض كذلك من أزيز في الصدر واحتقان في الصدر وضيق في التنفس، وقد يصاحب ذلك حكة في الحلق والأنف والعينين.
وخلال العواصف الرملية ننصح المرضى المصابين بالحساسية بتجنب البقاء في
الأماكن المفتوحة المعرضة للأغبرة، كما أن بعض المرضى يذكر أنه يستفيد من
استخدام الكمامات الواقية.
ويُنصح المرضى بصورة عامة بالانتظام على علاج الحساسية الموصوف لهم من
الطبيب والتواصل مع الطبيب خلال هذه الفترة لتعديل جرعة العلاج إذا تطلب
الأمر.
أما بالنسبة إلى مريض الحساسية الموسمية فإنه يُنصح بأخذ العلاج الموصوف من طبيبه خلال موسم العواصف الرملية.
تأثير الغبار في الصحة
ازدادت في السنوات المتأخرة العواصف الترابية، ونتج عن هذا ظهور
أعراض تهيج الجهازين التنفسي العلوي والسفلي لدى الكثير، وازدحمت غرف
الإسعاف في المستشفيات بالمراجعين بسبب زيادة أعراض أمراض الصدر المزمنة
والحساسية.
وخلال العواصف الترابية يتشبع الهواء بذرات الغبار التي تتعرض لها جميع
الكائنات بصورة مباشرة سواء عن طريق الاستنشاق أو التلامس المباشر. وعلى
الرغم من ازدياد وتكرار حدوث العواصف الترابية على مستوى العالم إلا أن هذا
الموضوع لم يدرس علميًا وبشكل كبير في السابق، ولكن في السنوات الأخيرة
ظهر عدد من الأبحاث التي تناولت هذا الجانب وذلك بسبب زيادة العواصف
الترابية في العالم كله بسبب التصحر والجفاف لدرجة أن العواصف الترابية من
الصحراء الكبرى تعبر المحيط الأطلسي وتصل إلى السواحل الشرقية الأمريكية.
وتنتج أعراض الجهاز التنفسي عند استنشاق ذرات الغبار، وهذا يعتمد كثيرًا
على حجم الذرات المستنشقة؛ حيث إن الذرات الأصغر يكون تأثيرها أكبر في
الجهاز التنفسي لأنها يمكن أن تتخطى أجهزة الفرز والتصفية الطبيعية في
الجهاز التنفسي في الأنف وتصل إلى عمق الجهاز التنفسي والقصبات الهوائية
الداخلية والحويصلات. وتقسم ذرات الهواء حسب حجمها وتقاس بالميكرون
والميكرون يعادل 1/مليون من المتر.
واهتمت أكثر الأبحاث بالجزيئات التي يقل حجمها عن 2.5 ميكرون (2.5 PM)لأن
الهواء يمكن أن يحملها لمسافات بعيدة جدًا تصل لآلاف الكيلومترات، كما أن
احتمال وصولها إلى الرئة في حال الاستنشاق يكون أكثر من الجزيئات الكبيرة
التي تعلق في العادة في الجهاز التنفسي العلوي. ويزداد تركيز الجزيئات
الصغيرة (2.5PM) خلال عواصف الغبار بنسبة قد تصل
إلى 200 في المئة. وحتى يتخيل القارئ المقاسات التي نتحدث عنها فإني أود
ذكر مثال هنا وهو أن محيط شعرة الإنسان يقدر بنحو 50 ميكرون.
الأبحاث الحديثة أظهرت أن الغبار ليس فقط مزعجًا للإنسان ولكنه قد يكون
مصدرًا كبيرًا للآثار الصحية السيئة،والمجال لا يزال مفتوحًا للكثير من
الأبحاث. فقد حددت منظمة الصحة العالمية أن العواصف الترابية التي حدثت في
مناطق الصحراء في إفريقيا عام 1996 تسببت في انتشار وبائي لالتهاب السحايا
أصاب 250 ألف شخص بالمرض ونتج عنه وفاة 25 ألف شخص. وسبب انتشار المرض
المعدي هو حمل ذرات الغبار للبكتيريا المسببة لالتهاب السحايا لمسافات
طويلة، وحين يستنشق الإنسان هذه البكتيريا بكميات كافية فإن احتمالية
إصابته بالمرض تزداد. فقد استطاع الباحثون عزل البكتيريا المسببة لالتهاب
السحايا من ذرات الغبار. الأخطر، أن ذرات الغبار الصغيرة (2.5PM) والتي يمكن أن ينقلها الهواء لآلاف الكيلومترات تستطيع حمل البكتيريا إلى مسافات بعيدة جدًا.
كما أظهرت الأبحاث أن ذرات الغبار تستطيع حمل بقايا الخلايا والفطريات كذلك.وأظهرت
الأبحاث الحديثة أن ذرات الغبار تستطيع نقل أنواع خطيرة من البكتيريا أكثر
من 40 في المئة منها يتم نقله بواسطة ذرات الغبار الصغيرة التي يمكن أن
تصل إلى داخل رئة الإنسان عند استنشاقها. ونظريًا، يمكن أن يؤدي ذلك إلى
إصابة الإنسان بالالتهابات الرئوية الحادة، ولكن لا بد من توثيق هذه
العلاقة بإجراء أبحاث أكثر لدراسة العلاقة بين الالتهابات الرئوية والعواصف
الرملية. كما أظهرت الأبحاث التي أجريت في الصين وتايوان أن زيارة غرف
الإسعاف والمستشفيات بسبب أمراض الرئة والأنف والقلب والتهاب العينين
الرمدي ارتفعت بنسب كبيرة خلال العواصف الترابية. وحين تم دراسة تأثير هذه
الجزيئات (2.5PM) في خلايا الرئة في فئران التجارب وجد الباحثون تأثيرات غير صحية على عدد من الخلايا مثل الخلايا البلعمية النخروبية (Alveolar Macrophages) كما أظهرت النتائج الأولية لأبحاث أخرى أن تعريض خلايا الرئة والقلب والكبد لجزيئات الغبار الصغيرة (2.5PM)بتركيز عالٍ قد يزيد من أكسدة الخلايا.
أضف إلى ما سبق أن ذرات الغبار وما تحمله من مواد عضوية وغير عضوية بتركيز
عالٍ تؤدي إلى تهيج الجهاز التنفسي العلوي والسفليمما قد يزيد من أعراض
التنفس لدى المرضى المصابين بأمراض الصدر المزمنة، كما أن الأعراض قد تظهر
عند الأصحاء، وتظهر أعراض التحسس في الأبحاث بعد يومين من التعرض للغبار.
ونلاحظ عند حدوث العواصف الترابية زيادة أعراض الحساسية لدى مرضى الحساسية
المزمنين "الربو" كما أن بعض الأشخاص يصابون بحساسية موسمية تحدث في وقت
العواصف الترابية من كل عام. لذلك ننصح المرضى المصابين بالحساسية خلال
العواصف الرملية بتجنب البقاء في الأماكن المفتوحة المعرضة للأغبرة،
والانتظام على علاج الحساسية الموصوف لهم من الطبيب، والتواصل مع الطبيب
خلال هذه الفترة لتعديل جرعة العلاج إذا تطلب الأمر. أما بالنسبة إلى تأثير
المطر في الجهاز التنفسي فقد درس بصورة أكبر، فقد وثِق علميًا ازدياد
حالات الربو في عدد من المدن في الدول الغربية بصورة كبيرة. فهناك تغيرات
جوية وتغيرات في مستوى حبوب اللقاح في الجو وتغيرات في مستوى ملوثات الجو.
مما سبق يمكن لنا أن نخلص إلى أن العواصف الرملية والغبار الشديد قد يسببان
آثارًا صحية سيئة في أكثر من جهاز في الجسم؛ لذلك وجب تقليل التعرض لذرات
الغبار بقدر الإمكان، كما يجب البحث عن طرق تقلل من حدوث هذه العواصف.
هل هناك علاقة بين هطول المطر والربو؟
خلال العواصف الرعدية والأمطار يزداد عدد مراجعي غرف الإسعاف في مختلف
المستشفيات وزاد عدد المرضى المنومين بسبب زيادة حالات الربو الحادة. لذلك
من البديهي أن يطرح السؤال التالي: هل هناك علاقة بين هطول الأمطار ومرض
الربو؟ والسؤال وجيه جدا ويحتاج إلى بعض البحث. ويبدو للوهلة الأولى
وبالتفكير البسيط أن المطر سيغسل ما علق بالجو من تلوث وأن أعراض الربو
ستتحسن ولكن هذه الفرضية لا تطابق الواقع الذي نراه، بل على العكس من ذلك
فالواضح والملحوظ أن هناك زيادة كبيرة في حالات الربو خلال المطر وكذلك
ظهور أعراض الربو على أشخاص لم يكونوا يعانون من المرض من قبل. وقد وثق
علميا ازدياد حالات الربو في عدد من المدن الغربية بصورة كبيرة وبائية (epidemic)
وتم دراسة هذه الظاهرة بصورة علمية موثقة في عدد من المدن الغربية. ففي
دراسة أجريت في لندن (نشر البحث في المجلة الطبية البريطانية عام 1996)خلال
فترة شهدت أمطارا رعدية وزيادة ملحوظة في أعراض الربو وجد الباحثون أن
هناك عدة تغيرات تسبب الزيادة في أعراض الربو كما أن الأعراض قد تظهر لدى
أشخاص لم يكونوا يعانون من الربو بسبب وجود محسسات أو مثيرات جديدة. وكانت
التغيرات على عدة مستويات فهناك تغيرات جوية وتغيرات في مستوى حبوب اللقاح
في الجو وتغيرات في مستوى ملوثات الجو.فالتغيرات الجوية التي وجد أنها تؤثر
على أعراض الربو شملت انخفاض سريع في درجات الحرارة، تغير سريع في درجة
رطوبة الجو وتغير سريع في الضغط الجوي وهو ما يصاحب عادة العواصف الرعدية.
الأخطاء العشرة في التعامل مع الربو
إن من أكثر الأخطاء التي يقع فيها مرضى الربو وذووهم التي قد تحد من المعالجة المثلى للربو تشمل أخطاء شائعة تشمل ما يلي:
- اعتقاد كثير من المرضى أن حساسية الصدر والربو مرضان مختلفان، في حين أنه المرض نفسه وإن اختلفت التسمية. وعمومًا فإن الحساسية تعتبر أشمل؛ حيث إن هناك حساسية الجلد وحساسية العين وحساسية الأنف وحساسية الشعب الهوائية التي يطلق عليها أيضا الربو، ومعنى الربو في اللغة العربية الزيادة، أي زيادة البلغم. وينتج من ذلك عدم أخذ الحالة المرضية مأخذ الجد، والتهاون في الانتظام في تناول العلاج.
- اعتقاد كثير من المرضى أن أخذ البخاخات الموسّعة للشعب الهوائية يؤدي إلى الإدمان أو التعود على أخذها بشكل مستمر، وهذا من غير شك اعتقاد خاطئ وليس له أي أساس علمي مطلقًا. وسبب هذا الاعتقاد هو أن الذي يستعمل فقط بخاخ الفنتولين دون إضافة أدوية معالجة أخرى لا يتحسن؛ حيث إن الفنتولين يعتبر مسكنًا فقط وليس علاجًا للربو، وحين لا يتحسن الربو يضطر المريض إلى أخذه باستمرار مما يعطي المريض ومن حوله الانطباع الخاطئ بأنه أدمن عليه. ولذا لا بد من أخذ العلاج الصحيح المتمثل في مضادات التحسس، إضافة إلى تجنب كل ما يؤدي إلى حدوث أعراض الربو. والفينتولين هو أحد موسّعات الشعب الهوائية سريع المفعول، ولكنه كما قلت يعتبر مسكنًا وليس علاجًا؛ حيث إن الحالة قد تعود بمجرد ذهاب مفعوله. ويوجد منه أقراص وشراب ولكن ينصح باستعمالهما؛ حيث إن الأطفال أيضًا يمكنهم استعمال البخاخ عن طريق التوصيلة المعدة لتسهيل الاستعمال.
- اعتقاد بعض المرضى عدم جدوى أخذ البخاخات وعدم نفعها. وكثير من المرضى يخشون استعمال هذه البخاخات بدافع الخجل وعدم الرغبة في معرفة الآخرين بحالتهم الصحية والاطلاع عليهم أثناء تناول البخاخات، وهذه الاعتقادات غير مبررة إذا عرفنا أن الربو يصيب أكثر من 10 في المئة من سكان المملكة، وأن أكثر أدوية الربو حاليا يمكن أخذها فقط في المنزل لمرة أو مرتين يوميا.
- رفض بعض المرضى أخذ الأدوية التي تحتوي على الكورتيزون عن طريق الفم أو البخاخات خوفًا من تأثيراتها الجانبية رغم حدة أعراض الربو وما قد يؤدي إليه من مضاعفات سيئة أكثر خطورة من أعراض الدواء. ومن ناحية أخرى هناك بعض المرضى يأخذون حقن الكوتيزون في العضل، علما أن هذه الحقن تحتوي على جرعات عالية وطويلة المفعول مما يؤدي إلى مضاعفات جانبية خطرة.
- التساهل في أخذ حبوب الكورتيزون بشكل مستمر أو حين التعرض لنوبة ربو خفيفة نظرا إلى سهولة تناولها وفعاليتها دون استشارة الطبيب مما ينتج منه أعراض مزمنة وخطيرة.
والكورتيزون مادة دوائية يوجد لها هرمون مشابه في الجسم يفرز من الغدة
الكظرية، وعلى الرغم من إمكان تسبب الكورتيزون للكثير من الأعراض الجانبية
الشديدة إذا أعطي بجرعات عالية ولمدة طويلة فإن له فوائد عظيمة جدًا وأنقذ،
بإذن الله، الآلاف بل الملايين من البشر من موت محقق سواء لعلاج الربو أو
غيره من الأمراض التي تستجيب لهذا النوع من العلاج. ولذا يُنصح باستعماله
بطريقة صحيحة وعند الضرورة وتحت إشراف طبيب متخصص.
- الاعتماد في معالجة الربو على زيارة غرف الطوارئ بدلا من أخذ الأدوية المقررة حسب إرشادات الطبيب والذهاب للإسعاف فقط في حالة عدم الاستجابة للأدوية.
- اعتقاد بعض المرضى بأهمية الأكسجين وبضرورة زيارة الطوارئ من أجل الحصول عليه، علما أن الأكسجين ليس ضروريًا في معظم حالات الربو ماعدا النوبات الحادة.
- اعتقاد أن الربو يمكن علاجه بصفة قاطعة ونهائية بحيث تنقطع الأعراض تمامًا ولا ترجع مرة أخرى. ومن المهم معرفته أن الربو ليس له علاج قاطع ونهائي مثله في ذلك مثل مرض السكري، وذلك نظرا إلى وجود العاملين المهمين في تكوينه وهما الاستعداد الخلقي والمحسسات الخارجية، إلا إذا تم عزل الإنسان عن بيئته تمامًا، وهذا غير ممكن. ولكن بمحاولة تجنب المحسسات البيئية واستعمال الأدوية الفعالة يمكن للمصاب أن يعيش حياة طبيعية هادئة دون أزمات ربوية أو أعراض مزعجة.
- ولدى السيدات الحوامل خطأ شائع وهو التخوف من تأثير الأدوية المستعملة لعلاج الربو في الجنين، بل إن هناك الكثير من أطباء وطبيبات النساء والولادة قد يوعزون إلى مريضاتهم المصابات بالربو بوقف العلاج، بينما الأجدى هو نصح المرضى باستشارة الأطباء المختصين في مجال الأمراض الصدرية.
ولا يختلف علاج الربو أثناء الحمل عن علاج الربو لغير الحوامل، وبصفة عامة
يمكن القول إن معظم الأدوية المستخدمة في علاج الربو يمكن استخدامها أثناء
الحمل فهي مأمونة وليس لها أي تأثير في صحة الجنين. ومن أهم المخاطر التي
تحدث أثناء الحمل هي عدم أخذ الأدوية حسب إرشادات الطبيب نتيجة للتخوف من
أعراضها الجانبية أو تأثيرها في الجنين، علما أن أخطار نوبات الربو هي أكثر
ضررًا على صحة الجنين وصحة الحامل من أي ضرر لهذه الأدوية.
وقد أوضحت دراسات علمية كثيرة أن مريضات الربو عندما يحملن فإن ثلثهن
تتحسن لديهن الحالة وثلث تستقر والثلث الآخر تزداد، وذلك بسبب التغيرات
الهرمونية التي تحدث في الجسم أثناء الحمل وزيادة حجم البطن مما يؤثر في
سهولة التنفس وحركة الحجاب الحاجز، كما أن الكثيرات من الحوامل، كما أسلفت،
يوقفن من تلقاء أنفسهن علاج الربو خوفًا على الجنين، مع أن جميع أدوية
الربو وخاصة التي تعطى عن طريق الاستنشاق لا تؤثر في الجنين، بل إن ترك هذه
الأدوية قد يسبب أزمة ربوية ونقصًا حادًا في الأكسجين مما يضر بالجنين.
وهناك بعض السيدات لا تظهر عليهن أعراض الربو إلا في فترة الحمل؛ حيث يكون
لديهن استعداد كامن قبل فترة الحمل ثم يكون الحمل أحد العوامل التي تؤدي
إلى ظهور الحالة.
- وأخيرا فإن من الأخطاء الشائعة التوجه إلى المعالجة بالأعشاب والكي واستعمال مخلوطات غير علمية وغير معروفة. ومع توافر الأدوية الحديثة الفعالة التي تعرف جرعتها ومدى تأثيرها وأعراضها الجانبية بالتفصيل فلا أنصح باللجوء إلى علاجات عشبية غير مقننة وقد تكون مغشوشة أو ضارة أو غير مفيدة، وأقل ما فيها أنها قد تصرف المريض عن استعمال أدويته مما يسبب انتكاسة لحالته.
ومن خلال متابعة الكثير من مرضى الربو يمكن القول إن هذا المرض قابل
للسيطرة عليه بسهولة في معظم الحالات، وإن عدد الحالات التي يصعب السيطرة
عليها قليل جدا ومحدود، وهذه الحالات تحتاج إلى عناية خاصة ومتابعة دقيقة
من الأطباء المتخصصين في هذا المجال.
ويمكن تلخيص أسباب عدم التحكم الجيد في الربو لدى معظم الحالات في الآتي:
- عدم تفهم مريض الربو لمرضه ومسبباته.
- تعرض المريض لمسببات الحساسية بصفة متكررة وعدم أخذ الاحتياطات اللازمة.
- عدم معرفة المريض لهذه المسببات داخل البيت أو خارجه.
- عدم أخذ الأدوية المقررة والانتظام عليها حسب إرشادات الطبيب.
- عدم تناول الأدوية وخاصة البخاخات بطريقة صحيحة. ومن خلال متابعة الكثير من مرضى الربو يعتبر هذا من أهم الأسباب.
- تردد المرضى في أخذ الأدوية وخاصة البخاخات وعدم الاقتناع بجدوى هذه الأدوية ونفعها. وهو اعتقاد خاطئ؛ حيث تتميز هذه الأدوية بفاعليتها في معالجة الربو وقلة أعراضها الجانبية.
- تنقل المريض وتردده بين أطباء كثيرين مما ينتج منه تعدد الأدوية وفقد المتابعة وعدم وجود خطة طبية صحيحة لمتابعة الحالة المرضية وعلاجها.
- تلقي المريض معلومات خاطئة أو غير دقيقة أو مضللة عن مرض الربو أو تأثيرات الأدوية من الأقارب أو من الزملاء أو من مرضى آخرين أو حتى من أطباء غير مختصين في هذا المجال. كما يقارن بعض المرضى حالتهم الصحية وأدويتهم بمرضى آخرين أو بعض الأقارب أو الأصدقاء الذين قد يعانون أمراضا أو حالات خاصة ومختلفة.
العوامل الوراثية تسبب الربو
الربو مرض شائع في المملكة ويصيب جميع الفئات العمرية. وتزداد حالات الربو
بسبب التغيرات التي تحدث في الجو من برودة وزيادة في العواصف الرملية.
ويظهر الربو في بعض العائلات حيث تجد أن أكثر من فرد من أفراد العائلة يشكو
من الربو، وفي الغالب يكون أحد والدي مريض الربو يشكو من حساسية الصدر،
كما أن احتمال إصابة أطفال مريض الربو بالمرض أعلى من الأطفال الذين لا
يشكو والداهم من الربو. وشيوع مرض الربو في ازدياد في كل دول العالم ومنها
السعودية، وهذا ما نلاحظه في زيادة عدد المراجعين للعيادات.
وقد كشفت الأبحاث الأخيرة أن العوامل الوراثية تلعب دورًا أكبر مما كان متوقعًا في تطور مرض الربو. وقد درس الباحثون صحة 4910 توأما في بريطانيا ووجدت الدراسة أن التوائم المتماثلة (التي تنشأ من بويضة واحدة) تتأثر بالربو بنسب متقاربة، بينما ليس هناك أي ترابط بين التوائم غير المتماثلة فيما يتعلق بدرجة تأثرها بالربو. ومن المعروف أن التوائم المتماثلة تشترك بنفس الجينات، بينما لا تتشابه جينات التوائم غير المتماثلة، وهذا يعني أن احتمال إصابة التوائم المتماثلة بنفس الأمراض الوراثية أمر متوقع بسبب وجود نفس الاستعداد الوراثي.
وأشارت الدراسة إلى أن العوامل الوراثية قد تكون أكثر أهمية من العوامل البيئية، كتلوث الهواء، في زيادة احتمالات إصابة الشخص بالمرض.
بعد ذلك طبّق الباحثون التحليلات الإحصائية لتقدير الدرجة التي يمكن بها أن يكون الربو موروثًا أو مكتسبًا عند الأطفال. ووجد الباحثون في هذه الدراسة أن التوائم المتماثلة اشتركت بنسب متقاربة للإصابة بالربو أكثر مما عليه الحال عند التوائم غير المتماثلة.
وقد كشفت الأبحاث الأخيرة أن العوامل الوراثية تلعب دورًا أكبر مما كان متوقعًا في تطور مرض الربو. وقد درس الباحثون صحة 4910 توأما في بريطانيا ووجدت الدراسة أن التوائم المتماثلة (التي تنشأ من بويضة واحدة) تتأثر بالربو بنسب متقاربة، بينما ليس هناك أي ترابط بين التوائم غير المتماثلة فيما يتعلق بدرجة تأثرها بالربو. ومن المعروف أن التوائم المتماثلة تشترك بنفس الجينات، بينما لا تتشابه جينات التوائم غير المتماثلة، وهذا يعني أن احتمال إصابة التوائم المتماثلة بنفس الأمراض الوراثية أمر متوقع بسبب وجود نفس الاستعداد الوراثي.
وأشارت الدراسة إلى أن العوامل الوراثية قد تكون أكثر أهمية من العوامل البيئية، كتلوث الهواء، في زيادة احتمالات إصابة الشخص بالمرض.
بعد ذلك طبّق الباحثون التحليلات الإحصائية لتقدير الدرجة التي يمكن بها أن يكون الربو موروثًا أو مكتسبًا عند الأطفال. ووجد الباحثون في هذه الدراسة أن التوائم المتماثلة اشتركت بنسب متقاربة للإصابة بالربو أكثر مما عليه الحال عند التوائم غير المتماثلة.
وسيستمر الباحثون في أبحاثهم في هذا المجال من خلال دراسة نفس التوائم
لعدة سنوات قادمة، بهدف معرفة إذا ما كان الربو وصعوبة التنفس سيستمران عند
الكبر أم لا. ويقول الباحثون إن من المرجح أن يكون عدد من الجينات مسؤولا
عن إثارة الربو وليس جينًا واحدًا.
وتتركز الكثير من الأبحاث الحالية على محاولة الكشف عن الجينات التي يمكن أن تكون مسؤولة عن الربو.
وتتركز الكثير من الأبحاث الحالية على محاولة الكشف عن الجينات التي يمكن أن تكون مسؤولة عن الربو.
ويعلم المختصون أن الربو هو حالة حساسية معقدة، تلعب فيها عدة عوامل
أدوارًا، عُلم بعضها ولم يُعلم الكثير منها. ونحن نعرف أن الجينات تلعب
دورًا في جعل الفرد معرضًا أكثر للإصابة بالمرض، ولكن يبدو أنه ليس هناك
جين واحد يسبب الربو. لذلك فإن تأثيرات الجينات المختلفة تجتمع لتنتج معًا
قابلية الإصابة بالربو.
ويصعب تحديد عامل واحد مسئول عن الإصابة بالربو، فجميع العوامل تعمل
مشتركة معًا وفي حال تواجد أكثر من عامل تظهر أعراض المرض. وأغلب الظن أن
الأسباب البيئية والوراثية معًا تسببان المرض، فالطعام الذي نتناوله وطريقة
العيش تؤثران أيضًا في تأجيج المرض أو تفاقمه.
وهذا يعني أن بإمكان المصاب بالربو أن يراقب وضعه الصحي ويكتشف بنفسه
مسببات الربو التي يتأثر بها شخصيًا كي يتجنبها في المستقبل. أسأل الله
للجميع العافية.
عادم السيارات والربو
من المعلوم أن هناك علاقة وثيقة بين التلوث وأمراض الرئة والجهاز التنفسي
الحادة والمزمنة، والتأثير يكون أكبر لدى الأطفال مقارنة بالكبار، وقد
تزداد أمراض الصدر مثل الربو والحساسية في مناطق معينة بسبب ارتفاع مستوى
التلوث في تلك المناطق. وقد أظهرت عدة دراسات لعينات نموذجية من الأطفال
ودراسات طولية كذلك تابعت الأطفال لعدة سنوات أن وظائف الرئة لدى الأطفال
تتأثر سوءا بالتلوث الموجود في المدن من تأثير عادم السيارات والمصانع
وغيرها من مصادر التلوث الهوائي؛ حيث أثبت علميًا أن تعرض الأطفال لعادم
السيارات أثناء زحمة المرور يزيد من احتمال إصابة الأطفال بالربو وأمراض
الصدر الأخرى.
وقد أظهر الباحثون سابقًا أن نمو الرئة لدى الأطفال يتأثر سلبًا في
المناطق التي يزيد فيها التلوث الهوائي من مصادره المختلفة، وبالنسبة إلينا
في المدن المزدحمة كالرياض وغيرها من مدننا الكبيرة فإن مصدرًا أساسيًا
للتلوث هو عادم السيارات الذي يتعرض له الأطفال كثيرًا خاصة أنه ليس لدينا
معايير مطبقة بانتظام لمتابعة التلوث الذي تصدره السيارات، فمن المألوف
جدًا أن ترى في شوارعنا سيارات تنفث وراءها دخانًا كثيفًا وتذكرنا
بالسيارات التي ترش المبيدات الحشرية (الفليت)، لذلك يظهر هنا سؤال مهم وهو
هل يؤثر عادم السيارات الملوث للهواء في نمو الرئة لدى الأطفال. وهنا أود
أن أستعرض دراسة جديدة ظهرت منذ وقت قريب في مجلة لانست الطبية المرموقة؛
فقد قام مجموعة من الباحثين من جامعة كاليفورنيا الجنوبية بدراسة نحو أربعة
آلاف طفل متوسط أعمارهم 10 سنوات وأجروا اختبارات خاصة للتنفس للأطفال
سنويًا لمدة ثماني سنوات متتالية، ووضع الباحثون كذلك معايير دقيقة لتحديد
مدى تعرض الأطفال لعادم السيارات في مناطقهم السكنية. وأظهرت الدراسة نتائج
مهمة جدًا يجب علينا أن ندرك أهميتها ونعمل على وضع الحلول لها. فقد أظهر
الباحثون أن الأطفال الذين يعيشون في دائرة نصف قطرها 500 متر من طريق سريع
للسيارات (هاي وي) تأثر نمو الرئة لديهم، وكذلك كان هناك نقص مهم في وظائف
الرئة لديهم مقارنة بالأطفال الذين يسكنون في منازل تبعد 1500 متر أو أكثر
من الطريق السريع. وقد حرص الباحثون في الدراسة على استبعاد كل العوامل
الأخرى التي قد تؤثر في الرئة ووجدوا أن عادم السيارات كان العامل الأساس
في تأثر وظائف الرئة. وخلال المتابعة قام الباحثون بالكثير من الاختبارات
التي تحدد وظائف الرئة وأثبتوا وجود نقص في أكثر من وظيفة مقاسة. مما سبق
يتضح أهمية وجود آلية دقيقة وواضحة لمتابعة مستوى التلوث الهوائي في مدننا
الكبيرة، خاصة إذا علمنا أنه وبسبب ازدياد الكثافة السكانية في المدن فإن
بعض المدارس تنشأ قريبًا من طرق مزدحمة، وكذلك فإن بعض الأحياء في مدينة
الرياض قريبة جدًا من مصانع ومصادر أخرى للتلوث الهوائي، وهذا دون شك سيؤثر
في الجهاز التنفسي عند الأطفال، وسينعكس بدوره على الحاجة إلى رعاية طبية
في المستقبل لعلاج الآثار الناتجة عن التلوث وزيادة العبء العلاجي على
القطاع الصحي.
زولير: علاج جديد للربو
مرض الربو كما يعلم القارئ مرض شائع جدًا، وهناك الكثير من المرضى الذين
يعانون منه. ونظام علاج الربو يخضع لمراجعة مستمرة من قبل المختصين. وهناك
جهات علمية عالمية تضع ضوابط وطرق العلاج، وتصدر هذه الضوابط بناء على أفضل
الأدلة العلمية المتوافرة ويتم مراجعتها بصورة دورية كل سنة أو سنتين
وتصدر الجهات الصحية في كثير من الدول إرشادات لعلاج الربو، وهناك إرشادات
سعودية يتم مراجعتها بصورة دورية. وعلاج الربو يعتمد في الأساس على خطين من العلاج:
موسّعات الشعب وتستخدم كأدوية إسعافية ولمرضى الربو المتقطع، والخط الثاني
هو الأدوية الواقية التي تمنع حدوث الربو. والفكر خلف استخدام الأدوية
الواقية هو تغير فهم آلية مرض الربو، حيث ينظر الأطباء الآن إلى مرض الربو
على أنه التهاب يحدث في مجاري وقصبات الهواء ويحدث أعراض الربو. فآلية مرض
الربو أكثر بكثير من مجرد انقباض العضلات في قصبات الهواء مما يحدث ضيقًا
في مجرى التنفس. وتهدف الأدوية الواقية إلى وقف الالتهاب في قصبات الهواء
ويتم ذلك على عدة مستويات وبعدة أدوية؛ فالستيرويدات (الكورتيزون) تعمل على
مستوى معين لوقف الالتهاب، ومضادات الليوكوتر ايينز (سنجلويير) تعمل على
مستوى آخر، وهكذا تستمر محاولات الأطباء والباحثين للوصول إلى أدوية واقية
جديدة. وبفضل الله فإن النسبة العظمى من مرضى الربو يستجيبون للأدوية
الواقية المتمثلة في البخاخات الواقية، ولكن هناك نسبة أقل من المرضى تصل
إلى 5 في المئة من مرضى الربو تستمر لديها الأعراض على الرغم من استخدام
أعلى جرعات البخاخ الواقي، وبعضهم يحتاج إلى حبوب الكورتيزون لمدة طويلة
للسيطرة على المرض وأعراضه. وقد يحتاج هؤلاء المرضى إلى التنويم المتكرر في
المستشفى أو الزيارات المتكررة قسم الطوارئ. لهذه الفئة من المرضى ظهر
علاج جديد يعرف بمضادات غلوبلين E المناعي مضادات lgE. ويسمى الدواء الجديد أوماليزوماب (زولير) وتنتجه شركة نوفارتس.
ولفهم آلية عمل هذا العلاج لا بد من فهم آلية مرض الربو أو الحساسية التي
تسبب الربو. فبصورة مبسطة جدًا تمر حساسية الصدر (الربو) بثلاث مراحل،
المرحلة الأولى مرحلة التحسس، حيث يتعرض الجهاز التنفسي لمادة مهيجة وتقوم
الأجسام المضادة lgE بالتعرف على المهيج وتكوّن
مركبًا يلتصق بنوع من خلايا الدم البيضاء تعرف بخلايا ماصت. بعد ذلك تبدأ
المرحلة الثانية وهي الاستجابة المبكرة، حيث تفرغ خلايا ماصت جميع
محتوياتها نتيجة التصاقها بالأجسام المضادة lgE
وهذه المحتويات تبدأ تفاعل الحساسية وتظهر أعراض المرض خلال دقائق، ثم بعد
ذلك تبدأ المرحلة الثالثة وهي الاستجابة المتأخرة وتشارك فيها أنواع أخرى
من الخلايا البيضاء، ولا أريد في هذا السياق أن أعقد الأمر للقارئ، ولكني
أحببت توضيح آلية المرض بصورة مبسطة حتى يتسنى للقارئ الكريم فهم طريقة عمل
الدواء الجديد (زولير). فالدواء الجديد (زولير) الذي يتم تناوله عن طريق الحقن مرة كل أسبوعين أو أربعة أسابيع يقوم بتكوين مركب مع الأجسام المضادة lgE ويمنع التصاقها بخلايا ماصت مما ينتج عنه توقف تفاعل الحساسية في مراحله المبكرة. وقد أظهرت الدراسات أن علاج زولير آمن الاستخدام ولا توجد له آثار جانبية
شديدة، كما أن نسبة جيدة من المرضى يستجيبون له، ولكن بالطبع ليس كل
المرضى. وقد وافقت إدارة الدواء والغذاء الأمريكية على استخدامه في علاج
حالات الربو الشديدة، كما وضع ضمن الأدوية التي يمكن استخدامها في التوصيات
العالمية الجديدة لعلاج حالات الربو الشديدة، وحصل العلاج على موافقة
للاستخدام في المملكة وتم تسجيله في وزارة الصحة في المملكة حديثًا بناء
على الأدلة العلمية المتوافرة التي أظهرت فاعلية هذا العلاج. فقد أظهرت
الدراسات أن العلاج الجديد كان فعّالا مع المرضى المصابين بالربو الشديد من
حيث تقليل عدد مرات الإصابة بنوبات شديدة من الربو وعدد مرات زيارة قسم
الطوارئ، والتحسن الكبير في وظائف الرئة عند المرضى الذين استخدموا العلاج
الجديد، كما حدث تحسن نوعي كبير في حياة المرضى ونقص كبير في الأعراض وفي
استخدام حبوب الكورتيزون. والعلاج، كما ذكرت آنفًا يستخدم لحالات الربو
الشديدة وليس لكل مرضى الربو. والعلاج مصرح باستخدامه للكبار فقط ولم يحصل
على موافقة باستخدامه للأطفال أو السيدات الحوامل. وتبقى نقطة مهمة قد تحدث
كثيرًا من استخدام الدواء الجديد وهو التكلفة الباهظة لمثل هذا العلاج،
ولكن بعض الدراسات الاقتصادية لجدوى مثل هذا العلاج أظهرت نتائج أولية بأن
تكلفة استخدام العلاج أقل من التكلفة التي قد يتحملها النظام الصحي نتيجة
عدم علاج المرضى بسبب حاجة المريض إلى التنويم في المستشفيات وللزيارات
المتكررة للأطباء وأقسام الطوارئ.
أ.د. أحمد سالم باهمام
كلية الطب - جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم
كلية الطب - جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..