كلمة (اختطاف) بكل اشتقاقاتها
أخذت حضورها في القاموس الإعلامي السعودي بعد سبتمبر , بعد أن ضخها النقد
الليبرالي باسمها وفعلها ومصدرها. وكانت الاستخدامات تتجه إلى تهمة (اختطاف
الصحوة للمجتمع والثقافة). والصحوة هنا كلمة حق يراد بها باطل .والغريب
أنها درجت على ألسنتهم كما لو كانت أنشودة طابور صباحي حتى باتت مثاراً
للتندر والسخرية.
سأستخدم هذه الكلمة على سبيل توضيح الحقيقة لا تشويشها ,وسأوظفها في مساقها الطبيعي بعد أن اختطفت كلمة (اختطاف).
الليبراليون باختطافهم هذه الكلمة يعكسون قدرة فذّة في عمليات الاختطاف والسطو على وقائع ومفاهيم وتدليس خاطف تكتيكي .والبراهين عصية على الحصر بعد أكثر من عشر سنوات من ضخ اللغة الجديدة ومفاعيلها في تدشين انقلاب مفاهيمي عريض ,وما تعوزه من (اختطاف) حيّ على أصعدة شتى ,ويأتي من بينها التزوير أو التحوير أو تمطيط ما حقه التقليص أو العكس.الليبرالي لا يستقر على هوية محددة في خطابه المعلن ,وبالتالي فانخراطه في حوارات ذات شأن ثقافي وديني تدفع به إلى التماسك الشخصي أمام أطراف متماسكة وواضحة في هويتها المحافظة ,فما كان من الليبرالي إلا أن عمد إلى فن الممكن وهو السيطرة لا على المتلقي بل على حالة التلقي ومحابس قنوات التواصل والتلقين, وبما أنه يملك الإعلام فمن اليسير –بحسبه- أن ينفذ ما نظّر له.
وتأتي القيم والأخلاق كمساحات جدل تحسم مشروعاً أيديولوجياً بأكمله ,حيث يطرأ تحول قيمي ونفسي وعقائدي على وجه تمامه بسبب هزيمة ونصر في جدل ذي صلة بإسلامية الممارسات الاجتماعية كالحجاب أو الغناء أو الاختلاط والتعدد …. فالتحولات الفكرية والعقدية لقطاعات من المسلمين في تونس مثلاً من عهد أبو رقيبة إلى نهاية بن علي نجحت وفق هذه الخطة (تبديل الشريعة بقانون وضعي مع تضمينات ثقافية بين السطور مفادها أن التبديل تم بسبب ظلم الشريعة للإنسان –بزعمهم-). وفي حدود هذه الحلبة الناعمة تنشط ممارسات الاختطاف, ومن أجلاها تقليص ما حقه البسط.هنا تبرز شخصية سلفية محورية للغاية لعبت دوراً واثقاً في هذه التجاذبات ,وحققت مكاسب لليبراليين ضد المعنويات السلفية , وأعني الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني .ولا يكاد يحضر هذا العالم السلفي في جدليات السعوديين إلا في هذا السياق وحسب. وخلاصته أن الألباني أجاز كشف المرأة المسلمة وجهها .وأنا باختصاري لفتوى ورأي الألباني أرتهن إلى الخطة اللغوية الليبرالية في اختطاف هذه الفتوى المهمة.
الألباني شخصية فخمة ,وذات ثقل نوعي عند جميع العلماء حتى غير السلفيين ,بما بلغه من علم الحديث ,حيث جعل لتخريجاته احتراماً لم ينله أحد في هذا القرن .وعليه فهو يؤخذ ككل وفق التلقي الدارج, حيث لا تقبل عقلية العوام الاعتراف بعلمه الباهظ في الحديث وعلمه القليل في الفقه والحق أن هذا ممكن عند المتبصرين في شؤون الشريعة.
الليبراليون استغلوا هذه الثغرة ,ونفذوا إلى فتوى كشف الوجه ,وسوقوا لها على مضض وحذر من التماس مع بقية معطيات شخصية ومواقف الألباني ,فما كان منهم إلا قبولها بعد محاصرة عسكرية حديدية لها وله ,ولعبوا لعبة النقطة والفاصلة ,ووضعوا النقطة مكان الفاصلة بعد حفريات داخل نص الفتوى كما هو شأنهم في الفتاوى عموماً.
وعندما ترصد تعبيراتهم بدقة عن فتوى الألباني ,فستلحظ أنهم جميعا لا يغادرون قول (أن الألباني أجاز كشف الوجه) ,ويضعون نقطة عملاقة ترمي بظلالها على بانوراما التبرج في الوجه من إسدال الشعر والكحل وأحمر الشفاه وغيرها على أنها داخلة في ما أباحه الألباني ,وقس على الألباني وآخرين في فتاوى أخر.
الألباني عنون كتابه بـ (جلباب المرأة المسلمة) .ولك أن تدرك ما تعنيه كلمة (جلباب) ,وكيف تعرضت هي الأخرى للاختطاف ,حيث لا ترد على ألسنتهم ,لأنه زي حشمة صارم لن تقبل به مذيعات التبرج .والليبرالي يختطف ليحمي التبرج لأن إيراد شروط الألباني في كشف الوجه دون تزوير يقتضي إقحام نقطة بدل الفاصلة, تنتهي بالقارئ إلى القناعة بأن شروط الألباني لا تتوفر إلا في غطاء الوجه فضلاً عن أنه فضّل الغطاء ,وحث تلاميذه عليه ,وقال إنه الأنسب لهذا العصر ,ثم يأتي مختطف ماكر ليقول إن الألباني قال بكشف الوجه والصحيح أنه قال بجواز الكشف ولم يقل بالكشف ,وهذه عملية سطو وقطع طريق أخرى دأب عليها غوغاء النصوص العلمية.
لقد قصر دعاة غطاء الوجه في ضخّ لغتهم العلمية الواضحة الصادقة في فضح الاختطافات ,سيما اختطاف فتوى الألباني وبسطها على وجهها الحقيقي وإعادة شرحها ونقاشها مع بروز الإعلام الجديد.
الاختطاف احترافية ليبرالية تتجلى في تعاملهم مع التراث ككل .ومرد ذلك إلى ما أسلفت من تعدد هويتهم في الخطاب الواحد ما أضعف من قدرتهم على المواجهة دون خطف فاصلة أو سطر أو مقطع أو كتاب بأكمله.
الليبراليون باختطافهم هذه الكلمة يعكسون قدرة فذّة في عمليات الاختطاف والسطو على وقائع ومفاهيم وتدليس خاطف تكتيكي .والبراهين عصية على الحصر بعد أكثر من عشر سنوات من ضخ اللغة الجديدة ومفاعيلها في تدشين انقلاب مفاهيمي عريض ,وما تعوزه من (اختطاف) حيّ على أصعدة شتى ,ويأتي من بينها التزوير أو التحوير أو تمطيط ما حقه التقليص أو العكس.الليبرالي لا يستقر على هوية محددة في خطابه المعلن ,وبالتالي فانخراطه في حوارات ذات شأن ثقافي وديني تدفع به إلى التماسك الشخصي أمام أطراف متماسكة وواضحة في هويتها المحافظة ,فما كان من الليبرالي إلا أن عمد إلى فن الممكن وهو السيطرة لا على المتلقي بل على حالة التلقي ومحابس قنوات التواصل والتلقين, وبما أنه يملك الإعلام فمن اليسير –بحسبه- أن ينفذ ما نظّر له.
وتأتي القيم والأخلاق كمساحات جدل تحسم مشروعاً أيديولوجياً بأكمله ,حيث يطرأ تحول قيمي ونفسي وعقائدي على وجه تمامه بسبب هزيمة ونصر في جدل ذي صلة بإسلامية الممارسات الاجتماعية كالحجاب أو الغناء أو الاختلاط والتعدد …. فالتحولات الفكرية والعقدية لقطاعات من المسلمين في تونس مثلاً من عهد أبو رقيبة إلى نهاية بن علي نجحت وفق هذه الخطة (تبديل الشريعة بقانون وضعي مع تضمينات ثقافية بين السطور مفادها أن التبديل تم بسبب ظلم الشريعة للإنسان –بزعمهم-). وفي حدود هذه الحلبة الناعمة تنشط ممارسات الاختطاف, ومن أجلاها تقليص ما حقه البسط.هنا تبرز شخصية سلفية محورية للغاية لعبت دوراً واثقاً في هذه التجاذبات ,وحققت مكاسب لليبراليين ضد المعنويات السلفية , وأعني الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني .ولا يكاد يحضر هذا العالم السلفي في جدليات السعوديين إلا في هذا السياق وحسب. وخلاصته أن الألباني أجاز كشف المرأة المسلمة وجهها .وأنا باختصاري لفتوى ورأي الألباني أرتهن إلى الخطة اللغوية الليبرالية في اختطاف هذه الفتوى المهمة.
الألباني شخصية فخمة ,وذات ثقل نوعي عند جميع العلماء حتى غير السلفيين ,بما بلغه من علم الحديث ,حيث جعل لتخريجاته احتراماً لم ينله أحد في هذا القرن .وعليه فهو يؤخذ ككل وفق التلقي الدارج, حيث لا تقبل عقلية العوام الاعتراف بعلمه الباهظ في الحديث وعلمه القليل في الفقه والحق أن هذا ممكن عند المتبصرين في شؤون الشريعة.
الليبراليون استغلوا هذه الثغرة ,ونفذوا إلى فتوى كشف الوجه ,وسوقوا لها على مضض وحذر من التماس مع بقية معطيات شخصية ومواقف الألباني ,فما كان منهم إلا قبولها بعد محاصرة عسكرية حديدية لها وله ,ولعبوا لعبة النقطة والفاصلة ,ووضعوا النقطة مكان الفاصلة بعد حفريات داخل نص الفتوى كما هو شأنهم في الفتاوى عموماً.
وعندما ترصد تعبيراتهم بدقة عن فتوى الألباني ,فستلحظ أنهم جميعا لا يغادرون قول (أن الألباني أجاز كشف الوجه) ,ويضعون نقطة عملاقة ترمي بظلالها على بانوراما التبرج في الوجه من إسدال الشعر والكحل وأحمر الشفاه وغيرها على أنها داخلة في ما أباحه الألباني ,وقس على الألباني وآخرين في فتاوى أخر.
الألباني عنون كتابه بـ (جلباب المرأة المسلمة) .ولك أن تدرك ما تعنيه كلمة (جلباب) ,وكيف تعرضت هي الأخرى للاختطاف ,حيث لا ترد على ألسنتهم ,لأنه زي حشمة صارم لن تقبل به مذيعات التبرج .والليبرالي يختطف ليحمي التبرج لأن إيراد شروط الألباني في كشف الوجه دون تزوير يقتضي إقحام نقطة بدل الفاصلة, تنتهي بالقارئ إلى القناعة بأن شروط الألباني لا تتوفر إلا في غطاء الوجه فضلاً عن أنه فضّل الغطاء ,وحث تلاميذه عليه ,وقال إنه الأنسب لهذا العصر ,ثم يأتي مختطف ماكر ليقول إن الألباني قال بكشف الوجه والصحيح أنه قال بجواز الكشف ولم يقل بالكشف ,وهذه عملية سطو وقطع طريق أخرى دأب عليها غوغاء النصوص العلمية.
لقد قصر دعاة غطاء الوجه في ضخّ لغتهم العلمية الواضحة الصادقة في فضح الاختطافات ,سيما اختطاف فتوى الألباني وبسطها على وجهها الحقيقي وإعادة شرحها ونقاشها مع بروز الإعلام الجديد.
الاختطاف احترافية ليبرالية تتجلى في تعاملهم مع التراث ككل .ومرد ذلك إلى ما أسلفت من تعدد هويتهم في الخطاب الواحد ما أضعف من قدرتهم على المواجهة دون خطف فاصلة أو سطر أو مقطع أو كتاب بأكمله.
محمد عبدالله الهويمل
نوفمبر - 6 - 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..