الجمعة، 16 نوفمبر 2012

الوصايا الشرعية للسعادة الزوجية

  مقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70- 71].



أما بعد:

فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهَدْي هَدْي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.



ثم أما بعد، ففن الحياة الزوجية وأسلوب المعاشرة بين الزوجين فنٌّ له أصوله، التي يجب أن يلم به كلٌّ من الزوج وزوجه.



ونُشرتْ لي رسالة بعنوان "الحلول الشرعية للمشاكل الزوجية" - في شبكة الألوكة - وهي خلاصة خبرة 25 سنة في الاستماع لمشاكل المتزوجين، ووضع الحلول الشرعية والعملية لها، والوقاية خير من العلاج، والبعد عن مواضع الفتن وأسبابها ومسبباتها منهجٌ إسلامي قويم في ديننا، الذي يجمع بين خير الدنيا والآخرة.



وقد وجدتُ أن من المناسب تكميلَ هذه الرسالة برسالة أخرى بعنوان: "الوصايا الشرعية للسعادة الزوجية"؛ لتكون مصباحًا يضيء الطريق للمُقبِلين على الزواج، ليلتمس كل واحد منهم من خلالها سُبُلَ السعادة الزوجية، ويتجنَّب المشاكل التي تعكِّر صفو السعادة والعَلاقة بين الزوج وزوجه.



وأسأل الله - تعالى - أن يجعلها في ميزان حسناتي، ويتقبَّلها خالصة لوجهه الكريم؛ إنه نعم المولى ونعم النصير، والحمد لله رب العالمين.



الزواج آية من آيات الله - تعالى - ونعمة يَمُنُّ بها على من يشاء:

الزواج آية من آيات الله - تعالى - فطَرَ الناسَ عليها؛ فهو - سبحانه - خلق آدم من تراب، ثم خلق له حواء؛ لتكون له زوجة تؤنس وحدته، ويشعر معها بالمودة والرحمة والسكينة.



قال - تعالى -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].



قال ابن كثير في تفسيره (3/567) ما مختصره:

قوله - تعالى -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ﴾؛ أي: خلق لكم من جنسكم إناثًا يكن لكم أزواجًا؛ ﴿ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾؛ يعني: بذلك حواء، خلقها الله من آدم من ضلعه الأقصر الأيسر، ولو أنه - تعالى - جعل بني آدم كلَّهم ذكورًا، وجعل إناثهم من جنسٍ آخر، إما من جان أو حيوان، لَمَا حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج، بل كانتْ تحصل نفرة لو كانت الأزواج من غير الجنس، ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهن مودةً، وهي المحبةُ، ورحمةً، وهي الرأفةُ؛ فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها، أو لرحمة بها؛ بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجة إليه في الإنفاق، أو للألفة بينهما وغير ذلك: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ اهـ.


والنبي - صلى الله عليه وسلم - حثَّ شباب الأمة على الزواج؛ لِمَا له من فوائدَ جَمَّة في حفظ النفس من الوقوع في الشهوات المحرمة، فثبت عنه قوله: ((يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجَاء)) [1].


قال النووي في شرح الحديث ما مختصره:

والشاب عند أصحابنا هو مَن بلغ ولم يجاوز ثلاثين سنة.



وأما (الباءة) فأصلها في اللغة:

الجِمَاع، مشتقة من المباءة، وهي المنزل، ومنه مباءة الإبل، وهي مواطنها، ثم قيل لعقد النكاح: باءة؛ لأن مَن تزوَّح امرأة بوَّأها منزلاً.



واختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين، يرجعان إلى معنى واحد:

أصحهما: أن المراد معناها اللغوي، وهو الجماع، فتقديره: مَن استطاع منكم الجماع لقدرته على مُؤَنِه - وهي مؤن النكاح - فليتزوج، ومَن لم يستطع الجِمَاع لعجزه عن مؤنه؛ فعليه بالصوم ليدفع شهوته، ويقطع شر مَنِيِّه، كما يقطعه الوِجَاء، وعلى هذا القول وقع الخطاب مع الشبان الذين هم مظنَّة شهوة النساء، ولا ينفكون عنها غالبًا.



والقول الثاني: أن المراد هنا بالباءة مؤن النكاح، سميت باسم ما يلازمها، وتقديره: مَن استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج، ومَن لم يستطعها فليصم؛ ليدفع شهوته؛ اهـ.



ومن ثَمَّ يتبيَّن لنا أن الزواج أمر فطري، أما التبتل - وهو الانقطاع للعبادة وترك النكاح - فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه؛ لأنه ليس من سنته، وثبت في البخاري "عن سعيد بن المسيب أنه سَمِع سعد بن أبي وقَّاص يقول: لقد ردَّ ذلك - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - على عثمان بن مَظْعُون، ولو أجاز له التبتل لاختصينا"[2].


ومجمل القول أن الزواج آية من آيات الله - تعالى - وفوائده عظيمة في حفظ النفس من الوقوع في الشهوات المحرمة؛ فالغريزة الجنسية من أخطر غرائز الإنسان على الإطلاق، وليس للإنسان إلا طريقان لا ثالث لهما، لإرواء هذه الغريزة:

إمَّا بالزواج الحلال الذي أباحه الله، وجعَله آية من آياته، وما فيه من راحة وسكينة وسعادة وصفاء بال.



وإما عن طريق الحرام بالزنا واللواط أو السحاق، أو بأي طريق يخالف الفطرة، ويخرج عن حدود الله، وكله يؤدي إلى التعاسة والشقاء والندم وتأنيب الضمير.



عوائق في طريق السعادة الزوجية:

العائق الأول: سوء الاختيار، سواء من جانب الرجل أو المرأة.

العائق الثاني: عدم مراعاة الكفاءة بين الرجل والمرأة.

العائق الثالث: عجز الرجل عن القوامة على أهله.



وهذه العوائق الثلاثة تحتاج منا لبيان وتوضيح؛ لأهميتها، ونبدأ ونقول بحول الله وقوته:

العائق الأول: سوء الاختيار:

الاختيار السيئ الذي يتم على هوى النفس، دون الوضع في الاعتبار آثارُه السيئة على مستقبل العَلاقة الزوجية - أمرٌ يجب أن يراعى لأهميته.



ومن ثَمَّ، فإن الاختيار السليم لكل من الرجل والمرأة أمرٌ ليس بالسهولة بمكان، بل هو أصعب من مشوار الزواج الذي تعتريه عوائق وعقبات جمة، ومشاكل لا أول لها ولا آخر.



وينبغي أن يعرف كلٌّ من الرجل والمرأة أن الحياة الزوجية السعيدة ليست في اختيار ذات الجمال أو الحسب أو النسب بالنسبة للرجل، ولا في المال والمركز الاجتماعي المرموق والوسامة بالنسبة للمرأة.



فمثل هذا - وما أشبهه - لا يبني بيتًا سعيدًا قائمًا على المودة والرحمة، قطعًا لا! لماذا؟

لأنه اختيار قائم على الهوى وحب الدنيا، وهو زواج لا يدوم أبدًا، والسُّنة بيَّنت لكلٍّ من الرجل والمرأة كيفيةَ اختيار شريك الحياة على أسس وصفات تُثري الحياة الزوجية، وتعِينها على الاستقرار والاستمرار لا العكس.



ومنها بالنسبة للرجل:

• حث النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل على حسن اختيار المرأة، وقد ثبث عنه قوله: ((تُنكَح المرأة لأربعٍ: لمالِها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدِّين تَرِبتْ يداك)) [3].


قال النووي في شرح الحديث:

الصحيح في معنى هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بما يفعله الناس في العادة؛ فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع، وآخرها عندهم ذات الدِّين، فاظفر أنتَ أيها المسترشِد بذات الدين...، ثم قال: وفي هذا الحديث الحث على مصاحبة أهل الدين في كل شيء؛ لأن صاحبهم يستفيد من أخلاقهم وبركتهم، وحسن طرائقهم، ويأمن المفسدة من جهتهم؛ اهـ.



وثبت عنه أيضًا عن جابر قال: تزوَّجت فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((أتزوجتَ يا جابر؟))، قلت: نعم، قال: ((بِكرًا أم ثيبًا؟))، فقلت: ثيبًا، قال: ((فهلاَّ بكرًا تُلاعِبُها وتلاعبك))[4].


قال المباركفوري في تحفة الأحوذي:

قوله: ((هلاَّ جارية))؛ أي: بِكرًا ((تلاعبها وتلاعبك)): فيه أن تزوج البكر أَولى، وأن الملاعبة مع الزوج مندوبٌ إليها، قال الطيبي: وهو عبارة عن الأُلفة التامة؛ فإن الثيِّب قد تكون معلقة القلب بالزوج الأول، فلم تكن محبتها كاملة؛ بخلاف البِكر؛ اهـ.



• وأيضًا ثَبَت عنه أنه قال: ((تزوَّجوا الولود الودود؛ فإني مكاثرٌ بكم))[5].


وبِناءً على هذه الوصايا ممن لا ينطق عن الهوى - صلى الله عليه وسلم - نستطيع أن نقول:

إن المرأة المحجبة المحتشمة الملتزمة، التي تعرف حق الله - تعالى - هي جوهرة نفيسة تشع بضوئها الأخَّاذ عُشَّ الزوجية، فتبعث البهجةَ والسعادة على أهل بيتها من زوج وأولاد؛ لأن حياتها وتربيتها قائمةٌ على تعظيم الدين، وطاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - هي محور حياتها الذي لا ترضى عنه بديلاً، لا عادات ولا تقاليد تمنعها من اتباع الحق، وهو أحق أن يتبع.



أما إن ترك الرجل لهواه أن يضلَّه، وتزوج ذاتَ الجمال أو الحسب أو النسب، وليس عندها دِين يردعها عن الزهو بجمالها، ولفْت الأنظار إليها بتبرجها وسفورها، أو دين يردعها عن التكبر عليه بمالها أو شرفها لِمَا لها من حسب أو نسب، فلا ريب أن مثل هذه الزوجة ستجعل حياةَ زوجها جحيمًا لا يطاق، وسوف تُعِين الدهر عليه، ولا تعينه على الدهر.



أما ما جاء في الحث على اختيار الولود والبكر؛ فهذا لدوام السعادةِ كما لا يخفى، ولكن لا يمنع ذلك ألبتة من الترغيب في الزواج من غيرهما، شريطةَ أن يكون الدينُ هو الأساس، وبدونه لن تستقر حياة زوجية أبدًا.



ومن ثَمَّ، لا غرو أن الحياة الزوجية السعيدة بذرتُها قبل الحصاد هو حسنُ اختيار الرجل لزوجته على أساس الدين.



وما يقال للرجل يقال أيضًا للمرأة، ولقد أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - المرأة ومَن يتولَّى أمرها باختيار الدين والخلق الحسن.



• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا خطب إليكم مَن ترضَوْن دينه وخُلُقه، فزوِّجوه، إلا تفعلوا، تكن فتنةٌ في الأرض وفساد عريض))[6].


قال المباركفوري[7] في شرح الحديث ما مختصره:

قوله: ((إذا خطب إليكم))؛ أي: طلب منكم أن تزوِّجوه امرأة من أولادكم وأقاربكم.

((مَن ترضون))؛ أي: تستحسنون.

((دينه))؛ أي: ديانته.

((وخلقه))؛ أي: معاشرته.

((فزوِّجوه))؛ أي: إياها.

((إلا تفعلوا))؛ أي: إن لم تزوِّجوا مَن ترضَون دينه وخُلقه، وترغبوا في مجرد الحسب والجمال أو المال.

((وفساد عريض))؛ أي: ذو عَرْض؛ أي: كبير؛ وذلك لأنكم إن لم تزوِّجوها إلا من ذي مال أو جاهٍ، ربما يبقى أكثرُ نسائكم بلا أزواج، وأكثر رجالكم بلا نساء، فيكثر الافتتان بالزنا، وربما يلحق الأولياءَ عارٌ، فتهيج الفتن والفساد، ويترتب عليه قطع النسب، وقلة الصلاح والعفة؛ اهـ.



ولا ريب أن الدِّين وحُسن الخُلق في الرجل هما جواز المرور لقلب المرأة؛ فلا فائدة من رجل لا يعرف ربَّه، وقلبه فارغ من ذِكره، يعتمد على الناس ولا يتوكل على رب الناس.



فالوسامة، والمال، والمركز، والحسب، والنسب، وما أشبه ذلك - لا تبني بيتًا سعيدًا قط، وكلها صفات قد تسعد المرأة، وهي لا بأس بها، ولكن إن لم يهيمن على هذه الصفات دينٌ يردع صاحبه، فلا خير فيه، وإن ظنت المرأة أن في ذلك سعادتها، فهي واهمة؛ لأنها سعادة زائفة إلى حين!



ومن ثَمَّ، فنصيحتي للمرأة المسلمة أن تجعل أساسَ اختيار شريك حياتها الدِّينَ والخُلق الحسن، وإن كان الأهل وولي أمرها يسألان عن حاله وماله وحسبه ونسبه، فلتطلبْ هي السؤال عن عَلاقته بربه: هل يصلي الفروض؟ هل يحضر الجُمَع والجماعات؟ هل هو من أهل القرآن؟ وما أشبه ذلك.



• وما أجمل ما قاله الحسن بن علي - رحمه الله - لرجلٍ سأله، فقال: إن لي بنتًا، فمَن ترى أن أزوِّجها؟ قال: زوِّجها ممن يتَّقي الله؛ فإن أحبَّها أكرمها، وإن كَرِهها لم يظلمْها.



العائق الثاني: عدم مراعاة الكفاءة بين الرجل والمرأة:

الكفاءة معناها في اللغة:

المساواة والمماثلة، والمقصود أن يكون كل من الرجل والمرأة متساويَيْنِ في الدين والحسب والمال والعلم وغير ذلك، والكفاءة في الزواج معتبرة شرعًا، وإن اختلف الفقهاء فيها، ولكن الكفاءة في الدِّين هي المعيارُ الصحيح في القَبول أو الرفض، وغيره اجتهادٌ لا دليل عليه.



قال ابن القيم في الزاد [8] ما مختصره:

"قال الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]، وفي الترمذي عنه - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا جاءكم مَن ترضون دِينه وخُلُقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفساد كبير))، قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ فقال: ((إذا جاءكم مَن ترضون دينه وخُلُقه، فأنكحوه)) ثلاث مرات[9].


وزوَّج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينبَ بنت جحش القُرَشِية من زيد بن حارثةَ مولاه، وزوَّج فاطمة بنت قيس الفِهْرِية القرشية من أسامة ابنه، وتزوَّج بلال بن رباح بأخت عبدالرحمن بن عوف... ثم قال:

فالذي يقتضيه حُكمُه - صلى الله عليه وسلم - اعتبارُ الدِّين في الكفاءة أصلاً وكمالاً، فلا تُزوَّج مسلمةٌ بكافر، ولا عفيفةٌ بفاجر، ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمرًا وراء ذلك؛ فإنه حرَّم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث، ولم يعتبر نسبًا ولا صناعة ولا غنى ولا حرية، فجوَّز للعبد القِنِّ نكاحَ الحرة النَّسِيبة الغنية إذا كان عفيفًا مسلمًا، وجوَّز لغير القرشيين نكاح القرشيات، ولغير الهاشميين نكاحَ الهاشميات، وللفقراء نكاح الموسرات.



وقد تنازع الفقهاء في أوصاف الكفاءة؛ فقال مالك في ظاهر مذهبه: إنها الدين، وفي رواية عنه: إنها ثلاثة: الدين، والحرية، والسلامة من العيوب.


وقال أبو حنيفة: هي النسب والدين.


وقال أحمد في رواية عنه: هي الدين والنسب خاصة، وفي رواية أخرى: هي خمسة: الدين، والنسب، والحرية، والصناعة، والمال.


وقال أصحاب الشافعي: يعتبر فيها الدين، والنسب والحرية، والصناعة، والسلامة من العيوب المنفِّرة.


ثم قال - رحمه الله - بعد كلام: فإنه لم يقُلْ أحمد ولا أحد من العلماء: إن نكاح الفقير للموسرة باطل وإن رضيتْ، ولا يقول هو ولا أحد: إن نكاح الهاشمية لغير الهاشمي والقرشية لغير القرشي باطل، وإنما نبَّهنا على هذا؛ لأن كثيرًا من أصحابنا يحكون الخلاف في الكفاءة هل هي حق لله أو للآدمي؟ ويطلقون مع قولهم: إن الكفاءة هي الخصال المذكورة، وفي هذا من التساهل وعدم التحقيق ما فيه"؛ اهـ.


قلت: إن الكفاءة في الدين معتبرة شرعًا، وفي غيرها كالحسب والنسب والغنى... إلخ؛ فقد اختلف الفقهاء كما ذكر ابن القيم، وإننا نرى الأخذ بالكفاءات الأخرى مع الدين - كالحسب والنسب، والعلم، والمال، وما أشبه ذلك - وننبِّه أنه ليس شرطًا في صحة النكاح من عدمه، قطعًا لا، فإذا تزوَّجت المرأة المتعلِّمة - ولنقل: حاصلة على الماجستير مثلاً - من رجل أميٍّ لا يعرف القراءة ولا الكتابة، اللهم إلا صنعة يرتزق منها، ورَضِيتْ به زوجًا لها، هل يكون هذا النكاح باطلاً؟

قطعًا لا، ما دام تتوفر فيه شروطه الشرعية؛ من صداق، وموافقة وليٍّ، وإعلان وشهود... إلخ.


وإنما المقصود هو: هل تستمرُّ العِشرة والسعادة رغم الاختلاف بينهما؟ ربما نعم، وربما لا!


ولكن أكثر التجارب والأبحاث الاجتماعية تشير إلى صعوبة استمرارها لعشَرات من الأسباب، وما قلتُه عن العلم نقولُه عن الحسب والنسب والمال... إلخ، وأكرِّر القول: إن الدين هو الأساس، وغيره اجتهاد لا دليل عليه، ولكن ليس هناك ما يمنع ألبتة من الأخذ بالكفاءة في أمور أخرى قطعًا.


وعمدتي في قولي هذا:

قصةُ أم المؤمنين زينب بنت جحش - رضي الله عنها - فقد أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - من مولاه زيدٍ أن يتزوَّج من زينب بنت جحشٍ، ولكن زينب ما كانتْ تستطيع أن تتزوَّج - وهي على ماهي عليه من حسب ونسب - من مولى من الموالي، وقالتْ يومئذٍ: لا أتزوَّجه أبدًا، على الرغم من حرصها على طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل قوله - تعالى -: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].


فتزوَّجتْه طاعةً لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ثم حدث ما حدث من حكمةِ الله وطلاقها منه ليتزوَّجها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ليَقضِي النبيُّ على عادة تحريم زواج زوجة الابن بالتبنِّي.



قال ابن كثير - في تفسيره لآية الأحزاب التي ذكرناها آنفًا -:

قال ابن لَهِيعة، عن ابن أبي عمرة، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش لزيد بن حارثة - رضي الله عنه - فاستنكفتْ منه، وقالتْ: أنا خيرٌ منه حسبًا، وكانت امرأة فيها حدَّة؛ فأنزل الله - تعالى -: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ ﴾ [الأحزاب: 36] الآية، وهكذا قال مجاهد وقتادة ومقاتل بن حيان: إنها نزلت في زينب بنت جحش - رضي الله عنها - حين خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مولاه زيد بن حارثة - رضي الله عنه - فامتنعتْ، ثم أجابت"؛ اهـ.



ومن ثَمَّ نكرِّر القول بأهمية الكفاءة في الدين بصفة خاصة - وغيره بصفة عامة - لدوام العِشرة والتفاهم، واستقرار الحياة الزوجية، والله أعلم.


العائق الثالث: عجز الرجل عن القوامة على أهله:

قال - تعالى -:﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34].



فالوضع الصحيح هو قوامةُ الرجل على المرأة؛ وذلك بقدرته على الإنفاق، وبحكم خِلقته التي خلقه الله عليها من قوة وتحمل، وجعله مسؤولاً عن السعي للرزق والعمل على توفير حياة كريمة لأسرته، ولا يلزم المرأةَ أن تعمل للإنفاق على زوجها بحكم خِلْقَتها وضعفها، ولكن عليها القيام بمهامِّها؛ من خدمة الزوج ورعاية أبنائه وما أشبه ذلك، وهذا هو الوضع الطبيعي والمعيار الصحيح لاستقرار السعادة، والخلل في ذلك يؤدي إلى فساد العَلاقة الزوجية حتمًا.



ولكن في هذا الزمن خرجت المرأة تُنَافِس الرجل في السعي للرزق والإنفاق لضرورة وبغير ضرورة؛ حبًّا في إثبات الذات والتحرُّر! حتى جلس كثيرٌ من الرجال في بيوتهم عاطلين بلا عمل، بينما نساؤهم يعملْنَ، ولا يخفى ما في ذلك من المفاسد العظيمة.



وللألباني في آداب الزفاف (1/250) كلامٌ نفيس، وفيه ما شفى وكفى، قال ما مختصره:

"ومن المعلوم أن الله - تبارك وتعالى - قد أوجب على الزوج شيئًا آخر لزوجته، ألا وهو نفقتُها وكسوتُها ومسكنها؛ فالعدل يقتضي أن يجب عليها مقابل ذلك شيء آخر أيضًا لزوجها، وما هو إلا خدمتها إيَّاه، ولا سيما أنه القوَّام عليها بنص القرآن الكريم كما سبق، وإذا لم تقُمْ هي بالخدمة فسيضطر هو إلى خدمتها في بيتها، وهذا يجعلها هي القوَّامة عليه، وهو عكس للآية القرآنية كما لا يخفى؛ فثبت أنه لا بد لها من خدمته، وهذا هو المراد.



وأيضًا فإن قيام الرجل بالخدمة يؤدِّي إلى أمرين متباينين تمام التباين:

أن ينشغل الرجل بالخدمة عن السعي وراء الرزق، وغير ذلك من المصالح، وتبقى المرأة في بيتها عُطْلاً عن أي عمل يجب عليها القيامُ به، ولا يخفى فسادُ هذا في الشريعة التي سوَّت بين الزوجين في الحقوق، بل وفضَّلت الرجُلَ عليها درجة"؛ اهـ.



ومن ثم كانت تلك العوائقُ الثلاثة من الأمور التي ينبغي ألا يجهلها المسلمون عند الزواج؛ لأنها تؤدِّي بالتبعية إلى الكثير من حالات الفشل في العَلاقات الزوجية، فتنتهي بالطلاق أو الخلع، وهو النهاية المتوقعة للجهل بمثل هذه الأمور.


الوصايا الشرعية للسعادة الزوجية

أطرح هنا وصايا شرعيةً من الواقع وحياة المتزوجين ومشاكلهم؛ لتكونَ خير عونٍ لكل مُقبِلٍ على الزواج؛ ليلتمس سُبُلَ السعادة الزوجية، ويُبعِد عنه مسبِّبات المشاكل[10]، التي تنشأ من إهمال هذه الوصايا وغيرها، والله المستعان.



رضا كلٍّ من الزوجين عن الآخر والتجاوز عن العيوب:

أقول دومًا: إن الحياة الزوجية أخذٌ وعطاء، عُسْر ويسر، سعادة وشقاء.



وهي ليستْ سعادة دائمة، ولا شقاءً دائمًا، وإنما بين هذا وذاك، وكل ما ينبغي على كلٍّ من الزوجين أن يفعله هو الوصول لأعلى درجات السموِّ الروحي بينهما في العطاء والمحبة؛ كي تستقر دعائمُ عش الزوجية على أسس متينة من الثقة والاحترام المتبادل بين كلٍّ من الزوج وزوجه، ومعرفة كلٍّ منهما لحقوق الآخر عليه.



ومما لا شكَّ فيه أن الوصولَ لهذه المكانة من السمو لا يتحقَّق بين يوم وليلة، ولا بين قلبين متنافرين متباعدين يكره كلٌّ منهما الآخرَ لشيء فيه ينفِّره منه؛ بل بين قلبين متحابَّين متعاونين، وبالتفاهم وإنكار الذات القائم على مراعاة حق الله - تعالى - مع إدراك أن الإنسان بطبيعة خِلقته ضعيف، وبالتبعية يكثر خطؤه وزلاته غير المتعمدة، خصوصًا بين زوجين جمعهما الله تعالى، ورضي الزوجُ بها زوجة وأمًّا لأولاده، وائتمنها على عِرْضه وماله، وهي مثلُه رضيتْ به زوجًا لها وأبًا لأولادها، وحَفِظتْه في نفسها وبيته.



قال - تعالى -: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28].



قال الشوكاني في فتح القدير (1/682) في تفسيرها ما مختصره:

"﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ عاجزًا غيرَ قادر على ملك نفسه، ودفعها عن شهواتها وفاءً بحق التكليف؛ فهو محتاج من هذه الحيثية إلى التخفيف؛ فلهذا أراد الله - سبحانه - التخفيف عنه"؛ اهـ.



وإذا كان المولى - سبحانه - يخفِّف عن الإنسان لضعفه، فينبغي لكلٍّ من الزوجين التجاوز عن أي هفوة أو زلة من الطرف الآخر، ولا يطلب من شريكه أن يكون مثاليًّا خاليًا من العيوب؛ ولهذا أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل بتجاوز بعض الهفوات من الزوجة لضعفها، فقال: ((لا يَفْرَك مؤمنٌ مؤمنةً، إن كَرِه منها خلقًا رَضِي منها آخر - أو قال: غيره)) [11].


قال النووي في شرح الحديث:

"قوله - صلى الله عليه وسلم-: ((لا يَفْرَك مؤمنٌ مؤمنة إن كَرِه منها خلقًا رَضِي منها آخر - أو قال: غيره)).



يَفْرَك - بفتح الياء والراء، وإسكان الفاء بينهما - قال أهل اللغة: فَرِكه - بكسر الراء - يَفرَكه: إذا أبغضه، (والفَرْك) - بفتح الفاء وإسكان الراء -: البُغض، ثم قال - رحمه الله -: أي ينبغي ألا يُبغِضها؛ لأنه إن وجد فيها خلقًا يُكْرَهُ، وجد فيها خلقًا مَرْضيًّا؛ بأن تكون شرسة الخُلق لكنها دَيِّنة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك؛ اهـ.



وما يقال عن التغاضي عن عيوب الزوجة، يقال مثله عن الزوج، فكلنا ذو خطأ، ولا عصمة إلا للأنبياء، ولتصبرِ الزوجة وتغضَّ طرْفَها عن عيوب زوجها، ولا تكفُرِ العشير.



• عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أُرِيتُ النارَ فإذا أكثرُ أهلها النساءُ؛ يَكْفُرْنَ))، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: ((يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنتَ إلى إحداهن الدهر، ثم رأتْ منك شيئًا، قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قط))[12].



ومن ثَمَّ، فينبغي أن يتوقع كلٌّ من الزوجين بعضَ التجاوزات التي قد ينفر منها الطرف الآخر، ولو جرَّب كلٌّ من الزوجين هذه النصيحة، وتجاوز كلٌّ منهما عن عيوب شريكه وسيئاته، مع النصيحة الطيبة للإصلاح ولو بالتدرج، وملأتْ عينيه مميزاتُه وحسناته، ومدحها وزكَّاها، لوجد كلٌّ منهما من شريكه العجب العجاب.



إحياء المناسبات السعيدة بينهما بهدية تُلهِب المشاعر، أو كلمة رقيقة:

لا تخلو الحياة الزوجية من مناسباتٍ مشتركةٍ بين كلٍّ من الزوجين كيومِ زواجهما، أو ترقية للزوج في العمل، أو ما أشبه ذلك.



واستغلال كلٍّ من الزوجين هذه المناسبات يعيد نبض المحبة والأُلفة الذي كاد يتوقف في عَلاقتهما الزوجية؛ إما لكثرة الهموم والغموم، أو مشاكل الأبناء التي لا تنتهي أبدًا، أو غير ذلك.



وهذه النصيحة يجب أن يراعيَها كلٌّ منهما، ونحن نحذر عند إحياء مثل هذه المناسبات من التشبه بأعياد الكفار؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من تشبَّه بقومٍ، فهو منهم))[13]، وذلك حتى لا يُفهَم كلامُنا خطأ.



وإنما ندعو إلى إحياء الأعياد والمناسبات بينهما في خصوصية لا يطلع عليها إلا هما، ولا يشاركهما فيها أحد.



كما أننا نحذِّر من استمرار الفتور في العَلاقة الزوجية، وإهمال مثل هذه المناسبات بحجة "راح الشباب، وانقضى العمر"، أو: "لا وقت لمثل هذا الترف"... إلخ.



فهذا جهل مَن لا يفكر إلا في نفسه، ولا يعرف لشريكه حقًّا، وهذا الإهمال يحاسب الله - تعالى - المرءَ عليه، حتى لو كان إهماله بسبب العبادة.



• عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا عبدالله، ألم أُخبَر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟))، قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((فلا تفعلْ، صُمْ وأفطر، وقُمْ ونَمْ؛ فإن لجسدك عليك حقًّا، وإن لعينك عليك حقًّا، وإن لزوجك عليك حقًّا))[14].


والكلمة الرقيقة الطيبة لها مفعول السحر في زيادة جرعة السعادة الزوجية، ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرخِّم اسم عائشة -رضي الله عنها - لإدخال السرور عليها، فيقول لها: ((يا عائش))، ويكنِّيها فيقول لها: ((يا أمَّ عبدالله))، ومثل هذه المجاملات لا تحتاج لمشقة ولا تصنُّع، بل هي من الأمور الهيِّنة المحبَّبة للنفوس السوية.



وبذلك يحدث المقصود، وتنقشع الغشاوة عن القلوب، فتنبض بالشكر والعرفان والتقدير، ويحدث التفاني في إسعاد كلٍّ من الزوجين للآخر، والله المستعان.



الصبر على هفوات الزوجة عند تبدل الحال والعذر:

المرأة ينتابها أعذارٌ شتى كثيرة؛ كالحيض، والنفاس، والحمل... إلخ، ومثل هذه الأحوال تؤدِّي إلى تقلُّبِها بين الفينة والفينة، وكل ذلك وغيره له تأثيرٌ على نفسيتها، وتلك هي طبيعتها، ولو كانت شديدةَ الذكاء، غزيرة العلم، حليمة، صبورًا؛ فالمرأةُ هي المرأة؛ لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن المرأة خُلِقتْ من ضِلَع لن تستقيم لك على طريقةٍ، فإن استمتعتَ بها استمتعتَ بها وبها عوج، وإن ذهبتَ تقيمها كسرتَها، وكسرُها طلاقُها))[15].



قال النووي:

"قال أهل اللغة: العَوَج - بالفتح - في كل منتصبٍ؛ كالحائط والعود وشبهه، وبالكسرِ ما كان في بساط، أو أرض، أو معاش، أو دِين، ويقال: فلان في دِينه عِوَج بالكسر، هذا كلام أهل اللغة، ثم قال: وبيَّن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنها خُلِقت من ضِلَع، وفي هذا الحديث ملاطفةُ النساء، والإحسان إليهن، والصبر على عِوَج أخلاقهن، واحتمال ضعف عقولهن، وكراهة طلاقهن بلا سبب، وأنه لا يطمع باستقامتها، والله أعلم؛ اهـ.



وأرى من المناسب هنا بيانَ حالة المرأة من الناحية الطبية والنفسية عند حدوث مثل هذه الأعذار؛ حتى لا يظلمها الرجل، والله المستعان.



قال صاحب كتاب "القرآن والطب" [16] ما مختصره:

"دورة الحيض رغم كونها طبيعية، إلا إنها تسبِّب للنساء آلامًا شتى؛ فإنهن يَجِدْنَ في زمن الحيض انحرافًا في مزاجهن، ويشعرن بتعبٍ عامٍّ في أجسامهن، ويقاسِين في بعض الأحيان آلامًا شديدة في أصلابهن، ويعانين حدَّة في طبعهن، إلى غير ذلك من الآلام التي تعتبر في ذاتها أعراضًا للطمث والحيض"؛ اهـ.



ومن ثَمَّ يجب على الزوج الصبر على تقلُّبها، ولا يأخذ ذلك ذريعة لضربها والاعتداء عليها، ولا ينفعل لمجرد كلمة تؤذيه من زوجته في مثل هذه الأحوال وغيرها، وله في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوةٌ حسنة؛ فقد كانت نساؤه يراجِعْنه وتهجرُه إحداهن اليوم إلى الليل.



حسن الخلق والمعاشرة بالمعروف:

إن مما يثري الحياة الزوجية أن يُدرِك كلٌّ من الزوجين ما له وما عليه من الحقوق والواجبات، وأن تكون المعاشرة بينهما لتحقيق ذلك قائمةً على حسن الخُلق، والتفاني، والصبر، والعطاء، وإنكار الذات.



أما لو كانت العَلاقة قائمةً على الأذى، والتنصل من حقوق الطرف الآخر، ومحاولة السيطرة على مقادير العَلاقة الزوجية؛ فهذا لا يبني بيتًا سعيدًا أبدًا، بل يجعل العَلاقة القائمة على المودَّة والرحمة عَلاقة شاذة، قائمة على الحقد والأنانية.



قال - تعالى -: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].



قال ابن كثير في شرحها ما مختصره:

"قال - تعالى -: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾؛ أي: طيِّبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها، فافعل أنتَ بها مثله؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((خيركم خيركم لأهلِه، وأنا خيركم لأهلي))،[17]، وكان من أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - أنه جميلُ العِشْرة، دائمُ البِشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقته، ويضاحك نساءه.



ثم قال: وقوله - تعالى -: ﴿ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾؛ أي: فعسى أن يكون صبرُكم - مع إمساككم لهن وكراهتهن - فيه خيرٌ كثيرٌ لكم في الدنيا والآخرة؛ كما قال ابن عباس في هذه الآية: هو أن يعطف عليها فيُرزقَ منها ولدًا، ويكون في ذلك الولد خيرٌ كثير؛ اهـ.



عدم الانفراد بالرأي في حل المشاكل والأزمات:

الحياة الزوجية لا تخلو قط من المشاكل والأزمات التي قد تعصف بها، ومما يُفسِد العَلاقةَ الزوجية، ويَذهَب ببهائها وسعادتها الانفرادُ بالرأي، وتسفيهُ آراء الطرف الآخر، وتجاهله ومخالفته حتى لو كان على صواب كِبرًا وعلوًّا.



والزوج بصفة خاصة - بما أعطاه الله من القوامة - عليه أن يراعيَ هذا الأمر، ويجعل لزوجته الحقَّ في إبداء ما تراه من حلولٍ في مشاكل البيت التي لا تنتهي أبدًا.



ولا يتعلَّل الزوج بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النساء إنهن: ((ناقصات عقل ودين))[18]، فهذا لا يَعيبها؛ لأن نقصانَ العقل سببُه فوران العاطفة، وليس الغباء وعدم تقديرها للأمور، فلا حجة فيه ألبتة، ونقصان الدين سببُه ما كتبه الله عليها من حيض ونفاس يُصِيبها لحكمته - تعالى - فيها، فتمتنع بأمره وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة والصيام، وغير ذلك مما هو معروف في كتب الفقه مدة العذر، وليس لها في ذلك من الأمر شيءٌ.



أما الاستشهاد بأحاديث مثل حديث:

((هلكت الرجال حين أطاعت النساء))، أو حديث: ((شاوروهن وخالفوهن))؛ فالأول ضعَّفه الألباني، والثاني قال - رحمه الله -: "لا أصل له"؛ انظر السلسلة الضعيفة (1/ ص625).



وأما حديث: ((لن يُفلِح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأة)) - الذي أخرجه البخاري في صحيحه - فهو واقعةُ حال، وليس على إطلاقه؛ أي: لا يلزم لكل النساء، قال الألباني: "والحديث ليس معناه صحيحًا على إطلاقه؛ فقد ثبت في قصة صلح الحديبية من صحيح البخاري أن أم سلمة - رضي الله عنها - أشارتْ على النبي - صلى الله عليه وسلم - حين امتنع أصحابه من أن ينحروا هَدْيَهم أن يخرج - صلى الله عليه وسلم - ولا يكلم أحدًا منهم كلمة حتى ينحر بُدْنَه ويحلق، ففعل - صلى الله عليه وسلم - فلما رأى الصحابة ذلك قاموا فنحروا؛ ففيه أنه - صلى الله عليه وسلم - أطاع أم سلمة فيما أشارتْ به عليه؛ فدل على أن الحديثَ ليس على إطلاقه، ومثله الحديث الذي لا أصل له: ((شاوروهن وخالفوهن))"[19].



ومن ثَمَّ، فإن المشاركة في الرأي تنمِّي الإحساس بالمسؤولية، وهي مسؤولية ليس هيِّنة، وكلٌّ من الزوج وزوجه عليهما إثمُ التفريط فيها، ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا كلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فالإمام الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيتِ زوجها وولده، وهي مسؤولة عنهم، وعبدُ الرجلِ راعٍ على مال سيده، وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته))[20].


إجابة رغبات كلٍّ من الزوجين في الفراش:

المعاشرة الجنسية والارتواء الجنسي حقٌّ لكلٍّ من الزوجين، والزواج هو الوسيلة الوحيدة التي أباحها الشرعُ لإشباع الغريزة الجنسية - وهي أخطر غرائز الإنسان على الإطلاق - وذلك حفظًا للنفس من الوقوع فيما حرَّم الله تعالى.



ومن حق الزوج إعفافُ نفسه، وليس للزوجة الرفضُ إلا لعذر - كمرضٍ يمنع من الاستمتاع - ولتعلمْ أن رفضها إطاعةَ أمر الزوج في الفراش - لغضب، أو للضغطِ عليه لتحقيق مطلبٍ خاص لها، أو ما أشبه ذلك - فيه ترهيب شديد؛ من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا دعا الرجلُ امرأتَه إلى فراشه فلم تأتِه فبات غضبانَ عليها، لعنتْها الملائكة حتى تُصبِح))[21]، وفي رواية: ((حتى ترجع)).


قال النووي:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا باتت المرأةُ هاجرةً فراش زوجها لعنتْها الملائكة حتى تصبح))، وفي رواية: ((حتى ترجع))؛ هذا دليل على تحريم امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي، وليس الحيضُ بعذرٍ في الامتناع؛ لأن له حقًّا في الاستمتاع بها فوق الإزار، ومعنى الحديث: أن اللعنة تستمر عليها حتى تزول المعصية بطلوع الفجر، والاستغناء عنها، أو بتوبتها ورجوعها إلى الفراش؛ اهـ.



وكما قال النووي ليس الحيض عذرًا للامتناع، ومن حق الزوج الاستمتاعُ بزوجته كيفما شاء، ويحرم عليه الجماعُ في الحيض، أو الدبر، وغيرُ ذلك فهذا شأنه.



• وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كانت إحدانا إذا كانتْ حائضًا أمَرَها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتَأْتَزِر بإزارٍ، ثم يباشرها"[22]، ومما لا ريب فيه أن الاستمتاعَ الجنسي دون جماعٍ يزيد من حب المرأة لزوجها، لماذا؟

لأنها يسعدها قطعًا أن تعلمَ أن زوجها لا يريدها للفراشِ الجنسي فقط، وأنها مرغوبةٌ في كل وقت، حتى في أيام حيضِها التي يحرم عليه فيه جماعُها.



وكذلك من حق المرأة إعفافُ وتحصين نفسها، ولا يجوز هَجْرُ زوجها لها في الفراش عمدًا ليضرها أكثر من أربعة أشهر؛ فإن أَبَى الزوجُ إعفافَها، فقد قرَّرتْ لها الشريعة حقَّ الطلاق وفسخ العَلاقة الزوجية، وهو ما يعرف بالإيلاء[23].



كما لا يجوز له أن يهجرَها بحجة العبادة والصلوات وما أشبه ذلك.



• روى الشعبي أن كعب بن سوار كان جالسًا عند عمر بن الخطاب، فجاءت امرأة، فقالتْ: يا أمير المؤمنين، ما رأيتُ رجلاً قط أفضلَ من زوجي، واللهِ إنه ليَبِيت ليله قائمًا، ويظل نهاره صائمًا، فاستغفر لها وأثنى عليها، واستحيت المرأةُ وقامت راجعة، فقال كعب: يا أمير المؤمنين، هلاَّ أعديتَ المرأة على زوجها، فلقد أبلغت إليك في الشكوى، فقال لكعب: اقضِ بينهما؛ فإنك فهمتَ من أمرها ما لم أفهم، قال: فإني أرى كأنها امرأة عليها ثلاثُ نسوة هي رابعتهن، فأقضي بثلاثة أيام ولياليهن يتعبَّد فيهن، ولها يوم وليلة، فقال عمر: والله، ما رأيك الأولُ بأعجبَ من الآخر؛ اذهبْ فأنتَ قاضٍ على البصرة، وفي لفظ: نِعْمَ القاضي أنتَ[24].



ومما يجب التنبيه عليه هنا:

خطورةُ الخروج عن حدود الله بجماع الزوجة في الحيض أو الدبر؛ لأن الخروج عن حدود الله يؤدِّي حتمًا إلى الشقاء وليس إلى السعادة، إلى الحقد والكراهية، وليس إلى المودة والرحمة، وكفى أن الله - تعالى - وصف الجماع في الحيض بأنه أذًى؛ ليرتدع مَن تسول له نفسُه ارتكاب ما حرم الله - تعالى.



قال - تعالى -: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222]؛ ولأن هذه المسألة مما تعكر صفو الحياة الزوجية؛ لجهل الأزواج بخطورتها، فنسجل هنا رأيًا طبيًّا لمن لا يفقهون الدين، ولا يعرفون طاعة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ويريدون دومًا ما يقنع عقولَهم، ويبتغون الرأي العلمي.



قال صاحب كتاب "القرآن والطب"[25] ما مختصره:

"إن الحيض والوطء أثناءه هو من أهم الأسباب المهيِّئة لتعفُّن الرحم، الذي فضلاً عن أنه يسبِّب العقم، فهو من أشد الأمراض إيلامًا للمرأة؛ حيث تقاسي منه آلامًا في الحوض لا تطاق، فضلاً عن ارتفاع درجة الحرارة، والمضاعفات الأخرى الخَطِرة التي تكون نتيجة ذلك التعفن، ولعل أهمها إصابة ملحقات الرحم".



وعن الأضرار التي تصيب الزوج قال:

"التهابات حادة تصيب أعضاءه التناسلية؛ إذ تمتد الجراثيم إلى القناة البولية، بل قد تصيب المثانة والحالبين، بل قد تمتد الالتهابات حتى تصيب غدَّة كوبر البروستاتا والحويصلتين المَنَوِيَّتين، والخُصْيَتين والبربخ"؛ اهـ.



ومما يجب التنبيه عليه هنا - لإهمال الكثير له - أن الجماع أثناء الحيض يلزمه كفَّارة، قال الألباني في آدب الزفاف ص50، ما خلاصته:

"مَن غلبتْه نفسه فأتى الحائض قبل أن تطهرَ من حيضها، فعليه أن يتصدَّق بنصف جنيه ذهب إنكليزي تقريبًا أو ربعها؛ لحديث عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: ((يتصدق بدينار أو نصف دينار))[26].


ثم قال: وذهب إلى العمل بالحديث جماعةٌ آخرون من السلف، ذكر أسماءهم الشوكانيُّ في النيل، وقوَّاه؛ اهـ.



قلتُ: وهذا فيمن غلبتْه نفسه وهو يؤمن بحرمة ذلك، أو فعل ذلك جهلاً بالحرمة أو ناسيًا، أما غير ذلك كمن يتعمَّد الجماع، ويستحلُّ ذلك دومًا؛ فهو يردُّ أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة.



ثم إن كان كلُّ هذا الأذى لمن يجامع زوجتَه في الحيض، فكيف بمن يفعل ذلك في الدبر؟!

لا بأس من التنبيه على ذلك ببيان واضح؛ ليَهْلِك مَن هَلَك عن بيِّنة، ويَحْيَا مَن حَيَّ عن بينة، والله المستعان.



• قال - تعالى -: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ [البقرة: 223].



• وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ملعونٌ مَن أتى امرأتَه في دُبُرها))[27].


• ولقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في مجموع الفتاوى (32/266) عما يجب على مَن وطِئَ زوجتَه في دبرها، وهل أباحه أحدٌ من العلماء؟

فأجاب:

الحمد لله رب العالمين، الوطء في الدبر حرام في كتاب الله وسنَّة رسوله، وعلى ذلك عامة أئمة المسلمين من الصحابة والتابعين وغيرهم؛ فإن الله قال في كتابه: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ [البقرة: 223]، وقد ثبت في الصحيح: "إن اليهود كانوا يقولون: إذا أتى الرجلُ امرأته في قُبُلها من دُبُرها، جاء الولد أحول"، فسأل المسلمون عن ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله هذه الآية: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ [البقرة: 223]"[28].



والحرث:

مَوضِع الزَّرْع، والولد إنما يُزرَعُ في الفرج لا في الدبر، ﴿ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ ﴾، وهو موضع الولد ﴿ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾؛ أي: من أين شئتم، من قُبُلها ومن دُبُرها، وعن يمينها وعن شمالها؛ فالله - تعالى - سمَّى النساء حرثًا، وإنما رخَّص في إتيان الحروث، والحرث إنما يكون في الفرج، وقد جاء في غير أثر أن الوطءَ في الدبر هو اللُّوطية الصغرى، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن الله لا يَسْتَحْيِي من الحق، لا تأتوا النساء في حُشُوشِهن))[29]، والحُشُّ هو الدبر، وهو موضع القذر، والله - سبحانه - حرَّم إتيان الحائض مع أن النجاسة عارضة في فرجها، فكيف بالموضع الذي تكون فيه النجاسة المغلَّظة؛ اهـ.



وبعد:

فإنما أطلنا في هذه النصيحة؛ لخطورتها على استقرار العَلاقة الزوجية؛ لأن إرواء الغريزة الجنسية من أهم مقاصد الزواج، وبالتالي لها تأثيرٌ على استمرار السعادة الزوجية سلبًا وإيجابًا؛ تبعًا لتفهم كلٍّ من الزوج وزوجه لحقوق كلٍّ منهما على الآخر، فضلاً عن عدم الخروج عن حدود الله - تعالى.



عدم تحميل كلٍّ من الزوجين الطرف الآخر ما لا يطيق:

إن مما يعكر صفوَ السعادة الزوجية أن يشعر الرجلُ بعجزه عن القوامة على المرأة، والإنفاق عليها، وعدم استطاعته تلبية مطالبها، وهو الذي يعمل ويشقى يومه كله سعيًا للرزق الحلال، وكذلك فإن مما يثقُل على قلب الزوجة كثرةُ الضغوط عليها داخل منزلها؛ فهي مطالَبة بطهي الطعام، ونظافة البيت، وغسل الملابس وكَيِّها، وتربية الأولاد وتوجيهم ورعايتهم داخل البيت وربما خارجه، هذا فضلاً عن تلبية رغبات الزوج الشرعية، وعدم إهمال حقوقه، وشراء ما يلزمهم جميعًا!



فمَن الذي يُطِيق كل هذا؟

وإننا عندما نتوجَّه بهذه النصيحة للمتزوجين، لا نخص بها الزوج وحده؛ لأنه المسؤول عن السعي والإنفاق، كلا، وإنما نعني بها الزوجة أيضًا؛ لأن كليهما يتحمَّل بصبر ورضا وإحساس بالمسؤولية ما لا طاقة له به، وإن كان هذا فيما هو لا غنى عنه من الاحتياجات الأساسية لاستقرار الحياة الزوجية، وسعادة الأبناء واستغنائهم عن الناس، فإن من الجَوْر وعدم تقدير الأمور أن يحمِّل كلٌّ من الزوجين الطرفَ الآخر مطالبَ إضافية تفوق قدراته، وتُثقِل كاهله، وتحطِّم معنوياته، وتذبذب ثقتَه في نفسه، وتصيبه بالأمراض النفسية والعصبية، ومن ثَمَّ فلا بد على كلٍّ من الزوجين ألا يحمِّل الطرفَ الآخر ما يزيد من ضِيقِه وتبرُّمِه، فلا تطلب الزوجة من زوجها مطالب يَعجِزُ الزوج - لضعف حالته المالية - عن أن يحقِّقها لها؛ لأنه إن فعل فسوف يَستَدِين، وهذا يؤدي قطعًا إلى زيادة الديون، وعجز دائم في ميزانية البيت، وهمٍّ وغمٍّ لا ينقطعان، ومن ثَمَّ ينبغي عدم إرهاقه بما يفوق قدراته المالية، والاكتفاء بالضرورات الملحة إلى حين ميسرة؛ لأن كلَّ ما يرهق الزوج يرهق الزوجة أيضًا تبعًا لذلك.



ولتتذكر قول الله - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((سعادة لابن آدم ثلاث، وشقاوة لابن آدم ثلاث؛ فمن سعادة ابن آدم: الزوجةُ الصالحة، والمركب الصالح، والمسكن الواسع، وشِقْوَة لابن آدم ثلاث: المسكن السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء))[30].



ولتقتدي بصحابيات النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كانت الواحدة إذا أراد زوجها الخروج من البيت، تقول له: إياك والحرامَ؛ فإنا نصبر على الجوع، ولا نصبر على النار، فكوني زوجةً صالحة تُعِين زوجها على الدهر، ولا تعين الدهرَ عليه.



والزوجة الصالحة الذكية حقًّا تستطيع - برجاحة عقلها، وسُمو روحها، وبالقناعة واستغلال المتاح - أن تجعل من بيتها وأسرتها الصغيرة جنَّةً ترفرف السعادةُ على أفرادها جميعًا.



والزوج أيضًا مطالَبٌ بمشاركة الزوجة في بعض أعبائها الكثيرة - سواء في البيت أو خارجه، كلما تيسر له ذلك - للتخفيف عنها، وهذا منه ذكاءٌ وفطنة من جهتين:

الأولى: رفع معنويات الزوجة؛ لإدراكها أن زوجها يقدِّر تعبها وتضحياتها، بمساعدته لها في بعض شؤون البيت ولو كانت يسيرة، فيعينها ذلك على المضي قدمًا بلا كلل أو شكوى في مهمتها كربَّة بيت، تعمل على تثبيت دعائم بيتها لحياة مستقرة سعيدة.



والثانية: كسب احترام الزوجة له، وثقتها فيه، وزيادة تعلقها به، ومن ثم عدم إهمال حقوقه؛ لحرصها على إرضائه وسعادته كما أسعدها، وهذا بلا ريب يزيد من ترابط العَلاقة بينهما على أسس متينة من التفاني والإخلاص، وإنكار الذات... إلخ.



وللزوج في النبي - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة؛ فقد سئلت عائشة - رضي الله عنها -: "ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في البيت؟ قالت: كان يكون في مِهنةِ أهله، فإذا سمع الأذان خرج"[31].



وقال الألباني في آداب الزفاف "ص 218" ما نصه:

"هذا، وليس فيما سبق من وجوب خدمة المرأة لزوجها ما ينافي استحبابَ مشاركة الرجل لها في ذلك إذا وجد الفراغ والوقت، بل هذا من حسن المعاشرة بين الزوجين"؛ اهـ.



ومن ثَمَّ، ينبغي على كلٍّ من الزوجين عدم تحميل الطرف الآخر ما لا يُطِيق، ولهما معًا هذه الآية الكريمة: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7].



إفشاء السلام والبشاشة عند الدخول لمنزل الزوجية:

إن مما يقرِّب القلوبَ، ويزيد من الأُلفة والمحبة بين الزوجين - إفشاءَ السلام، وحسنَ استقبال كلٍّ من الزوج لزوجه عند دخوله منزل الزوجية، ومما ينفرهما ويبعدهما تعمُّد تركِ إفشاء السلام أو نسيانه؛ لأن الشيطان عندئذٍ ينفُثُ سمومه لنشر الحقد والوقيعة؛ لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تدخلون الجنةَ حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أَوَلا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلامَ بينكم))[32].


قال النووي في شرح الحديث ما مختصره:

"وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تدخلون الجنةَ حتى تؤمنوا))؛ فهو على ظاهره وإطلاقه، فلا يدخل الجنةَ إلا مَن مات مؤمنًا وإن لم يكن كامل الإيمان؛ فهذا هو الظاهر من الحديث.



وأما قوله: ((أَفشوا السلام بينكم))؛ فهو بقطع الهمزة المفتوحة، وفيه الحثُّ العظيم على إفشاء السلام وبذلِه للمسلمين كلهم؛ مَن عَرَفت، ومَن لم تعرف... ثم قال:

والسلام أول أسباب التآلف، ومفتاح استجلاب المودة، وفي إفشائه تمكُّنُ أُلفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهارُ شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس، ولزوم التواضع، وإعظام حرمات المسلمين"؛ اهـ.



قلت: وإن كان هذا بين المسلمين، فكيف يكون الحال بين الزوج وزوجه؟!

قال ابن القيم - رحمه الله - في هَدْيه - صلى الله عليه وسلم -عند دخوله إلى منزله[33] ما مختصره: لم يكن - صلى الله عليه وسلم - ليَفْجَأ أهله بَغْتَة يتخوَّنهم، ولكن كان يدخل على أهله على علمٍ منهم بدخوله، وكان يسلِّم عليهم، وكان إذا دخل بدأ بالسؤال، أو سأل عنهم، وربما قال: ((هل عندكم من غداء؟))، وربما سكت حتى يحضر بين يديه ما تيسَّر، ويذكر عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول إذا انقلب إلى بيته: ((الحمد لله الذي كفاني وآواني، والحمد لله الذي أطعمني وسقاني، والحمد لله الذي منَّ عليَّ فأفضل، أسألك أن تُجِيرني من النار))[34].



وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأنس: ((إذا دخلتَ على أهلك، فسلِّم؛ يكنْ بركةً عليك وعلى أهلك))، ثم قال: وصحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا دخل الرجُلُ بيتَه فذكر اللهَ عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مَبِيتَ لكم ولا عشاءَ، وإذا دخل فلم يَذكُر اللهَ عند دخوله، قال الشيطان: أدركتُم المَبِيت، وإذا لم يذكر اللهَ عند طعامه، قال: أدركتم المَبِيت والعَشاء))[35]؛ اهـ.


وبعد هذا الكلام القيِّم لابن القيم - رحمه الله - يُدرِك كلٌّ من الزوج وزوجه الأجرَ العظيم الذي يناله في إفشائه للسلام، والتبسُّم والبشاشة عند اللقاء.



ثم إن استقبال الزوج لزوجه عند دخوله لمنزل الزوجية - مع بشاشة الوجه والتبسم - ليبعث في القلب تفاؤلاً يمحو كل أثرٍ لِهَمٍّ أو غمٍّ يعكِّر صفو العَلاقة الزوجية، ويُعِين كلاًّ من الزوجين على المضي قدمًا لإرساء دعائم السعادة الزوجية.



• وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة..))[36].


احترام وتوقير الأهل والحث على صلة الرحم:

قد يكون أهلُ الزوج أو الزوجة - كالأم أو الأخ أو غيرهما - لا يكفُّون عن الكيد لأحدهما لسبب من الأسباب؛ مما يجعل الزوج أو الزوجة يرفض ذهاب شريكه لزيارة أهله، ويطلب منه القطيعة، وربما تخرج منه كلمةٌ بقصد أو بغير قصد فيها إهانة لهم، تجرح مشاعرَ الطرف الآخر، وهذا كله أمر مرفوض، كما أنه لا يؤدي إلى استقرار الحياة الزوجية، بل إلى فسادها، ويعصف بها ويهدم دعائمها التي تقوم على المودة والرحمة، وينبغي معالجة كل ما يتعلَّق بأهل الزوجين - مهما كانت عداوتهم - بدون تجريح، مع التماس الأعذار لهم، والاتفاق على التزام تعاليم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في علاج المشاكل التي تتعلَّق بالأهل، وفيهما القول الفصل؛ بعيدًا عن الهوى والانتصار للنفس انتصارًا زائفًا على أطلال العَلاقة الزوجية بينهما.



قال - تعالى -: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22 - 23].



وقال الذهبي في الكبائر[37]ما مختصره - وبتصرف يسير -:

"قال الله - تعالى -: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ﴾ [النساء: 1]؛ أي: واتقوا الأرحام أن تقطعوها...، وفي الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يدخل الجنةَ قاطعُ رحم)) [38]؛ فمَن قطع أقاربه الضعفاء، وهجرهم وتكبَّر عليهم، ولم يَصِلْهم ببره وإحسانه وكان غنيًّا وهم فقراء، فهو داخلٌ في هذا الوعيد، محروم من دخول الجنة، إلا أن يتوبَ إلى الله - عز و جل - ويُحسِن إليهم... وإن كان فقيرًا وَصَلهم بزيارتهم والتفقد لأحوالهم... ثم قال:

قال - صلى الله عليه وسلم -: يقول الله - تعالى -: ((الرَّحِم معلَّقة بالعرش، تقول: مَن وصلني وصله الله، ومَن قطعني قطعه الله))[39].


وعن عليٍّ - رضي الله عنه - أنه قال لولده: "يا بُنَي، لا تصحبنَّ قاطعَ رحمٍ؛ فإني وجدتُه ملعونًا في كتاب الله في ثلاثة مواضع"؛ اهـ.



وختامًا:

أسأل الله - تعالى - أن تكون هذه النصائحُ سببًا في إصلاح ما بين الرجل وزوجه، وأن تُعِين كلَّ زوجينِ في بداية حياتهما الزوجية على إدراك سبل السعادة الزوجية، والتماس تعاليم الدين والالتزام بها؛ لأن فيها خيرَ الدنيا والآخرة، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الكريم، وآله وصحبه أجمعين.

سيد مبارك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] - أخرجه مسلم في النكاح ح (1400)، والبخاري في الصوم ح (1905).

[2] - أخرجه مسلم في النكاح ح/1402، والبخاري مثله ح/5074.

[3] - أخرجه البخاري في النكاح ح/5090، ومسلم في الرضاع ح/ 1466.

[4] - أخرجه البخاري في النكاح ح/5245، ومسلم في الرضاع ح/715 واللفظ له.

[5] - انظر صحيح سنن النسائي ح/3227، و آداب الزفاف للألباني ص/60.

[6] - أخرجه الترمذي في النكاح ح/1084، وابن ماجه ح/1967، وصحَّح الألباني إسناده في المشكاة ح/3090.

[7] - انظر تحفة الأحوذي (4/173) في شرح جامع الترمذي.

[8] - انظر زاد المعاد (5/144).

[9] - أخرجه الترمذي، وحسَّن الألباني إسناده في الإرواء ح/1868.

[10] انظر رسالتي: "الوصايا الشرعية للمشاكل الزوجية".

[11] - أخرجه مسلم في الرضاع ح/1469.

[12] - أخرجه مسلم في الكسوف ح/907، والبخاري في النكاح.

[13] - أخرجه أبو داود في اللباس، وانظر: صحيح الجامع ح/6149، والإرواء ح/1269 للألباني.

[14] - أخرجه البخاري في النكاح ح/5199.

[15] - رواه مسلم ح (1468).

[16] - القرآن والطب، د/ محمد وصفي.

[17] - أخرجه الترمذي في المناقب ح/ 3895، وانظر صحيح الجامع ح/3314.

[18] - جزء من حديث أخرجه البخاري في الحيض ح/304، ومسلم في الإيمان ح/80.

[19] - انظر السلسلة الضعيفة للألباني ح/436.

[20] - أخرجه البخاري في الوصايا ح/ 2751.

[21] - أخرجه البخاري في النكاح ح/5193، ومسلم في النكاح ح/1736.

[22] - أخرجه مسلم في الحيض ح/293، والنسائي في الحيض والاستحاضة ح/373.

[23] - الإيلاء لغة: الحَلِف، وشرعًا: الامتناع باليمين من وطء الزوجة، والأصل فيه قوله - تعالى -: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ﴾ [البقرة: 226]؛ فإنها نزلتْ لإبطال ما كان عليه الجاهلية من إطالة مدة الإيلاء، فإنه كان الرجل يولي من امرأته سنة وسنتين؛ فأبطل الله - تعالى - ذلك، وأنظر المُولِي أربعة أشهر، فإما أن يفيء أو يطلِّق...، وانظر: سبل السلام للصنعاني (1/164).

[24] - والقصة صحيحة، وانظر: إرواء الغليل للألباني ح/2016.

[25] - القرآن والطب، د/ محمد وصفي.

[26] - قال الألباني: أخرجه أصحاب "السنن"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والدارمي، والحاكم، والبيهقي، بإسناد صحيح على شرط البخاري، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وابن دقيق العيد، وابن التركماني، وابن القيم، وابن حجر العسقلاني؛ كما بيَّنته في "صحيح سنن أبي داود" - ح/264 "، وانظر: الإرواء ح/197.

[27] - انظر: صحيح سنن أبي داود للألباني ح/2162.

[28] - أخرجه مسلم في النكاح ح/1435، والبخاري نحوه في التفسير ح/4521، واللفظ لمسلم.

[29] - رواه ابن شاهين كما قال ابن الملقن في البدر المنير (7/655)، ولفظ صحيح الجامع (934): ((استحيوا؛ فإن اللهَ لا يستحيي من الحق، لا يحل مأتى النساء في حشوشهن))

[30] - انظر: صحيح الجامع ح/3629.

[31] - أخرجه البخاري في النفقات ح/5363.

[32] - أخرجه مسلم في الإيمان ح/54.

[33] - انظر زاد المعاد لابن القيم (2/347).

[34] - انظر: السلسلة الصحيحة للألباني ح/3444.

[35] - أخرجه مسلم في الأشربة ح/2018، وأبو داود في الأطعمة ح/3765.

[36] - جزء من حديث أخرجه الترمذي في البر والصلة ح/1956، وانظر: صحيح الجامع ح/2908.

[37] - الكبائر للذهبي - الكبيرة التاسعة: هجر الأقارب.

[38] - انظر: صحيح سنن أبي داود ح/1696.

[39] - انظر: صحيح الجامع 3549.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..