طالعتنا الصحف الأيام الماضية بمقالات
وأخبار عن حديث الرئيس الفرنسي عن المرأة السعودية , ثم تلتها
الزيارة التي قام
بها رئيس الوزراء البريطاني كاميرون لدار الحكمة "والتي ليس لها صبغة رسمية
لتحظى باهتمام فخامته" .
لا أدري ما هذا الحب الذي هبط على قلبي رئيسي
الحكومتين الفرنسية والبريطانية ليناقشوا قضايانا هنا وما سر هذا الاهتمام العجيب
؟
توقعت أن يكون للمرأة السورية نصيب من هذه
الاهتمامات عندهما , أو حتى المرأة العراقية أو الفلسطينية بل وحتى الإيرانية ,
ناهيك عن حقوق المرأة الفرنسية والبريطانية .
هناك نساء كُثر على وجه الكرة الأرضية ,
فيهن الأسيرة , والمعنفة , والجائعة , والأمية , ومن يتاجرون بجسدها , والمتشردة ,
والمعاقة , والمريضة والكثير الكثير من المشاكل التي تعاني منها المرأة في تلك
البلدان , ولكن لا نسمع ولا نقرأ إلا الحديث عن "المرأة السعودية" , أصبحت
حديث العالم لأنها وباختيارها : لا تريد تلك الحقوق الوافدة عليها , والتي لا
تتوافق مع شريعتنا , ولا أعرافنا ولا موروثنا وثقافتنا , تلك الحقوق التي كشف
زيفها ما تعانيه المرأة الغربية في تلك البلدان .
فلماذا فقط التركيز على هذه المشاكل التي
لا تشكل أهمية كبيرة , مقارنة بمعاناة نساء أهل الأرض جميعا ؟
لم يسبق أن رأينا وفود رسمية تزور نساء
أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا , ولم يبقى سياسي ولا إعلامي غربي أو شرقي إلا ودس
أنفه في الحديث عن المرأة السعودية , حتى في الأزمة السورية لم تسلم هذه المرأة من
النقد اللاذع لها من قبل الإعلام السوري والشماتة بها بكل صفاقة وخبث , بل وحتى
الإعلام الإيراني الذي يعلق نساءه على المشانق ويحرمهن من أبسط حقوقهن لا يتحدث
إلا عن حقوق المرأة السعودية .
وبما أن المجال أصبح مفتوحا للجميع ليطالب
بحقوق المرأة السعودية , فهناك أمنية وهي حديث يخصنا به رئيس الوزراء التركي رجب
طيب أردوغان , فجميع من ذكرتهم أعلاه قوم يقولون ما لا يفعلون , ففرنسا بلد الحرية
تضيق على مواطناتها الفرنسيات في طريقة حجابهن فلا يسمح للمحجبة بالدراسة أو العمل
وهي ترتديه ! ولا تستجيب هذه الحكومة لمظاهراتهن المتكررة للمطالبة بزيادة الأجور
التي تفصلها عن زميلها الرجل بانخفاض 27% وهي من تقوم بوظيفتين الأسرة والدوام
الكامل , وبريطانيا لم تستطع حتى الآن مساواة الرواتب النسائية بالرجالية وهم يشغلون
ذات المنصب ونفس ساعات العمل , ولا تستطيع حماية البريطانيات من تزايد حالات العنف
والجريمة ضدهن .
أما النظام السوري فيكفي أنه أكبر مجرم
اساء للمرأة السورية , باغتصاب وقتل وتشريد وسجن وتجويع , وإيران مثلها , لكن سأثق
بكلام الطيب أردوغان عن المرأة السعودية , لسبب أنه حكم بلدا علمانية كانت تضيق
على النساء التركيات بحجة فصل الدين عن الدولة , ولسنوات طويلة كانت المرأة
التركية لا تتحجب في أماكن عملها ودراستها بسبب هذه القرارات المجحفة .
ثم يمن الله على هذه الدولة أن يتولى
رئاستها رجل زوجته تلبس الحجاب ولا تصافح الرجال , ولا تقدم على موائده الخمور ,
ثم شيئا فشيئا أعاد للمرأة التركية حقوقها في العلم والوظيفة وأن تكون بحجابها , ووضع
قوانينه بترتيب بعيدا عن عشوائية القرارات .
عاد الحجاب لتركيا بكل هدوء وبدون تصادم
مع المجتمع لأنه مجتمع إسلامي بفطرته فرضت عليه أشياء كان يكرهها , وهذا ما جعلني
أرحب بأي زيارة يكون الضيف فيها أردوغان وأن تلتقي زوجته بنساء السعودية في دار
الحكمة أو غيرها , فهو أكثر قبولا وصدقا عندي من دول ينطبق عليها مقولة (باب
النجار مخلع)!
مشاكل المرأة السعودية شرقت وغربت وحلولها
هنا في بلدنا نحن من نناقشها ونحن من نطرح حلولها , فلا نريد توصية فرنسية ولا
أفكار بريطانية ولا النظر للمرأة السعودية فقط من بوابة مدينة جدة , بل توسيع هذه
النظرة لتربط شمال المملكة بجنوبها وغربها بشرقها ويجمعها الوسط .
ابحثوا عن هذه الحقوق والمطالب من باب كيف
أوفر لهذه المرأة كل حقوقها بنظام إسلامي وحقوقي , وكيف أسن القوانين التي تنصفها
وكيف أوفر بيئات عمل ملائمة لها تحفظ كرامتها وتصونها في بلدها لتساهم في رقيه , فكل
حل يجب أن يسبقه تخطيط وتفكير , ويقابله قبول مجتمعي ووعي وإلا ستكون حلولا هشيمة
تذروها الرياح .
ليلى الشهراني
مقال رائع ..
ردحذفبارك الله فيمن كتبة وفيمن نقلة
وقد شاركت بمقالك من ضمن مقالاتي في صحيفة بارق الالكترونية لهذا الأسبوع ..
http://www.baareq.com.sa/index.php
سينزل يوم السبت أن شاء الله 25/12/1433هـ
وفيكم يبارك الرحمن ، وجزاكم الله خيرا
ردحذف