الخميس، 8 نوفمبر 2012

أردوغان ,,, وحديث عن المرأة السعودية

طالعتنا الصحف الأيام الماضية بمقالات وأخبار عن حديث الرئيس الفرنسي عن المرأة السعودية , ثم تلتها
الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني كاميرون لدار الحكمة "والتي ليس لها صبغة رسمية لتحظى باهتمام فخامته" .
لا أدري ما هذا الحب الذي هبط على قلبي رئيسي الحكومتين الفرنسية والبريطانية ليناقشوا قضايانا هنا وما سر هذا الاهتمام العجيب ؟
توقعت أن يكون للمرأة السورية نصيب من هذه الاهتمامات عندهما , أو حتى المرأة العراقية أو الفلسطينية بل وحتى الإيرانية , ناهيك عن حقوق المرأة الفرنسية والبريطانية .
هناك نساء كُثر على وجه الكرة الأرضية , فيهن الأسيرة , والمعنفة , والجائعة , والأمية , ومن يتاجرون بجسدها , والمتشردة , والمعاقة , والمريضة والكثير الكثير من المشاكل التي تعاني منها المرأة في تلك البلدان , ولكن لا نسمع ولا نقرأ إلا الحديث عن "المرأة السعودية" , أصبحت حديث العالم لأنها وباختيارها : لا تريد تلك الحقوق الوافدة عليها , والتي لا تتوافق مع شريعتنا , ولا أعرافنا ولا موروثنا وثقافتنا , تلك الحقوق التي كشف زيفها ما تعانيه المرأة الغربية في تلك البلدان .
فلماذا فقط التركيز على هذه المشاكل التي لا تشكل أهمية كبيرة , مقارنة بمعاناة نساء أهل الأرض جميعا ؟
لم يسبق أن رأينا وفود رسمية تزور نساء أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا , ولم يبقى سياسي ولا إعلامي غربي أو شرقي إلا ودس أنفه في الحديث عن المرأة السعودية , حتى في الأزمة السورية لم تسلم هذه المرأة من النقد اللاذع لها من قبل الإعلام السوري والشماتة بها بكل صفاقة وخبث , بل وحتى الإعلام الإيراني الذي يعلق نساءه على المشانق ويحرمهن من أبسط حقوقهن لا يتحدث إلا عن حقوق المرأة السعودية .
وبما أن المجال أصبح مفتوحا للجميع ليطالب بحقوق المرأة السعودية , فهناك أمنية وهي حديث يخصنا به رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان , فجميع من ذكرتهم أعلاه قوم يقولون ما لا يفعلون , ففرنسا بلد الحرية تضيق على مواطناتها الفرنسيات في طريقة حجابهن فلا يسمح للمحجبة بالدراسة أو العمل وهي ترتديه ! ولا تستجيب هذه الحكومة لمظاهراتهن المتكررة للمطالبة بزيادة الأجور التي تفصلها عن زميلها الرجل بانخفاض 27% وهي من تقوم بوظيفتين الأسرة والدوام الكامل , وبريطانيا لم تستطع حتى الآن مساواة الرواتب النسائية بالرجالية وهم يشغلون ذات المنصب ونفس ساعات العمل , ولا تستطيع حماية البريطانيات من تزايد حالات العنف والجريمة ضدهن .
أما النظام السوري فيكفي أنه أكبر مجرم اساء للمرأة السورية , باغتصاب وقتل وتشريد وسجن وتجويع , وإيران مثلها , لكن سأثق بكلام الطيب أردوغان عن المرأة السعودية , لسبب أنه حكم بلدا علمانية كانت تضيق على النساء التركيات بحجة فصل الدين عن الدولة , ولسنوات طويلة كانت المرأة التركية لا تتحجب في أماكن عملها ودراستها بسبب هذه القرارات المجحفة .
ثم يمن الله على هذه الدولة أن يتولى رئاستها رجل زوجته تلبس الحجاب ولا تصافح الرجال , ولا تقدم على موائده الخمور , ثم شيئا فشيئا أعاد للمرأة التركية حقوقها في العلم والوظيفة وأن تكون بحجابها , ووضع قوانينه بترتيب بعيدا عن عشوائية القرارات .
عاد الحجاب لتركيا بكل هدوء وبدون تصادم مع المجتمع لأنه مجتمع إسلامي بفطرته فرضت عليه أشياء كان يكرهها , وهذا ما جعلني أرحب بأي زيارة يكون الضيف فيها أردوغان وأن تلتقي زوجته بنساء السعودية في دار الحكمة أو غيرها , فهو أكثر قبولا وصدقا عندي من دول ينطبق عليها مقولة (باب النجار مخلع)!
مشاكل المرأة السعودية شرقت وغربت وحلولها هنا في بلدنا نحن من نناقشها ونحن من نطرح حلولها , فلا نريد توصية فرنسية ولا أفكار بريطانية ولا النظر للمرأة السعودية فقط من بوابة مدينة جدة , بل توسيع هذه النظرة لتربط شمال المملكة بجنوبها وغربها بشرقها ويجمعها الوسط .
ابحثوا عن هذه الحقوق والمطالب من باب كيف أوفر لهذه المرأة كل حقوقها بنظام إسلامي وحقوقي , وكيف أسن القوانين التي تنصفها وكيف أوفر بيئات عمل ملائمة لها تحفظ كرامتها وتصونها في بلدها لتساهم في رقيه , فكل حل يجب أن يسبقه تخطيط وتفكير , ويقابله قبول مجتمعي ووعي وإلا ستكون حلولا هشيمة تذروها الرياح .



ليلى الشهراني

هناك تعليقان (2):

  1. هيفاء الأمير9 نوفمبر 2012 في 2:26 ص

    مقال رائع ..
    بارك الله فيمن كتبة وفيمن نقلة
    وقد شاركت بمقالك من ضمن مقالاتي في صحيفة بارق الالكترونية لهذا الأسبوع ..

    http://www.baareq.com.sa/index.php

    سينزل يوم السبت أن شاء الله 25/12/1433هـ

    ردحذف
  2. وفيكم يبارك الرحمن ، وجزاكم الله خيرا

    ردحذف

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..