أعلم تماما حجم الغضب لدي الكثير من المصريين من
حالة التخبط التي تتبعها الاجهزة الامنية في دبي بالإمارات العربية المتحدة واعتقال
14 مصريا من الصحفيين والمهندسين والأطباء الذين ذهبوا ليخدموا اشقائهم هناك
فأصبحوا في السجون بتهم معلبة (علي طريقة أمن الدولة) ، مثل مزاعم " قيامهم بإدارة
تنظيم يتمتع بهيكلة تنظيمية واجتماعات سرية وجمع معلومات سرية وأسرار الدفاع عن الدولة
" !.
وأعلم بالمقابل أن جزءا كبيرا من حجم القلق
الاماراتي والخليجي عموما من مصر يأتي من تخوفهم من تصدير الثورة والصحوة (الربيع)
العربية اليهم ، وأن هذا الهوس الأمني في دبي تحديدا له أساس منطقي يتعلق بكون دبي
عبارة عن سوق تجاري خدمي كبير أو (مول تجاري) يتأثر بسرعة من أي خلل أمني لأنه
يمكن أن يدمر هذا السوق ويدفع الاستثمارات للهرب منه، ولهذا لديهم حساسية أمنية يغذيها
أن ضباط أمن دولة مصريون هم الذين أسسوا أجهزة الامن هناك .
دوافع هذا القلق من جانب دبي تحديدا – بخلاف بقية
الامارات – والذي يدفعها لمعاداة الرئيس مرسي والإسلاميين عموم لخصه بدقة المفكر
الأمريكي اليهودي (نعوم تشومسكي) في ندوة سياسية بجامعة كولومبيا بنيويورك أول أمس
في ثلاثة أمور أساسية .
(الأول) هو قلق دبي من مشروع تطوير إقليم قناة السويس
الذي يتبناه مرسي لأنه سيحول القناة لأفضل من دبي ويصبح كارثة لاقتصاد الأمارات وخاصة
دبي ، لأن اقتصادها خدمي وليس إنتاجيا يعتمد على الموانئ البحرية (بعكس بقية
الامارات التي بها نفط) ، كما إن موقع قناة السويس الإستراتيجي الدولي أفضل من مدينة
دبي المنزوية داخل الخليج العربي الذي يمكن غلقه إذا ما نشب صراع مع إيران .
و(الثاني) أن دبي هي أكثر دولة عربية تعتمد سياسيا
ومخابراتيا على الموساد الإسرائيلي والمخابرات الأمريكية وطبيعي أن يقلقها أي نشاط
أو صحوة إسلامية ، و(الثالث) أن هناك قلق إماراتي من التقارب
المصري التركي ومن الزخم التركي وراء الثورة السورية ، لأنه سيؤدى مستقبلا إلى فتح الأبواب
التجارية الأوروبية للمنتجات السورية والمصرية، وتصبح الحاجة إلى مشاريع أعمار منطقة
قناة السويس بمثابة اللطمة للاقتصاد الإماراتي الخدمي ، وهذا أحد أسباب مساندة دبي
للثورة المضادة ضد الثورة المصرية والجيش السوري الحر والرغبة في إفشال التواصل المثمر
والبناء بين تركيا ومصر لأنه إذا تمكنت مصر من تنفيذ هذا المشروع العملاق في منطقة
قناة السويس، ستنتقل إلى مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا .
بعد هذا التوضيح يجب أن ندرك أن هناك أطراف خارجية
وأخري من فلول النظام السابق تزكي هذا الخلاف وتعمقه بين القاهرة ودبي ، وبعض
التسريبات من دبي تلمح لموجة تصعيد أخري بعد اعتقال المصريين هناك قد تتضمن توجيه
التهم لشخصيات إخوانية قيادية في مصر بزعم أنها تقف وراء التنظيم السري المزعوم
الذي يتحدثون عنه ! .
والحل العاجل الذي لا يجب أن ينتظر في تقديري هو أن
تسعي الشقيقة الكبري مصر لحوار مباشر مع القيادة الأم في "أبو ظبي"
خليفة الشيخ زايد ، لطمأنتها أولا أن مصر لا تريد تصدير الثورة ، وأن نهضة مصر
لصالح كل العرب وليست ضد أحد وأن يتم طرح مشاريع تعاون مشترك وتكامل بين مواني دبي
ومنطقة قناة السويس الجديدة .
اقترح بوضوح أن يتم ترتيب زيارة لوفد مصري علي
مستوي عال للقاء الشيخ زايد والقادة هناك أو لقاء قمة في أقرب فرصة لتدارك هذا
الانهيار للعلاقات لو استمر تصعيد الأزمة وما سيترتب عليه من أضرار علي الامارات
وعلي المغتربين المصريين هناك ، وأن نحتضنهم ونذيل شكوكهم بمزيد من التواصل أو عبر
خلية أزمة ، ثم يتم إطلاق سراح المعتقلين المصريين بصورة عاجلة .
محمد جمال عرفة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..