الخميس، 24 يناير 2013

التحكّم بالأحاسيس غيّر واقعك من داخلك!


عزيزي القارئ: ضمن موضوع مبادئ التحكّم في الأحاسيس حدّثنا الدكتور إبراهيم الفقي في مقالة عدد مايو عن الاتزان الروحاني واختتمنا تلك المقالة
بفكرة: احتفظ بالمهارة وتخلّ عن الأحاسيس السلبية. وبعد تلك المبادئ مضينا في المقالة الماضية (في عدد يوليو-تموز) إلى "كيف أتعامل مع أحاسيسي؟" ونتابع الآن مع: التحكّم بالأحاسيس.
لن تستطيع تغيير الواقع, لكنك تستطيع تغيير إدراكك للواقع فيتغير الواقع, ثم يحدث الاسترخاء والابتسامة الداخلية.
التحكم في فسيولوجيا الجسم:أ‌- التنفس: المخ يتغذى على الأكسجين, فهو يستهلك 33% من كمية الأكسجين الداخلة إلى الرئتين.
ب‌- تحركات الجسم وتعبيرات الوجه, فإذا فكّرت في مشكلة تشغل بالك, خذ شهيقاً عميقاً ببطء, ثم ادفع الزفير بقوة ثلاث مرات, وارسم تعبيرات السعادة والفرح على وجهك, وتذكر شيئاً أو شخصاً يجعلك سعيداً, ثم عُد للتفكير في المشكلة, وستجد نفسك أقدر على حلها.
لذا يرشدنا النبي صلى الله عليه وسلّم إلى تغيير وضع الجسم, فإن كنت واقفاً فاجلس, وإن كنت جالساً فارقد, وتوضأ, فتغيير وضع الجسم يؤدي إلى الاسترخاء والابتعاد عن الأفكار السلبية.
التعامل مع الإحساس: فالأحاسيس تخاطبنا وتحمل لنا رسائل, سل نفسك : لماذا يساورني هذا الإحساس؟ لِمَ أنا غاضب؟ وما الفكرة التي ولدت هذا الإحساس؟ فإذا كان الإحساس سلبياً, فقد ولدته أفكار سلبية, عليك تغييرها, كيف تستخدم هذا الإحساس؟
كل هذه الأسئلة تصدر عن العقل التحليلي, وبالتالي حين تسألها لنفسك فأنت تحولها إلى مهارة وقوة.
ماذا تفعل لتختفي الأحاسيس السلبية؟
ارجع إلى نقطة البدء, غير هيئة جسمك, غير تعبيرات وجهك, اضبط تنفسك, ركّز على الحل, تحمل مسؤولية الإحساس الذي يخالجك, فأنت السبب في الشعور به, إن لم تتحكم في هذا الإحساس سيزيد ويتسع من نفس نوعه وسيخزن على تلك الصورة التي لا تناسبك.
تغيير الواقع والتخيل الابتكاري:
بفرض أنك قد أعددت نفسك, لحضور اجتماع ما وإلقاء كلمة فيه, وعندما حضرت الاجتماع كان أداؤك وتلقائياتك سلبية..
خرجت من الاجتماع وأنت تشعر بالضيق والحزن, وخزنت هذه التجربة, فإذا حدث بعد ذلك موقف مشابه, فإن العقل يفتح لك الملف الذي خزنت فيه التجربة السابقة. ومن هنا تتولد لديك الرهبة الاجتماعية من الاجتماعات؛ لأنه قد فتح هذا الملف ولم يتم إغلاقه. فإن تعلمت تغيير الواقع بالتخيل, بأن ترجع إلى الماضي بالساعة النفسية, وتفتح هذا الملف وتغير تعبيرات وجهك وتحركات جسمك بالطريقة التي كنت تفضل أن تحدث, وتغير معدل تنفسك وكلامك الذي كنت تنوي قوله, وتكون من ذلك أحاسيسك وتربطها به, وبهذا تغير إدراكك للواقع, وعندما يفتح العقل هذا الملف سيجد أن هناك إدراكاً وأحاسيس جديدة, ثم تخيل نفسك في المستقبل واستخدم هذه الأحاسيس القديمة أو الجديدة, وسيختار بينها الأحاسيس الأقوى التي ارتبطت بأفكار قد ألححت عليك وكررتها.
فمغزى هذه العملية هو تغيير الإدراك لتغيير الواقع, فأنت تزود العقل بإدراك جديد, ليعطيك إدراكاً جديداً, فأنت قد كسرت وحطمت الحالة الأولى, ثم وضعت إلى جوارها حالة جديدة, وبتصميمك على الحالة الجديدة تتكون عادات جديدة, وتختفي الحالة القديمة والعادات المرتبطة بها, فعليك أن تخزّن في ملفاتك العقلية ما ترغب فيه ويعود بالنفع عليك ويطور حياتك.
تذكّر أي تحد اعترضك في الماضي, وتذكر تفاصيله, وعش أحداثه كأنه يقع الآن, وانظر إلى أي مدى سوف يضايقك؟ ثم خذ شهيقاً عميقاً, وانظر حولك, هذا نسميه " كسر الحالة" أي اخرج من الحالة السلبية, ولا تبن حالة على أخرى ؛ لأنه من الممكن أن تكون الحالة الأولى سلبية فتؤثر سلباً على ما يليها من حالات, سل نفسك" إذا عدت إلى الماضي هل ستتصرف بنفس الطريقة؟
أغلق عينيك, وتخيل نفسك في الماضي وغيّر كل ما تريد تغييره : تعبيرات وجهك, وهيئة جسمك, ومعدل تنفسك, وحدّث نفسك بطريقة أفضل, ثمّ انتقل إلى المستقبل وضع نفسك في موقف مشابه, واسلك وتصرّف بنفس الطريقة الجديدة التي ترغب فيها, حتى تشعر بالسعادة, ثم عد إلى الحاضر وخذ شهيقاً عميقاً ببطء, ثم ادفعه من صدرك بقوة, ثم فكّر فيما كان يضايقك, وانظر ماذا تشعر نحوه.
إنّ تغيير الماضي في الواقع من أقوى الأساليب التي من الممكن أن تصنع تغييراً في حياتك. إنّ كل النظريات الحديثة تقوم على اكتشاف إستراتيجيات الناجحين وتدريسها وتعليمها للناس, فهي تقوم على تمثيل النموذج البشري المتميز.


الدكتور إبراهيم الفقي
المدرّب العالمي ورائد التنمية البشرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..