الأحد، 27 يناير 2013

العلمانيون يحتفلون بالمولد



03-13-1434 10:33
ليس مفاجئاً أن يبعث علماني إلى صوفي تهنئة بذكرى مولد الرسول – صلى الله عليه وسلم – , وليس مدهشاً أن يغرد الرئيس التونسي العلماني منصف المرزوقي بتهنئته بمناسبة المولد . والمدهش في هذا أن يكون مدهشاً. العلمانية تحتفل بالمولد ,وهذا التقارب لم يكن وليد التاريخ , إنما وليد الحداثة وما بعدها , حيث تزدهر الأيديلوجيا الجديدة بكل تنوعها وتقاربها وتنافرها وتقاطعها النفعي.

العلمانيون يحتفلون بالمولد العلمانية وعتْ مؤخراً على تطورات التصوف الحاضن لفكرة الاحتفال بالمولد والراعي لكل طقوسه , وما ينطوي عليه من رمزيات قابلة للاستقطاب والتأويل والاستثمار في حقول غير روحية ,سيما أن التصوف غير معنيّ بالشريعة وأهليتها على الأشراف على أمور الناس , إذ نظرية التصوف الطرقي والفلسفي تمضيان في خطين متوازيين باتجاه إهمال هذا المحور المحايد إزاء تطبيق الشريعة من عدمه.
الأنظمة العلمانية استثمرت روحانية التصوف بوصفها غفلة عن جوانب أخرى للدين بإمعانها في الدرس الروحاني الذي يتطلع إلى السماء حدّ الغفلة عن الأرض بإسلامها وكفرها وإسلاميتها وعلمانيتها.التصوف الطرقي دراويشي منغمس في العبادة الطربية في حالة من رفض علني للسنة المحمدية ما يعني أن ثمة ابتكار مجدياً ومقبولاً لا يعبر بالشريعة ,قافزاً عليها أو ملتفاً بها ,وهذا جانب يدعم الخيار العلماني وأعني الالتفاف على المعطى الظاهر للشريعة.
أما التصوف الفلسفي فتصوف النخبة التي تباشر النظرية الروحية ,وتضع لها قواعد فكرية خاصة وجديدة على التصوف بوصفها عبادة محضة ,ويتمحور حول مفاهيمها المركزية فرضية أن التصوف حالة تُعتنق لا تَعتنق لتعطي مفهوم الاستقلالية النظرية عن الإسلام ,وتعبّر عنه في الآن ذاته, ما ييسر على العلمانية تأويل الإسلام والشريعة تأويلاً علمانياً فضلاً عن صوفية وحدة الوجود التي تلغي محددات الله وبالتالي شريعته.


الرئيس التونسي في تغريدته هنأ بالمولد من حسابه الشخصي بمعنى أنه في مباشرته لمتابعيه كان يعبّر بوصفه منصف المرزوقي ,لا بوصفه رئيساً لتونس ما يشي بأنه علماني يعتنق المناسبة بكل رمزيتها للإبقاء على علمانية بن علي المدعومة من التصوف والمولد.
جميع الأنظمة العلمانية الحاكمة بلاداً مسلمة تراهن على التصوف فالنقشبندية تدير الشأن الديني في سوريا والقادرية تديره في المغرب... بل إن بعض زعاماتهم يدّعون الاتصال المباشر بالنبي اتصالات تفيد أن النبي لم يبلغ هؤلاء الأقطاب أي انتقادات للعلمانية الحاكمة ما يؤكد أهليتها حتى الروحية والشرعية بديلاً عن سنة المحتفَل بمولده.يشتد التحالف الروحي بين الصوفي والعلماني ضد السلفية التي تتمحور حول الاتباع وتطبيق السنة والشريعة , حيث يتصديان لها للحفاظ على بدعة التصوف وبدعة العلمانية. الأولى تستمد سيادتها الدينية من الثانية التي تكثف من التصوف ورمزياته التي تفرّغ شخص النبي من أبعاده الشرعية والحركية والجهادية ,وتؤطره بإطار إنساني منقوص ذي ثغرات مفتعلة ينفذ منها المشروع العلماني بأكمله.الصوفي علي الجفري أكد يوماً أنه مع العلمانية مؤقتاً في بلاد الإسلام وكأنه يجد الحل بعيداً عن شريعة الرسول ما يعني نقصها , وهي التي أكدت أنها صالحة لكل زمان ,وكأن الجفري وأتباعه يكملون النقص بالاحتفال بالمولد.
الجفري وأتباعه يصفون النبوة بالنور (وهي كذلك) , ولكني لا أدري أي نورٍ يشرق وهو ناقص في خلفية اعتقادهم وممارساتهم. لا يُعرف في حاضرنا أن هناك طرقاً صوفية غضبت لتفعيل الشريعة , لأنهم يؤمنون بمحمدٍ النبي وليس النبي محمد, وهذا ما يطرب له العلماني ويحتفل بغفلتهم احتفاله بالمولد.

السلفية تحتفل بالرسول والصوفية والعلمانية يحتفلون بمولده فقط .
...................المثقف الجديد




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..