أمس اتصل بي ثلاث من الشخصيات المحترمة المقربة من جماعة الإخوان،
من ثلاث محافظات مختلفة ومتباعدة، وكان حديث كل منهم يعطي إحساسًا
بالخصوصية الشديدة والسرية للمعلومات التي سيدلون بها، كل منهم يفضي إليّ ـ
بشكل مفاجئ ـ بأسرار إقالة خالد علم الدين مستشار الرئيس، وكل منهم ينقل
كلامه عن "مصادر عليا" وجهات موثوق منها ومعلومات أكيدة، عن الأسباب
الحقيقية غير المعلنة لإقالة علم الدين، والغريب أن كلًا منهم حكى لي سببًا
مختلفًا تمامًا عن السبب الذي حكاه الآخر عن مصادره الوثيقة والرفيعة،
وإذا جمعت الأسباب الثلاثة التي حكاها كل منهم فإنك ستكون أمام شخصية "صبري
نخنوخ" أسطورة البلطجة والكباريهات والفساد في مصر، وليس أمام شخصية
مستشار للرئيس أو حتى مواطن عادي، وكنت مضطرًا إلى أن أقول للثلاثة إن
ماكينة الأكاذيب وبث الشائعات وتشويه الخصوم بدأت تنشط من جديد، وكنت أظن
تلك الآفة قد انتهت بانتهاء العمل السري وتولي مسؤولية إدارة دولة، وكانت
تلك الطريقة هي التقليدية في عمليات تشويه وتدمير كل خصوم الإخوان، عملية
تلغيم الأجواء من حولهم ببث شائعات في كل الأوساط التي تحتك بهم أو تعرفهم،
بصورة سرية وغير معلنة ودؤوبة، لتدمير الشخص وتدمير سمعته وتدمير مستقبله
المهني أو السياسي، وتزداد ضراوة ماكينة التشويه وتدمير السمعة إذا كان
الشخص عضوًا بالجماعة وتركها من أجل حماية أعضاء الجماعة من التأثر بأسباب
خروجه أو أفكاره، وتزداد الضراوة عنفًا ووحشية إذا كان هذا الذي غادر
الجماعة قياديًا بارزًا فيها، وقد عايشت بنفسي طرفًا مما حدث لشخصية رفيعة
المقام تركت الجماعة قريبًا، ولديهم قاعدة مدهشة جدًا صكت بحيث تنغلق
العقول عليها تمامًا وهي "أن الجماعة تنفي خبثها" فكل من خرج من الجماعة
"خبيث" ويبقى الاجتهاد محصورًا في تفسير نوع هذا "الخبث"، ومستحيل أن يرد
على خاطر عضو الجماعة العكس، أن تكون الجماعة أخطأت أو أن يكون لخروج الشخص
ما يبرره، لا يجرؤ العقل على تأمل تلك الفرضية أبدًا بل ويستعيذون بالله
منها كوسوسة الشيطان، وأذكر أن قيادة سياسية رفيعة الآن في أحد الأحزاب
الكبيرة كان عضوًا قياديًا بالجماعة وتركها قبل سنوات ليست بالقليلة قال لي
خلال جلسة بوح: إنني أتعاطى ستة أنواع من الأدوية بسبب الأمراض التي سببها
لي الإخوان بعد أن تركتهم، والخطير في هذا الأسلوب أنه يستبيح الأعراض
وشرف الناس بالدس سرًا وتمرير الشائعات بطريقة العارفين ببواطن الأمور
ولكنهم يتعففون عن التفصيل فيها!!، دون أن يجرؤا على الإعلان أو الحديث
الصريح أو مواجهة من خاضوا في أعراضهم وجهًا لوجه، لأن الأمر ببساطة مجرد
افتراءات واستباحة للكذب واستحلال للأعراض لأن مصلحة الجماعة تقتضي ذلك،
وهم يتعبدون برميك بالبهتان والزور وتتخدر ضمائرهم بذلك، وكنت أتمنى أن
يربأ بنفسه الدكتور محمد البلتاجي أن يتورط في عرض أخيه علم الدين أمس على
الهواء ويلمح بشكل غير لائق أن لديه معلومات عن هذه الاتهامات، ولا نعرف من
أين اطلع على هذه المعلومات من رئاسة الجمهورية أو من أجهزة الدولة، ما هي
صلاحياته القانونية والدستورية التي تسمح له بالاطلاع على ذلك إن كان
كلامه صحيحًا، وإذا كان عاجزًا ـ كما يقول ـ عن أن يفصل في دقة الكلام
ومتشكك في صحته من عدمه، فلماذا تلوك عرضه بلسانك على الهواء بهذه البساطة،
وهل إذا تحدث آخرون عن عرضك وشرفك الآن وأن لديهم معلومات يتحققون منها في
كذا وكذا يكون ذلك مشروعًا خلقًا ودينًا وقانونًا يا دكتور محمد، كنت
أتصور ألا يتورط مثلك في هذه الممارسات البغيضة للتشهير بالخصوم، كنت أتصور
أن تتسامى على هذه الأساليب التي لا تليق بتاريخك، على كل حال، على
الدكتور خالد علم الدين أن يستعد لاستقبال أمواج سرية عاتية من ماكينة
الشائعات التي بدأت تنشط في أعقاب الجدل الذي وقع بسبب إقالته، ويذهلك أن
تلك الماكينة تنشط سرًا في نفس الوقت الذي يبدون فيه ـ في العلن ـ حرصهم
على إصلاح ذات البين.
المصريون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..