محمد صالح المسفر
|
من يتابع الصحافة الخليجية والحوارات التلفزيونية التي تجري على تلفزة أجنبية يشعر بالخوف على هذه المنطقة المهمة من العالم العربي والإسلامي.
في الكويت أزمة سياسية ودستورية واجتماعية تحركها قوى محلية، البعض منها وطني يرغب في أن تكون الكويت نموذجا لحرية الفكر والقول وحقا مقننا للمشاركة السياسية ورقابة برلمانية صادقة، هذا البعض يريد أن يكون أمير البلاد حكما بين المختلفين لا طرفا في الاختلاف.
يريد انتخابات برلمانية حرة نزيهة يتنافس المواطنون فيما بينهم من يكون ممثلا لهم ونائبا عنهم في البرلمان (مجلس الأمة) يعمل لمصلحة الأمة لا مصلحة طائفة أو عشيرة أو غير ذلك.
البعض الآخر على نقيض الأول يريد أن تكون الكويت تابعا لفئة أو طائفة أو جهة تنظر إلى خارج الحدود بقصد إلحاق الكويت بتلك المكونات، طموحها أن تكون الكويت تابعة في نهجها لا متبوعة تعمل لغير أهداف أمتنا العربية.
نريد كويت خاليا من النهج الطائفي، بعيدا عن التبعية والتزمت المذهبي الطائفي، نريد حكومة تبحث في مطالب الشعب لتحقيقها لا لتحصين الحكومة من المساءلة.
(2)
في مملكة البحرين اضطرابات وقتل شرطة وقتل مواطنين وقطع طرقات ومحاولات تفجير جسر الملك فهد الذي يربط بين المملكتين السعودية والبحرينية وتعطيل حركة الإنتاج ومصالح الناس، غاب البصر والبصيرة عن تشوف قادم الأيام والمخاطر المحدقة بالمنطقة كلها.
الحكومة تدعو إلى الحوار والمعارضة أيضاً تدعو إلى الحوار، لكن لكل منهم تصوره وأدواته وبرنامجه للحوار، فإذا لم تتضمن مادة الحوار أو برنامجه رغبات أي طرف من الأطراف فسرعان ما يرفضه ذلك الطرف.
أعتقد جازما بأن الحكومة البحرينية جادة في رغبتها في الحوار مع المعارضة وأنها راغبة في الخروج من هذا المأزق الذي تعيش فيه البلاد، ويقيني بأن بعض كوادر المعارضة الذين مشروعهم الإصلاح أيضاً جادون في الحوار.
وبودي أن تدرك المعارضة جيدا أن هدف إسقاط النظام الملكي في البحرين أمر يكاد أن يكون مستحيلا، وأن مطلب الملكية الدستورية لن يتحقق في الأجل المنظور لأسباب متعددة، أهمها أنه ليس من السهل التنازل عن نظام ملكية وراثية عاشت قرنا من الزمان أقل بقليل أو أكثر من ذلك، وأن مفهوم الملكية الدستورية لم يترسخ في ثقافة المجتمع حتى الآن، وأن البيئة البحرينية عبارة عن أرخبيل في وسط البحر يحيط بها بحر آخر من نظم ملكية متضامنة لحماية بعضها بعضا وبيدها كل وسائل القوة والإكراه يساندها مجتمع مترابط المصالح ولم يحن الوقت لاختراقه.
الذين يراهنون على قوة خارجية تعين المعارضة البحرينية على تحقيق أهدافها كاملة لا شك أنهم سيفشلون حتى في تحقيق بعض المطالب المشروعة ودعوتي لهم التمسك بمطالب من الممكن تحقيقها وعدم التعسف والتجبر في مطالب صعبة التحقيق في الظروف الراهنة.
يجب الخروج بمملكة البحرين من دائرة العنف، إنني على يقين بأن الحلول الأمنية في مواجهة المطالب الوطنية غير مجدية وتقود الناس إلى مفترق الطرق. النظام السياسي في البحرين عليه أن يكون حاميا لحقوق المواطنين دون تمييز، وأن يكون محققا لطموحاتهم ومطالبهم المشروعة دون تباطؤ. وهنا أقول للمعارضة الشيعية بكل صراحة في البحرين أو أي مكان آخر في الخليج العربي: لا تعتقدوا أنكم الفئة القادرة على إجبار النظم السياسية لتحقيق أهدافكم وأنكم المستهدفون وحدكم من قسوة النظم القائمة.
أعترف بأن بعض أنظمة الحكم في دول الخليج العربي لا تعامل مواطنيها معاملة الشريك في الوطن، له حقوق وعليه واجبات، كما أن على الحكومات واجبات وحقوقا للمواطن يجب تحقيقها وإلا انفرط العقد وكنا من الخاسرين جميعا.
(3)
في المملكة العربية السعودية قلق ويجب ألا ينكر من أي طرف، قلق في شأن ما يجري في مملكة البحرين وما ستؤول إليه الأمور، خاصة أنها على تماس مع مملكة البحرين بعمقها الطائفي، وقلق بما يجري في الكويت، حراكا سياسيا متأثرا بجواره العراقي الإيراني وحراكا آخر مضادا وثالثا مواليا للسلطة وآخر منتقدا ومعارضا لإجراءات السلطة في معالجة تلك الاختلافات.
الحكومة الكويتية تعالج الأمور القائمة بالترقيع وهذا يربك المجتمع الكويتي ويقلق الجوار السعودي. المملكة السعودية قلقة بما يجري في دولة الإمارات العربية المتحدة وما يقال عن أن هناك مخططات لحركة الإخوان المسلمين تعمل لقلب نظام الحكم في الإمارات وهناك اعتقالات ومحاكمات.
أستطيع القول إن خليجنا العربي يمر بمرحلة خطيرة، يجب علينا حكومات ومواطنين، أن نحمي هذه المنطقة من أي اضطراب أو اختلال في العلاقة بين النظم السياسية في المنطقة ومواطنيها. الحكومات هي المسؤولة عن أي اختلال في تلك العلاقات وهي المسؤولة عن نتائج قراراتها تجاه تلك الاختلالات.
آخر القول: يا حكامنا الميامين لكم علينا الطاعة والانقياد، ولنا عليكم العدل في توزيع الثروة والمساواة، ومشاركتنا صناعة القرارات وكفالة حرية التعبير وأن تبتعدوا عن الجمع بين الإمارة والتجارة.
................
الشرق القطرية
- (كاتب وأكاديمي قطري)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..