الأحد، 10 مارس 2013

1+5=700

        ادعوا إخواني التجار إلى تجربه جديدة بان نأخذ يوم الأحد والاثنين القادمين إجازة
نقضيها في المنزل ونحضر ساعة كبيرة ثم نقوم بمراقبة عقرب الدقائق وهو يلف ببطء ممل حتى ينهى الساعة الأولى ثم نراقبه لينهى الساعة التالية ثم الثالثة ثم نستمر نراقبه في الرابعة وهكذا إلى الليل في انتظار الغد ثم من الغد نراقب عقرب الدقائق مره أخرى لساعة وساعة وساعة وهكذا إلى الليل.
          ولكن الآن دعونا من هذه التجربة الممله ولنغير الموضوع ولنتحدث عن ما فعلته لجنة الذهب والمجوهرات بالغرفة التجارية بجدة. قامت هذه اللجنة بالعمل الجماعي فأخذت مئات من الشباب بلا عمل ودربتهم تدريبا ًنظرياً وعملياً ثم وظفتهم. أعترف أنها كانت تجربة صعبه جداً و مكلفه إلا أنها تكررت عده مرات بنجاح وهاهم المتدربون رجال على رأس العمل في محلات الذهب معظمهم ممن يفخر بهم في أمانتهم وإخلاصهم وحبهم للعمل.
          (لا أدري لم لا نشاهدهم في محلات التليفونات مثلاً أو الملابس).
          يبدأ البرنامج بلقاء موسع للتجار والطلاب. في كل مره أذهب لحضور تـلك المقابلات الشخصية استغل الوقت لأتحدث لبعضهم فأرى علامات اليأس لديه، فقد تقدم إلى عشرات الجهات والعديد من الشركات ثم عاد خائبا.انتحيت بأحدهم جانباً بعد اللقاء الأخير وعينيه بها لمعه من دمعه حزن محبوسة فهو يسكن في بحره ولم يقبله أحد رغم أنه متميز لان والده لا يستطيع أن يؤمن له أي وسيله نقل, وبحره نفسها ليس بها فرصه عمل تكفيه انتظار المصروف المحرج الذي قد يستطيع والده أن يقدمه له أو قد لا يستطيع. كان محبطاً وتسأل ما ذنبه إنه ولد في بحره لأب بالكاد ينقذ نفسه.(ليتكم شاهدتموه معي,انه شاب في عمر الورد في سن التطلع بكل الأمل للحياة).
          كنت قبل أن أدخل لهذه المقابلة الأخيرة  قلت لأحد إخواني الجواهرجية الكرام "لدى  نظرية اسمها  (1+5=700) وهي باختصار تقول إن احتجت اليوم خمسة موظفين فخذ ستة وبذلك تعين أسرة كاملة إضافية, وطبعاً هذه النظرية معارضة تماماً للنظرية الرأسمالية التي تدعوك لعكس ذلك، فالرأسمالية تدعوك لتوفير المصروفات لتتمكن من المنافسة فمرتب الموظف السادس هو عبء على المنشأة ووجوده تعطيل للعمل. والنظرية الرأسمالية صحيحة جداً ورائعة إلا أن لها عيباً أساسياً وهو أن مفعولها للأسف يتوقف بمجرد انتقالك من الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة حيث هناك لا تجد الا نتائج نظريتي أنا (1+5=700) فهناك قد تجد أن ما قدمته من مرتبات إلى ذلك الموظف السادس أبقى لك من كل الأرباح التي جنيتها من عمل الخمسة الأساسيين. فهي الحبة التي أنبتت سبع سنابل.
          كم كان كريماً صديقي التاجر إذا أقتنع بالنظرية من أول دقيقة. طبعاً صديقي هذا لم يقل لي الكلام التنظيري الخايب مثل " إن مخرجات التعليم لا تتناسب مع التطبيقات الأفقية للمنظومة في الدورة التجارية وأن الشباب السعودي عليه أن يندمج في قيم العمل العلوية لتـتلاشي في مستويات البراعة التي تدل على وجود المتلقي في الظروف الخاصة لمهنته للتنمية المستدامة". ولم يعدد لي عيوبهم بل بدلاً من ذلك أمن أن الله سيسأله عن ما وهبه من مال هل نفع به أم أستأثر به؟.
          كل الذي أدعوا إليه أن يتقدم أصحاب المؤسسات بأنفسهم للمقابلات الشخصية وان لا يكتفوا بإرسال مدير الموظفين حتى يلامسوا بأنفسهم الحاجة الماسة للعمل لدى شبابنا. فإن لم يستطيعوا ذلك فادعوهم إلى تجربة الإجازة المذكورة في أول المقال ومراقبة عقارب الدقائق البطيئة لمدة يومين حيث أن ذلك هو ما يفعله الشباب السعودي فهم يقومون بمراقبتها لشهر وشهرين وسنه وسنتين, ثم إن اتجهوا بعدها للمخدرات فلا نلومهم بل نلوم   أنفسنا , وإن اتجهوا للجريمة فلنلم أنفسنا وإن أقنعهم أحد بالتطرف فلا تلوموهم ولوموا أنفسكم.
          ملاحظتان في غاية الأهمية:
          الأولى: إن نظرية (1+5+700) = أقولها فقط للتاجر الذي يعتقد أن ما أعطاه الله يكفى للإنفاق على عدة فرص وظيفية إضافية.حيث أن هناك تجار حالتهم المادية فعلا لا تسمح بأي أعداد أخرى  فلا لوم عليهم .
          والملاحظة الثانية: أن هذا جزء من الحل من المال الخاص وهناك العديد من الحلول من المال العام و هي أولى وأبدى, و أمضى وأجدى, ولكني أثرت هذا الجزء من الحل حتى يكون المقال قابلاً للنشر,حيث أن ما سأقوله عن المال العام لن ينشر حتى لو كنت أنا نفسي رئيس التحرير.
 


جميل فارسي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..