الخميس، 21 مارس 2013

الأردن... الرسالة وصلت للجميع

 إن أكثر الدول العربية تضرراً ومعاناةً من أحداث الربيع العربي المملكة الأردنية الشقيقة، بعد سقوط
منظومة الأمن العربي التي استقرت أربعين عاماً.

فالأردن فقد خلال عامين أقرب أصدقائه (مصر)، وبدأ بالابتعاد عنه أقرب حلفائه (الخليج)، بينما أخذ الإخوان المسلمين في الأردن يسخنون اللعب، بعد أن أخذتهم حماسة وصول إخوانهم المصريين إلى الحكم، بينما بدأت الحدود الشمالية مع سورية تنبئ بانفجار ترتد على إثره الحمم البركانية إلى داخل الأردن. وهذا ما يفسر القلق الأردني العميق، الذي عكسته تصريحات الملك عبدالله الثاني في الأشهر الأخيرة، وآخرها ما نشرته مجلة «ذا اتلانتيك» الأميركية.
هذا اللقاء الذي اعتبر الأكثر صراحةً وجرأةً، سيُنشر في وقت لاحق، لكن وسائل الإعلام العربية والأجنبية تلقت باهتمام بالغ، ما نشر منه من مقتطفات، تناولت تلك القضايا الحساسة، أردنيّاً وعربيّاً وأميركيّاً. ومع أن مصدراً مطلعاً في الديوان الملكي الأردني سارع إلى القول بأن المقال احتوى العديد من المغالطات، وأخرجت الأمور من سياقها الصحيح، وتأكيد اعتزاز الملك بالأردنيين جميعاً، إلا أن الرسالة الأردنية قد وصلت إلى الجميع.
اللقاء، ومن الوهلة الأولى، يبدو حلقةً ساخنةً من توجيه الانتقادات إلى الداخل والخارج، بدءًا بالأقربين: فـ «عصر الملكيات بدأ ينقضي، لكن عائلتي لا تدرك هذا الأمر، ولم تفهم بعد الدروس المستفادة من الربيع العربي، وإن الشعوب لن تتحمل الفساد». وقال إنه مستعد لمعاقبة ولده لو تجاوز القانون أو أخطأ، «ولا يوجد أحد في العائلة المالكة لا يمكن استبداله، والربيع العربي يطرح السؤال: أين ستكون الملكيات بعد 50 عاماً». وأكّد أنه منع أفراد العائلة المالكة من وضع الأضواء الصفراء على مواكبهم، ويحاول إجبارهم على عدم قطع الإشارة الحمراء.
الملك عبدالله انتقد جهاز مخابراته بعرقلة جهوده في الإصلاح، وشنّ هجوماً عنيفاً على «إخوان الأردن»، لوجود قناعة بأن قيادة التنظيم العليا في مصر تعمل على إثارة الاضطرابات في بلاده، وأنهم «ذئاب في ثياب حملان»، و«طائفة ماسونية»، وسخر من «سذاجة» بعض الدبلوماسيين الأميركان الذين يعتقدون أن الإخوان هم بوابة الديمقراطية في المنطقة.
كما هاجم الرئيس المصري محمد مرسي، ووصفه بالسطحية والتسرع في فرض سلطته المطلقة، كما انتقد بحذرٍ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لتعجله، على رغم أنه يتبنى نهجاً أكثر عقلانية وتحفظاً. وسبق أن حذّر قبل شهرين من بروز محور متطرف تقوده تركيا وبلدان خليجيان آخران.
الملك أكّد في حواره المثير أن معركته الأساسية هي منع الإسلاميين من الوصول إلى السلطة في المنطقة، وهي معركة عكس التيار كما يبدو في هذه المرحلة. كما انتقد الملك بعض زعماء العشائر وأسماهم «الديناصورات»، لتحالفهم مع المؤسسة الأمنية والتيار المحافظ، وقال الصحافي الأميركي الذي أجرى معه اللقاء، إن الملك اصطحبه في جولة خاصة بالمروحية في مدينة الكرك، وسخر خلالها من العشائر وانتماءاتها.
عند الحديث عن النظام السوري، وصف بشّار الأسد بأنه «شخص جلف تعوزه الكياسة»، وحين عرض على عائلته اللجوء إلى الأردن وتعهد بحمايتها، أجابوه: «شكراً جزيلاً، لماذا تبدي قلقك علينا وبلدك أولى بأن تقلق عليها أكثر منا؟».
الديوان الملكي شكك بدقة ما جاء في اللقاء، أما الصحافي (جيفري جولدبيرغ) الذي فجّر القنبلة، فقال أن اللقاء هو الحلقة الأولى من سلسلة حلقات ستنشر تباعاً. وهل بقيت رسائل أخرى؟
.....
الوسط البحرينية
  • قاسم حسين

  •  قاسم حسين ... كاتب بحريني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..