معتز بالله محمدأثار العاهل الأردني فى لقاء بمجلة ذا أتلانتك الأمريكية.. موجة من الجدل في الشارع العربي، حيث هاجم الملك عبد الله – المعروف بمواقفه المتوازنة- الرئيس المصري بشكل غير متوقع، ووصف جماعة الإخوان المسلمين بأنها جماعة ماسونية، وشدد على أن مهمته منع الإسلاميين من الوصول إلى السلطة.
وتحدث
الملك، في حوار أجراه معه الصحفي الامريكي جيفري جولدبيرغ، عن الإخوان
المسلمين في الأردن، ووصفهم بـ"أصحاب فكرة وأهداف شريرة"، وﻗﺎل: "هؤلاء
ذﺋﺎب ﻋﻠﻰ ﺷﻛل ﺣﻣﻼن، ومنعهم ﻣن اﻟوﺻول اﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ هو ﻣﻌرﻛﺗﻧﺎ اﻟﺣقيقية".
وبشأن مشاركة الإخوان في الانتخابات، قال الملك: لا أريد لهم المشاركة "لأنهم لو فعلوا سيستولون على السلطة بلا رجعة ".
اعتراف ضمني
ويأخذ
الكثير من المحللين، على الملك عبد الله كون تصريحاته هذه، تعد اعترافا
ضمنيا بعدم اعتماد نظامه الأسس والمعايير الديمقراطية، التي تسمح لأي فصيل
سياسي بالوصول للسلطة، عبر الطرق الدستورية المشروعة، طالما كان ذلك
انعكاسا لرغبة الناخبين، حيث من المعروف أن النظم الاستبدادية وحدها، من
تصادر حق الأفراد والأحزاب في المشاركة في الحياة السياسية.
شهادة التاريخ
وبوصفه
لجماعة الإخوان بأنها جماعة ماسونية، فإن التاريخ يكفي لدرأ مثل هذا
الاتهام الخطير، فقد نشأت الجماعة في مصر في عام 1928، على يد الشيخ حسن
البنا، ومنذ ذلك الوقت أخذت على عاتقها الإصلاح من الأوضاع الاجتماعية
المتردية بفعل الاحتلال، وتقريب الناس من دينهم، وبخلاف الدور الدعوي، قامت
الجماعة بواجب جهادي في حرب فلسطين عام 48، وكان لها ومازال نشاطات خدمية،
لا يمكن لمنصف أن ينكرها في كافة البلدان التي تنتشر بها.
صحيح
أن للجماعة أخطاء سياسية، لا يمكن لعاقل إغفالها خاصة في مصر بعد الثورة،
لكنها تبقى فصيلا وطنيا يواجه حربا شرسة من الداخل والخارج، للحيلولة دون
استقرار البلاد في ظل الحكم الإسلامي.
عمق أم انبطاح؟
ولم
تقتصر تصريحات العاهل الأردني عند ذلك الحد، بل أفصح لمحاروه عن اعتقاده،
بأن الرئيس المصري "ليس لديه أى عمق"، أما السبب فجاء على لسان الملك عبد
الله، على النحو التالي: "لقد حاولت أن أشرح لمرسى كيف يتعامل مع حماس،
وكيف يمكن تحريك عملية السلام إلى الأمام، وكان رده الوحيد أن الإسرائيليين
لن يتحركوا".
ثم
كان رد العاهل الأردنى وقتها: "اسمعنى، سواء تحرك الإسرائيليون أو لم
يتحركوا، فإن الأمر يتعلق بكيفية تجميع حركتى فتح وحماس معا".
ويتابع
الملك بأنه عندما "ظل مرسى لا يردد سوى "الإسرائيليين، الإسرائيليين"، فإن
العاهل الأردنى حاول التأكيد على أهمية التركيز على درء الفوضى من الجانب
الفلسطينى.
وفي
الحقيقة، فإن محاولة الملك الأردني إظهار الرئيس مرسي، على أنه قد أضاع
فرصة ذهبية للسلام بين الفلسطينيين والعدو الصهيوني، تجافي الواقع تماما،
وإلا فهل نجحت الجهود العربية والغربية في الدفع بما تسمى علمية السلام
قدما؟، وهل توقف الصهانية عن قتل واعتقال الفلسطينيين واحتلال ومصادرة
أراضيهم؟، وهل نجحت "جهود السلام" المزعومة مع الحكومة الصهيونية في إعادة
اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم، وانسحاب الاحتلال لحدود ما قبل عام
1967م؟، وهل أعار الصهاينة لدعاة السلام اهتماما، عندما صرحوا مؤخرا على
لسان نائب وزير الحرب الصهيوني، داني دانون، أن الحكومة الجديدة برئاسة
بنيامين نتنياهو، "ستعزز الاستيطان" في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟، أو
عندما يشنون عمليات وحشية تفتك بأطفال ونساء وشيوخ فلسطين العزل؟. أسئلة
ربما كان على جلالة الملك الأردني محاولة الإجابة عنها، قبل إطلاق مثل هذه
التصريحات النارية، التي تفرق ولا توحد، وتضر بشكل عميق بالأمن القومي
العربي، ومبدأ المقاومة لاستعادة ما اغتصبه الاحتلال، فغياب العمق هنا يفسر
بشكل طبيعي، على رفض الانبطاح للعدو الصهيوني، كما كان يفعل النظام المصري
السابق.
استعداء الغرب
كذلك
فإن الخطر الأكبر، الذي تنطوي عليه تصريحات الملك عبد الله، يكمن فيما
فسره مراقبون، بأنه استعداء للغرب على النظام الإسلامي الحاكم في مصر،
باتهامه الدبلوماسيين الأمريكيين بالسذاجة فى تعاملهم مع جماعة الإخوان
الحاكمة.
وقال:
إن مهمته حاليا هى محاولة إثناء الغرب، عن التفكير بأن "الطريقة الوحيدة
فى الوقت الحاضر لتطبيق الديمقراطية، هى من خلال جماعة الإخوان المسلمين".
وأشار عبد الله إلى أن كلا من مرسي ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان
استبداديين، ويسيئان استخدام الديمقراطية، إذ يعتبرانها مجرد حافلة، وبمجرد
أن يصلا لهدفهما سيغادرانها.
وهنا
يجب التذكير، بأن الإخوان لم يأتوا للحكم بالـ"براشوتات"، بل جاءوا عبر
صناديق الاقتراع، وسواء وافق الغرب أو عارض، فإن وجودهم في سدة الحكم يمثل
تجسيدا للرغبة الشعبية، وانصياعا لنبض الشارع المصري بعد الثورة.
السحر الأسود
لكن
الجزء الأخير، من حوار العاهل الأردني مع المجلة الأمريكية، وبحسب محللين،
يخرج عن مجرد هجوم على الإسلام السياسي، بل ويتعداه إلى الهجوم والسخرية
من المصلين المسلمين، الذين تظهر في جباههم "علامة الصلاة"، جراء الاحتكاك
بالأرض أثناء السجود، مشيرا إلى أنه يصلى الفروض الخمسة، لكنه ليس بحاجة أن
يخبر الناس بذلك. وتساءل: "أضع علامة سوداء على جبينى لأظهر للناس أننى
أصلى.. لماذا هذا؟ إنه محض هراء، وأشعر أنها مثل علامة السحر الأسود لإزعاج
الناس".
ووفقا
لنظرة موضوعية، فقد خرج الملك الأردني عن أصول الدبلوماسية في هذا الجزء،
الذي سيخلف بلا شك ردات فعل غاضبة، ليس من قبل السياسين وعلماء الدين فحسب،
بل من قبل رجل الشارع العادي المتدين بطبعه، والذي يعرف دائما أن " زبيبة"
الصلاة التي تزين جبهته، هي تجسيد للآية الكريمة }تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ{
(الفتح: 29)، فكيف إذن يشبه الملك الأردني إحدى علامات التقوى، التي تظهر
على جباه المصلين، جراء صلاتهم على "الحُصر" والسجاجيد الخشنة، بعلامة
السحر الأسود الذي يمارسه الكفرة والملحدون؟.
أهداف سياسية
قد
يذهب البعض إلى أن تلك التصريحات المباغتة، من رجل في مكانة الملك عبد
الله، جاءت لتحقيق غايات سياسية، لاسيما وأنها تأتي قبل أيام قليلة، من
زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للأردن الجمعة 22 مارس الجاري، والتي
من المتوقع أن يطالب خلالها أوباما، بتحقيق إصلاحات سياسية إضافية في
المملكة الهاشمية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..