الأربعاء، 24 أبريل 2013

الفيفي :سؤالك غير مشروع يا شيخنا السعيدي


·      مصر شأنها شأن أي دولة حرة , تريد الانفكاك من ربق العبودية للغرب إلى الاستقلال واختيار مصيرها بنفسها

·      لا أدافع عن الإخوان لكني أدافع عن الحق إن شاء الله , أما بيان أخطاء الإخوان فكما أسلفت هي كثيرة ومعروفة
 بسم الله الرحمن الرحيم
                                   هو وليي وبه أستعين

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين :- أما بعد
فقد سبق وأن كتبت تعليقاً على أستاذي الكريم الدكتور محمد السعيدي بعنوان ( تعقيباً على السعيدي بشأن علاقة الإخوان وإيران ) وهو رد على ما كتبه الشيخ بعنوان ( علاقة الإخوان بإيران ليس كما توهم د. النفيسي ) – مع التنبيه أن تعليقي المنشور في المجموعة قد نُشر ناقصاً.
والمقال موجود على هذا الرابط  http://saaid.net/Doat/alfaifi/7.htm

ثم إني اطلعت على ردين على ما كتبت , أحدهما من شيخنا محمد السعيدي بعنوان (هل علاقة الإخوان مع إيران تقبل التغيير أم لا يا علي الفيفي ؟ ) و رد آخر من الأخ الكريم حمد بن عبد الله النويصر بعنوان ( خلافنا مع الإخوان المسلمين ليس وليد الثورات يا فيفي ) وسأعطي كل واحد من الكريمين مساحة من حديثي إن شاء الله .


أما سؤال الشيخ الذي ألزم فيه من يخالفه بأن يجيب عليه ولا يخرج عنه ؛ بحجة أن مدار الخلاف عليه فهو سؤال غير مشروع ؛ لأنه ليس كل الموضوع ولأن خياراته ناقصة.


 فحصر المشكلة في ماهية العلاقة بين الإخوان وإيران وإلزامنا بنقاش هذه النقطة فقط من غير التطرق لغيرها لا يستوي ؛ لأن القضية متشابكة وقد يكون للشيء منفردا حكمه فإذا اجتمع بغيره تغير الحكم وهذا معروف والشيخ أصولي لا يخفى عليه مثل هذا , فلو قال قائل لمستفت :- إن حلق اللحية حرام . ثم وجدنا مفتيا يفتي بالجواز , لان السائل يعاني من مرض لا يرجى برؤه إلا بحلقها , لما جاز بحال للمفتي الاول ان يقول للثاني :- رجاء أعطنا قولك في مسألة حلق اللحية فقط , فهي محل الخلاف ولا تدخلنا في تفاصيل اكثر .


وأما أن خيارات السؤال ناقصة , فلأن الشيخ حصر الإجابة في أمرين :-

- إما أن تكون علاقة الإخوان بمصر علاقة استراتيجية ذات عمق تاريخي .
- وإما أن تكون العلاقة علاقة ابتزاز لدول الخليج حتى تدفع اكثر ! .

ولم يضف الشيخ أي خيارات أخرى مع أنه كان من الأولى إضافة خيار ( علاقة سياسية إقليمية تقتضيها أي سياسة لدولة في العالم ) .

بالنظر إلى العلاقة بين الإخوان ( التنظيم ) قبل وصولهم للرئاسة نجد أنهم كانوا يمدون يد التواصل مع إيران والثورة الخمينية وقاموا بمباركتها ( وهذا خطأ بكل حال يعود إلى خطأ في التصور لديهم وخطأ أيضاً في المنهج الذي يقوم على جمع العدد الأكبر ولو على حساب النوع ) لكن بالنظر إلى تصرف الإخوان بعد وصولهم إلى الرئاسة نجد اختلاف تام في التعامل ؛ وهذا يجعلنا نتوصل لأمرين :-

الأول :- الإخوان لم يجعلونا بمنزلة إيران بل تركوا الدعوات الايرانية خلف ظهورهم وأتوا إلى الخليج ينشدون وده ولا يزالون !
الثاني :- أن الإخوان سياسياً مختلفين عن الإخوان كتيار , وأدل دليل على هذا اختلاف اللغة التي يتبناها زعماء الجماعة في تعاملهم مع إيران عن اللغة التي يتبناها الرئيس والذي يعد ممثلا لمصر كلها وليس للإخوان فقط .
 وفي هذا الأخير دليل كاف على نفي أن تكون علاقة الحكومة المصرية بإيران ؛ علاقة استراتيجية ذات امتداد تاريخي عميق , إذ لو كانت هذه حالها لاختارها مرسي على الخليج منذ زمن .


لنتأمل جيداً في إجابات قادة تنظيم الإخوان بشأن إيران ونقارن بينها وبين تصريحات مرسي بصفته ممثلاً للحكومة المصرية وسنجد الفرق .


ولو نظرنا من جانب علاقات دول العالم الدبلوماسية مع إيران لوجدنا أن كل دول العالم لديها علاقات قائمة مع إيران إلا ثلاث دول ( أمريكا – مصر – إسرائيل ) فدول الخليج ذاتها وهي التي لا تزال تعاني من الخبث الإيراني أكثر من أي دول أخرى ؛ لم تقطع علاقاتها بإيران بل هي قائمة , فالإمارات رغم احتلال جزء منه والسعودية رغم محاولة اغتيال سفيرها في أمريكا ورغم الزعزعة التي نراها من حين لآخر بداخلها والبحرين رغم ما حصل من محاولة إقامة ثورة منتمية لإيران , رغم كل هذا لا تزال دول الخليج تتعامل مع إيران , وعلاقاتها الدبلوماسية قائمة .
 فهل هذه العلاقة علاقة استراتيجية أم ابتزاز ؟ ام الأصح ان نقول علاقات سياسية اقليمية تقتضيها السياسة ؟


ثم لماذا أصلا نجعل علاقة مصر بإيران هي مربط الفرس وحجر الزاوية في تقوية علاقتنا بمصر من عدمها ؟ مع العلم أن الدولة التي جعلناها معياراً هي أيضا ذات علاقة بنا ! وفي المقابل نجد أن دول الخليج كانت تعيش قصة حب مع المخلوع مبارك في ذات الوقت الذي كان فيه المخلوع لديه علاقة مع العدو الاول للعرب والمسلمين ( إسرائيل ) وكانت ولا زالت سفارة إسرائيل مفتوحة في مصر فكيف تحملت السعودية ودول الخليج هذه العلاقة مع عدوها واستمرت في علاقة وطيدة مع مصر بينما لا تستطيع تحمل علاقة مصر مع دولة اخرى ليست عدواً ( على المستوى السياسي ) ؟



يا سادة :-

علاقة مصر بإيران من عدمها ليست هي ما يقض مضاجع السياسة الخليجية , وليست هي الموضوع الأهم لدى القيادة المصرية حتى نجعلها الموضوع الأكبر الذي نحترب عليه في كتاباتنا .


القضية ببساطة أن الحكومة المصرية تسعى بكل ما تستطيع إلى الانفكاك من ربقة الاستعباد ( الأمريكي ) هذا هو مربط الفرس وجوهر الخلاف بين الخليج ومصر !


مصر تريد أن تفتح خط تواصل آخر مع دولة أخرى ليست على وفاق مع أمريكا او الأمم الغربية عموماً  , وهذه وسيلة سياسية قوية وناجحة للضغط على أمريكا .

 فأن تربط علاقتك ومصيرك بدولة واحدة , كفيل أن يجعلك تسير وفق تعاليمها و أوامرها صاغرا , ما دمت ستحتاج كوب الماء الذي بيدها عندما تشعر بالعطش.

أما عندما تكون لك علاقات بدولة أخرى ليست على وفاق مع الأولى فهذا يعني أن لديك بعض من مساحة الحرية والتصرف بناء على ما تريد لا مايريد سيدك الوحيد .


مصر شأنها شأن أي دولة حرة , تريد الانفكاك من ربق العبودية للغرب إلى الاستقلال واختيار مصيرها بنفسها.

والطريقة الغربية في التعامل مع الحكومات أشبه ما تكون بإعطاء إنسان حائر وجائع ما يكفيه من طعام وشراب مع اشتراط أن تضع في رجله قيداً مفتاحه في حوزتها , وبعدها بفترة يُعطى امتيازات أخرى مع وضع قيد آخر في رجله الاخرى وهكذا إلا أن يصبح مقيد الرجلين واليدين ثم بعدها يضطر إلى التخلي عن كل شي في سبيل بقائه حياً وكلما التفت عن يمينه وعن يساره لم يجد إلا نسخ مكررة منه تتسابق في طاعة سيدها !

وقد تحررت مصر من هذه العبودية بعد سقوط مبارك فلا يعقل أن تعود إليها وقد نجاها الله منها , ومن هنا فهي تسعى جاهدة لإيجاد البديل ولو على أقل تقدير إلى أن تقف على قدميها وبعدها فلتتغير الامور بحسب ما تقتضيه المصلحة .

هذه هي الفكرة التي أقرؤها في أعين الحكومة المصرية .

ومن هنا نستطيع تفسير السبب وراء الجفاء الخليجي للحكومة المصرية رغم وقوف الحكومة المصرية بصف الخليج في أكثر من موطن , فمرسي كما أسلفنا في المقال الاول يشير إلى أن أمن الخليج خط أحمر لا يمكن تجاوزه , ومرسي أيضا يتوعد بالتصدي لنشر التشيع في مصر خلال لقائه بالهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح , ومرسي يِؤكد أن السعودية راعية منهج أهل السنة والجماعة ومصر حاميتها , ومع كل هذا لا نرى أي تحرك خليجي حقيقي . لماذا ؟
لأن الحكومة المصرية ببساطة لم تدفع الثمن المطلوب , والثمن المطلوب هو السير في الطريق المظلم الذي تحررت من ربقته - ولو ظاهريا - قبل سنتين !

وهنا نستطيع أن نسأل :- من يسعى لابتزاز الآخر , مصر أم الخليج ؟

أترك الإجابة للقارئ.

يا قومنا :-
مصر تحتاجكم فأعينوها , ليس فقط لحقوق الاخوة الدينية ولا الجوار الاقليمي ولا الموقع الاستراتيجي ولا اللسان الواحد بل على الأقل لأننا نحتاجها أيضا وسنحتاجها يوماً بعد يوم .

يا قومنا :-
إن الرحمة التي تتنزل علينا وتجعلنا نفتح مظلاتنا في الخليج إذا نزلت المطر في أمريكا ستكون أيضا كافية لدعم مصر وأهلها , وقد نصحت لكم .


بقي أن أعتذر من الشيخ محمد في زعمي أنه يزعم أن الإخوان أول من سن التقارب مع الشيعة , وقد كان غرضي توضيح البداية التاريخية لهذا التقارب ووقعت في خطأ نسبة هذا الزعم إليك فالعذر .


أما الاستاذ الكريم حمد بن عبد الله النويصر

فقد عنون للمقال بعنوان ليس موضوعنا فقال ( خلافنا مع الإخوان المسلمين ليس وليدة الثورات يافيفي ) ثم قال ( بل سبق ذلك بسنوات ربما منذ اجتياح الكويت ).

لم أقل أن خلافنا مع الإخوان هو وليد الثورات يا سيدي , بل المستقر عندي أن خلافنا معهم في منهجهم منذ بدايتهم وازداد الخلاف بعد استشهاد سيد قطب واتجاه جماعة الإخوان اتجاها آخر .

ثم طرحت عدة أسئلة لم أتطرق لها ولن اتطرق لها لأهمية حصر الحديث في الموضوع الذي يدور النقاش حوله .
بقي أن أقول لك يا سيدي نعم أنا لا أدافع عن الإخوان لكني أدافع عن الحق إن شاء الله , أما بيان أخطاء الإخوان فكما أسلفت هي كثيرة ومعروفة وحتى تطلع على موقفي من الجماعة فأنصحك بالعودة لمقالات أخيك ( دماج تستغيث ) و ( كسرى عاد ثانية ) و ( وجاء دور المجوس )
وأما عدم رضاي عن الطريقة التي يُسير بها مرسي مصر فنعم انا غير راضٍ ولكني غير مؤهل بعد للحديث عن دولة ليست دولتي وفيها من الرجال من هم أفهم وأعرف واكثر اطلاعا واهل مكة ادرى بشعابها .


كتبه :-
علي بن جابر بن سالم الفيفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..