الاثنين، 15 أبريل 2013

اقتراح لسمو وزير التربية والتعليم حول اعادة الهيبة للمعلم والمعلمة في مدارسنا

أواصل هنا حديثي عن بعض التحديات التي تواجه التطوير في السعودية.

التحدي 13:  أن نسعى الى صنع عقلية الإنسان المواطن المنضبط القادر والراغب في تطوير بلاده


البشر هم وقود كل تطوير.

بدون بشر متمكنين ومنضبطين وأمينين لايمكن حصول أي تطوير.

أي انسان يقول لك غير هذا الكلام يخدعك ويضيع وقتك فيما لايفيد.

وستمر السنون أمامك وتصرف ميزانياتك دون أن يحصل ماتنشد.

مثال:  قضى نبينا وحبيبنا وشفيعنا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم 13 سنة في مكة المكرمة لكي يهيء الصحابة في مكة المكرمة (وحتى في المدينة المنورة عن طريق مرسوله مصعب بن عمير) ويبني عقولهم للتجهز لتطوير الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، والتي ستستمر بوجوده، وبعد رحيله، فمرحلة التطوير ليست رهينة لزعيم ، بل هي عملية مستمرة تنتقل من زعيم الى زعيم ، ومن وزير الى وزير.

وعندما وصل نبينا وقدوتنا الى المدينة المنورة سمع قبل معركة بدر الكلام الذي يحب كل قائد أن يسمعه ، مثل (والله لو اردت أن نستعرض معك هذا البحر لاستعرضناه معك).

هكذا تبنى الأمم !!

عندما حملنا هذه الروح بنينا حضارة عظيمة غطت على كل الحضارات ، وتحدث عنها المنصفون، فهل ترى أن الإنسان في العالم العربي والإسلامي اليوم مهيأ لكي يبني حضارة ؟!

بصراحة .. الجواب: لا.

نحن نحتاج أن نبني الإنسان بطريقة صحيحة.

ولأن صناعة الإنسان والمواطن عملية معقدة ومتداخلة، فإنني سأكتب عن جزئية بسيطة في عملية بناءه، وهي جزء بسيط من عملية اعادة الهيبة للمعلم والمعلمة في مدارسنا، حيث يبدو أننا نحتاج الى النظر اليها بعمق أكثر !!

أكرر أن اقتراحي لايشمل كل شيء، فالموضوع أكثر تعقيدا مما يظن الكثيرون.

الإقتراح:  هذا اقتراح، حول  امكانية اعادة الضرب (المنضبط وغير المؤذي) الى المدارس في بلادنا الحبيبة، وأقصد بذلك أن تقوم وزارة التربية والتعليم بترتيب دورات تدريبية للمعلمين والمعلمات حول كيفية معاقبة الطالب بالضرب المعقول والرحيم الذي يحس من خلاله الطالب أن المعلم رحيما به، ويرغب في اعادته للصواب، وليس الإنتقام منه. 

كما أن الدورات التدريبية ينبغي أن تحوي شروحات كيف أن يكون الضرب معقولا ومنضبطا بحيث لايؤدي الى حوادث تؤدي الى المستشفيات.

وأسباب أقتراحي أوجزها لسمو وزير التربية والتعليم فيما يلي:

(1)  أنه قام طالب في الصف السادس الإبتدائي بضرب طالب في الصف الرابع الإبتدائي من ابناء الحي الذي نسكن فيه، وطلب مني والده – كصديق - أن اذهب مع ابنه الى المدرسة بسبب ظروف سفره.  بعد وصولنا للمدرسة طلب المشرف من الطالب (المضروب) أن يرافقه لكي يحدد الطالب المعتدي، وبالتالي يتم احضاره الى الإدارة.

رافقتهم، وفي الفصل هالني مارأيت من عدم وجود احترام للاستاذ الموجود في الفصل، وكثرة الصياح والضحك والتعليقات. وقد عاتبت استاذ الفصل على عدم قدرته على السيطرة على الفصل، فشرح لي أن الطلاب لم يعودوا يحترمون أساتذتهم، ووافقه المشرف على ذلك،

وقالا أن المشكلة عامة، الكل يشكو من عدم احترام الطلاب لأساتذتهم، ماعدا بطبيعة الحال الطلاب المؤدبين والمتميزين في دراستهم .

(2)  أعرف طالبا نجيبا ومتفوقا في الجامعة الآن، وهو منضبط بنسبة كبيرة ولله الحمد، وقد سألته عن الموضوع، فقال: أنه يعتبر نفسه من آخر جيل كان يتم ضربه في مدارس وزارة التربية والتعليم، وأن جيله يحترم الأساتذة، ويحسب حسابهم.  وأنهم يقبلون رؤوس اساتذتهم عندما ياقبلونهم حتى بعد تخرجهم من الثانوية. وأن ها أدى الى انضباطه في حياته الخاصة.

كما أن الطالب يرى أن الأجيال التي جاءت بعدهم تعاني من عدم الإنضباط واحترام الأساتذة بسبب عدم قدرة الاساتذة على معاقبتهم.

وقد طلبت منه أن يدور ويسأل زملائه في الدفعة، فكانت الإجابة متقاربة.

(3)  أن الذي لايحترم معلمه لن يحترم الدولة وأنظمتها، ولن يحترم المجتمع وعاداته.  أنظر حولك الى ممارسات الشباب والشابات، فترى عجبا.

على سبيل المثال، إن من واجب وزارة التربية والتعليم أن تجهز البنات لكي يصبحن زوجات وأمهات في المستقبل. وقبل فترة بدأنا نرى (البويات) في مدارس البنات، وهو مرض نفسي ربما يحمل ميولا جنسية شاذة ومضرة اذا تطور.  وبعض البويات يعتدين على زميلاتهن ، خصوصا اذا كن جميلات، ويلاحقهن حتى في الحمامات، ويحاولن اجبارهن على ان يتقبلن ميولهن الشاذة، ويسرن تحت ركابهن.

هذا (بوية) أتعبت مديرة المدرسة في مدرسة تتبع الوزارة بتسلطها وطول لسانها وعنجهيتها وقلة أدبها على الطالبات والمعلمات.  أحضروا أمها فلم تنفع. أحضروا اباها وكلموه من عند باب المدرسة ، فلم ينفع. 

وحيث بلغ أذاها عنان السماء، واشتكى الجميع منها، فقد قررت مديرة المدرسة استخدام العصا، ومنعها من دخول المدرسة، فيأتيها أتصال من ادارة التعليم المحلية: أدخليها، وإلا عزلناك.

كيف يستقيم اسم (التربية) مع وجود أمثال هؤلاء في المدارس .. وتكاثرهن مع الوقت ؟!

وهل كان بالإمكان فعل شيء مبكرا .. ولو بالضرب الرحيم لمنع هذا المرض النفسي من الإنتشار؟!

وهل بالإمكان وضع عيادات نفسية لابد من توجيههن لها قبل السماح لهن بالعودة للمدرسة، لأن هذا مرض نفسي يحمل ميولا جنسية شاذة، وله علاج؟!

(4)  لو أن الله تعالى قال لنا:  (أعبدوني، والذي يعبدني أدخله الجنة، والذي لايعبدني يموت وينتهي أمره)  لوجدت أن من يعبده قليل جدا. فالكل سيذهب لفعل كل مايحلو له.

ولأنه قال أن لديه جنة (كمكافأة) ونار (كعقوبة)، فقد وضع ربنا عز وجل الموازنة المطلوبة للنجاح.  وندعو الله أن يرحمنا على كثرة ذنوبنا.

وهو ماهو غائب في مدارسنا، فالاستاذ لديه الإختبارات والعلامات الدراسية، ولكن الطلاب يعلمون أنهم سينجحون،خصوصا في المدارس الخاصة (أبوي يدفع لكي ننجح)، ولم يعد يخيفهم شيء من الاستاذ، فلماذا يحترمونه؟

إن العلاقة بين العبد وربه قائمة على (الرجاء) و (الخوف)، ونفس العلاقة – ولله المثل الاعلى – ينبغي أن تقوم بين الاستاذ وطالبه (الحب والتقدير والنجاح) في حالة التميز، و (الخوف من العقوبة) في حالة الإنحراف عن الطريق المرسوم.

(5)  أننا – كمجتمع - والأجهزة الأمنية في بلادنا نعاني من عدم انضباط الأجيال الأخيرة.

فقد رأينا طلابنا (من الأجيال القديمة) أكثر أنضباطا حتى بعد مغادرتهم الثانوية العامة .. أي في الحياة العامة. 

أما الآن فيمكنك أن تلاحظ أن الأجيال الجديدة لديها قلة انضباط وأكثر قابلية للإنحراف، ويعاني المجتمع والأجهزة الأمنية. وسبب ذلك أن الاب والأم مشغولان. كما أن الحكومة (ممثلة بمدارس وزارتكم) لاتربي كما كانت تفعل من قبل، وتعتقد أن الضرب ليس من اساليب التربية، بينما هو من صميم اساليب التربية.

التربية لابد أن تكون عاملا مشتركا بين الحكومة والأسرة.

(6)   أن هناك حديث نبوي شريف لم يفهمه الكثيرون،ومع ذلك يرددونه لتبرير الغاء الضرب في مدارسنا، وهو قول رسولنا صلى الله عليه وسلم (مروا ابناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر).

فقد سمعت مسؤول قديم في وزارة التربية والتعليم يقول في مجلس كنت حاضرا فيه بالرياض أن نبينا الكريم يوضح أهمية التربية، وأنه طلب أن ننتظر 3 سنوات قبل ممارسة الضرب.  وهذا لعمري يوضح أنه لم يفهم الحديث ولم يفهم تبرير الرسول صلى الله عليه وسلم.

 فالصلاة  مطلوبة ابتداءا من العاشرة، وطلب الرسول أن ندربهم عليها ابتداءا من السابعة.  وهو مايحصل في مدارسنا. فنحن ندخل أطفالنا الروضة والتمهيدي في الخامسة لمدة سنتين كنوع من الترفيه والتسلية والتدريب، ولايوجد ضرب في هذه المرحلة.   وفي السابعة نأخذهم الى المدرسة الرسمية، والذي لايريد قد نضطر الى اجباره واقناعه.

وكما أننا في العاشرة نبدأ في ضرب من لايصلي، فإنه يجوز لنا أن نضرب ضربا لطيفا في المدرسة الرسمية (ابتداءا من سن السابعة).

في الصف الرابع الإبتدائي في احدى المدارس تم اكتشاف مجموعة من الطلاب الصغار يتبادلون الصور الجنسية عن طريق الجوالات والوتس أب، نصحوهم، احضروا لهم اولياء أمورهم، كل ذلك لم ينفع.  ماذا بقي غير الضرب المعقول والتاذيب، وإلا فمن اين يأتي الإحترام للاستاذ والمدرسة يحفظكم الله؟!

(7)  أننا لاحظنا أثناء دراستنا في الولايات المتحدة تميز الطلاب السعوديين والعرب، بل أن بعضهم كان من العباقرة في تخصصاتهم، ولم يكن للضرب في المدارس أي اثر عليهم.  بل على العكس كانوا يقرون أنهم تلقوا تعليما متميزا في مدارسهم.

 ولا اعلم من اين أتى مسالة أن تعليمنا اقل من غيره.    ولعل ذلك جاء من أعتقادنا أن كل خريجي الثانوية يحتاجون أن يدخلوا الجامعة حتى لو كانوا لايجدون عملا بعد ذلك.  ولذلك أحب أن أوضح أنه ليس من المفترض أن يذهب كل خريجي الثانوية الى الجامعات، هذا مستحيل حتى في الدول المتقدمة وغيرها.

إن الطلاب المتميزين هم الذين يذهبون للجامعات. والدولة تحتاج الى دبلومات ومهنيين في سوق العمل أكثر بكثير من حاجتها الى خريجي جامعات.  والأجانب الموجودون في بلادنا معظمهم بدون شهادات جامعية أو تعليمهم منخفض !!

(8)  أن معظم الدراسات التربوية في الغرب ، والتي تدعوا الى عدم ممارسة الضرب جاءت بناءا على معطيات وافتراضات ASSUMPTIONS تناسب بيئة الغرب، ولاتناسب بيئتنا. 

نحن لدينا بيئة مختلفة تماما، ومايناسبهم لايناسبنا بالضرورة.  فنحن نحتاج الى طلاب وطالبات منضبطات. سوف أعطي مثالا على صحة كلامي.

لقد أطلعني صديق منذ فترة ليست بالقصيرة على دراسة تربوية غربية قامت بها باحثة غربية حول كيفية تأديب الطلاب والطالبات، وقالت فيها – كإفتراض غير معلن للبحث -  أن العلاقة في الفصل بين الطلاب والطالبات موجودة، وقد تصل الى حد ممارسة العلاقات الجنسية.

أنظر الى الدراسات حول هذه الأمور والحمل غير الشرعي الذي ينتج لدى المراهقات في بعض مدارس الغرب.

والذي فهمته من خلال النظرة السريعة أنها كانت تقول في دراستها أن معاقبة الطالب أمام صديقته الطالبة في الفصل ستضر بنفسيته مستقبلا.

ولذلك فإن ماقد يميز مدارسنا في المملكة لا يأتي بالضرورة عن طريق اتباع مايتم ممارسته في مدارس الغرب، فمتطلبات مجتمعنا وبيئتنا مختلف عن ماعندهم.  ولاشك أن الإستفادة من دراساتهم أمر ضروري حتى لاتنغلق عقولنا على مالدينا فقط، ولكن ايضا من المهم أن ننتقي مايناسبنا ويقودنا الى النجاح.

هذا ياسمو وزير التربية والتعليم رايي في مسألة الضرب المنضبط والرحيم ، الذي يتم التدريب عليه، ومراقبته من خلال المرشد، والذي يؤدي الى نتائج ايجابية، ويحس من خلاله الطالب أن المعلم رحيما به، ويرغب في اعادته للصواب، وليس الإنتقام منه، ويأتي كحل أخير بعد استخدام كل الوسائل التربوية الممكنة.

وتأتي أهميته كخطوة أولى في مسألة اعادة الهيبة المفقودة للمعلم والمعلمة، والتي ستؤدي – في حالة كمالها واكتمالها – الى بناء المواطن والمواطنة بطريقة تسمح بإحترام الأنظمة والرغبة في التطوير.

وقد يكون لك ولمن حولك اراء مختلفة تفتح بابا مفيدا للنقاش حول الموضوع، وصولا الى الافضل في مايناسب بلادنا.

إن ما رأيته في تلك المدرسة وماعرفته من الآخرين لايدل على أننا نسير في الإتجاه الصحيح في هذا الموضوع تحديدا، وتحرككم لفعل أي شيء هو أمر في أعتقادي اصبح حتميا.

تمنياتي لك ولزملاءك في الوزارة ولكل القراء الكرام بالتوفيق والسداد.

الإستشاري الدكتور كمال الصبحي – المدينة المنورة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..