الخميس، 30 مايو 2013

سنعمل ولن ننتظر دعمكم يا مجلس الشورى!

بعد أن احتفلت مؤخرا المرأة الكويتية -العاملة في منزلها على رعاية زوجها وتربية أطفالها- بقرار
حكومي لصرف مخصص مالي لها. بدأت ترتفع أسقف التطلعات وتعلو المطالبات عند شقيقتها السعودية! على أمل أن تحظى المرأة العاملة في أرقى وأهم وظيفة إنسانية اجتماعية بما تستحقه من دعم وتقدير لدورها.

وفي غمرة تلك النداءات التي تصاعدت مناشدةً مجلس الشورى أن يقرّ بعض التوصيات في هذه المسألة وفي غيرها من أمور تصب في صالح المرأة. تناقلت وسائل الإعلام خبرا صادما عن رفض أعضاء المجلس توصيةً تطالب وزارة العمل بسرعة اتخاذ الإجراءات والتشريعات اللازمة وإعلان خطة تنفيذية وآلية تطبيق عملي لنظام العمل عن بعد الذي كان قد أقرّه مجلس الوزراء بتاريخ 12/4/1425 هـ ضمن مجموعة قرارات تقضي بزيادة فرص عمل المرأة وفتح المجالات أمامها.

وكان بعض أعضاء المجلس قد برروا الاعتراض على التوصية وردّها بأن «العمل من المنزل ليس حلاً سحرياً للبطالة، إنما المطلوب هو خروج المرأة للعمل وليس بقاءها في بيتها»!!

ويا للفجيعة وخيبة الأمل! فلا تدري على أيهما تندب حظك؟!

أعلى وزارة العمل؟ التي يملأها الحماس للقذف العاجل بالمرأة السعودية في أي عملٍ مختلط وإن لم يراع قيمها كمسلمة وطبيعتها كأنثى. فما أقوى دعمهم لعملها بائعة. كاشيرة. خادمة. عاملة في مصنع تجميع أجزاء الشاحنات! فيما نرى كافة أشكال التجاهل لملفات ودراسات عن مشاريع توظيف قد توفر عشرات الآلاف من فرص العمل للسعوديات في أعمال نسائية وأماكن مستقلة. ثم ما أسرع تنفيذهم لقرارات تأنيث المحلات ففي أسابيع قليلة ألقوا بآلاف السعوديات كبائعات في الأسواق كيفما اتفق، بينما صدر قرار تفعيل عمل المرأة عن بعد منذ تسع سنوات وما زالت الوزارة تتحدث بالأمس عن نيتها الاتفاق مع مؤسسة وطنية لإعداد خطة زمنية ومرحلة تجربة لنظام العمل عن بعد ومن ثم تقويمه!!
فعلى مثل هذه الوزارة نندب الحظ أم على مجلس الشورى هذا الذي كان يفترض فيه تناول قضايانا وهمومنا والسعي للتخفيف عن معاناتنا فبات أحد مصادر الكدر والهمّ اليومي لنا! بوجود بعض الأعضاء ممن تناسوا القسم الذي أقسموه بين يدي ربهم أولا ثم ملك البلاد -سدّده الله للحق والخير- ثانيا. فمثل هؤلاء الذين ستلفظهم الكراسي مع أول تجربة انتخابات حقيقية. قدّموا أهواءهم وتوجهاتهم ورغباتهم الخاصة على مصلحة المرأة والمجتمع عموما. فلو أن هدفهم الرئيس من المطالبة بعمل المرأة هو سدّ حاجتها ودفع العوز عنها لكان العمل عن بعد من أفضل الفرص لتحقيق ذلك مع حماية أكبر لها وانسجام مع ظروفها ومسؤوليتها كزوجة وأم. ولكن أن يصبح الخروج من المنزل أمرا مقصودا لذاته -كما أفصحوا- فتلك مصيبة تكشف أن شعاراتهم وجعجعتهم حول المرأة وحقوقها ما هي إلا جسرٌ لتمرير بعض مشاريع التغريب والإفساد!

ثم إنه مع ثورة المعلومات والتقنية والتطور الهائل المتسارع في وسائل الاتصال الإلكترونية اتجهت كثيرٌ من مؤسسات العمل والأفراد لولوج هذه البوابة. فلماذا يرغب البعض في تعطيل انتفاعنا منها أو استثمارنا لها؟!

عمل المرأة عن بُعد سيغنيها ماديا. فيه توفير للمال والجهد والوقت. يحقق لها الراحة النفسية والبدنية. يرفع الإنتاجية ويقلل نسب الغياب عن العمل. يتيح فرصا جيدة لذوات الإعاقة الجسدية أو الأكبر سنا. لا تضطر المرأة معه لمغادرة المنزل واستخدام المواصلات وبالتالي قد يُستغنى عن السائقين والخدم والحضانة. إلى غير ذلك من الكثير الكثير من المزايا والإيجابيات.

ولمن يتساءل عن نوعية العمل الذي يمكن أن تديره المرأة لصالح القطاع الحكومي والخاص عن بُعد أو تديره لصالحها هي في منزلها. فبشكل مجمل هناك أعمال الترجمة والطباعة والعمليات المحاسبية، التسويق التجاري والإعلامي.

المراقبة والتدقيق اللغوي والمالي، البرمجة وتطبيقات الحاسب الآلي، البحوث والدراسات، تحليل البيانات والمعلومات.

 الاستشارات القانونية، أعمال التوثيق والمراجعة، فنون الدعاية والإعلان، التحرير الصحافي، إعداد البرامج للإذاعة والتلفاز. الرسوم والتصاميم الفنية والهندسية. وفي منزلها يمكنها أيضا أن تفتتح مطبخا أو مشغلا أو حضانة أو غير ذلك.

والحقيقة أنه سواء رفض المجلس التوصية أم أقرها فالواقع يقول إن آلاف السعوديات لا يبالين بذلك. فقد بدأن يعتمدن على أنفسهن بعد الله في اختيار ما يلائمهن من عمل ويشهد بذلك تواجدهن الملحوظ وتوجههن المتزايد لهذا النظام من العمل.

وفي أسرتنا وحدها وبين شقيقاتي نكاد نعمل جميعا بهذه الطريقة: فإحدى شقيقاتي لها متجرها الإلكتروني وتجارتها الناجحة. وأخرى تدير عملا تسويقيا مشابها. بالإضافة لمن حصدت تفوقا جامعيا ثم ارتطمت بتعقيدات وزارة التعليم العالي وفرض الابتعاث الخارجي فاتجهت للإعلام الإلكتروني. وأنا أيضا أكتب المقالات وبعض الأعمال الصحافية عن بعد. والمحصلة أن كل واحدة منا تكسب ما يحلم بمثله أو نصفه بعض العاطلين من الرجال الذين لم تأبه لتوظيفهم وزارة العمل!
...........
العرب القطرية


ريم سعيد آل عاطف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..