القاهرة – من بول تيلور وياسمين صالح
إنه
موسم الحصاد في مصر لكن المعارضة التي ليس لها مرجعية دينية لا تجني أي
ثمار من الصعوبات
التي تواجهها جماعة الاخوان في حكم البلاد بعد عامين من
الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.
يتطلع
الكثير من المصريين للجيش أو لجماعات إسلامية سلفية وليس للأحزاب
الليبرالية او اليسارية في الوقت الذي يواجه فيه الرئيس محمد مرسي وحكومته
صعوبة في إحياء الاقتصاد المتداعي وإعادة الأمن وبناء المؤسسات.
ويقول
منتقدون إنه ربما يكون أكبر خطر يتهدد مصر خلال المرحلة الانتقالية ليس
سعي جماعة الاخوان للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من السلطات بل عجز المعارضة
الضعيفة المتشرذمة عن تقديم بديل معقول.
قال
عمرو موسى (76 عاما) وهو الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية وأحد
قيادات جبهة الإنقاذ الوطني "أقر بأن المعارضة لم ترق إلى حد توقعات
الناس".
وأضاف "لكني أقر أيضا بأن هناك الكثير من الاحتمالات للمعارضة حتى يتسنى لها مواجهة التحدي خاصة بما أن الحكومة لا تقدم الكثير".
وابرم
تحالف بين ستة أحزاب ليس لها مرجعية دينية ومجموعة من نشطاء الديمقراطية
والمفكرين في هذه الجبهة في نوفمبر/ تشرين الثاني لمقاومة إعلان دستوري
لمرسي منح نفسه بموجبه صلاحيات كاسحة لفترة قصيرة للمضي في الدستور.
ويبدو
أن العنصر الوحيد الذي يجمع بين المتحالفين في جبهة الإنقاذ الوطني هو
اليأس وحده. وقال موسى الذي كان وزيرا للخارجية خلال عهد مبارك طيلة 10
سنوات "ما يبقينا متحالفين هو الوضع الصعب في مصر".
وقال
محمد البرادعي زعيم حزب الدستور إن الجبهة "لا تملك ترف تحديد ما هو ينتمي
إلى اليسار أو يسار الوسط أو يمين الوسط لأن ما نعارضه هو نظام فاشي".
وهو
يرى أن الجبهة تمثل الأغلبية الصامتة التي تبلغ نسبتها ما بين 60 و70 في
المئة من المصريين الذين يرفضون حكم الاخوان والذين يمرون بحالة "إحباط".
غير
أن هذا التحالف المعارض يعاني من معركة وصفها أحد الأعضاء في الجبهة بأنها
"معركة الأنا" بين الزعماء كما أن الأحزاب التي تتألف منها لا تتفق كثيرا
على السياسات.
والسؤال
هو هل تقرر الجبهة التفاهم مع مرسي والوصول معه إلى حل وسط من أجل الوحدة
الوطنية أم تقرر المقاطعة أم إضعافه حتى تجعل من الصعب على جماعة الاخوان
السيطرة على البلاد؟
وهل
ستشارك الجبهة في الانتخابات التي يعتقد كثيرون انها سترجح كفة الاخوان
كما كان الحال مع كل الانتخابات او الاستفتاءات التي أجريت بعد الانتفاضة
أم ستقاطعها مما قد يؤدي إلى تهميشها والظهور في مظهر الخاسر الذي لا يتحلى
بالروح الرياضية؟
وهل
يتعين عليها مساندة قرض مقترح من صندوق النقد الدولي باعتباره ضروريا
لإخراج الاقتصاد من الأزمة رغم الشروط الصعبة التي ستكون ملحقة به أو
معارضته على أساس السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية ام يجب عليها عدم
التدخل؟.
وفي كل مرة يبدو فيها ان الجبهة على وشك الانهيار بسبب إحدى تلك القضايا تقدم جماعة الاخوان على خطوة أخرى تعيد توحيد صفوف المعارضة.
وكانت
أحدث هذه الخطوات محاولة لم تكلل بالنجاح في ابريل/ نيسان لتطهير القضاء
الذي يعتقد البعض أنه يضم قضاة فاسدين من عهد مبارك هدفهم عرقلة الانتخابات
والقوانين التي تتقدم بها جهات منتخبة وتسيطر عليها جماعة الاخوان.
وبمحاولة
اجبار أكثر من ثلاثة آلاف قاض على ترك مناصبهم دفعة واحدة تكون جماعة
الاخوان قد اوغرت صدور جهاز القضاء وجبهة الانقاذ والسلفيين ومعظم قطاع
الاعلام ضد مرسي الامر الذي دفع الرئيس الى المبادرة باتخاذ خطوة تراجع
تكتيكية والسعى لحل وسط.
ويقول
محللون سياسيون إن الرئيس من الممكن أن يتسبب في تفكيك هذه الجبهة
المعارضة بمجرد ان يقبل مطلبها وهو تشكيل حكومة وحدة وطنية وتعيين شخصية
اخرى خلفا للنائب العام الحالي وإصدار قانون للانتخابات أكثر توازنا.
وقال
دبلوماسي أوروبي رفيع "سيمثل هذا مأزقا حقيقيا للمعارضة. لكن الارتياب
المتبادل وشعور الاخوان القوي بتعرضهم للحصار قوي جدا لدرجة تجعلني لا
أتوقع أن مرسي سيفعل ذلك".
ويشعر
الكثير من نشطاء المعارضة أنهم منحوا مرسي مساندة حيوية جعلته يفوز في
الانتخابات عندما كان يواجه في جولة الإعادة أحمد شفيق الذي كان آخر رئيس
للوزراء في عهد مبارك في يونيو/ حزيران لكن جماعة الاخوان في نهاية الأمر
نحتهم جانبا.
وهم
يشعرون بأنهم تعرضوا للخديعة في قضايا مثل الدستور وحقوق المرأة والأقليات
الدينية واستقلال القضاء والقوانين المنظمة للانتخابات والمظاهرات
والمنظمات غير الحكومية.
وقال
خالد داود وهو متحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني من حزب الدستور "لقد خاننا
الاخوان المسلمون.. لقد خدعنا الاخوان المسلمون. الآن يستهدفوننا بدعايتهم
تماما مثلما كان يفعل النظام القديم".
وإلى
جانب جبهة الإنقاذ الوطني فهناك المعارضة الإسلامية من التوجهات المختلفة
بما في ذلك حزبان سلفيان وكذلك من تبقوا من الحزب الوطني الديمقراطي
المحظور الآن والذي كان يحكم مصر خلال عهد مبارك.
ويبدو
ان حزب النور السلفي هو أسرع الأحزاب نموا لكن زعمه بأنه يضم 800 ألف عضو
يبدو تقديرا متفائلا. وقاد حزب النور تحالفا لأحزاب سلفية حصدت 27.3 في
المئة من المقاعد في الانتخابات التي أجريت في 2011-2012 وكان لها ثاني
أكبر كتلة من أعضاء مجلس الشعب المنحل.
ويقول
نادر بكار (29 عاما) وهو المتحدث باسم الحزب والحاصل على ماجستير في إدارة
الأعمال من جامعة الاسكندرية إن المصريين يقبلون على حزب النور لأنه لا
يسعى إلى احتكار السلطة.
كما أنه لا يواجه المشكلة التي تواجهها الحكومة وهي محاولة العمل في البيئة التي تتسم بالفوضى خلال فترة ما بعد الثورة.
وشأن
حزب النور شأن جماعة الاخوان فإنه يقدم خدمات اجتماعية وطبية للفقراء
ويوزع مواد غذائية رخيصة أو بالمجان. وربما يكون لهذا مردود في الانتخابات
في بلد يتقاضى فيه 40 في المئة من السكان أقل من دولارين يوميا.
لكن
على عكس حزب الحرية والعدالة الذي دفع بمرسي الى سدة الحكم فإن حزب النور
يؤيد تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم شخصيات ليبرالية من المعارضة.
ويقع
مقر حزب النور في شقة مطلة على النيل كان من الممكن أن يكون مقرا لوكالة
إعلان على سبيل المثال لولا صوت القرآن الصادر من شاشة معلقة على الحائط في
منطقة الاستقبال.
وقال بكار "الاحتمال الاكبر او شبه المحسوم عدم التحالف مع الحرية والعدالة".
وقال
إن حزب النور يريد تجنب الاستقطاب في شوارع مصر بين إسلاميين وغير
إسلاميين وترك الباب "مواربا" للتحالف مع بعض الأحزاب ليست ذات المرجعية
الدينية. لكن هذه النوعية من التحالفات تبدو غير مرجحة.
ووجه بكار تهنئة للأقباط بمناسبة عيد القيامة الذي يحل الاحتفال به اليوم.
ويجتمع زعماء جبهة الإنقاذ الوطني اسبوعيا الأربعاء لمحاولة التقريب بين وجهات النظر واتخاذ مواقف مشتركة.
وفي
18 ابريل/ نيسان قالت الجبهة في بيان إنها مستعدة للمشاركة في الانتخابات
البرلمانية مع مواصلة مساعي محاولة تهيئة الجو الملائم لإجراء انتخابات حرة
ونزيهة. لكن هذا الغموض كان له أثره السلبي على الجبهة.
ويقول
قياديان في الجبهة طلبا عدم نشر اسميهما إن الواقع هو أن حزبين على الأقل
هما الحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب الوفد سيشاركان في الانتخابات حتى لو
لم تشارك الأحزاب الأخرى في الجبهة.
وقال
حمدين صباحي (58 عاما) اليساري زعيم التيار الشعبي إنه في حالة تلبية مرسي
للشروط لإجراء انتخابات نزيهة بما في ذلك إقالة رئيس الوزراء هشام قنديل
فستخوض جبهة الإنقاذ الانتخابات بقائمة واحدة.
وفي
حين أن احزابا أخرى داخل جبهة الإنقاذ الوطني تعتبر قرض صندوق النقد
الدولي الذي طال انتظاره ضروريا لإنعاش الاقتصاد فإن صباحي يرى أن مصر يجب
ان ترفضه لأن شروطه ستسبب المزيد من الافقار وربما تشعل ثورة جياع.
وقال صباحي إن مطالبة البعض بعودة الجيش تكشف مدى تهافت الجبهة.
وقال صباحي إن وجود مطالب بعودة الجيش المصري تظهر أنه ليس هناك أمل في الاخوان من ناحية أو ثقة في جبهة الإنقاذ من ناحية أخرى.
ومضى
يقول عن الخلافات داخل الجبهة "موضوع الخلاف في جبهة الإنقاذ منطقي ومتوقع
جدا لأن أنا طريقتي في الرؤية ومرجعيتي مش هي بالضبط اللي عند الدكتور
البرادعي ولا السيد عمرو موسى".
وأقر
احمد فوزي الامين العام للحزب الديمقراطي الاجتماعي بأن حزبه منقسم بشأن
قضية الانتخابات التي ستجرى في وقت لاحق من العام الحالي لكنه قال إن كل
حركة ستخوض الانتخابات بمفردها.
وقال
فوزي وهو محام يبلغ من العمر 41 عاما إن الحزب الديمقراطي الاجتماعي يضم
10 آلاف عضو وإنه بين عدد محدود من الأحزاب التي تعود جذورها إلى صعيد مصر
منذ قيام الانتفاضة في 25 يناير/ كانون الثاني 2011.
لكنه
قال إن الوضع صعب مضيفا أن المجتمع المصري ظل محظورا عليه العمل بالسياسة
طوال 60 عاما وطوال هذه الفترة لم تكن هناك أحزاب حقيقية أو نقابات أو
جمعيات أهلية.
وأضاف
أن الحزب كان على خلاف سواء مع المجلس العسكري الذي ظل يحكم مصر بعد
الإطاحة بمبارك وحتى تولي مرسي الرئاسة أو مع جماعة الاخوان المسلمين
ويحاول الحزب أن يؤسس نفسه في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية عصيبة والمصريون
ليسوا معتادين بعد على العمل الجماعي المنظم.
وجاء
صباحي وهو زعيم طلابي سابق امضى سنوات في السجن خلال عهد مبارك وما قبله
في المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية التي اجريت العام الماضي.
ويقول داود المتحدث باسم الجبهة إن هناك هدفا مشتركا داخل الجبهة رغم التنوع الايديولوجي والتوترات الشخصية.
وقال
"نختلف حول السياسة الاقتصادية.. نختلف حول صندوق النقد الدولي.. ربما
نختلف حول طريقة التعامل مع مرسي لكن يجمعنا غرض واحد وهو أننا نريد الدفاع
عن الدولة المصرية الديمقراطية الحديثة المدنية".
ومضى
داود يقول إن الانقسام الأساسي داخل الجبهة بين من يعتبرونها حركة ثورية
وبين من ينظرون لها باعتبارها تحالفا سياسيا مضيفا أنه في رأيه أنها من
الواضح أنها مظلة سياسية وليست مجموعة من الثوريين.
ومن
المدافعين عن الخط الثوري الروائي علاء الأسواني مؤلف رواية "عمارة
يعقوبيان" التي كانت تتحدث عن الفساد في عهد مبارك والذي شارك في احتجاجات
ميدان التحرير خلال الانتفاضة.
وكتب
الاسواني يقول في صحيفة "المصري اليوم" "المشهد في مصر اوضح من أي وقت
مضى.. ليس الأمر صراعا سياسيا بين حكومة ومعارضة كما يريد البعض تصويره
وإنما هو مقاومة شعبية شاملة ضد جماعة فاشية وصلت إلى الحكم عن طريق
الانتخابات وهي ماضية باستماتة في تنفيذ مخططها من أجل السيطرة على الدولة
المصرية مرة واحدة إلى الأبد".
وطالب الأسواني الذي يرفض الوصول إلى أي حل وسط مع مرسي بمحاكمة الرئيس ووزير داخليته بسبب الزعم بقتل وتعذيب نشطاء المعارضة.
ويثير
مثل هذا الخطاب غضب بعض الساسة داخل الجبهة التي تحاول ان تصور نفسها
باعتبارها معارضة بناءة وتعتقد أن وسيلة التغيير هي صناديق الاقتراع وليس
الشارع.
وليس
لكثير من الأحزاب التي ليس لها مرجعية دينية أي تنظيم يذكر خارج القاهرة
وعدد محدود آخر من المدن لكن التيار الشعبي له شبكات دعم بين العمال
والطلبة.
أما
حزب الوفد فله جذور أقدم من جماعة الاخوان ذاتها لكن المصريين الأصغر سنا
يرونه حزبا صنع منه مبارك معارضة صورية لم تقو على منافسته طوال نحو 30
عاما في السلطة.
وقالت
صحيفة "الأهرام" الحكومية إن طلبة في إحدى مدارس الإسكندرية طلب منهم في
موضوع تعبير في اختبار رأيهم في التحالف بين فاشلين ولصوص يعتمدون على
وسائل إعلام "فاسدة" لإفساد جهود الرئيس مرسي.
وكشف
مثل هذا الموضوع عن التوجه السياسي لمن وضع الاختبار لكنه يظهر أيضا
استياء واسع النطاق وشعورا بأن المعارضة لم تقدم البديل المقبول لحكم
الإخوان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..