السؤال
أنا امرأةٌ مُتزوِّجةٌ مِن أشهر مَعْدودةٍ، وعُمري (20) عامًا، تزوجتُ مِن شابٍّ يكبرني بـ(8) سنوات، خطَبني
هذا الشابُّ مِن أهلي، وكنتُ صغيرةً وقتها، ولم أكنْ على قدْرِ هذه المسؤوليَّة.
في
بداية أمْرِنا - بعد العقد - كان يُراسلني ويُكلمني عبر الهاتف، وكنتُ
أشعر بنفرةٍ منه لا أدري سببها، وكانتْ رسائلُه فيها همزٌ ولمز، ويُشبهني
بالحمار والجمل، مع كلماتٍ تجرح المرأة، وخاصة أن ذلك كان في أول رسائله
إليَّ، فازددتُ نفرةً منه، ونويتُ أن أطلبَ الطلاق، لكني صبرتُ على هذا
الخُلُق، مع أني أكره هذه النوعيَّة مِن الرجال!
رأتْ أمي وأخي هذه الرسائل، وكانتْ مُشكلة لأنهم لا يعلمون عنها شيئًا، وكنتُ أظنُّها أمرًا عاديًّا!
المهم تزوَّجتُ وتَمَّ البناءُ، والله يعلم ضيقي وقتَها، ثم سافرنا للخارج أيَّامًا، وكلما اقترب مني أزداد نفرةً منه.
كلَّمَني
في أمر الإنجاب، فقلتُ له: ننتظر سنةً حتى أُنهي دراستي، فرفض؛ مُتعلِّلًا
بأن أخاه فعَل ذلك مع زوجته، ومكثَا سنين لا يُنجبان، وأنه قد تزوَّج مِن
أجْل الأولاد!
لا
أعرف كيف أتعامَل معه؟ فهو جافٌّ وقاسٍ وباردٌ، ويجهل كيف يتعامَل معي؟
أراه ذكيًّا وفَطِنًا في الأمور التي يُريدها، والتي لا يُريدها يهملها!
يريدني أن أصافحَ إخوانه، وأنا لم أتعودْ على ذلك، وأن أكونَ كبقية زوجات إخوته؛ أضحك وأمزح مع الجميع، دون ضابطٍ!
اكتشفتُ
بعد ذلك أنه يدخل على المواقع الإباحيَّة، ويُشاهِد محرَّمات ، فواجهتُه
بذلك فأنكر، ثم قال لي: هل أنت تُشبعين رغبتي؟! فصدمتُ وقلتُ له: لماذا
إذًا تزوجتَني؟! وكان طبعًا لا يستطيع إتياني بعد أن حملتُ؛ لأنَّ الطبيبَ
أخبره بأنَّ هذا خطر على الجنين! وهذا أمر كان يُضايقه.
استعملتُ
معه كلَّ الأساليب، وضحَّيْتُ في بداية زواجي بأمرٍ مِن أمي ونصائحها، وهي
تخاف مِن الطلاق أكثر مِن خوفها عليَّ وأنني مِن الممكن أن أعيشَ حياةً
تافهةً وبدون معنى! تحملتُ كثيرًا حتى وصلتُ إلى مرحلةٍ لا أقدر على
التحمُّل فيها.
أعلم أنَّ الطلاقَ ليس حلًّا، وأخاف مِن نظرة المجتمع، فهل لديكم حلٌّ لحالتي هذه؟
أرشدوني - بارك الله فيكم.
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أُرَحِّب بك ابنتي في قسم الاستشارات.
ابنتي العزيزة،
قرأتُ رسالتك عدة مرات، ووجدتُ أنَّ مُشكلتك تُترجم في أنك حتى الآن غير
مُقتنعةٍ بأنك تزوجتِ، وأنك أصبحتِ زوجةً عليها واجباتٌ، كما أنَّ لها
حقوقًا، ووجدت أيضًا أنك - حبيبتي - وضعتِ يدك على الحلِّ بقولك في آخر
رسالتك: الطلاقُ ليس حلًّا، وكلامُك صحيحٌ، فالطلاقُ - يا حبيبتي - آخرُ
سهمٍ يستعملُه الزوجانِ بعد أن تفرغ معهما كلُّ الأسلحة، وبعد أن تصبحَ
الحياة بينهما مستحيلة، وهذا طبعًا ليس في حالتك، فأنتِ - حبيبتي - ما زلتِ
في أول سنة زواج، وما زلت وزوجك تتعرفان على بعضكما البعض، وتختبران
بعضكما البعض، ليس لإيقاف عجلة الزواج ، بل للمُضِيِّ بها إلى الأمام.
ابنتي، لم يعدْ يهمُّ الآن كيف تَمَّ زواجُك، فالزواجُ تَمَّ، وأنت الآن زوجةٌ، ومهما حصل لن تعودي لما قبْل الزواج أبدًا.
أنت الآن حبيبتي زوجةٌ، وعليك
قَبول هذا الوضع، والعمل على إنجاح زواجك بأيِّ وسيلةٍ مُباحة شرعًا، وهذا
الزوجُ هو حصنك، وهو جنتُك ونارك، فكوني له أَمَةً يكنْ لك عبدًا،
واقْبَليه كما هو لترتاحي ويرتاح ويستقيم البيتُ.
حبيبتي، انظري إلى حسنات زوجك،
وضخميها، وأغمضي الطرف عن سيئاته، حينها ستُحبينه، وسيُبادلك الحبّ، وتَعُم
السكينة بيتكما، واعلمي أنَّ الكمالَ لله وحْدَه.
أكْرِمي أهله، وأحْسِني إليهم، واقبليهم كما هم، فهم أصبحوا عائلتك وعائلة أولادك.
لا تبحثي في جوال زوجك، ولا في
أغراضِه الخاصة، وأشعريه بثقتك فيه، فإن كان لا يستحقها فهذا سوف يشعره
بتأنيب الضمير، وسيتوب عن زَلَّاته، وإن كان يستحقُّها فأنت قدَّرْتِه
وأرحتِه بثقتك فيه، وأرحتِ نفسك، وهذا المهمُّ.
حبيبتي، على الزوجين أن
يتنازَلَا عن كثيرٍ مِن الأمور، ومما يحبان ليبقى بيتهما مُنتصبًا وحياتهما
قائمةً، والمرأةُ عليها أن تخفضَ جناحها للزوج دون إذلالٍ، فهي الطرفُ
الرقيقُ الحنونُ، وهو الأقوى، والزوجةُ الذكيَّةُ هي التي تُشعر زوجها
بحاجتها الدائمة له، وتشعره بأن الكلمة الفصل له، وأنه ربُّ الأسرة.
حبيبتي، أمُّك تريد مَصلحتك،
فاسمعي لها، وتعلَّمي منها كيفية مُعاملة الزوج وأهل الزوج، فهي يهمها
أمركِ، وإن كان في زوجك عيبٌ لا يمكن معه إكمال مسيرتكما معًا فتأكَّدي
أنها أول مَن ستقف إلى جانبك، فما دامتْ تُؤنبك وتُطالبك بالإحسان إليه
وإلى نفسك أولًا، فهي بالطبع رأتْ بعين الأم، وبعين المجربة الخبيرة في
الحياة أنَّ حياتكما ستتحسَّن إن أنت اقتنعتِ بهذا، وقبلت زوجك كما هو،
وأيقنتِ أنك أصبحتِ مسؤولة عن بيتك أمام ربك وأمام زوجك وأمام الناس أجمع.
والحمدُ لله أنك حامل،
وستُصبحين أمًّا عن قريبٍ، وهذا سيُعطي حياتكما معنى أكبر وستشعرين بقيمة
عائلتك الصغيرة التي - بإذن الله تعالى - وبحفظه ورعايته ستكبر وبيتك
سيعمر، وستذكرين مواقفك هذه وتضحكين عليها وأنت تنعمين في كنف زوجك ورعايته
لك بعد أن تزولَ المنغصات، ويعم الحبُّ والوِفاق.
ابنتي، تأكَّدي أن ليستْ كلُّ البيوت قائمةً على الحبِّ، فأغلبها قائمٌ على الاحترام، وعلى الرغبة في بناء بيت وأسرة مسلمة قويمة.
حبيبتي، أنت لم تعودي صغيرةً،
وأنت أكثر واحدة ستتضرر في حال تطلقت وكان في الإمكان إصلاح زوجك، فأعيدي
النظر برويَّة في حياتك معه، وأنت تضعين بين عينيك فكرة الإصلاح والعمار.
أخيرًا: أسأل الله تعالى لك حياة الاستقرار والسعادة، وأن يختارَ لك الخير دنيا وآخرة.
تاريخ الإضافة: 20/5/2013
مصدرالموضوع:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..