يقول المثل الشهير «إذا اختلف اللصوص ظهرت السرقة»، وهو ينطبق تماماً على المأزق الجديد الذي وقع فيه لصوص التبرعات غير النظامية للشعب السوري في الخليج بعد لجوء بعضهم لمواقع التواصل الاجتماعي أخيراً لفضح شركائهم، وهذا بلا شك ناتج عن خروج عدد من أفراد العصابة من المولد بلا حمّص، لكن المؤسف حقاً أن جميع هؤلاء نفذوا عملياتهم المخزية تحت غطاء الدين وبرعاية دعاة مشاهير اعتادوا على التلاعب بعواطف العوام لسلب أموالهم أو تحويلهم إلى أدوات لمهاجمة خصومهم.
حكاية السرقة الكبيرة بدأت عندما تنادى قبل أشهر عدد ممن يوصفون بالدعاة
عبر «تويتر» و«فيسبوك» لجمع التبرعات بشكل غير نظامي لنصرة الشعب السوري،
وخصصوا أرقام حسابات بنكية لهذه المهمة ونشروها في حساباتهم، لكن الجهات
المختصة تدخلت وأوقفت مشروعهم، ونبهت الناس إلى ضرورة أن تكون التبرعات عن
طريق القنوات الرسمية لمعرفة مصيرها، ولضمان عدم سرقتها، أو وصولها إلى
خلايا إرهابية في الداخل، كما كان يحدث سابقاً عندما تخصص أتباع تنظيم
القاعدة في جمع التبرعات من الناس في الأسواق والأماكن العامة تحت غطاء
«تفطير الصائمين» ونحو ذلك.
كان
تدخل الجهات الرسمية لوقف هذا العبث ضربة موجعة لأولئك اللصوص، وهو ما
دعاهم لإطلاق حملة تشويه إلكترونية للحكومة متهمين الجهات الأمنية
بـ«محاصرة العمل الخيري»، على رغم أن القنوات الرسمية والنظامية للتبرع
كانت ولا تزال مفتوحة لمن يرغب في مساعدة الأشقاء السوريين، لكن إصراراً
عجيباً ظهر بين أتباع أولئك اللصوص على ضرورة أن تسلم الأموال لأيدي الشيوخ
لأنهم «أبخص»، بحسب ادعائهم.
مرت
الأيام وخفت صوت الحملة التشويهية، ليخرج أحد الدعاة عبر «تويتر» متهماً
أحد رفاقه القدامى بسرقة أموال التبرعات التي جُمعت بالخفاء بعيداً من
أعين الرقابة، فما كان من المتهم إلا أن رد بنشر غسيل من اتهمه وعدد من
الدعاة الداعمين له، متهماً إياهم بمطاردة الأرامل السوريات واتباع شهواتهم
تحت غطاء العمل الخيري، وموضحاً أنه سيكشف مزيداً من فضائحهم إن استمروا
في اتهامه، ولعل من أهم ما ورد في ردوده الفضائحية إشارته إلى أن داعية
سعودياً شهيراً (يفتخر عادة بكثرة متابعية عبر «تويتر»)، جمعه مع خصومه في
مجلسه وطلب منه أن يصمت عن الموضوع حتى لا تتشوه سمعة العمل الخيري، ويبدو
أن القصد حتى لا تنفضح المزيد من عمليات استغلال النساء وسرقة الأموال،
وتُجر أرجل أطراف أخرى لا تزال تتدثر بعباءة الدعوة ونصرة المظلومين عبر
جمع الأموال الساخنة في حساباتها الشخصية لحد التورم.
بالطبع
ليس هناك أكثر دناءة ورخصاً من المتاجرة بدين الله، لكن قضية مثل هذه يجب
ألاّ تمر مرور الكرام لتتوقف عند حد إبداء الاستياء منها، هناك واجب منوط
بالجهات الأمنية للتحقيق في الأمر، واستعادة الأموال المسروقة ومحاكمة من
جمعوها بشكل غير نظامي، والتشهير بهم، فليس من المنطق أن يُشهر بمن يغش
الناس في «كيس أسمنت» ويتم الصمت عمن يغش الناس في دينهم ليستولي على
أموالهم.
*صحيفة الحياة
هاني الظاهري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..