الأربعاء، 15 مايو 2013

كارثة الإخوان في قناة السويس

 
جمال سلطان
أتوجه باسمي وباسم الشعب المصري كله بخالص الامتنان إلى الرمز الوطني الكبير المستشار طارق البشري رئيس الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة سابقًا والمفكر الإسلامي الكبير، الذي كشف لنا عن "كارثة" حقيقية كانت كامنة في مشروع قانون تنمية قناة السويس الذي صدع الإخوان رؤوسنا به، وإذا بنا نكتشف أنه إعادة احتلال حقيقي لمصر وتجديد لمخططات "ديليسبس" بنسخة حديثة ومطورة،

وقد كشف البشري في شرح مطول الأبعاد الخطيرة لهذا القانون الذي أتمنى أن يمتلك من أعدوه بليل الشجاعة أن يكشفوا عن أنفسهم ويواجهوا الرأي العام في النور لكي نضعهم على القائمة السوداء للخونة والمتآمرين واللصوص الجدد، وكانت صاعقة بيان البشري حاضرة في رأس هشام قنديل وهو يتكلم في المؤتمر الذي عقدوه أمس عن المشروع فراح يخبط شمالًا ويمينًا بكلام فارغ لا يكشف عن أي معنى محدد أو يجيب على ما عرضه البشري من حقائق مروعة،

نحن أمام مشروع يمنح الدكتور محمد مرسي والإخوان الحق الكامل في التصرف في حوالي سبع محافظات مصرية كملكية خاصة خارج إطار القوانين والنظم المصرية ويجعل الولاية عليها منعقدة لمرسي وحده بلا أي حسيب ولا رقيب أو مراجعة لأي من أجهزة الدولة ومؤسساتها وتتيح له وضع النظم التي يراها لحكم هذا الإقليم مختلفة عن كل النظم المصرية، وكما يقول البشري: في مواد القانون الثلاثين يرفع السلطة المصرية عن هذا الإقليم ولا يبقى أي مظهر أو عنصر من مظاهر هذه السلطة على إقليم المفروض أنه ينتمي لمصر وأنه جزء من أرضها، وأنه من ثم خاضع لسلطة دولتها، بقوانينها وأجهزتها وسياساتها المتخذة أو التي تتخذ في المستقبل، وهو في كل مواده يقرر تنازل الدولة عن السيطرة عليه وانحسار ولايتها عنه، لأن ولاية الدولة هي قوانين وأجهزة مؤسسية، فمتى استبعدت القوانين كلها والأجهزة كلها عن أرض ما من أرض مصر،

فقد زالت سلطة الدولة عليها، ومشروع القانون الذي منح الرئيس منفردا الحق المطلق في تحديد ما يضم لهذا الإقليم من مناطق حسب رؤيته وحده ينقل "الحكم" والسيطرة الكاملة في الإقليم لمجلس إدارة يتم تعيينه بقرار منفرد من رئيس الجمهورية وهو الذي يعزل أو يغير أو يبدل فيه كما يتراءى له، كالسلطان العثماني، ومجلس إدارة الهيئة يتكون من رئيس و14عضوًا يعينهم رئيس الجمهورية وحده دون شريك له في اختيارهم، والمادة 9 فيه تنص على ألا يتقيد مجلس الإدارة بالنظم الحكومية، كما تقول المادة 10 «تعتبر أموال الهيئة خاصة»، أي يديرها القائمون على الأمر كما لو كانت ملكًا خاصًا، أي هي في الحقيقة صارت ملكًا خاصًا، والسؤال ما هو هذا الذي صار ملكًا خاصًا، أجابت عن ذلك المادة 13 وما يليها، إذ نصت هذه المادة «تؤول إلى الهيئة ملكية جميع الأراضي المملوكة للدولة والواقعة داخل قطاعات الإقليم» كما نصت المادة 14 على أن لمجلس إدارة الهيئة أن يؤجر ويستأجر، والأعجب من ذلك أن له «نزع الملكية للمنفعة العامة»، فهو بذلك ينزع الملكية الخاصة للمواطنين باسم المنفعة العامة لتصير لديه من الأموال الخاصة، وله كذلك «وضع النظم الخاصة بإنشاء وإدارة الموانئ والمطارات»، فحتى الموانئ والمطارات داخل الإقليم انحسرت عنها سلطة الدولة المركزية، ومن ذلك أيضًا نظام العمل والتأمينات، بمعنى أن قوانين العمل المنظمة لعلاقات الشعب المصري صارت مستبعدة من نطاق العاملين بهذا الإقليم، وكذلك نظام الوكالات التجارية وحتى الشهر العقاري والتوثيق تصير له نظمه الخاصة بهذا الإقليم، وكذلك نظام السجل التجاري وتأسيس الشركات وإنشاء المرافق العامة، وحتى «تراخيص إنشاء المدارس والمعاهد ودور الحضانة والمستشفيات والمراكز العلمية والبحثية والطبية والثقافية والتعليمية والصحية والاجتماعية داخل قطاعات الإقليم». أي أن أهالي هذا الإقليم يكونون شعبًا آخر، حتى في التعليم والثقافة وفي «دور الحضانة».
ولقد ختم البشري بيانه الخطير بقوله الحزين والذي يلخص إحباطات الوطن من مآلات ثورة كنا نراها واعدة، يقول: (لقد عمل حسنى مبارك على أن ينشئ إمارة له في شرم الشيخ بدلًا من دولة مصر، فهل منا الآن من يتبعه بإنشائها في إقليم قناة السويس؟ أليس الأوفق أن تنمى زراعتنا وصناعتنا وتعليمنا ونرقى بها جميعًا لصالح الشعب المصري برمته)، لكني أشهد أن "إمارة" المخلوع كانت خاضعة لقوانين ونظم الدولة المصرية ولم يشرع لها قوانين كهذه، وإن كان الفساد يرتع فيها ويتحكم، بينما "إمارة" الإخوان المسلمين الجديدة تغتصب ما يقرب من ربع أرض مصر وشعبها لتبيعه أو تؤجره لمن تشاء في الخارج أو الداخل أو ترهنه أو تمنحه بحق الانتفاع لعشرات السنين وتجعله خارج السيادة المصرية، على نفس الطريق الذي انتهت إليه مؤامرة "ديلسبس" وانتهى إلى رهن قناة السويس لدول أجنبية، لم تنته إلا بعد تأميم قناة السويس عام 1956، لقد هرب كل من تكلموا في مؤتمر أمس من التعليق على هذه "الكارثة" الوطنية التي كشفها البشري "وهجصوا" في كلام فضفاض شاعري كأغاني الأفلام، وأتمنى أن نشهد محاكمة شعبية وسياسية عاجلة لكل من شارك في إعداد هذا القانون أو تستر عليه، وقطع يد مجلس "خيال المآته" الإخواني المسمى بمجلس الشورى عن العبث بمستقبل الوطن ومقدراته على هذا النحو المروع، فمصر تتعرض للنهب الآن بطرق وأبعاد أخطر وأسرع وأكثر وحشية من أي نهب مضى.
..........
المصريون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..