غدا الثلاثاء سيكون يوما سعيدا تاريخيا في
حياة الأمة التركية، حيث إنه سيوافق الإعلان رسميا عن سداد تركيا لكل
الديون المليارية المستحقة لصندوق النقد الدولي، بل تسديدها قبل تاريخها
المستحق كما أخبرني بذلك رجل أعمال تركي وأحد كوادر حزب العدالة والتنمية،
والذي قابلته في الكويت مؤخرا وتحدثت معه ومع رفاقه مطولا عن تركيا
ونجاحاتها اللافتة المتتابعة.
وليس اللافت في هذا الإنجاز الاقتصادي الكبير حكاية التخلص من الديون فحسب، وإن كان هذا يعد إنجازا كافيا تفخر به أي حكومة، بل لأن الإنجاز تحقق في وقت تترنح فيه اقتصادات جاراتها الأوروبية بلا استثناء، وتراجع الاقتصاد فيها إلى مستويات متدنية، بل إن اليونان جارتها اللدود وخصمها الأزلي كادت تنهار اقتصاديا لولا أن الجسد الأوروبي تداعى لإنقاذها بضخ مليارات الدولارات في شرايين اقتصادها، ولا تزال في غرفة العناية المركزة وتتحلق على سريرها بقلق كل دول الاتحاد الأوروبي.
بالتأكيد سيكون هذا الإنجاز التركي الاقتصادي وساما حقيقيا يضعه الشعب التركي على عنق رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي كان مؤذنا في اسطنبول وبائع البطيخ في أزقتها والزعيم «الإسلامي» الناجح الذي يعد من أفضل قادتها على الإطلاق منذ سقوط الدولة العثمانية، هذا الإنجاز الأردوغاني يضع عددا من الحكومات العربية في حرج أمام شعوبها، فالمقارنات حين كانت تجري بين الدول العربية والدول الغربية كانت العرب تسخر منها وكأنها تقول «قياس مع الفارق»، متعللة بوجود سنوات ضوئية بين العالم الغربي المتقدم والعالم العربي المتأخر، لكن أن تأتي المقارنة بين دولة «عالمثالثية» مسلمة عانت من الديكتاتورية العسكرية مثلما عانت الدول العربية، ورزحت تحت علمانية متطرفة كما رزحت، ونخر فيها الفساد كما نخر فيها، فالوضع مختلف ومشجع فعلا على نفض غبار اليأس وأدران الكسل.
ثم إن أردوغان الذي جعل بلاده تقوم من كبوتها الاقتصادية والسياسية والتعليمية وحل جزءا كبيرا من مشاكلها السكنية والبلدية لم تستغرق منه هذه الإنجازات إلا عقدا من الزمن، وهذا أيضا إنجاز لافت يجعل شعوب المنطقة تشرئب أعناقها إلى تحقيق إنجازات مماثلة أو مقاربة لها إذا صدقت مع نفسها وبحثت للمناصب عن رجال ولم تبحث للرجال عن مناصب.
ليت الحكومات العربية تساءلت: لماذا لم يرد اسم تركيا ولو مرة واحدة عند الحديث عن عدوى الثورات العربية وهي على مرمى حجر منها؟ ولماذا لم يقلق حكام تركيا وهم يرون شرر نيران الثورات العربية يتطاير من جدار جارتهم؟ إن الحراك العربي، وهو وصف أصدق وأدق من الربيع العربي، جدير أن يأخذ الدرس من تجربة تركيا لا من زاويتها التنموية فحسب، ولكن من الزاوية التي تعني الدول العربية التي سلمت إلى الآن من انتقال لهيب نيران الثورة إليها، وهو نجاح تجربة تركيا في علاج قلبها المعطوب بعملية قسطرة سهلة، وعدم اضطرارها إلى عملية جراحية كبيرة، كما فعلت دول الثورات العربية، حين قامت بعلاج مشاكلها بعملية الثورة المحفوفة بالمخاطر، فشقت الصدر وكسرت العظم وسيّحت الدم فقط لتصل إلى علاج قلوبها المعطوبة.
........
الشرق الاوسط
وليس اللافت في هذا الإنجاز الاقتصادي الكبير حكاية التخلص من الديون فحسب، وإن كان هذا يعد إنجازا كافيا تفخر به أي حكومة، بل لأن الإنجاز تحقق في وقت تترنح فيه اقتصادات جاراتها الأوروبية بلا استثناء، وتراجع الاقتصاد فيها إلى مستويات متدنية، بل إن اليونان جارتها اللدود وخصمها الأزلي كادت تنهار اقتصاديا لولا أن الجسد الأوروبي تداعى لإنقاذها بضخ مليارات الدولارات في شرايين اقتصادها، ولا تزال في غرفة العناية المركزة وتتحلق على سريرها بقلق كل دول الاتحاد الأوروبي.
بالتأكيد سيكون هذا الإنجاز التركي الاقتصادي وساما حقيقيا يضعه الشعب التركي على عنق رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي كان مؤذنا في اسطنبول وبائع البطيخ في أزقتها والزعيم «الإسلامي» الناجح الذي يعد من أفضل قادتها على الإطلاق منذ سقوط الدولة العثمانية، هذا الإنجاز الأردوغاني يضع عددا من الحكومات العربية في حرج أمام شعوبها، فالمقارنات حين كانت تجري بين الدول العربية والدول الغربية كانت العرب تسخر منها وكأنها تقول «قياس مع الفارق»، متعللة بوجود سنوات ضوئية بين العالم الغربي المتقدم والعالم العربي المتأخر، لكن أن تأتي المقارنة بين دولة «عالمثالثية» مسلمة عانت من الديكتاتورية العسكرية مثلما عانت الدول العربية، ورزحت تحت علمانية متطرفة كما رزحت، ونخر فيها الفساد كما نخر فيها، فالوضع مختلف ومشجع فعلا على نفض غبار اليأس وأدران الكسل.
ثم إن أردوغان الذي جعل بلاده تقوم من كبوتها الاقتصادية والسياسية والتعليمية وحل جزءا كبيرا من مشاكلها السكنية والبلدية لم تستغرق منه هذه الإنجازات إلا عقدا من الزمن، وهذا أيضا إنجاز لافت يجعل شعوب المنطقة تشرئب أعناقها إلى تحقيق إنجازات مماثلة أو مقاربة لها إذا صدقت مع نفسها وبحثت للمناصب عن رجال ولم تبحث للرجال عن مناصب.
ليت الحكومات العربية تساءلت: لماذا لم يرد اسم تركيا ولو مرة واحدة عند الحديث عن عدوى الثورات العربية وهي على مرمى حجر منها؟ ولماذا لم يقلق حكام تركيا وهم يرون شرر نيران الثورات العربية يتطاير من جدار جارتهم؟ إن الحراك العربي، وهو وصف أصدق وأدق من الربيع العربي، جدير أن يأخذ الدرس من تجربة تركيا لا من زاويتها التنموية فحسب، ولكن من الزاوية التي تعني الدول العربية التي سلمت إلى الآن من انتقال لهيب نيران الثورة إليها، وهو نجاح تجربة تركيا في علاج قلبها المعطوب بعملية قسطرة سهلة، وعدم اضطرارها إلى عملية جراحية كبيرة، كما فعلت دول الثورات العربية، حين قامت بعلاج مشاكلها بعملية الثورة المحفوفة بالمخاطر، فشقت الصدر وكسرت العظم وسيّحت الدم فقط لتصل إلى علاج قلوبها المعطوبة.
........
الشرق الاوسط
حمد الماجد |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..