أنهيت قراءة كتاب : ( الطريق
إلى الإسلام) - نقله إلى العربية : عفيف البعلبكي / بيروت / دار العلم
للملايين / الطبعة الخامسة 1977م،في 407 صفحات،( عنوان الكتاب – كما جاء في
الغلاف الداخلي - بالإنجليزية The Road to Mecca
) قدم للكتاب : عبد الوهاب عزام. وجلست لأكتب عنه،فوجدت أنني أمام معضلة
عرفتها جيدا،وهي أنني لا أجيد عرض الكتب ذلك العرض المختصر،والذي نطالعه
كثيرا في الصحف والمجلات.ثم خطر في بالي – ليس ذلك من باب الدفاع عن
النفس،على الأقل ليس السبب الوحيد – أن عرض الكتب ربما كان يهدف – خصوصا في
الغرب – إلى دفع الناس إلى قراءة الكتب المعروضة. ولعلي أهدف – حين أكتب
عن كتاب قرأته – إلى كتابة شيء يغنيني عن العودة إلى قراءة الكتاب،إضافة
إلى محاولتي أن أشرك القارئ معي – إن وُجد- في الاستغناء عن قراءة
الكتاب،إذا كان لا يرغب في القراءة المطولة،أو لم يحصل على الكتاب. إضافة
إلى أنني أحب نقل كلام الكاتب بنصه،وخصوصا تلك النصوص الممتعة – بالذات في
حالة عبارات محمد
أسد – في متاهة عرض الكتاب.من هنا فإنني أجد قراءتي المطولة لهذا
الكتاب،قد تكون مبررة،ولعل أفضل ما فيها أنها ليست مقررة،فمن شاء أن يقرأ
ومن شاء ... لا أخفي عليكم أن محمد
أسد صدمني أكثر من مرة! أو صدمتني بعض آرائه،وبعض تحليلاته،وإن كان ذلك لا
ينفي عن آرائه كل الصواب،فهي – في حالتي الصواب ومجانبته – وجهة نظر علينا
أن نحترمها.ليست الآراء فقط هي التي صدمتني،فهناك أشياء أخر،وإن تكن أخف
وطأة،وأعني فقر رحلته لذكر أسماء الأماكن والأشخاص،فعندما زار القاهرة سنة
1923،سكن في : (أحد الأزقة الضيقة في حي يقطنه الصناع العرب ){ص142 –143
}،وهذا كثير جدا،وعندما زار دمشق،أول مرة،فقد سكن عند صديق لم يذكر اسمه.
ولعل ما يلفت النظر بشدة،أن أسد كان يعمل معظم وقته مراسلا صحفيا لأحدى
الصحف الألمانية،كما تعاقد مع نفس الصحيفة على تأليف كتاب عن الشرق الأوسط :
(في ربيع سنة 1924، (..) أنجزت أخيرا الكتاب الذي وصفت فيه أسفاري السابقة(وقد نشر بعد بضعة أشهر من سفري)..){ص 227 }.وكل ذلك يوفر سيلا من المعلومات الموثقة،أو هكذا يُفترض.
جولة في حياة أسد :
الذي لاشك فيه أن محمد أسد عاش حياة حافلة،تنقل فيها بين أماكن متعددة،وكأنه ابن زريق البغدادي : كأنما هو موكل بفضاء الله يذرعه.ولد ليوبولد فايس – محمد أسد – سنة 1900،وفي سنة 1922،غادر فينا – دون أن يُعلم أحدا – وتوجه إلى براغ،وهناك عمل في بعض الأعمال الصغيرة،والمؤقتة.عمل مساعدا لمخرج مشهور،وساهم في كتابة سيناريو لفيلم،أو اثنين،وعمل في وكالة (يونايتد تلغراف) سنة 1921،عاملا للهاتف،يقوم بنقل الأنباء إلى بعض الصحف عبر الهاتف،وفي تلك السنة حلت مجاعة بروسيا،وكان مكسيم جوركي يصدر النداءات الحارة لإنقاذ الناس،فأسعد الحظ أسد بإجراء مقابلة مع زوجة (جوركي)،والتي كانت في زيارة سرية : ( وفي صباح اليوم التالي انفجرت قنبلة .(..) في صفحتنا الأولى مقابلة ممثل اليونايتد تلغراف الفريدة مع السيدة جوركي.لقد أحرز عامل الهاتف انتصارا من الدرجة الأولى.(..) أُعلمت بأنني قد رقيت إلى رتبة مخبر){ص 97 }.في سنة 1922،سافر أسد إلى القدس لقضاء فترة مع خاله هناك،ومن ثم قام بإرسال بعض كتاباته لبعض الصحف،فتلقى عرضا وحيدا،فأصبح، مراسلا لصحيفة (فرانكفورتر تزايتونغ) أواخر تلك السنة،ولكن اسم تلك الوظيفة كان أكبر من فعلها – إن صح التعبير – فقد كانت أوربا تمر بفترة كساد وتضخم،فكان أسد يستلم مرتباته بالعملة المحلية،لا بالعملة الصعبة،وذلك المرتب لم يكن يكفي لشراء الطوابع! وقد اضطر – في زيارته لمصر – أن يعمل ليتمكن من دفع الإيجار،وتناول أقل ما يمكن من الطعام! الرحلة إلى القدس كانت بداية لذلك التجوال الطويل الذي قام به أسد. قبل أن نتحدث عن ذرعه للأرض،نشير إلى روح المغامرة التي يتمتع بها أسد،فحين سرقت حافظة نقوده،و بها،ماله وجواز سفره،فبدلا من العودة إلى خاله في القدس،منكسر النفس،قرر فجأة الذهاب سيرا على الأقدام إلى دمشق،وليس في جيبه سوى مبلغ صغير من المال،ومعتمدا – في طعامه وشرابه – على كرم العرب الذين أحبهم كثرا،وأشاد بكرمهم كثيرا أيضا.لا تتوقف روح المغامرة عند شراء أسد،لورقة(هوية) فقط،بل يتجلى ذلك في استهانته بنتيجة مغامرته تلك :
(ولو أنه قبض عليّ عندئذ،إذن لما أصابني أكثر من بضع ضربات بعقب البندقية،ولأعدت مخفورا إلى المطلة لا أكثر){ص 1 – 157 }.
سوف
أترككم مع قلم (أسد) السيال في هذه الجولة،وإنه ليبدو لي في بعض
الأحيان،رساما،أكثر منه كاتبا،بل إنني لأجد في بعض عباراته ما يدنو من
الشعر : (كما تطالعك أحينا رمال مسترخية سائبة
تبدو فوقها آثار الغزلان أو أحجار سوداء طبخ عليها مرتحلون قدامى منسيون
طعامهم في أيام غابرة منسية){ص 30}.هذا
الكلام أكثر شاعرية من بعض ما يُنشر في بعض دواوين الشعر! وفي أحيان أخرى
يبدو(أسد) مخرجا يسلط عدسته على المشهد،وسوف نتحدث عن ذلك إذا أذن
الله.هاهو يصوب عدسته عبر نافذة القطار :
(وانطلق القطار عصر ذلك اليوم كالسهم عبر أراضي الدلتا الناعمة الرطبة. واعترضت طريقنا قنوات النيل،تظللها أشرعة الكثير من الصنادل،وكانت المدن الصغيرة ومجموعات البيوت الشهباء المغبرة،والمنارات تظهر وتختفي وكذلك القرى المؤلفة من الأكواخ الطينية،وحقول القطن المحصود،وحقول قصب السكر النابت،وأشجار النخيل الباسقة بكثرة حول مسجد القرية (..) رجال بأثوابهم الطويلة : لقد بدوا وكأنهم يعومون،ذلك أن الهواء كان خفيفا وصافيا جدا تحت السماء المرتفعة الزرقاء الزجاجية.وعلى ضفاف القنوات كانت قضبان القصب تتمايل في الهواء،والنساء بأثوابهن السوداء يجرفن الماء في الجرار الفخارية،نساء مدهشات،رشيقات القدود،طويلات الأطراف،ذكرتني مشيتهن بالنبات الطويل الساق إذ يتأرجح بلطف،ولكن بقوة كاملة،في الهواء.){ص 112}. ويرسم لنا مشهدا آخر :
(في أوائل صيف عام 1924،خرجت من القاهرة في تجوال طويل كان من المقدر له أن يستغرق سنتين. (..) زرت شرق الأردن (..) استطعت أن أرى سوريا مرة ثانية (..) واحتوتني حيوية بيروت بعض الوقت،وسريعا ما نسيتها في وسن طرابلس الشام المتطرف وسعادتها الصامتة.كانت السفن الشراعية الصغيرة ملقية مراسيها في الميناء المفتوحة،وصواريها تصرف صريفا ناعما.وعلى كراسي واطئة دون مساند،أمام مقهى على رصيف الميناء،جلس الطرابلسيون يحتسون قهوتهم ويدخنون النارجيلة في شمس الأصيل.في كل مكان سلام ورضاء وما يكفي للشبع،وحتى الشحاذون أنفسهم كانوا يتمتعون بدفء الشمس،كأنما يقولون : (( ما أحسن أن يكون الإنسان شحاذا في طرابلس!)) ووصلت إلى حلب (..) ومن حلب ذهبت بالسيارة إلى دير الزور (..) ومن هناك قصدت أن أسافر إلى بغداد{ حيث تعرف على زيد} ..){ص 239 – 240 }. وهاهو في قطار آخر،و في أماكن أخر:
( كان علي أن آخذ القطار من حدود الأفغان إلى مرو في تركستان الروسية فسمرقند فبخارى فطشقند،ومن ثم عبر سهول تركمان الواسعة إلى جبال الاورال فموسكو (..) وشعرت بالفرح عندما اجتزت الحدود البولندية بعد أسابيع من التجوال في روسيا الآسيوية والأوربية،وقصدت رأسا إلى فرانكفورت){ص 316}. ويكتب،وهو في طريقه إلى بغداد :
(وفي الصباح التالي غادرنا دير الزور وراحت سيارتنا من طراز فورد تنهب صحراء حمادة الكبرى: سهل لا نهاية له من الحصباء،ناعم مستوي أحيانا كالإسفلت،وأحيانا أخرى يمتد في تموجات من الأفق إلى الأفق. وكان الفرات يظهر لنا أحيانا إلى يسارنا،موحلا،هادئا،ذا ضفاف منخفضة : فتظنه بحرية صامتة،إلى أن تقع عينك فجأة على زورق أو قطعة مسرعة من الخشب،وعندئذ تتضح لك قوة التيار.كان نهرا عريضا،ملكيا.لم يحدث أيما صوت،ولم يكن ملاعبا،ولم يندفع،ولم يرش بمائه اليابسة بل جرى،وانحدر دونما أغلال،مختارا طريقه التي شاءها في انعطافات لا تحصى،هابطا منحدر الصحراء الطفيف الذي لا يكاد يدرك،ندا ضمن ند،متشامخا ضمن متشامخ : ذلك أن الصحراء كانت بعيدة الانتشار،قوية،هادئة،كالفرات سواء بسواء.){ص 242 – 243 }.
كما قضى عامين من السفر في إيران وأفغانستان،وذهب في مهمة – كلفه بها الملك عبد العزيز – إلى الكويت صيف سنة 1929،كما طوف بداخلية – حسب تعبيره – المملكة العربية السعودية،وصولا إلى : ( قلب جزيرة العرب،جنوبا نحو النخيل وحقول القمح في وادي بيشة،ومن هناك إلى رمال الرانية التي لم يطأها غير عربي قبل ذلك.){ ص62}.
ذلك الترحال الطويل جعل (أسد) يقابل ويتعرف على كثير من الرجال المؤثرين،فقد تعرف على الملك عبد العزيز – رحمه الله – والأمير عبد الله بن الحسين – أمير شرقي الأردن،آن ذاك،والملك عبد الله فيما بعد - والأمير شكيب أرسلان،والشيخ المراغي،والسيد أحمد السنوسي،كما التقى بالمجاهد الليبي عمر المختار،ونترك (أسد) يصف لنا ذلك اللقاء،والذي لم يكن يفصل بينه وبين استشهاد عمر المختار سوى فترة قصيرة :
(وعلى ضوء القمر المشرق استطعت أن أراه بوضوح : كان رجلا معتدل القامة قوي البنية ذا لحية قصيرة بيضاء كالثلج تحيط بوجهه الكئيب ذي الخطوط العميقة. وكانت عيناه عميقتين،ومن الغضون المحيطة بهما كان باستطاعة المرء أن يعرف أنهما كانتا ضاحكتين براقتين في غير هذه الظروف،إلا أنهما لم يكن فيهما الآن شيء غير الظلمة والألم والشجاعة.
واقتربت منه لأحييه،وشعرت بالقوة التي ضغطت بها يده على يدي.
-"مرحبا بك،يا بني"قال ذلك واخذ يجيل عينيه في متفحصا : لقد كانت عيني رجل كان الخطر خبزه اليومي.){ص 360}(..)(لقد كان سيدي عمر يعرف انه لم يكن ينتظر غير الموت،كان هناك جد عميق،ولكن دونما كبت،في صوت سيدي عمر عندما بحث معي النتيجة المحتومة لصراعه الطويل في سبيل الحرية : كان يعرف انه لم يكن ينتظر إلا الموت. انه لم يكن يخشى الموت،ولم يسع إليه،ولكنه كذلك لم يحاول أن يتجنبه.){ص 363 – 364 }.
رغم أن كتابة محمد أسد،لمذكراته لم تكن إلا نتيجة لحوار دار بينه وبين أحد الغربيين،إلا أنه أخبرنا أنه تمنى أن يجد من يقص عليه قصته :
(تمنيت لو أن بقربي أحدا أقص عليه كل ما حدث لي في تلك السنوات البعيدة. ولكن أحدا لم يكن معي باستثناء زيد.لقد كان رجلا طيبا أمينا،وكان رفيقي في أيام وحدتي الكثيرة.لقد كان أريبا ثاقب الفكر مرهف الحس عارفا بعادات الإنسان وطرائقه (..) عرفت أنني كنت بحاجة إلى مستمع آخر يختلف عن زيد : مستمع لم يلعب دورا في حياتي (..) أكشف له عن ذكرياتي،واحدة بعد أخرى،بحيث تراها عيناه،وبحيث تراها عيناي كرة أخرى){ص 98}. لكن ذلك لم يحدث حتى قاده ترحاله إلى باكستان :
( بعد أن تركت جزيرة العرب ذهبت إلىالهند حيث اجتمعت بالشاعر الفيلسوف الإسلامي العظيم والأب الروحي لفكرة باكستان، محمد إقبال.لقد كان هو الذي سرعان ما أقنعني بإلغاء برنامجي في السفر إلى تركستان الشرقية والصين واندونيسيا،وبالبقاء في الهند كي أسهم في إيضاح المقدمات العقلية للدولة الإسلامية العتيدة التي لم تكن في ذلك الوقت أكثر من حلم يراود مخيلة إقبال.لقد كان هذا الحلم بالنسبة إليّ،كما بالنسبة إلى إقبال،يمثل طريقة،بل قل الطريقة الوحيدة لإنعاش جميع الآمال الإسلامية الهاجعة ولخلق وحدة سياسية من الناس الذين لا يربط بينهم نسب مشترك،بل تعلق مشترك بأيديولوجية فكرية واحدة. وكان أن وقفت نفسي سنين طويلة على هذا المثل الأعلى،وقمت بدراسات كثيرة،وكتبت مقالات طويلة،وألقيت محاضرات عدة،وعرفت مع الزمن كترجمان للفقه الإسلامي والثقافة الإسلامية. وعندما أنشئت باكستان في عام 1947،دعتني حكومتها إلى تنظيم دائرة إحياء الإسلام التي كان عملها تحسين المفاهيم الفكرية الإسلامية للدولة والجماعة التي يمكن أن تشاد عليها المؤسسة الحديثة.وبعد عامين من هذا النشاط المغري إلى ابعد الحدود،انتقلت إلى وزارة الخارجية الباكستانية،وعينت رئيسا لقسم الشرق الأوسط،حيث وقفت نفسي على تقوية الروابط بين باكستان وسائر أجزاء العالم الإسلامي،ولم البث أن وجدت نفسي بين أعضاء وفد باكستان إلى الأمم المتحدة في نيويورك.){ص 16 - 17}.
وهناك في نيويورك،دخل (أسد) في حوار مع أحد أصدقائه المثقفين،حول الغرب واتخاذه من الإسلام عدوا،كما أن الغرب – كما يرى أسد – يمارس نفس التعالي على (الآخر)والذي كان يمارسه اليونانيون والرومان :
( .. ومع ذلك فإني لا أشعر أن الغرب قد أصبح فعلا أقل تكبرا من اليونانيين والرومانيين نحو الثقافات الأجنبية،بل أكثر تسامحا فقط. وأرجو أن ألفت انتباهك إلى انه لم يصبح أكثر تسامحا نحو الإسلام،بل نحو ثقافات شرقية معينة أخرى تقدم نوعا من الجاذبية الروحية المتعطش إليها الغرب،وفي الوقت نفسه،بعيدة جدا عن النظرة الغربية العالمية بحيث لا تشكل أي خطر حقيقي على قيمها(..) لقد كان للحروب الصليبية التأثير الأقوى على مدنية بدأت تعي ذاتها. فمن وجهة النظر التاريخية،كانت هذه الحروب تمثل أول محاولة قامت بها أوربا. وكانت ناجحة تماما – في سبيل النظر إلى نفسها على ضوء الوحدة الثقافية. وليس هناك من التجارب التي خبرتها أوربا قبل الحروب الصليبية أو بعدها ما يمكن أن يقارن بالحماسة التي خلقتها الحملة الصليبية الأولى (..) أما قبل ذلك فقد كان هناك الفرنج والسكسون والجرمان والبورغونديون والصقليون والنورمانديون واللومبارديون : خليط من القبائل والأجناس لا يكاد يجمع بينها شيء سوى أن ممالكها وإماراتها الإقطاعية كانت من بقايا الإمبراطورية الرومانية،وأنها جميعا كانت تعتنق الدين المسيحي.ولكن إبان الحروب الصليبية وعن طريقها،رفعت الرابطة الدينية إلى مقام جديد،إلى قضية مشتركة بين جميع الأوربيين على السواء – المفهوم السياسي والديني للعالم المسيحي،هذا المفهوم الذي خلق بدوره المفهوم الثقافي لأوربا (..) لقد أعطت تجربة الحروب الصليبية أوربا وعيها الثقافي وكذلك وهبتها وحدتها { وعلى أكثر من خمس صفحات،تمددت حجج (أسد)،وفي النهاية :} ولقد اعتصم صديقي بحبل الصمت طيلة الوقت،وإنني لأستطيع أن أرى حتى الآن جسمه الطويل الدقيق يذرع الغرفة جيئة وذهوبا{هكذا} وقد غرقت يداه في جيبي سترته وهو يهز رأسه كأنما استولى عليه العجب،ولا تزال كلماته ترن في أذني إذ قال أخيرا :
-"قد يكون في ما تقول بعض الحق.أجل،قد يكون فيه بعض الحق بالرغم من أنني لست في وضع لأحكم على"نظريتك" ارتجالا .. ولكن،على كل حال،ألا تدرك على ضوء ما قلته لي أنت نفسك الآن،أن حياتك تبدو غريبة جدا وغير عادية في نظر الغربيين؟ألم يكن باستطاعتك أن تشركهم في بعض تجاربك وخبراتك؟لماذا لا تكتب تاريخ حياتك،فانا واثق من انه سيشكل مادة للقراءة تخلب الألباب .." فأجبته ضاحكا : "حسنا،لعلي استطيع أن اقنع نفسي بان اترك وزارة الخارجية لأكتب كتابا كهذا.وعلى كل،فان الكتابة هي مهنتي الأولى .. " وفي إبان الأسابيع والأشهر التي تلت بدأ شعور الدعابة الذي قابلت به اقتراح صديقي الأمريكي يتلاشى شيئا فشيئا،وبدأت أفكر بصورة جدية في كتابة قصة حياتي فأسهم مهما كان مبلغ هذا الإسهام،في رفع ذلك النقاب الصفيق الذي يفصل بين الإسلام وثقافته وبين العقل الغربي (..) وهكذا استقلت في أواخر عام 1952 من وزارة الخارجية الباكستانية وشرعت في كتابة هذا الكتاب.){ ص 19 – 25}.
إلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله.
س/ محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة
س : سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :
جولة في حياة أسد :
الذي لاشك فيه أن محمد أسد عاش حياة حافلة،تنقل فيها بين أماكن متعددة،وكأنه ابن زريق البغدادي : كأنما هو موكل بفضاء الله يذرعه.ولد ليوبولد فايس – محمد أسد – سنة 1900،وفي سنة 1922،غادر فينا – دون أن يُعلم أحدا – وتوجه إلى براغ،وهناك عمل في بعض الأعمال الصغيرة،والمؤقتة.عمل مساعدا لمخرج مشهور،وساهم في كتابة سيناريو لفيلم،أو اثنين،وعمل في وكالة (يونايتد تلغراف) سنة 1921،عاملا للهاتف،يقوم بنقل الأنباء إلى بعض الصحف عبر الهاتف،وفي تلك السنة حلت مجاعة بروسيا،وكان مكسيم جوركي يصدر النداءات الحارة لإنقاذ الناس،فأسعد الحظ أسد بإجراء مقابلة مع زوجة (جوركي)،والتي كانت في زيارة سرية : ( وفي صباح اليوم التالي انفجرت قنبلة .(..) في صفحتنا الأولى مقابلة ممثل اليونايتد تلغراف الفريدة مع السيدة جوركي.لقد أحرز عامل الهاتف انتصارا من الدرجة الأولى.(..) أُعلمت بأنني قد رقيت إلى رتبة مخبر){ص 97 }.في سنة 1922،سافر أسد إلى القدس لقضاء فترة مع خاله هناك،ومن ثم قام بإرسال بعض كتاباته لبعض الصحف،فتلقى عرضا وحيدا،فأصبح، مراسلا لصحيفة (فرانكفورتر تزايتونغ) أواخر تلك السنة،ولكن اسم تلك الوظيفة كان أكبر من فعلها – إن صح التعبير – فقد كانت أوربا تمر بفترة كساد وتضخم،فكان أسد يستلم مرتباته بالعملة المحلية،لا بالعملة الصعبة،وذلك المرتب لم يكن يكفي لشراء الطوابع! وقد اضطر – في زيارته لمصر – أن يعمل ليتمكن من دفع الإيجار،وتناول أقل ما يمكن من الطعام! الرحلة إلى القدس كانت بداية لذلك التجوال الطويل الذي قام به أسد. قبل أن نتحدث عن ذرعه للأرض،نشير إلى روح المغامرة التي يتمتع بها أسد،فحين سرقت حافظة نقوده،و بها،ماله وجواز سفره،فبدلا من العودة إلى خاله في القدس،منكسر النفس،قرر فجأة الذهاب سيرا على الأقدام إلى دمشق،وليس في جيبه سوى مبلغ صغير من المال،ومعتمدا – في طعامه وشرابه – على كرم العرب الذين أحبهم كثرا،وأشاد بكرمهم كثيرا أيضا.لا تتوقف روح المغامرة عند شراء أسد،لورقة(هوية) فقط،بل يتجلى ذلك في استهانته بنتيجة مغامرته تلك :
(ولو أنه قبض عليّ عندئذ،إذن لما أصابني أكثر من بضع ضربات بعقب البندقية،ولأعدت مخفورا إلى المطلة لا أكثر){ص 1 – 157 }.
نماذج من "ذرع الأرض"
(وانطلق القطار عصر ذلك اليوم كالسهم عبر أراضي الدلتا الناعمة الرطبة. واعترضت طريقنا قنوات النيل،تظللها أشرعة الكثير من الصنادل،وكانت المدن الصغيرة ومجموعات البيوت الشهباء المغبرة،والمنارات تظهر وتختفي وكذلك القرى المؤلفة من الأكواخ الطينية،وحقول القطن المحصود،وحقول قصب السكر النابت،وأشجار النخيل الباسقة بكثرة حول مسجد القرية (..) رجال بأثوابهم الطويلة : لقد بدوا وكأنهم يعومون،ذلك أن الهواء كان خفيفا وصافيا جدا تحت السماء المرتفعة الزرقاء الزجاجية.وعلى ضفاف القنوات كانت قضبان القصب تتمايل في الهواء،والنساء بأثوابهن السوداء يجرفن الماء في الجرار الفخارية،نساء مدهشات،رشيقات القدود،طويلات الأطراف،ذكرتني مشيتهن بالنبات الطويل الساق إذ يتأرجح بلطف،ولكن بقوة كاملة،في الهواء.){ص 112}. ويرسم لنا مشهدا آخر :
(في أوائل صيف عام 1924،خرجت من القاهرة في تجوال طويل كان من المقدر له أن يستغرق سنتين. (..) زرت شرق الأردن (..) استطعت أن أرى سوريا مرة ثانية (..) واحتوتني حيوية بيروت بعض الوقت،وسريعا ما نسيتها في وسن طرابلس الشام المتطرف وسعادتها الصامتة.كانت السفن الشراعية الصغيرة ملقية مراسيها في الميناء المفتوحة،وصواريها تصرف صريفا ناعما.وعلى كراسي واطئة دون مساند،أمام مقهى على رصيف الميناء،جلس الطرابلسيون يحتسون قهوتهم ويدخنون النارجيلة في شمس الأصيل.في كل مكان سلام ورضاء وما يكفي للشبع،وحتى الشحاذون أنفسهم كانوا يتمتعون بدفء الشمس،كأنما يقولون : (( ما أحسن أن يكون الإنسان شحاذا في طرابلس!)) ووصلت إلى حلب (..) ومن حلب ذهبت بالسيارة إلى دير الزور (..) ومن هناك قصدت أن أسافر إلى بغداد{ حيث تعرف على زيد} ..){ص 239 – 240 }. وهاهو في قطار آخر،و في أماكن أخر:
( كان علي أن آخذ القطار من حدود الأفغان إلى مرو في تركستان الروسية فسمرقند فبخارى فطشقند،ومن ثم عبر سهول تركمان الواسعة إلى جبال الاورال فموسكو (..) وشعرت بالفرح عندما اجتزت الحدود البولندية بعد أسابيع من التجوال في روسيا الآسيوية والأوربية،وقصدت رأسا إلى فرانكفورت){ص 316}. ويكتب،وهو في طريقه إلى بغداد :
(وفي الصباح التالي غادرنا دير الزور وراحت سيارتنا من طراز فورد تنهب صحراء حمادة الكبرى: سهل لا نهاية له من الحصباء،ناعم مستوي أحيانا كالإسفلت،وأحيانا أخرى يمتد في تموجات من الأفق إلى الأفق. وكان الفرات يظهر لنا أحيانا إلى يسارنا،موحلا،هادئا،ذا ضفاف منخفضة : فتظنه بحرية صامتة،إلى أن تقع عينك فجأة على زورق أو قطعة مسرعة من الخشب،وعندئذ تتضح لك قوة التيار.كان نهرا عريضا،ملكيا.لم يحدث أيما صوت،ولم يكن ملاعبا،ولم يندفع،ولم يرش بمائه اليابسة بل جرى،وانحدر دونما أغلال،مختارا طريقه التي شاءها في انعطافات لا تحصى،هابطا منحدر الصحراء الطفيف الذي لا يكاد يدرك،ندا ضمن ند،متشامخا ضمن متشامخ : ذلك أن الصحراء كانت بعيدة الانتشار،قوية،هادئة،كالفرات سواء بسواء.){ص 242 – 243 }.
كما قضى عامين من السفر في إيران وأفغانستان،وذهب في مهمة – كلفه بها الملك عبد العزيز – إلى الكويت صيف سنة 1929،كما طوف بداخلية – حسب تعبيره – المملكة العربية السعودية،وصولا إلى : ( قلب جزيرة العرب،جنوبا نحو النخيل وحقول القمح في وادي بيشة،ومن هناك إلى رمال الرانية التي لم يطأها غير عربي قبل ذلك.){ ص62}.
ذلك الترحال الطويل جعل (أسد) يقابل ويتعرف على كثير من الرجال المؤثرين،فقد تعرف على الملك عبد العزيز – رحمه الله – والأمير عبد الله بن الحسين – أمير شرقي الأردن،آن ذاك،والملك عبد الله فيما بعد - والأمير شكيب أرسلان،والشيخ المراغي،والسيد أحمد السنوسي،كما التقى بالمجاهد الليبي عمر المختار،ونترك (أسد) يصف لنا ذلك اللقاء،والذي لم يكن يفصل بينه وبين استشهاد عمر المختار سوى فترة قصيرة :
(وعلى ضوء القمر المشرق استطعت أن أراه بوضوح : كان رجلا معتدل القامة قوي البنية ذا لحية قصيرة بيضاء كالثلج تحيط بوجهه الكئيب ذي الخطوط العميقة. وكانت عيناه عميقتين،ومن الغضون المحيطة بهما كان باستطاعة المرء أن يعرف أنهما كانتا ضاحكتين براقتين في غير هذه الظروف،إلا أنهما لم يكن فيهما الآن شيء غير الظلمة والألم والشجاعة.
واقتربت منه لأحييه،وشعرت بالقوة التي ضغطت بها يده على يدي.
-"مرحبا بك،يا بني"قال ذلك واخذ يجيل عينيه في متفحصا : لقد كانت عيني رجل كان الخطر خبزه اليومي.){ص 360}(..)(لقد كان سيدي عمر يعرف انه لم يكن ينتظر غير الموت،كان هناك جد عميق،ولكن دونما كبت،في صوت سيدي عمر عندما بحث معي النتيجة المحتومة لصراعه الطويل في سبيل الحرية : كان يعرف انه لم يكن ينتظر إلا الموت. انه لم يكن يخشى الموت،ولم يسع إليه،ولكنه كذلك لم يحاول أن يتجنبه.){ص 363 – 364 }.
سبب كتابة الرحلة ... والغرب الذي لم يصبح (أقل تكبرا) بل أصبح أكثر(تسامحا) .. إلا مع الإسلام!!
(تمنيت لو أن بقربي أحدا أقص عليه كل ما حدث لي في تلك السنوات البعيدة. ولكن أحدا لم يكن معي باستثناء زيد.لقد كان رجلا طيبا أمينا،وكان رفيقي في أيام وحدتي الكثيرة.لقد كان أريبا ثاقب الفكر مرهف الحس عارفا بعادات الإنسان وطرائقه (..) عرفت أنني كنت بحاجة إلى مستمع آخر يختلف عن زيد : مستمع لم يلعب دورا في حياتي (..) أكشف له عن ذكرياتي،واحدة بعد أخرى،بحيث تراها عيناه،وبحيث تراها عيناي كرة أخرى){ص 98}. لكن ذلك لم يحدث حتى قاده ترحاله إلى باكستان :
( بعد أن تركت جزيرة العرب ذهبت إلىالهند حيث اجتمعت بالشاعر الفيلسوف الإسلامي العظيم والأب الروحي لفكرة باكستان، محمد إقبال.لقد كان هو الذي سرعان ما أقنعني بإلغاء برنامجي في السفر إلى تركستان الشرقية والصين واندونيسيا،وبالبقاء في الهند كي أسهم في إيضاح المقدمات العقلية للدولة الإسلامية العتيدة التي لم تكن في ذلك الوقت أكثر من حلم يراود مخيلة إقبال.لقد كان هذا الحلم بالنسبة إليّ،كما بالنسبة إلى إقبال،يمثل طريقة،بل قل الطريقة الوحيدة لإنعاش جميع الآمال الإسلامية الهاجعة ولخلق وحدة سياسية من الناس الذين لا يربط بينهم نسب مشترك،بل تعلق مشترك بأيديولوجية فكرية واحدة. وكان أن وقفت نفسي سنين طويلة على هذا المثل الأعلى،وقمت بدراسات كثيرة،وكتبت مقالات طويلة،وألقيت محاضرات عدة،وعرفت مع الزمن كترجمان للفقه الإسلامي والثقافة الإسلامية. وعندما أنشئت باكستان في عام 1947،دعتني حكومتها إلى تنظيم دائرة إحياء الإسلام التي كان عملها تحسين المفاهيم الفكرية الإسلامية للدولة والجماعة التي يمكن أن تشاد عليها المؤسسة الحديثة.وبعد عامين من هذا النشاط المغري إلى ابعد الحدود،انتقلت إلى وزارة الخارجية الباكستانية،وعينت رئيسا لقسم الشرق الأوسط،حيث وقفت نفسي على تقوية الروابط بين باكستان وسائر أجزاء العالم الإسلامي،ولم البث أن وجدت نفسي بين أعضاء وفد باكستان إلى الأمم المتحدة في نيويورك.){ص 16 - 17}.
وهناك في نيويورك،دخل (أسد) في حوار مع أحد أصدقائه المثقفين،حول الغرب واتخاذه من الإسلام عدوا،كما أن الغرب – كما يرى أسد – يمارس نفس التعالي على (الآخر)والذي كان يمارسه اليونانيون والرومان :
( .. ومع ذلك فإني لا أشعر أن الغرب قد أصبح فعلا أقل تكبرا من اليونانيين والرومانيين نحو الثقافات الأجنبية،بل أكثر تسامحا فقط. وأرجو أن ألفت انتباهك إلى انه لم يصبح أكثر تسامحا نحو الإسلام،بل نحو ثقافات شرقية معينة أخرى تقدم نوعا من الجاذبية الروحية المتعطش إليها الغرب،وفي الوقت نفسه،بعيدة جدا عن النظرة الغربية العالمية بحيث لا تشكل أي خطر حقيقي على قيمها(..) لقد كان للحروب الصليبية التأثير الأقوى على مدنية بدأت تعي ذاتها. فمن وجهة النظر التاريخية،كانت هذه الحروب تمثل أول محاولة قامت بها أوربا. وكانت ناجحة تماما – في سبيل النظر إلى نفسها على ضوء الوحدة الثقافية. وليس هناك من التجارب التي خبرتها أوربا قبل الحروب الصليبية أو بعدها ما يمكن أن يقارن بالحماسة التي خلقتها الحملة الصليبية الأولى (..) أما قبل ذلك فقد كان هناك الفرنج والسكسون والجرمان والبورغونديون والصقليون والنورمانديون واللومبارديون : خليط من القبائل والأجناس لا يكاد يجمع بينها شيء سوى أن ممالكها وإماراتها الإقطاعية كانت من بقايا الإمبراطورية الرومانية،وأنها جميعا كانت تعتنق الدين المسيحي.ولكن إبان الحروب الصليبية وعن طريقها،رفعت الرابطة الدينية إلى مقام جديد،إلى قضية مشتركة بين جميع الأوربيين على السواء – المفهوم السياسي والديني للعالم المسيحي،هذا المفهوم الذي خلق بدوره المفهوم الثقافي لأوربا (..) لقد أعطت تجربة الحروب الصليبية أوربا وعيها الثقافي وكذلك وهبتها وحدتها { وعلى أكثر من خمس صفحات،تمددت حجج (أسد)،وفي النهاية :} ولقد اعتصم صديقي بحبل الصمت طيلة الوقت،وإنني لأستطيع أن أرى حتى الآن جسمه الطويل الدقيق يذرع الغرفة جيئة وذهوبا{هكذا} وقد غرقت يداه في جيبي سترته وهو يهز رأسه كأنما استولى عليه العجب،ولا تزال كلماته ترن في أذني إذ قال أخيرا :
-"قد يكون في ما تقول بعض الحق.أجل،قد يكون فيه بعض الحق بالرغم من أنني لست في وضع لأحكم على"نظريتك" ارتجالا .. ولكن،على كل حال،ألا تدرك على ضوء ما قلته لي أنت نفسك الآن،أن حياتك تبدو غريبة جدا وغير عادية في نظر الغربيين؟ألم يكن باستطاعتك أن تشركهم في بعض تجاربك وخبراتك؟لماذا لا تكتب تاريخ حياتك،فانا واثق من انه سيشكل مادة للقراءة تخلب الألباب .." فأجبته ضاحكا : "حسنا،لعلي استطيع أن اقنع نفسي بان اترك وزارة الخارجية لأكتب كتابا كهذا.وعلى كل،فان الكتابة هي مهنتي الأولى .. " وفي إبان الأسابيع والأشهر التي تلت بدأ شعور الدعابة الذي قابلت به اقتراح صديقي الأمريكي يتلاشى شيئا فشيئا،وبدأت أفكر بصورة جدية في كتابة قصة حياتي فأسهم مهما كان مبلغ هذا الإسهام،في رفع ذلك النقاب الصفيق الذي يفصل بين الإسلام وثقافته وبين العقل الغربي (..) وهكذا استقلت في أواخر عام 1952 من وزارة الخارجية الباكستانية وشرعت في كتابة هذا الكتاب.){ ص 19 – 25}.
إلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله.
س/ محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة
س : سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..