الاثنين، 17 يونيو 2013

مؤتمر "اتحاد العلماء": "التعبئة علينا والتخطيط على أمريكا"؟

مؤتمر خالد حسن
أثارت بعض المداخلات في مؤتمر اتحاد العلماء المسلمين لنصرة الثورة السورية بالقاهرة، أمس، جدلا ولغطا، خاصة وأن كلماتها غلب عليها
انفعال اللحظة الساخنة..(والحديث هنا ليس عن مؤتمر نصرة الثورة السورية اليوم).
وسبق أن مرت بنا تجارب أثارت جدلا مماثلا، بدءا بالجهاد الأفغاني ضد الغزو الروسي وما بعده في العراق..هل يحتاج الجهاد المسلح إلى مال وسلاح وعتاد ورجال أم إلى تسليح فقط ولا حاجة لمزيد رجال ولا لكثير مال فإنه مفسد للثورات.
ومشكلتنا في مثل هذه المواقف الخطباء والوعاظ والمندفعون وقليلو النظر، ذلك أناعتبال المآل معتبر مقصود شرعا وأهل الشام أدرى بما يحتاجونه.
وقد صرح أحد أبرز قادتهم الميدانيين (العقيد عبد الجبار العكيدي) بأنهم لا يحتاجون إلى الرجال، لأن نصف الجيش الحر، حسب قوله، بلا سلاح، ولقلته، فهم يتناوبون عليه، فالذي يأتي لإسناد الثوار من الخارج بلا سلاح سيكون عبئا على الثوار لا نصيرا لهم..
وثمة مفسدة أخرى، أنه لا يصح أن تؤسس كل رابطة وهيئة نصرة وشيخ غيور (وكل حكومة) كتيبة له يجهزها ويمولها لتبرأ بها ذمته! وليس الأمر خلاصا فرديا وإنما هو قضية شعب بل أمة بأكملها نهضت وحطمت كثيرا من القيود السلطانية المفروضة.
فالأمر ليس ضخا وتحريضا وتعبئة بلا تنسيق ولا نظر ولا رجوع لقادة الثوار المشهود لهم بالخبرة والدراية والحكمة، وكأن الأمر أصبح قاعدة راسخة: كلما تصدر الخطباء المشهد في مثل هذه المواقف حصل نوع من الاضطراب في الرؤية والوضع الميداني..
التحريض والتعبئة وإعلان النفير العام مطلوب في مثل هذه المواقف ولا غنى عنه، لكن تقدير الموقف الميداني وما يتعلق بقضايا النصرة، فهذه يرجع فيها إلى قادة الثوار في الداخل ومن هو في الصفوف الأمامية لجبهات القتال..
وثمة مفسدة في الانفعال الزائد عن الحد المغيب للعقل، أن يتحول الصراع إلى حرب مذهبية طائفية بين السنة والشيعة لا تبقي ولا تذر، وهذا انحراف شنيع وخطيئة كبرى، سيورطنا فيها بعض المتحدثين والوعاظ والمتحدثون والمتصدرون للخطابة إذا لم يُضبطوا.
وكثير من خطباء ومتحدثي مؤتمرات النصرة في القاهرة أعلنوا حربا شعواء على الشيعة دون تمييز ولا فرز، وهذا تشويه للثورة، رغم أن كثيرا من شيعة لبنان ضد طائفية نصر الله وعصاباته ويرفضون تورط الشيعة في دعم نظام الأسد الإجرامي، وندوا بهذا التورط علنا وأدانوه. فلم نحملهم ما هم منه براء؟
ثم أن يشترط البعض التمويل أو أن يوجهوا المال ويدفعوا به دفعا لكتائب معينة، لتصفية حسابات تاريخية أو سياسية أو ميدانية مع الشيعة، فهذا ضرب للثورة.
ذلك أن من يقاتل في صفوف الأسد يُحارب ويُقاتل أيا كانت صفته وانتماؤه ومذهبه، وحزب الله وكتائب شيعية من العراق تقاتل الثوار بحقد وطافية مقيتة، فهذا حاصل، لكن لا نرد عليها إلا في جبهات القتال، على اعتبار أنهم محاربون وليسوا لأنهم شيعة..
المال يفسد وأمريكا إذا دخلت على الخط ستفجر الأوضاع الثورية في الداخل إن آجلا أم عاجلا، وتجارب العرب معها شاهدة على هذا.
وبيان مؤتمر اتحاد العلماء في القاهرة أمس ومداخلاتهم (إجمالا) لم يتعرضا للشروط الأمريكية مقابل التسليح، وهذا يثير القلق.
هذا السلاح تريده أمريكا في جزء منه أن يصفى به مقاتلو جبهة النصرة ومن تعتبرهم المخابرات المركزية "كتائب متطرفة"، فماذا سيكون موقف اتحاد العلماء عندما تتقاتل الكتائب الثورية بسلاح أمريكي مسموم؟
وما يغفل عنه الكثيرون أن ثمة اختراقا لمخابرات الأسد لبعض كتائب الثورة، وهذا اعترف به بعض القادة الميدانيين علنا وحذروا منه. ومهمتهم: ضرب الكتائب بعضها ببعض وتوجيه السلاح نحو الاقتتال الداخلي والهدم والتدمير والتخريب الذاتي.
وهناك مرض عضال لا دواء له تقريبا في مثل قضايا الجهاد هذه: أن بعض من يأتوا للنصرة من الشباب الغيور المقاتل من خارج الديار، وهم قلة لكنهم يؤثرون، يحاول فرض قناعاته وأفكاره وتطرفاته على مقاتلي وثوار الداخل، فيثير الفتن بغلوه وانحرافاته ويتسبب في مفسدة، وإن في نطق محدود، يصعب دفعها.
وبعض الذي أفسد مقاومة العراق هو الارتباط الخارجي والمرجعية "العالمية" و"الإقليمية" وما إلى ذلك من ارتباطات مضرة بقضية الثورة..
وستحضر لهم الحكومات العربية بعد رجوعهم ملفا حارقا ملتهبا يسمونه "العائدون من سوريا" ليبرروا به حملة أمنية قمعية أخرى ويرهبون به المجتمع ويشغلون به الداخل ويتقربون به إلى الخارج.
التسليح مقابل الولاء، كما نرفضه من إيران، وهو ما رفضته حقا حماس من إيران، وهي في هذا لا تساوم على استقلاليتها، فكذلك الأمر مع أمريكا.
السلاح الأمريكي أو العربي دعما لثوار الداخل في مواجهة الاحتلال الثلاثي في سوريا مكسب للثورة الشعبية، لكن على أن لا يكون ثمرة صفقة لعينة خبيثة..
والروح نفسها التي تقاتل بها الثورة السورية الشعبية وتواجه الاحتلال الثلاثي ينبغي أن تقاوم  بها إغراءات الخارج واشتراطاته المهلكة..
وأكثر مؤتمرات نصرة الثورة السورية تتحدث عن اللحظة الآنية دون اعتبار لما بعدها، فمن المهازل أن يكون منا المال والدعم والتحريض والتعبئة والنصر، وأن يكون على أمريكا والكيان الصهيوني التخطيط لما بعد السقوط، فهذا لا يرتضيه حر شريف عاقل.
المطلوب الآن السلاح وبعض المال لمواجهة طاغية الشام والعصابات الحاقدة المقاتلة معه، ولا مساومة على استقلالية موقف ثوار الداخل، أما الذين يتحدثون باسمهم في الخارج أو على الحدود مع تركيا، فلا قيمة لأي التزام لبعضهم بما يضر ويطعن في نقاء الثورة واستقلاليتها ..
ولنا في حماس درس وعبرة، فقد قبلت السلاح من إيران وإسناد من سوريا وحزب الله مضطرة، ولكنها رفضت الابتزاز والمساومة على استقلاليتها في المواقف الحاسمة، ولعل أبرزها الموقف من تأييد نظام الأسد الإجرامي، حيث رفضت الخضوع للضغوط والإملاءات الإيرانية، وكلفها هذا قطع كثير من الدعم، فالمقاومة والثورة إذا خضعت لمنطق الصفقات فقدت بريقها وتأثيرها ورصيدها
................
العصر


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..