على المخضرم منا أن يقارن بين حالنا بالأمس وحالنا اليوم، ثم يتوقع
النتائج ويحذر منها، خذ ــ على سبيل المثال ــ مجالسنا اليوم
في المناسبات واللقاءات، بل حتى في الاجتماعات الأسرية، الصورة السائدة فيها هي لمجموعة أشخاص متقابلين لا يتحدثون مع بعضهم مطلقا، يحمل كل منهم جهاز هاتف ذكي موصولا بالإنترنت تتلاعب أصابعه بأزراره، متخاطبا كتابيا مع طرف آخر في مجلس آخر أو مع مجموعة من الأصدقاء في (قروب) محادثة، أو مغردا عبر تويتر.
جيل ما قبل الأيباد والأيفون والجلاكسي كان مختلفا تماما، كان يحضر المجالس والمناسبات واللقاءات والاجتماعات الأسرية ليستمع لتجارب وخبرات ونصائح من هو أكبر منه ولو بيوم وينقلها لمن يصغره ولو بيوم، كان يتحاور حول قضايا هامة، سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية ترفع من رصيده المعرفي، ويستمع لمواقف يبرز فيها الالتزام بالقيم والمبادئ ومواقف الرجال.
جيل اليوم يتحاور أيضا عبر تلك الأجهزة، لكنه حوار مختلف تماما في المضمون والطريقة، حوار يقوم على مشاهدة مقطع طريف مرسل للمجموعة أو كلام مشجع فريق يسخر من آخر، أو تبادل صور بعضها (يوسع الصدر) أو نشر (نكتة) مسلية، لكن المؤكد أنها في الغالب (باستثناء بعض تغريدات تويتر المقتضبة) ليست محادثات تستفيد من خبرات وتجارب سابقة وتبني رصيدا معلوماتيا مفيدا للمستقبل وقائما على تجارب كبار السن والخبراء والناجحين ورجال المواقف، مثلما كان يحدث في المجالس في السابق.
هذا (الانفصال) أو الهوة الواسعة بين تجارب الأجيال الناجم عن ظاهرة الصمت في المجالس سيؤدي إلى جيل لا يحمل أي رصيد معلوماتي متصل بمن قبله من الأجيال ولا تجارب مفيدة، وربما يفتقد لبعض القيم القائمة على الاقتداء والقدوة، والعاقل من يستدرك ويستعد لهذا الخطر القادم باستعادة عنصر التواصل الحي وإنعاش روح مجالس لا جوالات فيها بل تجول في التاريخ والمواقف والتضحية وتجارب الحياة القاسية التي قد تتكرر
محمد سليمان الأحيدب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :
في المناسبات واللقاءات، بل حتى في الاجتماعات الأسرية، الصورة السائدة فيها هي لمجموعة أشخاص متقابلين لا يتحدثون مع بعضهم مطلقا، يحمل كل منهم جهاز هاتف ذكي موصولا بالإنترنت تتلاعب أصابعه بأزراره، متخاطبا كتابيا مع طرف آخر في مجلس آخر أو مع مجموعة من الأصدقاء في (قروب) محادثة، أو مغردا عبر تويتر.
جيل ما قبل الأيباد والأيفون والجلاكسي كان مختلفا تماما، كان يحضر المجالس والمناسبات واللقاءات والاجتماعات الأسرية ليستمع لتجارب وخبرات ونصائح من هو أكبر منه ولو بيوم وينقلها لمن يصغره ولو بيوم، كان يتحاور حول قضايا هامة، سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية ترفع من رصيده المعرفي، ويستمع لمواقف يبرز فيها الالتزام بالقيم والمبادئ ومواقف الرجال.
جيل اليوم يتحاور أيضا عبر تلك الأجهزة، لكنه حوار مختلف تماما في المضمون والطريقة، حوار يقوم على مشاهدة مقطع طريف مرسل للمجموعة أو كلام مشجع فريق يسخر من آخر، أو تبادل صور بعضها (يوسع الصدر) أو نشر (نكتة) مسلية، لكن المؤكد أنها في الغالب (باستثناء بعض تغريدات تويتر المقتضبة) ليست محادثات تستفيد من خبرات وتجارب سابقة وتبني رصيدا معلوماتيا مفيدا للمستقبل وقائما على تجارب كبار السن والخبراء والناجحين ورجال المواقف، مثلما كان يحدث في المجالس في السابق.
هذا (الانفصال) أو الهوة الواسعة بين تجارب الأجيال الناجم عن ظاهرة الصمت في المجالس سيؤدي إلى جيل لا يحمل أي رصيد معلوماتي متصل بمن قبله من الأجيال ولا تجارب مفيدة، وربما يفتقد لبعض القيم القائمة على الاقتداء والقدوة، والعاقل من يستدرك ويستعد لهذا الخطر القادم باستعادة عنصر التواصل الحي وإنعاش روح مجالس لا جوالات فيها بل تجول في التاريخ والمواقف والتضحية وتجارب الحياة القاسية التي قد تتكرر
محمد سليمان الأحيدب
Posted: 30 Jun 2013 07:01 AM PDT
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..