أسقط
الجيش مشروع الإسلام السياسي والخلافة العابرة للحدود التي كان التطرف
وقودها في الكثير من
المراحل، سقوط سيعيد ترتيب أوراق المنطقة واصطفافاتها،
وسقوط مدو بعد سنة من الحكم الفاشل للإخوان في مصر، يسلط الأضواء على
البديل المحتمل من قوى ليبيرالية ويسارية وشبابية
بقلم إلياس مارديني
الجيش المصري ومعادلة الداخل
بعد
محاولات ترويضه، بات الجيش المصري الرقم الصعب في أي تحول سياسي على أرض
الكنانة، وعزل الرئيس محمد مرسي خير دليل على ذلك. الرؤى تختلف حول تصرفات
المؤسسة العسكرية وتحركاتها، فجماعة الإخوان المسلمين التي وصلت إلى سدة
الحكم بانتخابات حرة وديمقراطية، تنظر إلى هذه التحركات على أنها تعد على
الديمقراطية والشرعية، لكن في المقابل حوالي ثلاثين مليون مواطن مصري في
الشارع قالوا لمرسي “إرحل” بعد
أن نجح هذا الرجل ومن حالفه في ضرب مشروع الإخوان عبر سياساته الداخلية
والخارجية، وهو أمر فشل فيه الرؤساء السابقون لمصر من جمال عبد الناصر
مرورا بأنور السادات إلى محمد حسني مبارك، أي نجح مرسي في عام واحد ما فشل
فيه من سبقه خلال عقود من الزمن.
لكن
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو الضمانات، فهل لدى المؤسسة العسكرية شيء
منها، وهل ستعيد السلطة إلى المدنيين بعد إسقاط حكم الجماعة والمرشد، أم أن
مرحلة الإنقلابات العسكرية ستكون عنوان القادم من الأيام، صور الرئيس
الراحل جمال عبد الناصر اكتسحت شوارع مصر، والدعوات للعودة إلى نهجه القومي
تتزايد، لكن مع ذلك يجب عدم نسيان أن ميدان التحرير هتف بسقوط حكم العسكر
قبل عام ونيف، وإن كان جل من هتف محسوب على الإسلام السياسي، لكن كيف
ستتعامل المعارضة مع هذه المخاوف وكيف ستعمل على تنظيم العملية الديمقراطية
هو السؤال الرئيس، إن عهد التسلط سقط دون رجعة، وها هو شعب مصر يلقن العرب
من المحيط إلى الخليج درسا في الوطنية وكيفية تحقيق المطالب السياسية
بعيدا عن العنف والمذهبية، التي يحاول البعض زجها في الصراع كي تثمر قتلا
وعنفا وإرهابا.
إن
الجيش المصري لديه حساباته، وقد اعتبر أن المؤتمر الخاص بسورية وتشجيع
المصريين على القتال في الخارج تجاوزا للخطوط الحمراء بخصوص الأمن القومي
المصري، وعليه فإن استهداف قوى الإسلام السياسي، ولا سيما المتطرفة منها،
التي لا تعترف بالحدود السياسية بات أولوية ضروية للحفاظ على كيان الدولة
المصرية .
المؤسسة العسكرية والتطورات الإقليمية
قد
لا يختلف اثنان بأن تحركات الجيش المصري جاءت بضوء أخضر أمريكي أو على
الأقل بالتنسيق مع واشنطن، فلا يمكننا أن ننظر إلى التطورات في بلاد
الفراعنة دون الإلتفات إلى الإقليم والقوى الفاعلية فيه. في تركيا ترنح عرش
السلطان أردوغان وفي إيران انفتاح مرتقب على الغرب، في لبنان سحقت ظاهرة
الأسير الجهادية كما أكدت الإمارات على أنها لن تتساهل مع محاولة الإخوان
زعزعة أمنها القومي، وكذلك مهم جدا توقيت رفع الفصل السابع من على العراق
المتهم بانه يميل على هوى طهران ويدعم نظام الأسد، والأهم من كل ذلك المشهد
في بلاد الشام، فالجيش العربي السوري يحقق انجازات وانتصارات على الأرض في
وقت يكتفي فيه الغرب بالتنديد، وعليه يبدو أن الكبار اتفقوا على إعادة
ترتيب إولوياتهم في القضاء على القاعدة ومشتقاتها، وبعد ذلك يكون الحديث عن
الصفقات، وهنا يجب التأكيد على أن المتطرفين أداة غربية بامتياز، لكن في
بعض الأوقات تخرج هذه الأداة عن السيطرة ويجب ترويضها، انها لعبة مصالح.
هناك
من يرى وأنا لا أستثني الموضوع، أن البعض يحاول اقحام الجيش المصري في
أتون الصراعات الداخلية بهدف وضعه أمام خيارات صعبة وتوريطه كي يتم القضاء
على دوره الاقليمي، كما حدث في العراق بعد الغزو الأمريكي لبلاد الرافدين،
كذلك كما يجري اليوم في سورية من تدمير ممنهج لبنية الجيش ومؤسساته، كما أن
الإخوان حاولوا جاهدين تطبيق السيناريو التركي بعزل المؤسسة العسكرية عن
الحياة السياسية، لكنهم أخطأوا حساباتهم، وها هو الجيش يدك رجال الجماعة في
السجون ويعمل على ترويض شبابها، وهو أمر تنظر إليه إسرائيل بريبة، فهي
التي نامت قريرة العين عند حدودها الجنوبية خلال السنة التي حكم فيها
الإخوان، ودمروا أنفاق غزة، وحرضوا على العنف الطائفي والمذهبي، أـما اليوم
فهنالك حسابات ومهام أخرى أمام المؤسسة العسكرية في مصر.
البديل عن الإسلام السياسي
إن
سقوط الإخوان في مصر والتجربة الفاشلة للإخوان في بلاد الفراعنة سيكون لها
تأثير على مجمل العالم العربي، لعل أبرزه هو فشل مشروع الإسلام السياسي
العابر للحدود برمته، والغمز من قناة مملكات ومشيخات الخليج. لكن ما هو
البديل؟
الجميع
يتطلع إلى القوى الليبرالية واليسارية والشبابية في مصر كي تكون دافعا
لمثيلاتها في جميع الدول العربية التي تشهد حراكا، بديل سيكون له كلمته في
رسم الاصطفافات الإقليمية الجديدة في محاولة لدرء الفتنة الطائفية وحل
مشاكل وأزمات كبرى كالسورية، وفي حال تمكن هذا البديل من بلورة نفسه، فهل
سينجح؟ أو هل سيسمح له بأن ينجح؟
بقلم إلياس مارديني
وجهة نظر موقع “صوت روسيا ” قد لا تتوافق مع رأي صاحب المقال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..