أحتار كثيرا في فهم أداء الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء المؤقت ، الذي
يبدو عصبيا ومتوترا إلى
حد كبير ويفتقر إلى المنطق أحيانا ، وكانت تلك ملاحظة الوفد الأمريكي الذي التقاه قبل فض اعتصامات أنصار مرسي ، حيث قال السيناتور "جراهام" بعد أن التقاه أنه لو كان القرار مع هذا الرجل فلا معنى لحوارنا ، هو في الحقيقة قال كلمة أكثر خشونة ، لكني أدرك أن الببلاوي جزء من مسار الإصلاح وأقرب إلى روح ثورة يناير ، ربما الأحداث الأخيرة وتوتراتها المصيرية لم تترك له من خيار سوى الانحياز الكامل للحملة الأمنية ، لكنه لا يترك فرصة إلا ويؤكد على الالتزام بمسار خارطة الطريق والمصالحة السياسية وأنه لا إقصاء لأحد ، غير أنه يصر في كل مرة على الاستثناء من ذلك ، بقوله : إلا من تلوثت يده بالدماء ، وهي جملة محيرة واستثناء غامض ، ويمكن أن توجهه أي جهة لأي جهة ، فالكل خاض في الدماء مع الأسف ، ولا أدري بالضبط من يقصد بمن تلوثت يده بالدماء ، ربما كان مقصده الأقرب هو اتهامه لجماعة الإخوان المسلمين بذلك على خلفية أحداث العنف التي وقعت في أعقاب عزل مرسي وخاصة بعد فض الاعتصامات في رابعة والنهضة ، ولكن المشكلة هنا أخلاقية قبل أن تكون سياسية ، لأن تحديد "من تلوثت أيديهم بالدماء" هو أمر موكول إلى القضاء وليس إلى الخصوم السياسيين ولا يمكن أن يحدده الببلاوي ولا غيره ، ولا يصح لأي طرف أن يتهم طرفا بعينه بالتورط في جريمة إلا إذا أدانه القضاء بحكم بات ونهائي ، وأمامنا ما حدث في موقعة الجمل وملفها وما حدث حتى مع المخلوع مبارك وتبرئته من معظم القضايا التي اتهم فيها حتى الآن على الأقل ، وبالتالي فالمنطق الأخلاقي يقول بأن الاستثناء الذي يكرره الدكتور الببلاوي بصفة دائمة لا معنى له من الناحية الواقعية ، إلا إذا كان هناك قرار باستبعاد جماعة الإخوان المسلمين وإقصائها من المسار الجديد ، وأنا في تقديري الشخصي أن استبعاد الجماعة ، بصيغتها المتجاوزة للقانون والنظام العام في الدولة ، ربما كان مطلبا قانونيا وأصبح ضروريا بالفعل كحاجة لإصلاح المسار الوطني كله ، ولكن استبعاد الجماعة من المسار السياسي لا يتأسس في تصوري على مسألة الدماء ، لأنه لم يثبت بأحكام قضائية باتة حتى الآن أن الجماعة تورطت في ذلك ، وإن كانت الاتهامات موجودة وجاري التحقيق فيها ، ولكن استبعاد الجماعة سنده الأساس أنها جماعة غير قانونية ، وكثيرا ما طالبناها بتقنين وضعها ، وأنا شخصيا طلبت ذلك من الرئيس المعزول في قصر الاتحادية عندما التقيته مع عدد من الإعلاميين والصحفيين ، ولكنه كان يعد بذلك ويتهرب ، كما كانت الجماعة تراوغ بطريقة فجة ومستخفة بالوطن كله ، عندما أشهرت جمعية أهلية باسم الإخوان ووضعوا على رأسها محمد مهدي عاكف ، كلافتة شكلية ، بينما الجماعة الحقيقية تعمل بانتظام وبجميع قياداتها وهياكلها ومؤسساتها الخارجة عن إطار القانون وتتدخل في توجيه شؤون الدولة كافة ، فلا يمكن قبول هذا الوضع من جديد ، ولكن هناك حزب الحرية والعدالة ، وهو حزب سياسي يعمل وفق إطار قانوني ويمكن أن يكون جزءا من خارطة الطريق بإعلانه الالتزام بخارطة الطريق وإدانته العنف والإرهاب بكل صوره ، وأنا أتمنى أن يكون العقل السياسي والرشيد والمسؤول هو الحاكم لجهود الرئاسة ومجلس الوزراء لإنجاز مصالحة وطنية وترسيخ خارطة الطريق وتسريع خطواتها العملية ، وأن يتم تجاهل دعوات الإقصاء والصدام لأنها خطيرة ومدمرة للبلد ومستقبله ، وأصحاب تلك الدعوات المجنونة هم "أثرياء" حرب وفتنة ، ولن يدفعوا شيئا من مال أو دم ، وإنما يدفعها أبناء الوطن الغلابة مع الأسف سواء مدنيين أو شرطة أو جيش ، وأما أثرياء الحرب والفتنة فهم يعرفون أين يذهبون إذا حل الخطر ، المصالحة الوطنية الجادة والحكيمة هي وحدها التي تقطع الطريق على التدخلات الخارجية أو محاولة البعض فرض وصاية سياسية على الشأن الوطني الداخلي ، نحن هنا في مصر نحل مشاكلنا ، فلسنا بلدا هامشيا ، ولسنا جمهورية من جمهوريات الموز ، نحن قادرون على إصلاح المسار والتحرك نحو مستقبل أرشد ، ولكن علينا أن نبرهن ـ عمليا ـ على ذلك ، بدلا من "العبط" الذي يفعله الإعلام المصري الآن بوضع ترجمة انجليزية لبرامج القنوات الخاصة والرسمية ، حتى شعار الفضائيات الرسمية يكتب الآن بالانجليزية ، في الوقت الذي تعلو عقيرتنا وزعيقنا بأننا لا نهتم بالضغط الدولي ولا يعنينا أمر الخارج في قليل ولا كثير .
المصريون
جمال سلطان
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
حد كبير ويفتقر إلى المنطق أحيانا ، وكانت تلك ملاحظة الوفد الأمريكي الذي التقاه قبل فض اعتصامات أنصار مرسي ، حيث قال السيناتور "جراهام" بعد أن التقاه أنه لو كان القرار مع هذا الرجل فلا معنى لحوارنا ، هو في الحقيقة قال كلمة أكثر خشونة ، لكني أدرك أن الببلاوي جزء من مسار الإصلاح وأقرب إلى روح ثورة يناير ، ربما الأحداث الأخيرة وتوتراتها المصيرية لم تترك له من خيار سوى الانحياز الكامل للحملة الأمنية ، لكنه لا يترك فرصة إلا ويؤكد على الالتزام بمسار خارطة الطريق والمصالحة السياسية وأنه لا إقصاء لأحد ، غير أنه يصر في كل مرة على الاستثناء من ذلك ، بقوله : إلا من تلوثت يده بالدماء ، وهي جملة محيرة واستثناء غامض ، ويمكن أن توجهه أي جهة لأي جهة ، فالكل خاض في الدماء مع الأسف ، ولا أدري بالضبط من يقصد بمن تلوثت يده بالدماء ، ربما كان مقصده الأقرب هو اتهامه لجماعة الإخوان المسلمين بذلك على خلفية أحداث العنف التي وقعت في أعقاب عزل مرسي وخاصة بعد فض الاعتصامات في رابعة والنهضة ، ولكن المشكلة هنا أخلاقية قبل أن تكون سياسية ، لأن تحديد "من تلوثت أيديهم بالدماء" هو أمر موكول إلى القضاء وليس إلى الخصوم السياسيين ولا يمكن أن يحدده الببلاوي ولا غيره ، ولا يصح لأي طرف أن يتهم طرفا بعينه بالتورط في جريمة إلا إذا أدانه القضاء بحكم بات ونهائي ، وأمامنا ما حدث في موقعة الجمل وملفها وما حدث حتى مع المخلوع مبارك وتبرئته من معظم القضايا التي اتهم فيها حتى الآن على الأقل ، وبالتالي فالمنطق الأخلاقي يقول بأن الاستثناء الذي يكرره الدكتور الببلاوي بصفة دائمة لا معنى له من الناحية الواقعية ، إلا إذا كان هناك قرار باستبعاد جماعة الإخوان المسلمين وإقصائها من المسار الجديد ، وأنا في تقديري الشخصي أن استبعاد الجماعة ، بصيغتها المتجاوزة للقانون والنظام العام في الدولة ، ربما كان مطلبا قانونيا وأصبح ضروريا بالفعل كحاجة لإصلاح المسار الوطني كله ، ولكن استبعاد الجماعة من المسار السياسي لا يتأسس في تصوري على مسألة الدماء ، لأنه لم يثبت بأحكام قضائية باتة حتى الآن أن الجماعة تورطت في ذلك ، وإن كانت الاتهامات موجودة وجاري التحقيق فيها ، ولكن استبعاد الجماعة سنده الأساس أنها جماعة غير قانونية ، وكثيرا ما طالبناها بتقنين وضعها ، وأنا شخصيا طلبت ذلك من الرئيس المعزول في قصر الاتحادية عندما التقيته مع عدد من الإعلاميين والصحفيين ، ولكنه كان يعد بذلك ويتهرب ، كما كانت الجماعة تراوغ بطريقة فجة ومستخفة بالوطن كله ، عندما أشهرت جمعية أهلية باسم الإخوان ووضعوا على رأسها محمد مهدي عاكف ، كلافتة شكلية ، بينما الجماعة الحقيقية تعمل بانتظام وبجميع قياداتها وهياكلها ومؤسساتها الخارجة عن إطار القانون وتتدخل في توجيه شؤون الدولة كافة ، فلا يمكن قبول هذا الوضع من جديد ، ولكن هناك حزب الحرية والعدالة ، وهو حزب سياسي يعمل وفق إطار قانوني ويمكن أن يكون جزءا من خارطة الطريق بإعلانه الالتزام بخارطة الطريق وإدانته العنف والإرهاب بكل صوره ، وأنا أتمنى أن يكون العقل السياسي والرشيد والمسؤول هو الحاكم لجهود الرئاسة ومجلس الوزراء لإنجاز مصالحة وطنية وترسيخ خارطة الطريق وتسريع خطواتها العملية ، وأن يتم تجاهل دعوات الإقصاء والصدام لأنها خطيرة ومدمرة للبلد ومستقبله ، وأصحاب تلك الدعوات المجنونة هم "أثرياء" حرب وفتنة ، ولن يدفعوا شيئا من مال أو دم ، وإنما يدفعها أبناء الوطن الغلابة مع الأسف سواء مدنيين أو شرطة أو جيش ، وأما أثرياء الحرب والفتنة فهم يعرفون أين يذهبون إذا حل الخطر ، المصالحة الوطنية الجادة والحكيمة هي وحدها التي تقطع الطريق على التدخلات الخارجية أو محاولة البعض فرض وصاية سياسية على الشأن الوطني الداخلي ، نحن هنا في مصر نحل مشاكلنا ، فلسنا بلدا هامشيا ، ولسنا جمهورية من جمهوريات الموز ، نحن قادرون على إصلاح المسار والتحرك نحو مستقبل أرشد ، ولكن علينا أن نبرهن ـ عمليا ـ على ذلك ، بدلا من "العبط" الذي يفعله الإعلام المصري الآن بوضع ترجمة انجليزية لبرامج القنوات الخاصة والرسمية ، حتى شعار الفضائيات الرسمية يكتب الآن بالانجليزية ، في الوقت الذي تعلو عقيرتنا وزعيقنا بأننا لا نهتم بالضغط الدولي ولا يعنينا أمر الخارج في قليل ولا كثير .
المصريون
جمال سلطان
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..