صرح الحسين بن علي برأيه وقراره فنهاه ابن
عباس وابن عمر عن الخروج ﻷنهم يعلمون أن ميزان القوى
ليس في صالحه وأن اﻻوضاع
اختلفت
الخلافات السياسية وقعت بين الصحابة ومارسوها
بكل ثقة واقتدار وقد وقع بعضها في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم ولكني سأورد مثاﻻ قريبا مما يحدث اﻵن وهو مثل واضح يمكن اﻻسترشاد به في اﻷزمة السياسية
الحالية بين اﻻخوان والانقلابيين..
ومفاده أن الرؤيا السياسية قد تختلف اختلافا
بينا وقد يكون متناقضا بين اﻷطراف المشاركة
في الحدث سواء في هذا الطرف أو الطرف اﻵخر
وليس من الضروري بشكل عام أن يعرف في حينها من المصيب ومن المخطيء ﻷن كلا الطرفين سيحشد من
اﻷدلة والبراهين ما يعضد اجتهاده ووجهته ولكن
مما ﻻشك فيه أن العلماء اﻷثبات الراسخون في العلم يعلمون الحق بهداية الله لهم
ولكن أحداث التاريخ والوقائع تبين بعد ذلك بشكل واضح وصريح ﻻ لبس فيه من كان
أصوب رأيا وأبعد نظرا
والقصة مشهورة في كتب التاريخ (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في اﻷرض فانظروا )
ورحم الله القائل
اقرأوا التاريخ إذ فيه العبر ضل قوم ليس يدرون الخبر
فهذا حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين بن علي رضي الله عنهما (بعد أحداث يطول ذكرها) جاءته أطمار من رسائل أهل العراق تنصره وتحثه للقدوم
الى العراق وتدعوه لتولي زمام اﻷمور ووضع حد للظلم والبغي ، ونصرة الحق وأهله فقرر الخروج إلى العراق .
وتبنى هذا الرأي والقرار بناء على ماوصله
من معلومات ومعطيات وهو من هو في الفضل والمكانة
وخرج في سبيل الله يريد نصرة الحق ولديه كل مبررات الخروج .
ولكن قسما آخر من الصحابة اشهرهم ابن عباس وعبدالله ابن عمر كان لهم رؤية مغايرة
وموقف سياسي مختلف بناء على معلومات ومعطيات
علموها وفهموها أثبتت اﻷحداث فيما بعد أنهم
كانوا يقرأون الموقف بشكل صحيح ورؤية ثاقبة .
وقد صرح الحسين برأيه وقراره فنهاه ابن
عباس وابن عمر عن الخروج ﻷنهم يعلمون أن ميزان القوى ليس في صالحه وأن اﻻوضاع
اختلفت وأنه سيجابه قوة غاشمة ظالمة ذات مكر
ودهاء ﻻ قبل له بها وأن القوة التي يظن أنها معه
ليست بتلك الدرجة التي يظن ، ولن تكون سندا قويا له ، وأنه سيدفع ثمنا غاليا لموقفه هذا أﻻ وهو حياته وقد صرحوا له بذلك
ومع ذلك أصر الحسين رضي الله على رأيه حتى أن ابن عمر اعتنقه وبكى وقال ودعتك الله من شهيد
والشاهد هنا ان الحسين رضي الله عنه لم يتهم ابن
عمر وابن عباس ومن معهما بالتخاذل و التقاعس والركون للسلطة الغاشمة واﻻنحياز لها ومماﻷتها والتخلي
عن نصرة الحق.... وغير ذلك وانما تفهم وجهة نظرهم وموقفهم السياسي وأن المسألة اجتهادات
لطلب الحق .
كما أن ابن عمر لم ير في موقف الحسين تهورا
وجنوحا للخطأ المتعمد بعد أن أوضح له المحاذير المترتبة على قراره وما سيحدث له إن
استمر على موقفه وقراره وتفهم موقفه مع يقينه بأنه على خطأ في تقديراته واجتهاداته
.
ثم توالت اﻷحداث وحصل بالضبط
ماحذر منه ابن عمر وابن عباس فقد عصفت
قوى البغي والظلم بحفيد رسول الله صلى الله عليه ولم يراعوا له حرمة وﻻ مكانة وﻻ نسبا
والدرس الذي نستفيده من هذه القصة أن تقدير المواقف السياسية يختلف حسب اجتهادات ورؤية كل طرف تبعا للمعطيات والمعلومات والتقديرات وﻻ يلزم بالضرورة أن يكون صاحب الدين والفضل المكانة هو صاحب الرأي اﻷصوب دائما فقد يقع في خطأ وسوء تقدير
كما أنه ﻻيلزم بأن صاحب الموقف الحق المؤيد
باﻷدلة والبراهين (الشرعية) هو الذي سينتصر بل ﻻبد أن يقترن بذلك قراءة اﻷحداث وموازين
القوى بشكل صحيح حتى تؤمن العثرات والزﻻت والمهالك
والسؤال اﻷهم ماهي اﻷثمان التي ستدفع في
سبيل هذه المواقف وخاصة إذا ارتبطت المسألة باﻵﻻف من الكوادر والطاقات ؟ وهل هذه المواقف
تستحق هذه اﻷثمان الباهظة ؟ أم يمكن التحيز
إلى فئة ومعاودة الكرة في ظروف أفضل ؟
هذا فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان واستغفر الله منه والحمد لله رب العالمين
بقلم: يوسف مصطفى
باحث شرعي – المدينة المنورة
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..