الأربعاء، 25 سبتمبر 2013

التفسير التحليلي ـ الفرقة الرابعة ـ قسم : الدراسات الإسلامية ) ج 4



بسم الله الرحمن الرحيم
(التفسير التحليلي ـ الفرقة الرابعة ـ قسم : الدراسات الإسلامية )
( الجزء الرابع من المحاضرات الدراسية )
****************
س1 : ما معنى قوله تعالى ) قل أرأيتم إن كان من عند الله ( ؟
  الجواب : أي : أخبروني إن كان ما يوحى إلى محمد r من القرآن من عند الله ، وقيل : المراد أخبروني إن كان محمد r مرسل من عند الله أم لا ، ) وكفرتم به ( أي : كفرتم بالقرآن ، أو كفرتم بمحمد r .

س2 : ما سبب نزول قوله تعالى ) وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ( ؟

الجواب : أخرج أصحاب السنن عن عوف بن مالك الأشجعي t قال : أنطلق النبي r وأنا معه حتى دخلنا كنيسة اليهود يوم عيدهم ، فكرهوا دخولنا عليهم ، فقال لهم رسول الله r : يا معشر اليهود : أروني اثني عشر رجلا منكم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ؟ يحط الله تعالى عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي عليه ، فسكتوا فما أجابه منهم أحد ، ثم رد عليهم ، فلم يجبه أحد ، فعل ذلك ثلاثا ، فقال أبيتم : فو الله لأنا الحاشر ، وأنا العاقب ، وأنا المقفى ، آمنتم أو كذبتم ، ثم أنصرف وأنا معه حتى كدنا أن نخرج ، فإذا رجل من خلفه فقال : كما أنت يا محمد ، فأقبل فقال ذلك الرجل : أي رجل تعلمونني فيكم يا معشر اليهود ؟ فقالوا والله ما نعلم فينا رجلا أعلم بكتاب الله ولا أفقه منك ولا من أبيك ولا من جدك ، قال : فإني أشهد بالله أنه النبي الذي تجدونه مكتوبا في التوراة والإنجيل ، قالوا : كذبت ، ثم ردوا عليه وقالوا شرا ، فقال رسول الله r كذبتم ، لن يقبل منكم قولكم ، فخرجنا ونحن ثلاثة رسول الله r وأنا وابن سلام ، فأنزل الله قوله ) قل أرأيتم إن كان من عند الله ( إلى قوله ) إن الله لا يهدي القوم الظالمين ( .

س3 : فيمن نزل قوله تعالى ) وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم ( ؟

الجواب : أخرج البخاري وغيره عن سعد بن أبي وقاص t قال : ( ما سمعت رسول الله r يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام t ، وفيه نزل قوله ) وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم ( .

س4 : هل يحمل قول سعد بن أبي وقاص t في عبد الله بن سلام t على العموم أم لا ؟

الجواب : لم يحمل قول سعد بن أبي وقاص في عبد الله بن سلام y على العموم ، ذلك لأنه قد ورد أن رسول الله r قد بشر عددا من الصحابة y بالجنة وهم على قيد الحياة ، وعلى هذا فيحمل قول سعد بن أبي وقاص على أن رسول الله r لم يقل هذا لأحد من أهل الكتاب إلا لعبد الله بن سلام .

س5 : ما معنى قوله تعالى ) وشهد شاهد من بني إسرائيل ( ؟

الجواب : المعنى أخبروني إن كان ذلك في الحقيقة من عند الله
والحال أنكم قد كفرتم به ، وشهد شاهد من بني إسرائيل بما انزل الله في التوراة على مثله أي القرآن من الثوابت الموجودة في التوراة المطابقة للقرآن من إثبات التوحيد والبعث والنشور وغير ذلك .

وهذه المثلية هي باعتبار تطابق المعاني وإن اختلفت الألفاظ وقيل : وشهد شاهد عليه إنه من عند الله ، ( فآمن ) الشاهد بالقرآن لما تبين له أنه من كلام الله ومن جنس ما ينزل على رسله الله .

س6 : ما المراد بالشاهد في قوله تعالى ) وشهد شاهد من بني إسرائيل ( ؟

الجواب : اختلف العلماء في تحديد الشاهد هنا : فقيل : الشاهد هو عبد الله بن سلام t .
وقيل : المراد بالشاهد : رجل من أهل الكتاب آمن بالقرآن في مكة وصدق به .
وقيل : المراد بالشاهد : هو نبي الله موسى u .

س7 : ما المراد بقوله تعالى ) فآمن واستكبرتم ( ؟

الجواب : آي : آمن الشاهد واستكبرتم أنتم عن الإيمان ) إن الله لا يهدي القوم الظالمين ( حيث حرمهم سبحانه الهداية لظلمهم لأنفسهم بالكفر بعد قيام الحجة الظاهرة على وجوب الإيمان بالله ، ومن فقد هداية الله له ضل ضلالا بعيدا .

س8 : على كم نوع تقع الهداية في القرآن الكريم ؟

الجواب : الهداية في القرآن الكريم تقع على نوعين :


النوع الأول : هداية الدلالة والإرشاد .


النوع الثاني : هداية المعونة والتوفيق .



بسم الله الرحمن الرحيم
(التفسير التحليلي ـ الفرقة الرابعة ـ قسم : الدراسات الإسلامية )
( الجزء الخامس من المحاضرات الدراسية )
****************
س1 : ما سبب نزول قوله تعالى ) وقال الذين كفروا للذين امنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه  (؟

الجواب : أخرج أصحاب السنن عن عون عن أبي شداد قال : كانت لعمر بن الخطاب t أمة أسلمت قبله يقال : لها زنيرة ، وكان عمر t يضربها على الإسلام ، وكان كفار قريش يقولون : لو كان خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة ، فأنزل الله هذه الآية .

أخرج أصحاب السنن عن قتادة قال : قال ناس من المشركين نحن أعز ، ونحن ، ونحن ، فلو كان خيرا ما سبقنا إليه فلان وفلان فأنزل الله هذه الآية .


ومعنى قوله : ) وقال الذين كفروا للذين أمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه ( أي أن الله تعالى يذكر لنا نوعا من أقاويل أهل الكفر الباطلة فقال حاكيا عنهم : لو كان ما جاء به محمد r من القرآن
والنبوة خيرا ما سبقونا إليه ،

س2 : لماذا قال الكفار ) لو كان خيرا ما سبقونا إليه  (؟


الجواب : قال الكفار هذا : لأنهم ينظرون إلى أنفسهم أنهم وحدهم المستحقون للسبق إلى كل مكرمة ،ولم يعلموا أن الله يختص برحمته من يشاء ، ويعز من يشاء ، ويصطفى لدينه من يشاء .

 ) وإذا لم يهتدوا به ( اي وإذا لم يهتدوا بالقرآن ، وقيل : وإذا لم يهتدوا بمحمد r ، وقيل : وإذا لم يهتدوا إلى طريق الإيمان .

) فسيقولون هذا إفك قديم ( حيث تجاوزوا نفي خيرية القرآن إلى دعوى أنه كذب قديم كما قالوا أساطير الأولين .

) ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ( أي : إن كتاب موسى u وهو التوراة قد تقدم في النزول على القرآن ، ومع هذا فقد توافقا في أصول الشرائع ، يدل على أنه حق وأنه من عند الله ويقتضى بطلان قولهم ، وأن القرآن يقتدي به ، وأنه رحمة من الله لمن آمن به ، وقيل : جعلناه إماما ورحمة .

) وهذا كتاب مصدق ( يعني القرآن ، حيث إنه مصدق لكتاب موسى u الذي هو إمام ورحمة ، وقيل : هذا كتاب مصدق للنبي محمد r ، ذا لسان عربي ، ) لينذر الذين ظلموا ( أي : لينذر الكتاب الذين ظلموا ، وقيل : الضمير راجع إلى الله ، وقيل : الضمير راجع إلى الرسول r ، ) وبشرى للمحسنين ( أي وبشرى للذين آمنوا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد r نبيا ورسولا .

س3 : ما تأويل قوله ) إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا  (؟


الجواب : إي : جمعوا بين التوحيد والاستقامة على الشريعة   ) فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( المعنى : أنهم لا يخافون من وقوع مكروه ولا يحزنون من فوات محبوب ، لأن ذلك مستمر دائم ، ) أولئك أصحاب الجنة ( أي أولئك الموصوفون بما ذكر أصحاب الجنة التي هي دار المؤمنين .

) جزاء بما كانوا يعملون ( أي : يجزون الجنة بسبب أعمالهم التي عملوها من الطاعات لله وترك معاصيه .

س4 : ما الذي دل عليه قوله تعالى ) أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها  (؟


الجواب : في هذه الآية من الترغيب أمر عظيم حيث إن نفي الخوف والحزن على الدوام والاستقرار في الجنة على الأبد مما لا تطلب الأنفس سواه ، ولا تتشوف إلى ما عداه .

س5 : هل العمل الصالح يدخل صاحبه الجنة أم لا ؟ وما الدليل على ما تقولين ؟
الجواب : لقد بين القرآن الكريم أن الذين صدقوا وعملوا بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية جزاؤهم ـ بفضل الله ورحمته ـ جنة عرضها السماوات والأرض فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
والعمل الصالح لا يدخل صاحبه الجنة ، وإنما تنال الجنة برحمة الله تعالى يدل على هذا قوله r : ( لن يدخل أحدكم عمله الجنة ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ، قال r : ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمته ) أو كما قال r .
من ثم نقول : أن دخول الجنة أولا برحمة الله ، وإرث الدرجات فيها بالأعمال الصالحة وبهذا يجمع بين القرآن الكريم والسنة .
س6 : كيف تردين على من يقول بوجود تعارض بين القرآن الكريم والسنة النبوية في دخول الجنة ؟
الجواب : يلاحظ أن القرآن أثبت أن دخول الجنة إنما هو على حسب أعمال العباد ، والسنة النبوية بينت أن دخول الجنة إنما هو برحمة الله فقد يوهم ظاهرهما تعارضا ولكن الأمر على خلاف ذلك .
فقد بين أهل العلم أن دخول الجنة أولا إنما هو برحمة الله تعالى وفضله ، ولكن إرث الدرجات فيها إنما هو على حسب الأعمال التي قدموها لله في دنياهم .
يدل على هذا قوله تعالى ) وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ( والله أعلم .
 س7 : فيمن نزل قوله تعالى ) ووصينا الإنسان بوالديه حسنا (
الجواب : أخرج أصحاب السنن عن ابن عباس t قال : ( نزل قوله ) ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ( في أبي بكر الصديق t .

 ) حملته أمه كرها ووضعته كرها ( قرأ الجمهور ( كرها ) في الموضعين بضم الكاف ، وقرأ أبو عمرو وأهل الحجاز بفتحهما ، قال الكسائي : وهما لغتان بمعنى واحد ، والكره بالضم : ما حمل الإنسان على نفسه ، وبالفتح : ما حمل على غيره .


س8 : لماذا ذكر الله تعالى حمل الأم ووضعها ؟

الجواب : لقد ذكر الله سبحانه حمل الأم ووضعها تأكيدا على وجوب الإحسان إليها الذي وصى الله تعالى به ، والمعنى : أنها حملته ذات كره ووضعته ذات كره .

س9 : اذكري من الأحاديث ما يدل على الإحسان إلى الأم ؟
الجواب : أخرج أصحاب السنن عن أبي هريرة t قال : جاء رجل إلى رسول الله r فقال : ( من أحق الناس بحسن صحبتي ؟ قال : أمك ، فقال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أبوك .

ثم بين سبحانه مدة حمله وفصاله فقال ) وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ( أي مدتها هذه المدة من عند ابتداء حمله إلى أن يفصل من الرضاع .

وقد استدل بهذه الآية على أن أقل الحمل ستة أشهر ، لأن مدة الرضاع سنتان ، أي مدة الرضاع الكامل كما قوله ) والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ( فذكر سبحانه في هذه الآية أقل مدة الحمل وأكثر مدة الرضاع .

س10 : ما الذي دل قوله ) حملته أمه كرها ووضعته كرها ( ؟
الجواب : لقد دل هذا القول الكريم على أن حق الأم آكد من حق
الأب ، لأنها حملته بمشقة ووضعته بمشقة وأرضعته هذه المدة بتعب ونصب ولم يشاركها الأب في شيء من ذلك .

س11: فيمن نزل قوله ) حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة ( ؟
الجواب : أخرج أصحاب السنن أن هذه الآية نزلت في أبي بكر
الصديق t فاستجاب الله له فأسلم والداه جميعا وإخوته وولده كلهم

) حتى إذا بلغ أشده ( أي بلغ استحكام قوته وعقله ، وبلغ عمرة ثماني عشرة سنة ، وقيل : الأشد الحلم ، وقيل : هو بلوغ الأربعين ، ) وبلغ أربعين سنة ( هذا يفيد أن بلوغ الأربعين هو شيء وراء بلوغ الأشد ، قال المفسرون : لم يبعث الله نبيا قط إلا بعد أربعين سنة .

) قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي ( أي : الهمني شكر ما أنعمت به على من الهداية وعلى والدى من التحنن على حين ربياني صغيرا ، وقيل : أي : الهمني شكر ما أنعمت على بالصحة والعافية وعلى والدي بالغنى والثروة ، وقيل : الأولى عدم تقييد النعمة عليه وعلى أبويه بنعمه مخصوصة

) وإن أعمل صالحا ترضاه ( أي : والهمني أن أعمل عملا صالحا ترضاه منى ) وأصلح لي في ذريتي ( أي : اجعل ذريتي من الصالحين الراسخين في الصلاح المتمكنين منه .

س12: ما الذي دل قوله ) حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة ( ؟
الجواب : في هذه الآية دليل على أنه ينبغي لمن بلغ عمره
أربعين سنة أن يستكثر من هذه الدعوات ويستكثر من فعل الصالحات كما كان يفعل الصحابة y وتابعيهم ، ومن أتى بعدهم من الصالحين .

) أني تبت إليك ( من ذنوبي ) وإني من المسلمين ( أي المستسلمين لك المنقادين لطاعتك المخلصين لتوحيدك .













بسم الله الرحمن الرحيم
(التفسير التحليلي ـ الفرقة الرابعة ـ قسم : الدراسات الإسلامية )
( الجزء السادس من المحاضرات الدراسية )
****************
س1 : علام تعود الإشارة في قوله تعالى ) أولئك الذين نتقبل أحسن ما عملوا ( ؟ وما تأويل هذه الآية ؟
الجواب : الإشارة في قوله ) أولئك الذين نتقبل أحسن ما عملوا ( إلى الإنسان المذكور ، والجمع لأنه يراد به الجنس .

ومعنى الآية : أولئك الذين نتقبل منهم أحسن ما عملوا من أعمال الخير في الدنيا ، ونتقبل منهم أحسن ما عملوا مما يثاب العبد عليه من الأعمال .

) ونتجاوز عن سيئاتهم ( فلا نعاقبهم عليها ، ) في أصحاب الجنة ( أنهم كائنون في عدادهم منتظمون في سلكهم ، وقيل : إن في بمعنى مع ، أي : مع أصحاب الجنة ، وقيل : هم في أصحاب الجنة ، ) وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ( أي : وعدهم الله وعد
الصدق الذي كانوا يوعدون به على ألسن الرسل في الدنيا .

س2 : ما شروط صحة قبول التوبة عند الله تعالى ؟
الجواب : قال أهل العلم ـ يرحمهم الله ـ شروط صحة قبول التوبة عند الله تعالى تتمثل فيما يلي :
1.           الندم على ما فات .
2.           تدارك الحقوق والواجبات .
3.           العزم على ألا بعود إلى ما يغضب الله أبدا إلى الممات

س3 : ما مناسبة قوله تعالى ) والذي قال لوالديه أف لكما ... ( لما قبلها ؟
الجواب : لما ذكر سبحانه من شكر نعمة الله عليه وعلى والديه ذكر من قال لهما قولا يدل على التضجر منهما عند دعوتهما له إلى الإيمان ، فقال : ) والذي قال لوالديه أف لكما ( وكلمة ( أف ) تصدر عن قائلها عند التضجر من شيء يرد عليه .

 ) أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي ( المعنى : أي
أتعدانني أن ابعث بعد الموت ، والحال أنه قد مضت القرون من قبلي فماتوا ولم يبعث منهم أحد .

) وهما يستغيثان الله ويلك آمن ( في محل نصب على الحال ، أي والحال أنهما يستغيثان الله له ويطلبان منه التوفيق إلى الإيمان .
وقيل المعنى : وهما يستغيثان بالله من كفره ، وقيل : الاستغاثة معناها الدعاء ، فلا يقولان له ويلك بقصد الدعاء عليه ، بل الحث له على الإيمان ، ولهذا قالا له ) إن وعد الله حق ( أي آمن بالبعث فإن وعد الله حق لا خلف فيه .

 ) فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين ( أي : فيقول عند ذلك مكذبا لما قالاه ما هذا الذي تقولانه من البعث إلا أحاديث الأولين وأباطيلهم التي سطروها في الكتب .

) اولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين ( أي : أولئك القائلون هذه المقالات هم الذين حق عليهم القول ، أي وجب عليهم العذاب بقوله سبحانه لإبليس : ) لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ( .


س4 : ما الذي يفهم من قوله تعالى ) إنهم كانوا خاسرين ( ؟
الجواب : يفهم من قوله جل شأنه ) إنهم كانوا خاسرين ( أن هذه الآية لم تنزل في عبد الرحمن بن أبي بكر t كما زعم البعض ، ذلك لأنه من أفاضل المؤمنين ، وليس هو t ممن حقت عليه كلمة العذاب . من ثم : لم يقل t لوالديه هذا القول .


) ولكل درجات مما عملوا ( أي لكل فريق من الفريقين
المؤمنين والكافرين من الجن والإنس مراتب عند الله يوم القيامة بأعمالهم .

قال ابن زيد : درجات أهل النار في هذه الآية تذهب سفلا ودرجات أهل الجنة تذهب علوا .

) وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون ( أي جزاء أعمالهم ، لا يزاد مسيء ولا ينقص محسن بل يوفى كل فريق ما يستحقه من خير وشر .

) ويوم يعرض الذين كفروا على النار ( أي أذكر لهم يا محمد يوم ينكشف الغطاء فينظرون إلى النار ويقربون منها .

وقيل معنى : ) ويوم يعرضون ( أي يوم يعذبون من قولهم عرضه على السيف ، وقيل : في الكلام قلب ، والمعنى تعرض النار عليهم .

) أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها ( أي يقال لهم ذلك ، ومعنى الاستفهام التقريع والتوبيخ .

 قال الكلبي : المراد بالطيبات : اللذات وما كانوا فيه من المعايش ، وقيل : أنهم اتبعوا الشهوات واللذات التي في معاصي الله ولم يبالوا بالذنب تكذيبا منهم لما جاءت به الرسل من عند الله .

) فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ( أي تجزون العذاب الذي فيه ذل لكم وخزي عليكم ، بسبب تكبركم عن عبادة الله والإيمان به وتوحيده  وبسبب أنكم خرجتم عن طاعة الله وعملتم بمعاصيه ، فجعل السبب في عذابهم : التكبر عن اتباع الحق .

والعمل بمعصية الله تعالى ، وهذا شأن الكفرة فقد جمعوا بينهما

س5 : بم عرف النبي r الكبر ؟ 
الجواب : لقد عرف النبي r الكبر بقوله : ( الكبر بطر الحق وغمط الناس ) ومعنى غمط الناس : الازدراء بهم واحتقارهم .

س6 : ما حكم الكبر ؟ وما الدليل على ما تقولين ؟
الجواب : حكم الكبر حرام بنص القرآن الكريم والسنة النبوية قال تعالى : ) ولا تمشي في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا ( ، وقال r : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) أو كما قال r .

س7 : ما الأسباب التي تؤدي إلى الاتصاف بالكبر ؟
الجواب : الأسباب التي تؤدي الاتصاف بالكبر كثيرة ومتنوعة ، نذكر أهمها وأشهرها فيما يلي :

أولا : إعجاب المرء بنفسه .
ثانيا : الرياء والسمعة ولفت الأنظار بالحق وغيره .
ثالثا : كراهية الخير للغير .
رابعا : الحسد والحقد على كل من أوتي حظا من الدنيا .


س8 : ما أنواع الكبر ؟ وما الدليل على ما تكتبين ؟ 

الجواب : أنواع الكبر ثلاثة تتمثل فيما يلي :

1.   التكبر على الله تعالى وعلى شرعه ، وهو أفحش أنواع الكبر يدل على ذلك تكبر فرعون وقوله ) أنا ربكم الأعلى ( وقول النمرود ) أنا أحيي وأميت ( .

2.   التكبر على رسل الله وذلك بأن يمتنع من الانقياد لهم تكبرا وجهلا وعنادا يدل على ذلك ما حكاه القرآن عن المكذبين وأشياعهم ) إن أنت إلا بشر مثلنا ( وقولهم أيضا ) وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ( .

3.   التكبر على عباد الله تعالى وذلك بأن يستعظم نفسه ويحتقر غيره ، يدل على ذلك قوله تعالى عنهم ) لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون ( .

س9 : ما درجات الكبر ؟  

الجواب : درجات الكبر تتلخص فيما يلي :


1.           أن يكون الكبر مستقرا في قلب الإنسان ، ومع ذلك يجتهد
ويتواضع .

2.   أن يظهر الكبر في أفعال المرء وذلك في مجالسه والتقدم على أقرانه .

3.   أن يظهر الكبر في لسان صاحبه كالدعاوى والمفاخر وتزكية النفس .

4.   أن يظهر الكبر في شمائل الإنسان كإطراق رأسه وجلوسه متربعا ومتكئا .

س10 : ما العقوبة التي أعدها الله تعالى للمتكبرين ؟
الجواب : لقد ذكر أهل العلم أن للمتكبر عقوبة عاجلة وآجلة تتمثل فيما يلي :

    أولا بالنسبة إلى العقوبة العاجلة ( في الدنيا ) .
1.           يطبع على قلب المتكبر ويختم عليه .
2.           يصرف عن المتكبر الآيات البينات ولم ينتفع بشيء منها .
3.           بغض الله تعالى للمتكبر وعدم محبته له .
4.           يخسف بالمتكبر جزاء كبره وإعجابه .
5.           أن الكبر سبب في الهزيمة والفشل .
6.           أن الكبر يورث صاحبه البعد عن الله والبعد عن الناس .


 ثانيا : بالنسبة إلى العقوبة الآجلة ( في الآخرة ) .


1.           أن المتكبر يكون من أهل النار .
2.           يحرم المتكبر من نظر الله إليه يوم القيامة .
3.   أن المتكبر يحشر يوم القيامة كمثل الذر في صورة رجل يغشاه الذل من كل مكان .
4.           أن المتكبر يسجن في النار في سجن لا يخرج منه أبدا .
5.           أن المتكبر يسقى يوم القيامة من عصارة أهل النار .

س11: بم يعالج المتكبر نفسه ؟
الجواب : ينبغي على المتكبر أن يعالج نفسه بما يلي :


1.           يتذكر أن ما به من نعمة فمصدرها من الله تعالى .

2.           أن يقتدي بسيرة النبي r ويتأسى بأخلاقه وأفعاله r .

3.           أن يتأسى بسيرة الصحابة y ويتعرف على حياتهم فهم
خير القرون على الإطلاق .

4.   أن يتأسى بسيرة التابعين لهم بإحسان لأنهم خير القرون بعد الصحابة y .

5.           أن يعرف حقيقة نفسه وينظر في مبدأ أمره ونهايته .

6.           أن يتذكر يوم القيامة وما يترتب عليه من أهوال .

7.   أن يخفض جناحه للصغير والكبير رجالا كانوا أم نساء ، ويتواضع مع الفقير قبل الغني .









بسم الله الرحمن الرحيم
(التفسير التحليلي ـ الفرقة الرابعة ـ قسم : الدراسات الإسلامية )
( الجزء السابع من المحاضرات الدراسية )
****************
س1 : ما معنى قوله تعالى ) واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف ... ( ؟
الجواب : قوله واذكر أخا عاد أي واذكر يا محمد لقومك أخا عاد وهو هود بن عبد الله بن رباح كان أخاهم في النسب لافي الدين وقوله إذ أنذر قومه بدل اشمتال منه أي وقت إنذاره إياهم بالأحقاف وهي ديار عاد جمع حقف وهو الرمل العظيم المستطيل المعوج قاله الخليل وغيره وكانوا قهروا أهل الأرض بقوتهم والمعنى أن الله سبحانه أمره أن يذكر لقومه قصتهم ليتعظوا ويخافوا وقيل أمره بأن يتذكر في نفسه قصتهم مع هود ليقتدي به ويهون عليه تكذيب قومه قال عطاء الأحقاف رمال بلاد الشجر وقال مقاتل هي باليمن في حضرموت وقال ابن زيد هي رمال مبسوطة مستطيله كهيئة الجبال ولم تبلغ أن تكون جبالا ( وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ) أي وقد مضت الرسل من قبله ومن بعده كذا قال الفراء وغيره وفي قراءة ابن مسعود من بين يديه ومن بعده والجملة في محل نصب على الحال ويجوز أن تكون معترضة بين إنذار هود وبين قوله لقومه ( إني أخاف عليكم ) والآول أولى والمعنى أعلمهم أن الرسل الذين بعثوا قبله والذين سيبعثون بعده كلهم منذرون نحو إنذاره ثم رجع إلى كلام هود لقومه فقال حاكيا عنه ( إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ) وقيل إن جعل تلك الجملة اعتراضية أولى بالمقام وأوفق بالمعنى
( قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا ) أي لتصرفنا عن عبادتها وقيل لتزيلنا وقيل لتمنعنا والمعنى متقارب ومنه قول عروة بن أذينة إن تك عن حسن الصنيعة مأفوكا ففي آخرين قد أفكو يقول إن لم توفق للأحسان فأنت في القوم قد صرفوا عن ذلك ( فأتنا بما تعدنا ) من العذاب العظيم ( إن كنت
 ( قال إنما العلم عند الله ) أي إنما العلم بوقت مجيئه عند الله لا عندي ( وأبلغكم ما أرسلت به إليكم من ربكم من الإنذار والإعذار فأما العلم بوقت مجئ العذاب فما أوحاه إلى ( ولكني أراكم قوما تجهلون ) حيث بقيتم مصرين على كفركم ولم تهتدوا بما جئتكم به بل أقترحتم على ما ليس من وظائف الرسل
( فلما رأوه عارضا ) الضمير يرجع إلى ( ما ) في قوله 0 بما تعدنا ) وقال المبرد والزجاج الضمير في ( رأوه ) يعود إلى غير مذكور وبينه قوله ( عارضا ) فالضمير يعود إلى السحاب أي فلما رأوا السحاب عارضا فعارضا نصب على التكرير يعني التفسير وسمى السحاب عارضا لأنه يبدو في عرض السماء قال الجوهري العارض السحاب يعترض في الأفق ومنه قوله هذا عارض ممطرنا وانتصاب عارضا على الحال أو التمييز ( مستقبل أوديتهم ) أي متوجها نحو أوديتهم قال المفسرون كانت عاد قد حبس عنهم المطر أياما فساق الله إليهم سحابة سوداء فخرجت عليهم من واد لهم يقال له المعتب فلما رأوه مستقبل أوديتهم استبشروا و ( قالوا هذا عارض ممطرنا ) أي غيم فيه مطر وقوله 0 مستقبل اوديتهم ) صفة لعارض لأن إضافية لفظية لا معنوية فصح وصف النكرة به وهكذا ممطرنا فلما قالوا ذلك أجاب عليهم هود فقال ( بل هو ما استعجلتم به ) يعني من العذاب حيث قالوا فأمتنا بما تعدنا وقوله ( ريح ) بدل من ما أو خبر مبتدأ محذوف وجملة ( فيها عذاب أليم ) صفة لريح والريح التي عذبوا بها نشأت من ذلك السحاب الذي روأوه
( تدمر كل شئ بأمر ربها ) هذه الجملة صفة ثانية لريح أي تهلك كل شئ مرت به من نفوس عاد وأموالها والتدمير الإهلاك وكذا الدمار وقرئ ( يدمر ) بالتحتية مفتوحة وسكون الدال وضم الميم ورفع كل على الفاعلية من دمر دمارا ومعنى ( بأمر ربها ) أن ذلك بقضائه وقدره ( فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم ) أي لا ترى أنت يا محمد أو كل من يصلح للرؤية إلا مساكنهم بعد ذهاب أنفسهم وأموالهم قرأ الجمهور ( لا ترى ) بالفوقية على الخطاب ونصب مساكنهم وقرأ حمزة وعاصم بالتحتية مضمومة مبنيا للمفعول ورفع مساكنهم قال سيبويه معناه لا يرى أشخاصهم إلا مساكنهم واختار أبو عبيد وأبو حاتم القراءة الثانية قال الكسائى والزجاج معناها لا يري شئ إلا مساكنهم فهي محمولة على المعنى كما تقول ما قام إلا هند والمعنى ما قام أحد إلا هند وفي الكلام حذف والتقدير فجاءتهم الريح فدمرتهم فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ( كذلك نجزي القوم المجرمين ) أي مثل ذلك الجزاء نجزي هؤلاء وقد مر بيان هذه القصية في سورة الأعراف
( ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه ) قال المبرد ما في قوله فيما ء بمنزلة الذي وأن بمنزلة بمنزلة ما يعني النافية وتقديره ولقد مكناهم في الذي ما مكناكم فيه من المال وطول العمر وقوة الأبدان وقيل ( إن ) زائدة وتقديره ولقد مكناهم فيما مكناكم فيه وبه قال قال القتيبى ومثله قول الشاعر فما إن طبن جبن ولكنمنايانا ودولة آخرينا
والأول أولى لأنه أبلغ في التوبيخ لكفار قريش وأمثالهم ( وجعلنا لهم سمعا وابصارا وأفئدة ) أي أنهم أعرضوا عن قبول الحجة والتذكر مع ما أعطاهم الله من الحواس التي بها تدرك الأدلة ولهذا قال ( فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شئ ) أي فما نفعهم ما أعطاهم الله من ذلك حيث لم يتوصلوا به إلى التوحيد وصحة الوعد والوعيد وقد قدمنا من الكلام على وجه الأفراد السمع وجمع البصر ما يغنى عن الإعادة و من في ( من شيء ) زائدة والتقدير فما أغنى عنهم شئ من الأغناء ولا نفعهم بوجه من وجوه النفع ( إذ كانوا يجحدون بآيات الله ) الظرف متعلق بأغنى وفيها معنى التعليل أي لأنهم كانوا يجحدون ( وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ) أي أحاط بهم العذاب الذي كانوا يستعجلونه بطريق الاستهزاء حيث قالوا ( فأتنا بما تعدنا
 ( ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى ) الخطاب لأهل مكة والمراد بما حولهم من القرى قرى ثمود وقرى لوط ونحوهما مما كان مجاورا لبلاد الحجاز وكانت أخبارهم متواترة عندهم ( وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون ) أي بينا الحجج ونوعناها لكى يرجعوا عن كفرهم فلم يرجعوا
فلولا نصرهم الذين . . . . .
ثم ذكر سبحانه أنه لم ينصرهم من عذاب الله ناصر فقال ( فلولا نصرهم الذين أتخذوا من دون الله قربانا آلهة ) أي فهلا نصرهم آلهتهم التي تقربوا بها بزعمهم إلى الله لتشفع لهم حيث قالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله ومنعتهم من الهلاك الواقع بهم قال الكسائي القربان كل ما يتقرب به إلى الله من طاعة ونسيكة والجمع قرابين كالرهبان والرهابين وأحد مفعولى أتخذوا ضمير راجع إلى الموصول والثاني آلهة وقربانا حال ولا يصح أن يكون قربانا مفعولا ثانيا وآلهة بدلا منه لفساد المعنى وقيل يصح ذلك ولا يفسد المعنى ورجحه ابن عطيه وأبو البقاء وأبو حيان وأنكر أن يكون في المعنى فساد على هذا الوجه ( بل ضلوا عنهم ) أي غابوا عن نصرهم ولم يحضروا عند الحاجة إليهم وقيل بل أهلكوا وقيل الضمير في ضلوا راجع إلى الكفار أي تركوا الأصنام وتبرءوا منها والأول أولى والإشارة بقوله ( وذلك ) إلى ضلال آلهتهم والمعنى ذلك الضلال والضياع أثر ( أفكهم ) الذي هو أتخاذهم إياها آلهة وزعمهم أنها تقربهم إلى الله قرأ كذبهم الجمهور إفكهم بكسر الهمزة وسكون الفاء مصدر أفك يأفك إفكا أي كلبهم وقرأ ابن عباس وابن الزبير ومجاهد بفتح الهمزة والفاء والكاف على إنه فعل أي ذلك القول صرفهم عن التوحيد وقرأ عكرمة بفتح الهمزة وتشديد الفاء أي صيرهم آفكين قال أبو حاتم يعني قلبهم عما كانوا عليه من النعيم وروى عن ابن عباس أنه قرأ بالمد وكسر الفاء بمعنى صارفهم ( وما كانوا يفترون ) معطوف على إفكهم أي وأثر أفترائهم أو أثر الذي كانوا يفترونه والمعنى وذلك إفكهم أي كذبهم الذي كانوا يقولون إنها تقربهم إلى الله وتشفع لهم ( وما كانوا يفترون ) أي يكذبون أنها ألهة
قوله ( ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه ) يقول لم نمكنكم واخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا في الآية قال عاد مكنوا في الأرض أفضل مما مكنت فيه هذه الأمة وكانوا أشد قوة اكثر أموالا وأطول أعمارا سورة الأحقاف
تأويل قوله تعالى ) فلما حضروه قالوا أنصتوا ( أي : فلما حضروا القرآن عند تلاوته ، وقيل : فلما حضروا النبي r ، ويكون في الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة .
معنى قوله جل شأنه ) فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين ( أي : فلما فرغ من تلاوته ، وقيل : فلما قضي أي فرغ النبي r من تلاوته ، ولكل من المعنيين ما يؤيده من القراءات ، وقيل أنهم انصرفوا قاصدين من ورائهم  من قومهم منذرين لهم عن مخالفة القرآن  .
والذي نفهمه من هذا القول الكريم : أن هؤلاء الذين استمعوا إلى القرآن وأنصتوا له آمنوا بالنبي r وإلا ما الفائدة أنهم ولوا إلى
قومهم منذرين ؟
المعنى : يغفر لكم بعض ذنوبكم ، وهو ما عدا حق العباد ، وقيل : أن من هنا لابتداء الغاية والمعنى : أنه يقع ابتداء الغفران من الذنوب ثم ينتهي إلى غفران ترك ما هو الأولى ، وقيل : إن من هنا زائدة ، والمعنى : يغفر لكم ذنوبكم أي جميعها .
الذي دل عليه قوله تعالى ) ويجركم من عذاب أليم ( أن حكم الجن كحكم الإنس في الثواب والعقاب والتعبد بالأوامر والنواهي ، وقيل : ليس لمؤمني الجن ثواب غير نجاتهم من النار فعلى القول الأول أنهم بعد نجاتهم من النار يقال لهم : كونوا ترابا كما يقال للبهائم ، لكن القول الثاني أرجح .
وبالنسبة لإرسال الرسل إلى الجن فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة وقالوا :
ظاهر الآيات القرآنية أن سبحانه وتعالى قد أرسل الرسل والأنبياء من الإنس فقط كما يدل عليه قوله تعالى ) وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ( وكذلك قوله جل شأنه : ) وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ( فدل هذا القول على أن كل نبي بعثه الله بعد خليله إبراهيم u فإنه من ذريته والله أعلم .
سبب النزول : ما أخرجه أصحاب السنن عن ابن مسعود t قال : (
هبطوا يعني الجن على النبي r وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة فلما سمعوه قالوا أنصتوا ، قالوا : صه ، وكانوا تسعة أحدهم زوبعة ، فأنزل الله هذه الآية .
وأما مناسبتها لما قبلها : أنه سبحانه لما بين أن في الإنس من آمن وفيهم من كفر بين هنا أيضا أن في الجن من هم كذلك .
معنى قوله تعالى ) فلما حضروه قالوا أنصتوا ( أي : فلما حضروا القرآن عند تلاوته وقيل : فلما حضروا النبي r ، ويكون في الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة .
وتأويل قوله سبحانه ) فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين ( أي : فلما فرغ من تلاوته ، وقيل فلما قضي أي فرغ النبي r من تلاوته ، ولكل من المعنيين ما يؤيده من القراءات ، وقيل : أنهم انصرفوا قاصدين من ورائهم من قومهم منذرين لهم عن مخالفة القرآن .
والذي نفهمه من قوله تعالى ) فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين ( أن هؤلاء الذين استمعوا إلى القرآن من الجن وأنصتوا له آمنوا بالنبي r ، وإلا ما الفائدة من أنهم ولوا إلى قومهم منذرين ؟
معنى قوله تعالى ) يغفر لكم من ذنوبكم ( أي : يغفر لكم بعض ذنوبكم ، وهو ما عدا حق العباد ، وقيل : أن من هنا لابتداء الغاية ، والمعنى : أنه يقع ابتداء الغفران من الذنوب ثم ينتهي إلى غفران ترك ما هو الأولى ، وقيل : إن من زائدة ، والمعنى : يغفر لكم ذنوبكم .
بالنسبة لإرسال الرسل إلى الجن فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة وقالوا :
ظاهر الآيات القرآنية أن الله سبحانه وتعالى قد أرسل الرسل والأنبياء من الإنس فقط كما يدل عليه قوله تعالى ) وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ( وكذلك قوله جل شأنه : ) وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ( فدل هذا القول على أن كل نبي بعثه الله بعد خليله إبراهيم u فإنه من ذريته والله أعلم .
مما يدل على أن رسول الله r قد أرسل إلى الناس أجمعين : ما أخرجه أصحاب السنن عن جابر بن عبد الله t قال : قال رسول الله r : ( أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأيما رجل من أمتي أدركته  الصلاة فليصل ، وأحلت لي الغنائم ، وكان النبي يبعث على قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة ، وأعطيت الشفاعة ) .
لما بين سبحانه أن في الإنس من آمن وفيهم من كفر بين أيضا أن في الجن كذلك فقال ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن ) العامل في الظرف مقدر أي وادكر إذ صرفنا أي وجهنا إليك نفرا من الجن وبعثناهم إليك وقوله ( يستمعون القرآن ) في محل نصب صفة ثانية لنفرا أو حال لأن النكرة قد تخصصت بالصفة الأولى ( فلما حضروه ) أي حضروا القرآن عند تلاوته وقيل حضروا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ويكون في الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة والأول أولى ( قالوا أنصتوا ) أي قال بعضهم لبعض اسكتوا أمروا بعضهم بعضا بذلك لأجل أن يسمعوا ( فلما قضى ) قرأ الجمهور قضى مبنينا للمفعول أي فرغ من تلاوته وقرأ حبيب بن عبيد الله بن الزبير ولاحق بن حميد وأبو مجلز على البناء للفاعل أي فرع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من تلاوته والقراءة الأولى تؤيد أن الضمير في حضروه للقرآن والقراءة الثانية تؤيد أنه للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ( ولوا إلى قومهم منذرين ) أي انصرفوا قاصدين إلى من وراءهم من قومهم منذرين لهم عن مخالفة القرآن فيحذرون لهم وانتصاب منذرين على الحال المقدره أي مقدرين الإنذار وهذا يدل على أنهم آمنوا بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) وسيأتى في آخر البحث بيان ذلك
( قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى ) يعنون القرآن وفي الكلام حذف والتقدير فوصلوا إلى قومهم فقالوا يا قومنا قال عطاء كانوا يهودا فأسلموا ( مصدقا لما بين يديه ) أي لما قبله من الكتب المنزلة ( يهدى إلى الحق ) أي إلى الدين الحق ( وإلى طريق مستقيم ) أي إلى طريق الله القويم قال مقاتل لم يبعث الله نبيا إلى الجن والإنس قبل محمد صلى الله عليه وآله وسلم
( يا قومنا أجيبوا داعي الله وأمنوا به ) يعنون محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) أو القرآن ( يغفر لكم من ذنوبكم أي بعضها وهو ما عدا حق العباد وقيل إن من هنا لابتداء الغاية والمعنى أنه يقع ابتداء الغفران من الذنوب ثم ينتهي إلى غفران ترك ما هو الأولى وقيل هي زائدة ( ويجركم من عذاب أليم ) وهو عذاب النار وفي هذه الآية دليل على إن حكم الجن حكم الإنس في الثواب والعقاب والتعبد بالأوامر والنواهي وقال الحسن ليس لمؤمني الجن ثواب غير نجاتهم من النار وبه قال أبو حنيفة والأول أولى وبه قال مالك والشافعي وابن أبي ليلى وعلى القول الأول فقال القائلون به أنهم بعد نجاتهم من النار يقال لهم كونوا ترابا كما يقال للبهائم والثاني أرجح وقد قال الله سبحانه في مخاطبة الجن والأنس ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان فأمتن سبحانه على الثقلين بأن جعل جزاء محسنهم الجنة ولا ينافي هذا الاقتصار ها هنا على ذكر إجارتهم من عذاب أليم ومما يؤيد هذا أن الله سبحانه قد جازى كافرهم بالنار وهو مقام عدل فكيف لا يجازي محسنهم بالجنة وهو مقام فضل ومما يؤيد هذا أيضا ما في القرآن الكريم في غير موضع أن جزاء المؤمنين الجنة وجزاء من عمل الصالحات الجنة وجزاء من قال لاإله إلا الله الجنة وغير ذلك مما هو كثير في الكتاب والسنة وقد اختلف أهل العلم هل أرسل الله إلى الجن رسلا منهم أم لا وظاهر الآيات القرآنية أن الرسل من الإنس فقط كما في قوله وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى وقال وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وقال سبحانه في إبراهيم الخليل وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب فكل نبي بعثه الله بعد إبراهيم فهو من ذريته وأما قوله تعالى في سورة الأنعام يا معشر الجن والأنس ألم يأتكم رسل منكم فقيل المراد من مجموع الجنسين وصدق على إحدهما وهو الإنس كقوله يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان أي من أحدهما
( ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض ) أي لا يفوت الله ولا يسبقه ولا يقدر على الهرب منه لأنه وإن هرب كل مهرب فهو في الأرض لا سبيل له إلى الخروج منها وفي هذا ترهيب وللتشديد ( وليس له من دونه أولياء أي أنصار يمنعونه من عذاب الله بين سبحانه بعد استحالة نجاته بنفسه استحالة نجاته بواسطة غيره والإشارة بقوله ( أولئك ) إلى من لا يجب داعي الله وأخبر أنهم ( في ضلال مبين ) أي ظاهر واضح
ثم ذكر سبحانه دليلا على البعث فقال ( أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ) الرؤية هنا هي القلبية التي بمعنى العلم والهمزة للإنكار والواو للعطف على مقدر أي ألم يتفكروا ولم يعلموا أن الذي خلق هذه الأجرام العظام من السموات والأرض ابتداء ( ولم يعي بخلقهن ) أي لم يعجزه عن ذلك ولا ضعف عنه يقال عى بالأمر وعي إذا لم يهتد لوجهه ومنه قول الشاعر عيوا بأمرهم كماعيت ببيضتها الحمامة
قرأ الجمهور ولم يعي بسكون العين وفتح الياء مضارع عى وقرأ الحسن بكسر العين وسكون الياء ( بقادر على أن يحيى الموتى ) قال أبو عبيدة والأخفش الباء زائدة للتوكيد كما في قوله وكفى بالله شهيدا قال الكسائى والفراء والزجاج العرب تدخل الباء مع الجحد والاستفهام فنقول ما اظنك بقائم والجار والمجرور في محل رفع على أنهما خبر لأن وقرأ ابن مسعود وعيسى بن عمر والأعرج والجحدري بن أبي إسحاق ويعقوب وزيد بن علي ( يقدر ) على صيغة المضارع واختار أبو عبيد القراءة الأولى واختار أبو حاتم القراءة الثانية قال لأن دخول الباء في خبر أن قبيح ( بلى إنه على
كل شئ قدير ) لا يعجزه شئ
( ويوم يعرض الذين كفروا على النار ) الظرف متعلق بقول مقدر أي يقال ذلك اليوم للذين كفروا ( أليس هذا بالحق ) وهذه الجملة هي المحكة بالقول أو الأشارة بهذا إلى ما هو مشاهد لهم يوم عرضهم على النار وفي الأكتفاء بمجرد الأشارة من التهويل للمشار إليه والتفخيم لشأنه ما لا يخفي كأنه أمر لا يمكن التعبير عنه بلفظ يدل عليه ( قالوا بلى وربنا ) اعترفوا حين لا ينفعهم الاعتراف وأكدوا هذا الاعتراف بالقسم لأن المشاهدة هي حق اليقين الذي لا يمكن جحده ولا إنكاره ( قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) أي بسبب كفركم بهذا في الدنيا وإنكاركم له وفي هذه الأمر لهم والتوحيد والمعاد أمر رسوله بالصبر فقال بذوق العذاب بتوبيخ بالغ وتهكم عظيم
فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل
لما قرر سبحانه الأدلة على النبوة والتوحيد والمعاد أمر رسوله بالصبر فقال والتوحيد والمعاد أمر رسوله بالصبر فقال الرسل ) وإلفاء جواب شرط محذوف أي إذا عرفت ذلك وقامت عليه البراهين ولم ينجع في الكافرين فأصبر كما صبر أولو العزم أي أرباب الثباب والحزم فإنك منهم قال مجاهد أولوا العزم من الرسل خمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ( صلى الله عليه وسلم ) وهم أصحاب الشرائع وقال أبو العالية هم نوح وهود وإبراهيم فأمر الله رسوله أن يكون رابعهم وقال السدى هم ستة إبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى ومحمد ( صلى الله عليه وسلم ) وقيل نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وموسى وقال ابن جريح إن منهم إسماعيل ويعقوب وأيوب وليس منهم يونس وقال الشعبي والكلبي هم الذين أمروا بالقتال فأظهروا المكاشفة وجاهدوا الكفرة وقيل هم نجباء الرسل المذكورون في سورة الأنعام وهم ثمانية عشر إبرهيم وإسحاق ويعقوب ونوح وداود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس وإسماعيل واليسع ويونس ولوط واختار هذا الحسين بن الفضل لقوله بعد ذكرهم أولئك الذين هداهم الله فبهداهم افتد وقيل إن الرسل كلهم أولو عزم وقيل هم أثنا عشر نبيا أرسلوا إلى بني إسرائيل وقال الحسن هم أربعة إبراهيم وموسى وداود وعيسى ( ولا تستعجل لهم ) أي لا تستعجل العذاب يا محمد للكفار لما امره سبحانه بالصبر ونهاه عن استعجال العذاب لقومه رجاء أن يؤمنوا قال ( كأنهم يوم يرون ما يوعدون ) من العذاب ( لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ) أي كأنهم يوم يشاهدونه في الأخرة لم يلبثوا في الدنيا إلا قدر ساعة من ساعات الأيام لما يشاهدونه من الهول العظيم والبلاء المقيم قرأ الجمهور ( بلاغ ) بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هذا الذي وعظتهم به بلاغ أو تلك الساعة بلاغ أو هذا القرآن بلاغ أو هو مبتدا والخبر لهم الواقع بعد قوله ولا تستعجل أي لهم بلاغ وقرأ الحسن وعيسى بن عمر وزيد بن علي بلاغا بالنصب على المصدر أي بلغ بلاغا وقرأ أبو مجلز ( بلغ ) بصيغة الأمر وقرئ ( بلغ ) بصيغة الماضي ( فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ) قرأ الجمهور ( فهل يهلك ) على البناء للمفعول وقرأ ابن محيصن على البناء للفاعل والمعنى أنه لا يهلك بعذاب الله إلا القوم الخارجون عن الطاعة الواقعون في معاصي الله قال قتادة لا يهلك على الله إلا هالك مشرك قيل هذه الآية أقوى آية في الرجاء قال الزجاج تأويله لا يهلك مع رحمة الله وفضله إلا القوم الفاسقون
الآثار الواردة في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج ابن أبي شيبة وابن منيع والحاكم وصححه ابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن مسعود قال هبطوا يعنى الجن على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وهو يقرا القرآن ببطن نخلة فلما سمعوه قالوا أنصتوا قالوا صه وكانوا تسعة أحدهم زوبعة فأنزل الله ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن ) إلى قوله ( ضلال مبين ) واخرج أحمد وابن جرير وابن مردويه عن الزبير ( إذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن ) قال بنخلة ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يصلي العشاء الآخرة كادوا يكونون عليه لبدا وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن ) الآية قال كانوا تسعة نفر من أهل نصيبين فجعلهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رسلا إلى قومهم وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم عنه نحوه وقال أتوه ببطن نخلة وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عنه أيضا قال صرفت الجن إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مرتين وكانوا أشراف الجن بنصيبين وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن مسروق قال سألت ابن مسعود من آذن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بالجن ليلة استمعوا القرآن قال آذنته بهم شجرة وأخرج عبد بن حميد وأحمد ومسلم والترمذي عن علقمة قال قلت لابن مسعود هل صحب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) منكم أحدا ليلة الجن قال ما صحبه منا أحد ولكنا فقدناه ذات ليلة فقلنا اغتيل استطير ما فعل فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فلما كان في وجه الصبح إذا نحن به يجئ من قبل حراء فأخبرناه فقال إنه أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم القرآن فانطلق فأرانا أثارهم وآثار نيرانهم وأخرج أحمد عن ابن مسعود قال كنت مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ليلة الجن وقد روى نحو هذا من طرق والجمع بين الروايات بالحمل على قصتين وقعت منه ( صلى الله عليه وسلم ) مع الجن حضر إحداهما ابن مسعود ولم يحضر في الأخرى وقد وردت أحاديث كثيرة أن الجن بعد هذا وفدت على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مرة بعد مرة وأخذوا عنه الشرائع وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال ( أولو العزم من الرسل ) النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وأخرج ابن مردويه عنه قال هم الذين أمروا بالقتال حتى مضوا على ذلك نوح وهود وصالح وموسى وداود وسليمان وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال بلغني أن أولى العزم من الرسل كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر وأخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن عائشة قالت ظل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) صائما حتى طوى ثم ظل صائما ثم طوى ثم ظل صائما قال يا عائشة إن الدين لا ينبغي لمحمد ولا لآل محمد يا عائشة إن الله لم يرض من أولى العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر عن محبوبها ثم لو لم يرض مني إلا أن يكلفني ما كلفهم فقال ( أصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ) وإني والله لأصبرن كما صبروا جهدى ولا قوة إلا بالله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..