الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

المكسب اللبرالي الخفي من فوضى اليوم الوطني

المكسب اللبرالي الخفي من فوضى اليوم الوطني موقع المثقف الجديد – محمد الهويمل ::
أتساءل: لماذا تحدث أزمة أمنية ساعة الاحتفال باليوم الوطني، ولا تحدث في الأعياد الأخرى، كالفطر والأضحى؟ رغم أن البهجة تأخذ مداها في المشاعر والشوارع؟

ولماذا الصخب المفتعل في مفاصل الطرق في الرياض مثلاً؟ وكأن البعض والكثير في حالة تحد سافر مع القانون الذي يحتاجون إليه بعد انتهاء الاحتفال، بل ولا يرضون التعدي عليه بعد الفراغ من الطقوس الوطنية.

إذن.. اليوم الوطني بهذه الصيغة العاطفية المصطنعة الميلودرامية له مردّ باطني خفي لا يعرّيه إلا تفاصيل وثنايا الاحتفال من جلبة وهتاف خارج النص ورفع رايات وإغلاق شوارع الوطن. وربما مس الأعراض ولو بالهتاف الشهواني المحمول على عنوان الحالة الوطنية (مجازاً), وكأنهم في حالة مقاومة ضد من يحاول أن يحد من انفعال الفرح، وإذا كان الناس والأمن هما الخصم فهما إذن عدوّا حالة الفرح الوطني، ويا لها من معادلة كؤود مستحيلة الحل.

وأكثر الأطراف تحمّلاً لعبء اليوم الوطني هو الحس الوطني الشريف الذي يتفاعل مع هذا اليوم تفاعلاً بنائياً لا أكثر.

الضوء الأخضر أعطي بإجازة رسمية، أي التفريغ من العمل من أجل التعبير عن محبة الوطن دون أن نضع عناوين مقنعة توجّه العلاقة بالوطن أولاً ثم فهمه والتعبير البلاغي عن محبته. وعليه فالإعلام كان متورطاً في هذه الفوضى بعد أن جّرد علاقتنا بالوطن من بعدها الفطري القروي العفوي الجميل، وأسس تقنيناً شعورياً يضع القلوب المحبة في علب استهلاكية يتم دمجها في هذا الاحتفال الاستهلاكي, فكانت النتيجة أن رايات الوطن تعلو روؤساً مكدوشة تفترشها مؤخرات معروقة, حيث الرمز الأخضر فاعل في تأجيج العنف الاحتفالي لا أكثر. ولم يعد يحمل أي رمز للنماء كما أراد له المؤسس.

إن تقنيات الاحتفال باليوم الوطني هي ذات تقنيات الاحتفال بالمنتخب الوطني.. تجمعات معاندة, سد الشوارع, هتافات لاهبة, إشهار حالة تحد, رفع أعلام الكثير منها خالية من أي عبارة للتوحيد، كما هو العلم الوطني الرسمي, ورقص هستيري على أغان غير وطنية. ولأن المشاعر مستوردة فإن الأدوات هي الأخرى مستورة من حالات فرح أخرى تتمظهر في تحدي القانون والتجمهر في شوارع محدّدة للتكاثف وإحراج القوى الأمنية. وعليه فمن المكتسبات اللبرالية في هذا اليوم هو خدش الوقار السلفي الذي يصبغ هدوء المجتمع , و الإطاحة بجزء من هذه الرزانة المكتسبة من التربية الدينية .


إن فقدنا للحس الإنساني القروي السهل الممتنع تجاه محاضننا التي نشأنا فوق ترابها، جعلنا في حالة تشويش حقيقية مع طبيعية البر بالوطن، وأنه لم يعد يمثل (ديرة) أو (بلد) بل (وطن) فقط. وهذا خلل وتشويش.

إن السعودية وطن وبلد وديرة ومحل أهل، ولا يطلب منا الوطن إلا ما يطلبه والداك من البر المتمثل في المحبة الفطرية التي تحسها دون أن تملى عليك, والدفاع عنه لحد التضحية. وغير هذا جالب لكل فوضويات العلاقة التي تسفر عن هكذا تعبير عابث عن هذه العلاقة.

إن الاحتفال العنيف بانتصارات المنتخب كان مدفوعاً بإعلان فوز على منافس فكان التجمهر أشبه باستقبال الأبطال. وصُدر هذا إلى حالة اليوم الوطني دون أن يكون لوطننا عدو شرير هزمناه بضربة قاضية, بل أجزاء تجمعت بكل رحابة وسماحة.

ويومنا الوطني ليس تشفياً ضد أحد كما هو بعض الحال في فوز المنتخب. فمتى سيكون اليوم الوطني مختلفاً عن المنتخب الوطني؟

لن يكون هذا إلا بعودة السعودية قرية كبيرة, عندها سنكون عشاقاً أكثر للوطن والأمن والقوانين، وثقافتنا الفطرية الجميلة.

11-17-1434 11:09
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..