قالت وزارة التربية والتعليم إنها ستشرع في إرسال معلمات رياض الأطفال لعدد من الدول المتقدمة في تعليم الصغار، لتدريبهن وإطلاعهن على تجارب تلك الدول، وذلك عبر خطة تدريبية وتطويرية تعمل عليها شركة "تطوير" للخدمات التعليمية.
وقالت مصادر إن الخطة تشمل الشراكة مع عدد من المؤسسات المحلية والعالمية المهتمة بمراحل الطفولة المبكرة للاستفادة من تجاربها، والاطلاع على مناهجها التعليمية، وآلية تدريب المعلمات والقيادات الإدارية والإشرافية في هذه المرحلة.
بداية نحتاج إلى التأكيد على أن بوابة التعليم هي المدخل لغرس القيم والعادات والتقاليد في نفوس الناشئة, وأن مصاب الأمم ونكبتها, كما أن تقدمها وازدهارها, ذو ارتباط وثيق بالعملية التعليمية, ولا يمكن بحال الفصل بينهما أو ادعاء أنهما يسيران في مسارين منفصلين.
فالتعليم من ناحية مسؤول عن غرس قيم المواطنة والانتماء إلى الوطن, والحفاظ على الهوية, وترسيخ المفاهيم والقيم التي توافق عليها المجتمع, ومن ثم فإن لحمة التعليم وسادة لابد أن تكون من منابع وطنية خالصة, لاسيما ما يتعلق بالمناهج والمقررات المدرسية.
والتعليم مسؤول من ناحية أخرى عن نوعية المخرجات التي يتلقاها المجتمع كل عام من شتى الجامعات والمعاهد, أي أنه البوابة التي يعرج منها الفرد للوصول إلى موقع المسؤولية في بلده, وهذا مكمن الخطورة في هذه العملية, أنها تصيغ لنا قادة المستقبل لهذا البلد الأمين.
والمشكلة الشائكة والدقيقة, التي طالما اختلف فيها الباحثون والكتاب المعنيون بهذا الأمر, تقع حول سبل التوفيق بين الحفاظ على الهوية الوطنية في مراحل التعليم المختلفة من ناحية, وبين اكتساب الخبرات والمهارات العلمية الحديثة التي وصل إليها الغرب وفاقنا فيها تقدماً من ناحية أخرى.
والذي نراه في هذا الصدد هو ضرورة وضع سياج فاصل بين المناهج والمقررات المدرسية من ناحية, وسبل ووسائل وآليات العملية التعليمية وما يحتف بها من ممارسات علمية من ناحية أخرى, إذ تقع الأولى في دائرة المحظورات, بينما تقع الثانية في دائرة الإباحة, وقد تصل إلى حد الواجب, بالمصطلح الفقهي.
ونقصد بدائرة المحظورات هنا أنه لا يمكن اقتباسها, ولا حتى في أجزاء منها من خارج الهوية الوطنية الجامعة لهذا المجتمع, فلابد أن تكون كل المقررات التعليمية نابعة تماماً, وعاكسة بصورة جلية لمفاهيم وقيم ومعتقدات وأخلاق المجتمع السعودي.
ووضعنا دائرة الحظر هنا على الاقتباس الخارجي لمبررات شتى, وأسباب متعددة, في مقدمتها أن أية أمة تحرف مناهجها وترقع مقرراتها الدراسية أمة تسقط حضارياً أمام من اقتبست مادتها التعليمية منه, وينهزم أبناؤها نفسياً أمام هذا الغزو التعليمي.
كما أن ذلك الاقتباس من شأنه أن يضعنا أمام جيل مشوه في قيمه ومفاهيمه, إذ التعليم عبارة عن نسيج متكامل, لا يصلح له الاقتباس من خارج أرضه ووطنه, وإلا نشأت ظاهرة الصراع الجيلي, بما تحمله من جينات مدمرة لوحدة المجتمع وتماسكه.
ودائرة الإباحة نقصد بها دائرة الاقتباس في الوسائل والأدوات وما يحتف بالعملية التعليمية من ممارسات فنية, إذ إن هذه كلها مجهودات علمية بشرية, لن يضيرنا شيء إن أخذنا بها, بل نرى أنه من الواجب والمحتم معرفتها وتخير المناسب منها لتجويد وتحسين مستوى العملية التعليمية في بلادنا.
إننا فقط نحذر من تداخل تلك الدوائر والخلط بينها, ففي ذلك عدوان آثم على هوية المجتمع.
( المصدر : سبق )
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..