يرى المحللون السياسيون أن أوباما لم يتحمل مسؤولياته، وأنه قد رمى
بصلاحياته كهدية عندما علَّق
ضرب النظام السوري بموافقة الكونجرس. وأنه قد ارتكب حزمة أخطاء سياسية بضربة واحدة. فبرغم أن الضربة محدودة فعلاً، إذ هي يومان فقط – لن يكون فيهما إنزال للمشاة – ربما سيطلقون ما يقرب من 100 صاروخ كروز على رقم محدود من الأهداف العسكرية.
ومع هذا، فقد تخلى أوباما عن صلاحياته بموجب قانون سلطات الحرب. ذلك القانون الذي يسمح له بالتدخل العسكري بقرار فردي، ثم إن الضربة لو حدثت فعلاً، فإن تأخيرها سيقلل من فاعليتها بشكل كبير، فوقت النقاش هذا سيعطي نظام بشار الأسد أسبوعين أو ثلاثة لإعادة الانتشار والاختباء، وستزيد محدودية النتائج المرجوة من هذا الهجوم المحدود.
لقد وضع أوباما خطاً أحمر تحت استخدام الكيماوي، وقد سخر كثيرون منه, بقولهم إن الخطوط الحمراء قد تغيرت. فما أصدره أوباما من تهديد للأسد إن هو استخدم السلاح الكيماوي، سيجعل مصداقيته أمام العالم على المحك. لقد ثبت استخدام الأسد للكيماوي بناء على تقارير موثوقة، وقد حدث هذا مرات متعددة منذ إعلانه عن الخطوط الحمراء. حدث هذا في 21 أغسطس وفي 26 أغسطس الأخير، ومع هذا لم يحرك أوباما ساكناً.
أضف لذلك أن استئذان أوباما معناه، أن أي رئيس في المستقبل يريد أن يتخذ قراراً مثل هذا، فلا بد أن يسعى للحصول على موافقة الكونجرس أولاً، كما أن أوباما سيبقى محاصراً في كل ما بقي من فترته المتبقية أسيراً لموافقة الكونجرس على أي عمل عسكري قادم. وكل ما تقدم يقودنا للقول بأننا أمام أضعف رئيس جلس في المكتب البيضاوي، رئيس أضعف قوة مكتبه حقاً؛ فقد حوَّل مسؤوليات ضخمة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للكونجرس. والكونجرس بدوره منقسم ومتصارع.
ثم لنا أن نسأل ماذا سيحدث إن أصبح أوباما مطواعاً خلال سنواته الثلاث القادمة فزاد الضعف، فهل سيستطيع من يخلفه أن يغيِّر شيئاً؟ ربما سنلاحظ الدايلكتيك الهيجيلي في هذا المشهد، فهيجل يقول إن كل فكرة قضية، ولأن كل فكرة تبدأ ناقصة فإن هذه القضية بسبب نقصها سيخرج منها نقيضها، ومن القضية ونقيضها سيخرج المركب منهما؛ فإذا قلنا إن جورج دبليو بوش هو القضية، فإن أوباما هو نقيضه الذي خرج منه وبسببه، وسيكون من يعقب أوباما محاولة للتركيب.
آخر وأكبر الأضرار التي أحدثها أوباما تتعلق بمكانة أمريكا العالمية التي سوف تتراجع بسبب كل ما سبق. إن صورة أمريكا بوصفها فاعلاً قوياً وذكياً في المسرح العالمي، وأنها ذات رئيس له كلمة ذات وزن، كل هذا سوف يتقزَّم. في رأيي أن المشكلة ليست في أوباما؛ فكما كان بوش ابن زمنه. فأوباما ابن زمنه، ووليد لحظته بكل تعقيداتها البنائية، هو ليس سوى تمثّل للحظته التاريخية. القضية ليست قضية رجل قوي وآخر ضعيف؛ إذ ليس الأمر بهذه السطحية.
على كل الأحوال، فالعالم كله يراقب ما بات واضحاً لكل عقل؛ إن أمريكا تتراجع عن الدور الذي عشقته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وهي آخذة في الانزواء أكثر فأكثر.
........
الشرق السعودية
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ضرب النظام السوري بموافقة الكونجرس. وأنه قد ارتكب حزمة أخطاء سياسية بضربة واحدة. فبرغم أن الضربة محدودة فعلاً، إذ هي يومان فقط – لن يكون فيهما إنزال للمشاة – ربما سيطلقون ما يقرب من 100 صاروخ كروز على رقم محدود من الأهداف العسكرية.
ومع هذا، فقد تخلى أوباما عن صلاحياته بموجب قانون سلطات الحرب. ذلك القانون الذي يسمح له بالتدخل العسكري بقرار فردي، ثم إن الضربة لو حدثت فعلاً، فإن تأخيرها سيقلل من فاعليتها بشكل كبير، فوقت النقاش هذا سيعطي نظام بشار الأسد أسبوعين أو ثلاثة لإعادة الانتشار والاختباء، وستزيد محدودية النتائج المرجوة من هذا الهجوم المحدود.
لقد وضع أوباما خطاً أحمر تحت استخدام الكيماوي، وقد سخر كثيرون منه, بقولهم إن الخطوط الحمراء قد تغيرت. فما أصدره أوباما من تهديد للأسد إن هو استخدم السلاح الكيماوي، سيجعل مصداقيته أمام العالم على المحك. لقد ثبت استخدام الأسد للكيماوي بناء على تقارير موثوقة، وقد حدث هذا مرات متعددة منذ إعلانه عن الخطوط الحمراء. حدث هذا في 21 أغسطس وفي 26 أغسطس الأخير، ومع هذا لم يحرك أوباما ساكناً.
أضف لذلك أن استئذان أوباما معناه، أن أي رئيس في المستقبل يريد أن يتخذ قراراً مثل هذا، فلا بد أن يسعى للحصول على موافقة الكونجرس أولاً، كما أن أوباما سيبقى محاصراً في كل ما بقي من فترته المتبقية أسيراً لموافقة الكونجرس على أي عمل عسكري قادم. وكل ما تقدم يقودنا للقول بأننا أمام أضعف رئيس جلس في المكتب البيضاوي، رئيس أضعف قوة مكتبه حقاً؛ فقد حوَّل مسؤوليات ضخمة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للكونجرس. والكونجرس بدوره منقسم ومتصارع.
ثم لنا أن نسأل ماذا سيحدث إن أصبح أوباما مطواعاً خلال سنواته الثلاث القادمة فزاد الضعف، فهل سيستطيع من يخلفه أن يغيِّر شيئاً؟ ربما سنلاحظ الدايلكتيك الهيجيلي في هذا المشهد، فهيجل يقول إن كل فكرة قضية، ولأن كل فكرة تبدأ ناقصة فإن هذه القضية بسبب نقصها سيخرج منها نقيضها، ومن القضية ونقيضها سيخرج المركب منهما؛ فإذا قلنا إن جورج دبليو بوش هو القضية، فإن أوباما هو نقيضه الذي خرج منه وبسببه، وسيكون من يعقب أوباما محاولة للتركيب.
آخر وأكبر الأضرار التي أحدثها أوباما تتعلق بمكانة أمريكا العالمية التي سوف تتراجع بسبب كل ما سبق. إن صورة أمريكا بوصفها فاعلاً قوياً وذكياً في المسرح العالمي، وأنها ذات رئيس له كلمة ذات وزن، كل هذا سوف يتقزَّم. في رأيي أن المشكلة ليست في أوباما؛ فكما كان بوش ابن زمنه. فأوباما ابن زمنه، ووليد لحظته بكل تعقيداتها البنائية، هو ليس سوى تمثّل للحظته التاريخية. القضية ليست قضية رجل قوي وآخر ضعيف؛ إذ ليس الأمر بهذه السطحية.
على كل الأحوال، فالعالم كله يراقب ما بات واضحاً لكل عقل؛ إن أمريكا تتراجع عن الدور الذي عشقته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وهي آخذة في الانزواء أكثر فأكثر.
........
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..