كنت
أود ألا أخوض في حادثة مقتل المعلم البرناوي ــ رحمه الله ــ على يد أحد الطلاب،
طالما أن نتائج التحقيقات لم تعلن بعد، وليس هناك معلومات موثقة حول الدوافع إلى
القتل، إلا أن هذه الحادثة تثير جملة من التساؤلات المملوءة أسى، مثل هل بات من
المعتاد أن يأتي الطلاب إلى المدرسة وهم يحملون أسلحة؟ وهل بلغ بنا الحال أن تصير
مدارسنا كالمدارس الأمريكية المشهورة بكثرة وقوع الجرائم الطلابية داخلها، إلى حد
أن بعضها لجأ إلى تفتيش الطلاب كل صباح للتأكد من عدم حملهم أسلحة أو أدوات حادة؟
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
إن
كثيرا من حوادث القتل التي تقع في مجتمعنا تحدث بسبب خلافات شخصية، وهو ما يعد
مؤشرا ليس على انتشار العنف في حل المشكلات فحسب، وإنما أيضا انتشار حمل الأسلحة
وسهولة استعمال السلاح وعدم التحرج من ذلك، فمن المتوقع أن من يحمل السلاح في
جيبه، يحمله مقتنعا بحاجته إليه وناويا استخدامه متى حلت اللحظة المرتقبة، كما أنه
من المتوقع أيضا أن من يفعل ذلك يفعله مؤمنا بصواب ما يفعل، حيث يرى فيه علاجا
حاسما لما يواجهه من المشكلات.
وهنا
تكمن الكارثة، أن يكون هناك من يؤمن أن حل مشكلاته لا يكون إلا بالسلاح، ليس بين
الطلاب وحدهم، وإنما في المجتمع عامة. إنها كارثة أن تظل مفاهيم الصحراء تنشب
مخالبها داخل الصدور، حيث تعكس موروثا ثقافيا قديما حين كانت الحياة تقتضي أن يكون
الفرد آكلا قبل أن يصير هو مأكولا، فيتعلم الناس حمل السلاح والتدرب على استعماله
ربما قبل أن يتدربوا على المشي؟!!
يعلق
البعض على مقتل المعلم البرناوي ــ رحمه الله ــ بأسفهم على ما آل إليه (حال
المعلمين)، وكان الحق أن يأسفوا لما آل إليه حال شبابنا ومراهقينا الذين حرموا من
التربية الصحيحة فوقعوا عرضة للانحراف والجريمة.
لكن
اللوم في انحراف المراهقين والشباب لا يصح أن يوجه للأسرة ــ كما قد يتبادر لأذهان
البعض، وإنما ينبغي أن يوجه للمجتمع الذي أهمل الاعتناء بتنشئة أبنائه وتربيتهم
تربية صحيحة، فالمسئول الأول عن إعداد جيل المستقبل هو المجتمع، وليس الأسرة،
فالأسرة غالبا تنشئ أبناءها على ما تملكه هي من القيم والمبادئ والمفاهيم، وما
تملكه من ذلك ليس دائما هو الأمثل، كما أنه ليس كل الأسر تملك الوعي السليم أو
المعرفة الصحيحة التي تجعلها قادرة على تقديم التربية الجيدة، إضافة إلى أنه ليس
كل الأسر سوية داخل ذاتها، ومن هنا يكون الاتكال على الأسرة وحدها في تربية النشء
وصب اللوم عليها حين حدوث الانحرافات من التقصير الذي يقع فيه المجتمع، فالأسرة
ليست سوى شجرة تطرح من الثمار ما تكون من عناصرها الداخلية، ومتى كانت تلك العناصر
رديئة جاءت الثمرة مثلها، ففاقد الشيء لا يعطيه.
تبقى
مسؤولية تنشئة الأجيال ملقاة على كاهل المجتمع، وما لم يتصد المجتمع بمؤسساته
التربوية والتوجيهية لحمل هذه المسؤولية كاملة، فإن النتيجة التي يحصدها لن تكون
سوى أشواك تنخر في جسده.
المصدر
عزيزة
المانع
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..