الأحد، 20 أكتوبر 2013

الصحوة الإسلامية في السعودية تباين ما بين السلفية والدعوية الحركية



 يعد الدكتور مسفر القحطــــــــــــــاني الباحث والكاتب الإسلامي ورئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن من أكثر
الشخصيات الإسلامية البارزة في السنوات الأخيرة الذين تناولوا مركزية الصحوة الإسلامية في السعودية من حيث التقييم والنقد وظهر ذلك جليا في مجمل مقالاته والتي أضفى عليها الجانب الفلسفي الفكري، الحـــــــــــوار تنــــــاول زوايا غاية في الحساسة، باعتبار أن مناقشة هذا الموضوع يعد بوصلة هامة لدى العديد من المهتمين سواء من الداخل أو الخارج السعودي، خاصة وأن الدراسات في الصحوة الإسلامية السعغودية  تكاد تكون قليلة، فإلى نص الحوار:

*دعني أسألك سؤالاً مباشراً ماذا عن تاريخ الصحوة الإسلامية ؟

** تاريخ الصحوة السعودية  ليس تاريخاً طويلاً من حيث النشأة، بحكم أنها تراكم لدعوة دينية قامت عليها الدولة السعودية، وهي دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب فلذلك الدعوة الإسلامية في المملكة هي دعوة أشبه ما تكون بنتاج طبيعي، لمجتمع محافظ ودولة تراعي القيم الدينية والإسلامية بشكل عام،لكن  مرت في مثل هذه البيئة فترات ضعف وخمول في التيار الديني الذي يحمل المشروع الإسلامي الدعوي، ويتضح هذا الضعف الذي مر به التيار الإسلامي في السعودية قبل ثلاثة عقود شبه غياب لأي حركة أو تيار دعوي، يملك مشروع إصلاحي.

مظاهر الضعف

*أود التوضيح منك على مظاهر الضعف الذي ذكرته بشيء من التفصيل في ذلك الوقت ؟

** كان من مظاهر الضعف غياب دعاة أصحاب الفكر الشامل الذي يحمل بين طياته مشروعاً إصلاحياً اجتماعيا اقتصاديا دينيا ودنيويا، لم يكن هناك وعي كامل بالتيارات التغريبية التي كانت تعمل بقوة في داخل المجتمع ، ليست تيارات تغريبية بل تيارات يسارية كان لها وجود في المجتمع وخاصة في المنطقة الشرقية ، لذلك برزت الصحوة الإسلامية، في تلك الفترة بعد غياب الثقافة الإسلامية التي تُعنى بالشأن المعاصر. فحدث أن برز حينئذ التيار الإسلامي الدعوي  في المملكة.

التيار المحافظ

*معنى ذلك لم يكن هناك مشروعاً إصلاحياً واضحاً؟

** التيار المحافظ كان  لا يملك أحياناً وعياً إسلامياً ودوراً دعوياً، ومشروعاً إصلاحياً لم يكن يعرف ذلك ولا يملكه، كان هذا موجود وبشكل قليل جداً، طبعاً كانت هذه البدايات، قبل ثلاثين عام للتيار ونشأته داخل هذا المجتمع. نشأ هذا التيار وكان له بعد ذلك دور صحوي على جميع شرائح المجتمع، وطبعاً كأنه أكمل نفس الدور، أكمل دور المحافظة الذي قامت به دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب وأئمة الدعوة في ذلك الوقت، ولكن أخذت مناحي أخرى ليست المناحي العلمية التي تميز بها ذلك التيار لكن أخذت أيضاً مناحي دعوية وتربوية واجتماعية.هذا التغير حصل لنشط أدوار عدد من الدعاة الذين أتوا من الخارج خاصة من مصر وكذلك لشخصيات داخلية كان لها دوراً في تغيير المسار الدعوي العام الذي تراه اليوم.

قيام الدولة .. والصحوة

*القيم التي قامت عليها السعودية وخاصة الدينية أبرزت دوراً مهما في العمل الاجتماعي؟

نعم .. فالدولة السعودية كانت تراعي القيم الدينية،ذلك نشأ المجتمع مجتمع متدين ومحافظ، ليس مجتمع يغلب عليه أفكار تخالف الدين جذرياً كما كان موجود في مجتمعات أخرى أو دول كانت مستعمرة في ذلك الوقت، وأنشأت تيارات وأحزاب مثلاً لا إسلامية ولا دينية، المملكة كانت خالية من هذا، لذلك كانت البيئة والمناخ فعلاً مهيأ لأن تقوم صحوة إسلامية وأن يكون لها دورها الاجتماعي على كافة الشرائح.

وسائل النشر

*ما هي الواجهات التي اعتمد عليها التيار الصحوي في نشر أفكاره؟

** تيار الصحوة في المملكة كان يقوم على بعض المنابر الإسلامية الواضحة في ذلك الوقت ، مثل المساجد والجوامع و الجامعات والمؤسسات الخيرية لم تبدأ في ذلك الوقت ، المسجد والجامعة والمدارس كان لها أثراً ودوراً في مثل هذا كبداية، لكن بعد ذلك طبعاً تتطور العمــــــل الإسلامي وزادت مؤسسات الصحوة حتى شملت عدد كبير من المؤسسات الخيرية الشبابية يعني تجد لها أنشطة داخل الجامعات وأصبح لها واجهاتها الرسمية داخل المؤسسة الدينية نفسها، الصحوة السعودية كان لها أثر كبير ليس فقط على المجتمع السعودي بل على المجتمعات الإسلامية ككل، حتى على الأقليات في العالم ككل.

*لماذا؟

** لعدة أسباب منها :

أولاً: الصحوة ورموزها في السعودية لهم وقع كونهم ينطلقون من منطقة لها قدسية خاصة لوجود الحرمين الشريفين فيها،وهي مهد الإسلام، ولذلك كان القبول أكبر لرموزها.

ثانيا:أدى انتشار الصحوة السعودية بفكرها وتميزها من حيث الصفاء العقدي وعدم وجود الشوائب البدعية والخرافية فيها، وذلك من خلال قوة الإعلام والدعم المالي، وهنا أفصل قليلاً بانتشار الشريط الإسلامي مثلاً في العالم أدى هذا إلى انتشار هذا الفكر، سواء كانت فيه أشياء إيجابية أو كانت بعضها بها نواحي سلبية قد لا تناسب بيئات أخرى أو مجتمعات خارج المملكة، لكنها انتشرت .

ثالثاً: الدعم المادي القوي من المؤسسات الإسلامية السعودية وكونها نشرت أفكار الصحوة السعودية إلى كثير من المجتمعات من خلال تبني هذه المؤسسات في الغرب أو في الشرق، تبنيها لمراكز إسلامية خارج حدودها تبنيها لدعاة، تخريجها لعدد كبير من الدعاة من جامعاتها كان هناك أثر في الصحوة السعودية خارج حدودها من خلال هذه الجوانب التي ذكرتها.

خارج الحدود

*أنت ذكرت مسألة غاية في الحساسية وهي خروج بعض أبناء الصحوة الإسلامية للخارج واعتمادهم على نشر العقيدة فقط، البعض يعد ذلك نوع من التطرف، أنت كيف تفسر الأمر ؟

ليس تطرف لكنه نوع من ضيق الأفق عند بعض الذين خرجوا لنشر الفكر الصحوي السعودي خارجاً، هذا أدى فعلاً إلى أن يكون له بعض السلبيات، كونه مناسباً لبيئة، أو مجتمع محافظ يغلب عليه التدين ومراعاة القيم الإسلامية من خلال المؤسسات الرسمية لكن في مجتمعات أخرى فيها نوع من غياب وتشويه للهوية الإسلامية ومحاربة حتى للتيار الديني فكأنك تأتي لهذا المجتمع بفكر لا يراعي أولوياتهم لا يراعي فقه الحالة أو المرحلة التي يمرون بها. قد يؤدي إلى توتر، وهذا ما حصل في فترة من الفترات، خصوصاً فيما حصل في الجزائر، لما انتشر نوع من التطرف الديني من خلال بعض الرموز الصحوية السعودية  هناك أدى إلى نوع من إيجاد المناخ غير الإيجابي في مجتمع الصحوة في الجزائر وأن أقول كان لها آثار سلبية.

توزيع الخارطة

*أريد توزيع لخارطة التيارات الصحوية داخل السعودية ؟

هذا سؤال مهم .. هناك التيار الدعوي الحركي الذي أسس الكثير من الجمعيات الشبابية  وأثرى الحركة التربوية داخل المجتمع، وهناك التيار الذي غلبت عليه السلفية العلمية والذي كان له أثر كبير جداً في نشر الاعتقاد الصحيح السليم، وتعميق الفكر والثقافة من خــــــــلال منشورات ومطبوعات هائلة وجيدة وانتشرت في العالم ككل، وكان هناك تيار قتالي كان له دور إيجابي في الجهاد الأفغاني ضد الروس، هذه أبرز التيارات التي ممكن كان لها أثر داخل الصحوة في السعودية، لكن لما تغيرت المرحلة خصوصاً بعد أزمة الخليج، ربما أدى نوع من الرغبة في مواصلة لنضاله وفق مبادئه التي سنها من خلال ظرف معين، أدت إلى نوع من المخالفة لطبيعة المرحلة التي تعيشها المجتمعات عموماً، خصوصاً بعد أزمة الخليج.

* لا زلنا في مرحلية الصحوة الإسلامية السعودية خاصة بعد أزمة الخليج، ما تقول فيها ؟

** بعد أزمة الخليج كان هناك شيء من المصادمة والنقد للفكر الإسلامي، كانت هذه المصادمة للفكر الإسلامي من التيارات الليبرالية أدت إلى نوع من التوتر والتطرف في التعامل معهم، هذه ناحية، والناحية الأخرى أن المرحلة كانت مرحلة تحتاج إلى نوع من الانفتاح والتعددية، كما كانت تحتاج إلى نوع من الانضباط للحماس المفرط الذي اشتعل في أنفس الشباب من خلال الحالة الجهادية الأفغانية، وكذلك من خلال وجود الأمريكان في المنطقة فكان يحتاج إلى نوع من التهدئة، ويحتاج إلى نوع من الانضباط ويحتاج إلى نوع من معرفة العواقب والنظر إلى الأعلى.

الذي حدث أن هذه كلها لم تؤدي إلى المراد ، أو هذه الحالة المهزومة أدت إلى نوع من تباين الصف الصحوي بشكل كبير من خلال تيارات إما أن تكون متطرفة نحو مواصلة الجهاد والقتال لكل وجود أجنبي في المنطقة أو من خلال تيارات رأت أن في التيارات الصحوية نوع من تأزيم الأزمة داخل المجتمع وبالتالي هي تيارات خارجية، أو مؤدلجة ومسيسة ينبغي محاربتها كونها أخطر من أي تيار آخر داخل المجتمع.

التيارات الصحوية بحكم جماهيريتها لم تشيع فقه الجدال الفكري والسلوكي، لذلك ربما أصبح هناك نشاط أكبر من التيار التكفيري وإن كان قليل، ويعتبر من أقل وجود عددي في مقابل التيارات الصحوية الأخرى، لكنه كان له أثر بحكم الممارسات التي حصلت منه وتطرفه الذي تأزم بعد عام 2001م .

التباين والتضاد

*السعودية تحتضن بشكل أو بآخر عدد من التيارات الإسلامية المتباينة في الفكر، كيف ترى المشروع الإصلاحي من خلالها؟

الحقيقة أن التيارات الصحوية كما ذكرت بينها تباين واختلاف ربما أكثر تمايزاً التيارات العلمية السلفية، والتيارات الدعوية الحركية، بما فيها من تيارات داخلية أما أن يكون تيار سروري، تيار إخواني، تيار تبليغي، تيار قتالي تكفيري متطرف لكن الأكثر جمهوراً هو تيار الصحوة الإسلامية، صاحب الأبعاد الحركية والمشروع الإصلاحي، هو أكثرها شمولاً وإصلاحاً وهو التيار الذي يعوّل عليه أن يكون له دور بارز سواء كان في إصلاح المجتمع أو في تنميته، لكن من المهم أن يفقه  فقه المرحلة القادمة.

الواقع المر

*لكن على خشبة المسرح الصحوي أصبح هناك نوع من التناحر بين مختلف هذه التيارات، وأنت لا تنكر ذلك دكتور مسفر؟

طبيعة أي حركة داخل المجتمع، لا بد أن يميز الصف فيه، وأي جديد لا بد أن يميز الصف، أي فتنة تدخل المجتمع أو أزمة سواء كانت فكرية أو سياسية لا بد أن تمايز بين الصف فعملية التمايز الفكري، والانتماء الحركي هو لا بد أن يظهر من خلال هذه المماحكات، لأن هذه المماحكات التي تخرج هذا التمايز، وهذا التمايز طبيعي، ليس صحيح أنه قد يكون غير معلوم لعامة الناس، كون الثوب العام للصحوة السعودية أنها متشابهة ومتكاملة في دورها لكن مع بروز مثلاً الانتخابات أو المواقف من التكفير والتطرف داخل المملكة أو أحياناً الموقف من قضايا المرأة أو أحياناً الموقف من قضايا الإصلاح الرسمي داخل المملكة، كل هذه مايزت بين التيارات حقيقة، فهذا التمايز الذي نتج هو نتج كحالة طبيعية، العامي عندما يدرك ذلك ويعرف الحقيقة أن هذه المعرفة ليست معرفة في حد ذاتها أنها معرفة سلبية وأنها مخيفة على فكره أو على سلوكه، كل هذا موجود وحاصل في كل المجتمعات القريبة وحتى المجتمعات البعيدة فيها تيارات وفيها أفكار وفيها تنوع.

العامي الآن ينبغي أن يفقه وهذا دور قادة الإصلاح والفكر ورموز التيارات الإسلامية، أنهم يبينون أن هناك نقاط كثيرة وقواسم مشتركة يجب أن نتفق عليها ونعمل من خلالها، وهناك تباينات فكرية لكنها لا تكون ضحية الوحدة الوطنية وضحية المساس بالثوابت الدينية داخل هذا المجتمع.

*أليس من الأولى تتعــــــــــاون تيــــــــــــــارات الصحــــوة الإسلامية ؟

** نعم ... لكن غياب الوعي الصحيح بالتنوع والتعددية هو الذي يجعله يمارس مثل هذا التطرف في مقابلة الآخر أو في التعامل معه عند أي اختلاف، هو لا بد أن يرى مثل هذه لأن بناء الوعي لهذا التعدد ولهذا الاختلاف غير مكتمل عند الجميع، هناك من كانت نشأته الثقافية والفكرية والدينية كانت نشأة من خلال بُعد واحد لفهم الدين، كان يرى أن هذا الذي يدرس سواء كان يدرسه في الكلية أو في محضن تربوي أنه هو الرأي الصواب الحق الذي يعتبر ما خلافه هو باطل يعطيه نوع من التوتر لرأيه ونوع من التشدد في رأيه ومعاملة الآراء الأخرى على أنها كلها باطلة ومخالفة للدين بمجموعه، لذلك لما حصلت هذه المماحكات وبرز هذا التباين والاختلاف على السطح حينئذ برزت حتى قضية الوعي الموجود عند الإنسان، فضعف الوعي للآراء الأخرى والمدارس الأخرى وطبيعة هذه المسألة وأنها قابلة للتعدد، ضعف هذه النظرة وتر المسألة إلى درجة التناحر والتقاتل فيما بينهم خصوصاً ما يكون هذا ينشأ لديه شيء من التعصب الكبير لرأي مبالغة في إسداء القدسية عليه وكذلك يرى أن ما يخالفه يعتبر مخالفاً للإسلام ككل، وليس مخالف لرأيه هو هذا مناخ موجود داخل السعودية.

السلبيات الحقيقية

*في إطار عام ما هي السلبيات التي تعاني منها صحوتنا الإسلامية في الحالة الراهنة؟

أهم سلبيات الصحوة المعاصرة في إطارها السلبي أو إطارها الإقليمي أنها لم تنتقل حقيقة من دور اليقظة إلى دور النهضة، فالدور الذي مارسته الصحوة لفترات طويلة وأتقنته هو دور عودة الجمهور إلى الإسلام والتمسك بالدين والتحلي بشعائر الدين والسنة، هذه نجحت فيها،ولذلك أصبح رموز الصحوة هم الدعاة الخطباء الذين مارسوا دور اليقظة الجماهيرية وكان لهم دور صحوي بالغ فيما يتعلق بعودة الشباب على وجه الخصوص إلى دينهم وهؤلاء مازالوا هم الرموز مع أن الدعوة ومع أن الصحوة انتقلت إلى مرحلة أخرى، مرحلة أشبه ما أقول بنوع من الكبر في عمرها، والتمدد الواسع في كيانها وحجمها ينبغي حينئذ أن تعي هذا السن التي مرت بها.

فالمرحلة الآن رُشْد ونهضة، تعتمد على العمل المؤسسي أكثر من العمل الجماهيري، الإرشادي، الوعظي تعتمد على أن يكون هناك مشاريع وليست مجرد خطابات وهياج للعواطف ننتقل من الخطاب الحماسي إلى الخطاب العقلاني المنطقي ننتقل من خطاب الانكفاء الداخلي إلى الانفتاح العالمي، ننتقل من الدور المحدود من خلال أساليب ووسائل تقليدية إلى أفق أوسع نحو وسائل ومعطيات جديدة هذه كلها لابد أن تتداركها الصحوة وللأسف أنه البعض لا يعرف أن الصحوة أصبحت في مثل هذا السن، ومازال يعامل الكبير على أنه طفل صغير تحت رعايته، وتوجيهه كما كان، ولذلك هم مازالوا يمارسون هذا الدور وبالتالي ممارستهم لمثل هذا الدور أدى إلى خروج جزر كبيرة من الصحوة خارج الطريق الصحوي، أو خارج السرب وبالتالي أدى إلى نشوء نوع من التباينات الكبيرة والأطروحات التي فيها نوع من المعادات بعضها لبعض،كون هذا يعتبر خرج عن الطوق أو شذ عن الطريق. المسألة ليست هكذا بل إن هذا الداعية يحتاج احتياجات أخرى قد لا يتواكب معها مثل هذا الداعية ولا يتأقلم مع مثل هذه التغيرات التي حدثت. فالخطاب الإسلامي خطاب ينبغي أن ينتقل إلى خطاب رسالي حضاري وأنا أقصد بالخطاب الرسالي الحضاري أنه خطاب يعتمد على أن يبرز في وعي شخصية أو في فكر المسلم مهمتين في الحياة الدنيا إما مهمة العبادة لله عزوجل وتحقيقها في حياته وفي مجتمعه وكذلك مهمة عمارة الأرض وتحقيقها في كيانه وفي مجتمعه، مهمة العمارة هي المهمة التي أوجدها الله وكلفنا بها حتى نكون شهداء للناس على الله في الأرض (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس) هذا الشاهد، من أهم مميزاته وصفاته أنه لابد أنه يكون عالم وعارف بما يشهد به، و أنه لابد أن يؤدي هذه الشهادة، هذا الأداء لابد منه، وأن يؤديها بأفضل طريقة وأوضح شيء، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول للشاهد: (أرأيت الشمس؟) قال: نعم، قال: (على مثلها فاشهد) فلابد أن يكون لشهادته على الناس أن يكون بياناً واضحاً لا لبس فيه ولا غبار عليه. ويكون فيه من المنطقية والعقلانية التي يفهمها الصغير والكبير، ولا يكون فيها أي تلبيس ويكون خطاب شامل عام لكل الناس، كذلك أن أي انكفاء عن هذا الدور هو كتمان للشهادة وتضييع للأمانة التي كلفنا بها، ولذلك هو دور واجب هو أن نمارس دور الإشهاد للناس كلهم.

ملف المرأة

*أستأذنك د. مسفر بأن افتح ملف المرأة السعودية:  هناك ضغوط داخلية وخارجية كثيرة على المرأة.  ونحن هنا بدورنا نتساءل لماذا لا تكون المبادر من الصحوة الإسلامية.

** يجب أن نعترف أن المرأة همشت في أدبيات الصحوة الإسلامية .

*هذا اتهام خطير منك للصحوة السعودية دكتور مسفر ..

**نعم أخطأت وهمشت دورها بمعنى أنها لم تعطيها دورها اللائق بها سواء كان دورها الدعوي أو دورها الاجتماعي على وجه الخصوص، وأصبحت المرأة دائماً تنطوي تحت برامج الرجال وتكون كقسم ثانوي، وليست كقسم أصيل، بمعنى لا تلعب دوراً كبيراً وحقيقياً داخل الصحوة ككل وداخل المشروع الإصلاحي على وجه الخصوص، لذلك لما برزت بعض المماحكات وظهر التيار الليبرالي لينادي مثلاً بدور أكثر فعالية للمرأة السعودية لم يقابل من الداعيات السعوديات أو المثقفات الإسلاميات.

*متفقين أن التقصــــــير من طـــــــرف فئة رجـــــــال الصحوة؟

** نعم .. التقصير كان من الرجال لأنهم لم يعطوهم الثقة المطلقة، بأن يكون لهم عملهم المستقل وإدارتهم المستقلة. نشاطاتهم كانت تتبع وتخضع للرجال، هذا استمر لفترة طويلة، برز في المجتمع نوع من الضرورة لما زادت التيارات التغريبية أو مع زيادة الانفتاح داخل المجتمع وظهور التيارات التغريبية للمرأة لم يكن هناك دور مكافئ للمرأة السعودية المثقفة السعودية أمام مثل هذه التيارات.

كان الدور هو دور الانكفاء داخل محاضن تربوية وداخل المجمعات الدعوية، لكن لم يكن هناك دور إصلاحي يقوم بالمناكفة لتلك التيارات التغريبية.

*هل لا زال الوعي مغيب بالنسبة للمرأة الداعية ؟

** الحقيقة أننا مازلنا نحتاج إلى أن يكون هناك وعي أكبر لمثل هذه المرحلة وأن يكون هناك دور أكبر أيضاً للمرأة الداعية السعودية في أن تتولى بنفسها مؤسسات المجتمع، المؤسسات الاجتماعية داخل الوطن، أن يكون لها دورها وفاعليتها الأكبر في إيجاد فرص للعمل صالحة لظروف المرأة السعودية، أن تكون دورها في تمثيل النساء عموماً داخل المجتمع، يكون دورها أكثر وعياً وأكثر إدراكاً وحنكة لهذا التمثيل، حتى على مستوى الفكر، أستطيع أن أقول أنه ليس هناك مفكرات سعوديات إسلاميات برزن إلا قلائل ربما لا يتعدون أصابع اليد الواحدة.


_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..