لابد من صيانة الوثائق التاريخية القديمة
والحفاظ عليها من العوامل المؤثرة فيها، وذلك لأهميتها ولما
تمثله من موروث حضاري• وهذا البحث يبين الأخطار التي تتعرض لها الوثائق والمخطوطات وأهم العوامل التي تؤثر فيها سواء كانت طبيعية أم فيزيائية أم كيميائية•• كما يوضح ضرورة معالجة الوثائق المصابة لحمايتها وإطالة عمرها ويذكر طرق المعالجة المتبعة لصيانة الوثائق•
1ـ المقدمة:
كان موضوع الحفاظ على الوثائق والمخطوطات والكتب وصيانتها وإنقاذها من الأخطار التي تتعرض لها الشغل الشاغل لرجال العلم والثقافة بوجه عام والوثائقيين وأمناء المكتبات والآثاريين والفنانين بوجه خاص، لكون هذه الذخائر من التراث الثقافي للبشرية جمعاء، وكانت البدايات في هذا المجال محاولات متفرقة تجري في مختبرات المتاحف ودور الوثائق على نطاق الجهود الفردية أحياناً أو الحكومية على أوجه مختلفة، فكان لكل جانب أسلوبه الخاص في ترميم وصيانة الوثائق والمخطوطات والكتب النادرة والصور الثمينة والخرائط وغير ذلك من المحفوظات والآثار الفنية من الذخائر العلمية والثقافية•
أما على النطاق العلمي فإن أول محاولة علمية لدراسة الأسباب المؤدية إلى تلف وتفسخ المخطوطات والوثائق والكتب وتردي أحوالها، والبحث عن أفضل الوسائل التي تكفل حمايتها وتؤمن صيانتها فقد جاءت من قبل إدراة مكتبة الفاتيكان عندما وجدت أن الكثير من مجموعات المخطوطات والوثائق لحقها التلف مثل تقصف الورق وتساقط ألوان الصور والحبر ناهيك عن الأضرار الناجمة عن الحشرات والقوارض وغيرها•
طلبت إدارة مكـتبة الفاتيكـان من العالم الألمـاني الأستاذ الدكتـور الأب (فرانز ايرله) (1) ـ وهو من المشهورين بالدراسات والبحوث الكيماوية ومن المهتمين بهذا المجال ـ التخصص ودراسة الموضوع والبحث عن وسيلة تحد من الأضرار والأخطار• فبادر الأب ايرله لإعداد الخطوات لتحقيق هذا الطلب فوجه الدعوة إلى عدد من أمناء المكتبات في الأقطار الأوربية لحضور مؤتمر أو ندوة متخصصة تم عقدها في مدينة (سنت غالين) في سويسرا بمساعدة زميله العالم Dr. Vil Posse في خريف عام 1898 ومؤتمر دريسدن 1899 لأمناء الأرشيف الألمان، حيث جرت مناقشات ودراسات لجملة من التقارير والأبحاث كان من بينها التقرير الذي قدمه (ايرله) وكان بحق من أهم الأبحاث المقدمة في هذا المؤتمر، ونشر التقرير عام 1899 الذي تمخض عنه تشكيل لجنة لمتابعة الإجراءات والتوصيات في المؤتمر المذكور• (2)
يعدّ مؤتمر سنت غالين أول مؤتمر دولي يعقد لدراسة أحوال الكتب والمخطوطات والوثائق والسبل الكفيلة بالمحافظة عليها وإنقاذها من الأخطار التي تتعرض لها• كان هذا المؤتمر فاتحة لجهود أخرى• فقد تبع ذلك مؤتمر آخر عقده الوثائقيون (الأرشيفيون) الألمان في مدينة دريسدن في خريف عام 1899 بدعوة من وزارة الحرب البروسية، وكان المحور يدور حول صيانة الوثائق والخرائط وترميمها• (3)
كان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918) أما بعد الحرب العالمية الثانية، وماتركته هذه الحرب الضروس من دمار وخراب وخسائر في الأرواح والممتلكات وخاصة الثقافية منها، فقد أثارت اهتمام رجال العلم والثقافة حول مستقبل التراث العلمي والثقافي الذي هو ملك للإنسانية جمعاء• وقد تجسد هذا الاهتمام بتأسيس منظمة اليونسكو عام 1945 ثم جاءت خطوة مباركة أخرى بتأسيس المجلس الدولي للوثائق INTERNATIONL COUNCLL ON ARCTIVES المعروف اختصاصاً بـ (ايكا ICA) الذي اضطلع بمهمة جديدة لحماية الأرشيف والوثائق والمخطوطات على نطاق دولي• وقد تأسس هذا المجلس عام 1950 واتخذ من باريس مقراً لأمانته العامة التنفيذية، وهو دائب على عقد المؤتمرات والندوات المتخصصة في مجالات متعددة، من بينها تنظيم الحلقات الدراسية والندوات حول صيانة الوثائق والمخطوطات وترميمها والاستفادة من تجارب الجهات المختصة في هذا الميدان العلمي، وقد اضطلع المجلس بمهمة إصدار الكتب والنشرات حول هذا الموضوع من قبل اللجان الخاصة وهي: لجنة التصوير بأنواعه، ولجنة الصيانة والترميم التابعة للمجلس الدولي للأرشيف وتصدر مجلات متخصصة في هذه المجالات•(4)
ويمكن القول اليوم إن الأساليب والوسائل المتبعة لصيانة الوثائق والمخطوطات والأعمال الفنية خلال القرن العشرين قد استقرت على أسس وقواعد علمية رصينة تعززها مختبرات وخبراء في العلوم الكيماوية والفيزيائية على درجة عالية من الخبرة العلمية والعملية تضاف إلى ذلك الأجهزة والمعدات المستخدمة لهذا الغرض•
2 ـ الأخطار التي تتعرض لها الوثائق والمخطوطات والأعمال الفنية:
يمكن حصر الأخطار التي تهدد الوثائق والكتب والمخطوطات بالعوامل الآتية:
ـ العوامل الطبيعية: كالزلزال والفيضانات والحرائق
ـ العوامل البيولوجية:
أـ الحيوانات والقوارض كالجرذان والفئران•
ب ـ الحشرات والديدان بأنواعها•
جـ ـ عوامل بيئية كالفطريات الناجمة عن الرطوبة•
ـ العوامل الفيزيائية:
آ ـ فعل الإنسان، كالحك والتشويه والتمزيق•
ب ـ الحرارة، الضوء، الرطوبة•
ـ العوامل الكيماوية:
آ ـ الحامضية في الورق•
ب ـ الحبر وتركيبه•
ج ـ العوامل الجوية والغبار•
وسنأتي على تفصيل كل عامل من هذه العوامل•
2 ـ1 ـ الحيوانات والقوارض
تعد من أخطر العوامل المؤدية إلى تلف المخطوطات والكتب والوثائق والمعروضات المتحفية خاصة المواد العضوية كالخشب والجلود والورق والأقمشة والمواد العضوية الأخرى•
2ـ1ـ1 الحشرات
آـ الأرضة (النمل الأبيض) TERMITES (ISOPTERA)
وهي دودة صغيرة بيضاء فتاكة تقتات على الأخشاب والورق والجلود والمواد العضوية الأخرى، وتفتك بالكتب والمخطوطات بصورة كبيرة• تكافح بالمبيدات المعروفة كالكوردين وأحياناً بالنفط الأبيض (الكيروسين)•
ب ـ السمكة الفضية Silver Fish
هذه الحشرة الصغيرة لونها رمادي لؤلؤي، سريعة الحركة لها أرجل عديدة تعتاش على المواد العضوية كالورق والخشب والأصماغ وتحدث ثقوباً وقروضاً في المخطوطات والكتب والجلود• تعيش في الظلام وتهرب من الضوء• وتنمو بدرجة حرارة من 16ـ24مْ إذا كانت نسبة الرطوبة تزيد عن 55%، وتكافح بالمبيدات كالـ D.D.T والتبخير FUMIGATION•
ج ـ الحشرة القارضة CORRIDENTIA (BOOK-LICE)
ويطلق عليها كذلك قمل الكتب وهي حشرة صغيرة تعيش على الورق والصمغ وتكافح بالتبخير بالمبيدات•
ء ـ دودة الورق BOOK WORM - BOOK MOTH
وهي دودة بيضاء غليظة الجسم يبلغ طولها (1) سم، سريعة الحركة شرهة في أكل الكتب وتبدأ بأكل كعوب المخطوطات والكتب وتكافح بالـ D.D.T المذاب بالكليسرين، حيث يبخر المخطوط بعد وضعه في صندوق محكم الغلق•
هـ ـ دودة الكليو بترا CLEPTRA
دودة صغيرة من نـوع الخنافس Beetles طولها يتراوح بين 2ـ5 ملم، تؤدي إلى تلف الكتب والمخطوطات والورق وتضع بيوضها داخـل الثقوب التي تحدثها في المخطوطات والكتب والوثائق وفي كعوب الكتب، وتموت هذه الدودة بعد وضع بيضها بأيام قليلة، تكـافح بالتبخـير•
و ـ الخنفساء السوداء BLACK BEETLES
وهي على أنواع كثيرة، وتضع بيوضها في الأماكن المظلمة والرطبة، ودورة حياتها تختلف وفق أنواعها تلتهم الخنفساء الكتب والمخطوطات والأغلفة المصنوعة من الورق أو الجلود أو الرق PARCIIENNT•
2ـ1ـ2 الفطريات (العفن) ـ FUNGUS
أنواع الفطريات كثيرة تزيد على 100 نوع، وتظهر عندما تزيد درجة الرطوبة عن 80 درجة مئوية مع عدم وجود تيار هوائي•
ومن الملاحظ أن الفطريات لاتمتص الرطوبة من الجو بل من الشيء المخزون عندما تكون درجة الرطوبة 80%، حيث يمتص الجلد من الجو نسبة من الماء تتراوح مابين 18 ـ 28مْ، أما الأوراق فتمتص نسبة من الماء تتراوح مابين 9ـ14مْ ويصل امتصاص الجلد إلى 10% عندما تكون نسبة الرطوبة 70% وعند ذلك تتكون الفطريات• ويلاحظ أن الأتربة والغبار Dust تكون عاملاً مساعداً لنمو الفطريات، إضافة إلى العوامل الأخرى ولمكافحتها تستعمل مادة (بارا دكلوروبنزين) PARADICHLOROBENZENE وتعد أفضل مادة للقضاء عليها •
كيف نكافح العفن (الفطر) MOULD (5)
قلنا إن الفطريات تتكاثر عند زيادة الرطوبة النسبية، وللحفاظ على المحفوظات والمخزون من الكتب والمخطوطات والوثائق يجب اتخاذ الإجراءات لتقليل نسبة الرطوبة وتخفيضها لإيجاد جو يتسم بالجفاف، حيث إن الفطريات تتكون في الأجواء ذات درجة حرارة تتراوح مابين (21ـ27مْ)•
أما الرطوبة النسبية فتتراوح مابين 50 ـ 55% والطريقة المثلى هي وجود مكيف هواء تؤمن هذه الحالة، وفي حالة عدم وجود وحدات (أجهزة) التخلص من الرطوبة يجب استعمال مواد كيماوية مثل Selica gel وكلوريد الكالسيوم Calcium Chloride
وطين السليكا شائع الاستعمال في التقليل من الرطوبة، ومقاديره• 7 باوندات من Selica gel لـ 1000 قدم مكعب من المساحة الحجمية، ويمكن استعماله بعد تسخينه في فرن بدرجة (205مْ) ويحرك ويوضع داخل غرفة محكمة الإغلاق•
والطريقة الثانية هي إزالة الفطريات بقطعة من القطن في الهواء الطلق ثم تبخير المواد في غرفة مغلقة باستعمال أكسيد الإيثيلين Ethylene oxide خلال 24 ساعة، ولما كان الغاز ساماً فيجب أن يقوم بالعمل خبير متخصص•
وهناك طريقة تبخير أسهل استعمالاً وأقل ضرراً وأرخص كلفة هي استعمال مادة الثيمول Thymol في غرفة مغلقة لمدة 48 ساعة وتوضع المواد المراد تبخيرها على ارتفاع 10 بوصة، مع تسخين مادة الثيمول مرتين خلال 48 ساعة•
2 ـ 2 العوامل الفيزيائية:
2 ـ 2 ـ1 فعل الإنسان:
كثيراً مايكون فعل الإنسان ومساوىء استعماله أو استخدامه للكتب والوثائق والمخطوطات والخرائط من أهم العوامل المؤدية إلى تلفها وتمزيقها كالأسلوب الخشن في كيف التوريق وتقليب الصفحات أو استعمال أقلام الحبر والأقلام الملونة، والكتابة على الكتب والوثائق أو الخرائط، وكذلك استخدام السكاكين والشفرات والدبابيس في ربط الصفحات أو حكها أو تلوينها خلال الاستعمال إذا كانت الأيدي وسخة•
2ـ2ـ2 الحرارة ـ الضوء ـ الرطوبة:
إن المواد العضوية عامة والورق خاصة، لاسيما الورق المصنوع من عجينة الخشب، يكون أصفر اللون وسهل الكسر ويصبح ضعيفاً•• إذ إن قوة هذا الورق تتأثر بالضوء والرطوبة والحرارة وقد يكون هذا الورق من الضعف بحيث لايقوى على التداول•
والحرارة تزيد من تلف الورق إذا زادت على نسبة 20%، وكذلك الرطوبة فهي من العوامل المساعدة على تلف الورق والمواد العضوية، حيث تؤدي إلى زيادة الحامضية في الورق•
2 ـ 3 ـ العوامل الكيماوية:
2ـ3ـ1 الحامضية في الورق:
الحوامض في الورق تأتي من مصدرين:
1ـ احتواء الورق نفسه على الحوامض من بقايا المواد عند صناعته•
2ـ الجو الملوث ولاسيما في المدن الصناعية•
فالحوامض حتى ولو كانت ذات تركيز منخض فإنها تعرض الورق للتلف تدريجياً، ولعل أحد الأسباب التي تجعل الحوامض موجودة في الورق أن عجينة الورق لم تكن قد تمت تنقيتها منها تماماً عند عملية الصنع• كما أن غازات الكبريت في الجو لاسيما في المدن الصناعية هي الأخرى تعد من مصادر تكوين الحوامض•(6)
ويمكن القول بأن كلاً من الوثائقيين والمكتبيين معنيون في الوقت الحاضر، أكثر من غيرهم وبشكل جـدي، بالوقـوف على الحقائق القائلة بأن الحوامض هي السبب الرئيسي فـي تفسـخ الـورق والمـواد المماثلـة وترديـها وتقصفها•
ولأجل الحفاظ على الوثائق والكتب والمخطوطات والخرائط المصابة بالحامضية وتخليصها من حالات التردي والتفسخ المستمرين، فإنه من الأمور الحيوية والأساسية البحث عن الوسائل الملائمة التي تكفل التخلص من هذه الحامضية•
وهنا طرق متعددة ومختلفة قام بها وجربها عدد من العلماء والخبراء المتخصصين في هذا الميدان ولكون المواد المستخدمة في هذه الطرق هي مواد كيماوية مضرة بصحة الإنسان فيجب على من يقوم بها أن يكون خبيراً متخصصاً وإلا فإن الخطأ في استعمالها يلحق أفدح الأضرار بالإنسان والمواد التي تعالج بهذه الطرق، كما يتطلب الأمر استخدام أجهزة ومعدات خاصة يصعب على المكتبات ودور الوثائق شراؤها أو توفيرها لأنها باهظة الثمن إضافة إلى ضرورة توفر الخبرة لإدارتها وممارسة العمل فيها•
ولذلك نرى أن بعض الأقطار المتقدمة هيأت مراكز ومختبرات متخصصة للقيام بهذا العمل الدقيق والحساس•
وهنا نذكر إحدى هذه الطرق المعتمدة على النطاق العالمي في دوائر الأرشيف والمكتبات، وهي طريقة (بارو)، وتعتمد بالدرجة الأولى على الطريقة المائية في إزالة الحامضية نظراً لكفاءتها وضمان نتائجها، حيث أصبحت مقبولة من لدن العاملين في هذا الميدان•• والأساس في هذه الطريقة هو تعادل الحامضية في الورق، فإضافة إلى تخليص الورق من الحامضية فإنه يحميه ـ أي الورق ـ من العودة إلى حالة الحامضية مرة أخرى، وكذلك أن هذه الطريقة مأمونة في التطبيق•
تتلخص طريقة (بارو) في معالجة الورق المصاب بالحامضية باستخدام أسلوب غمس الورق أو الوثائق في محاليل مذابة تتألف من:
محلول مذاب من هيدروكسيد الكالسيوم، محلول مذاب من بيكاربونات الكالسيوم، ثم غسلها بماء صافٍ وتجفيفها•
وتمر هذه الطريقة بمرحلتين: الأولى غمر الوثيقة أو الورقة في محلول مشبع من هيدروكسيد الكالسيوم لمدة 20 دقيقة•• ثم تليها المرحلة الثانية وهي إخراج الوثيقة أو الورقة وغمرها في محلول مشبع من بيكاربونات الكالسيوم لمدة 20 دقيقة أيضاً•
وهذه الطريقة في المعالجة لاتقتصر على تعادل الحامض الموجود في الورق بل إنها تترك بعض جزئيات كاربونات الكالسيوم المذابة في الورق، وهي حالة تكفل الحفاظ على الأوراق والوثائق وتمنع من أن تتسرب إليها المركبات الحامضية الموجودة في الجو خلال العرض أو الخزن•
وتحتاج ثلاثة أواني مطلية بالميناء•
الإناء الأول ـ محلول هيدروكسيد الكالسيوم 15%
الإناء الثاني ـ ماء نقي
الإناء الثالث ـ محلول بيكاربونات الكالسيوم 15%
وهذه الطريقة مستخدمة في الهند وماليزيا•(7)
2ـ3ـ2 الضوء Light
إن الكثير من الكتابات والصور والرسوم الملونة إضافة إلى الأوعية التي احتوتها كالورق تتعرض إلى تغيير في ألوانها•• والضوء من أهم العوامل المسؤولة عن ذلك•
إن الأشعة فوق البنفسجية Ultra Violet، وهي ضوء أزرق شديد القوة، تعد الأكثر ضرراً وتأثيراً على الورق والحبر والألوان، كما أن ضوء الشمس غير المباشر أيضاً هو الآخر مضر جداً، ولهذا يجب تجنب هذا الضوء في أماكن حفظ أو عرض المخطوطات والكتب والخرائط والصور باستخدام مصابيح خاصة بذلك، أو استخدام زجاج خاص للشبابيك يمتص هذا النوع من الأشعة•
والضوء يؤثر على المواد العضوية فيغير ألوانها نتيجة تباين المواد في درجة تحملها لأشعة الضوء الساقطة عليها، ويمكن القول إن للضوء نوعين من التأثير•
آـ التأثير الضوئي(8) Photo Lysis
يتمثل باختزال الصفات بتأثيره على المواد العضوية الموجودة في المادة المعرضة للضوء في اللوحة الفنية ـ أساس اللوحة أو الطبقة الملونة•
والمواد العضوية هي عبارة عن مواد هايدروكاربونية، وتتألف من مجموعة من الذرات الكاربونية المتصلة مع بعضها بأصرة، وهذا الاتصال المستمر يسمى البلمرة Polymerization فتأثير الضوء على هذه الأصرة الكـاربونيـة يكسـرها فينعدم بـذلك الناتـج بوليمر• أي ينكسر السليلوز•• ونسمي هذه العمليـة depotymerization والسـليلـوز موجـود في أنـواع الأقمشـة والـورق والخـشب وبعض الأصـماغ•
ب ـ التأثير الكيماوي Chemical - Lysis
يقوم الضوء في هذه الحالة بتحليل الأوكسجين الموجود في الجو إلى أوكسجين ذري طري فيؤكسد المواد العضوية، وذلك بتفاعل الأوكسجين مع بخار الماء بتأثير الضوء فيكون بيروكسيد الهيدروجين O2+H2O = H2O2وتسمي هذه العملية Folo oxidation وهذه تؤدي إلى اختزال الألوان من المواد المعرضة للضوء•
وتتأثر الألوان بالعوامل التالية:
1ـ بعد الصورة أو اللوحة عن مصدر الضوء
2ـ شدة الضوء أو ضعفه
3ـ مدة التعرض للضوء
4ـ نوع المصدر الضوئي ـ شمس ـ كهرباء•
2ـ3ـ3 الحبر INK
توصل الإنسان إلى اختراع الحبر ـ المداد ـ بعد جهود مضنية استغرقت عشرات بل مئات من السنين، تعرضت خلالها الكثير من المدونات إلى التلف أو الضياع•• وهناك أنواع من الحبر نذكرها بإيجاز•
آـ حبر الكاربون: وقد عرف هذا النوع من الحبر باستخدام السناج الناتج عن المصابيح الزيتية ويمزج بالصمغ العربي كمادة رابطة مع ماء•• ويعد حبر الكاربون من أفضل أنواع الأحبار لأن لونه لايتغير كثيراً بمرور الزمن ثم تطور صنعه فأضيف إليه قليل من مادة كبريتات الحديدوز Ferrous sulfate السهلة الذوبان في الماء•
ب ـ حبر الحديد والعفص: ويمتاز بعدم ذوبانه في الماء ولايتأثر بالرطوبة ويعد من الأحبار الثابتة •• ويصنع من العفص كمادة صمغية ثم يضاف إليه قليل من الخل أو الشراب الأبيض، ثم يضاف إليه الصمغ العربي•
ج ـ حبر النيلة الأزرق: يحضر هذا النوع من صبغة النيلة الزرقاء indigs النباتية، وقد استعملها الرومان في معالجة الجروح ومن مزاياها أنها لا تتأثر أو تتلف بسبب المجهريات•
ءـ الحبر الأحمر: تؤخذ الصبغة الحمراء من نوع خاص من الخشب تنقع في الخل يضاف إليها الصمغ العربي أو صفار البيض، ثم استخدمت مواد أخرى مثل كبريتور الزئبقيك (الزنجفر)عوضاً عن الصبغة المستخلصة من الخشب•
هـ ـ حبر المطابع: يصنع من الكربون يغلى بدهن الكتان، وهو من الأحبار الثابتة التي لاتتأثر بالضوء•• وقديماً كانوا يصنعونه من السناج والصمغ العربي مع دهن الجوز للحصول على حبر جيد•
والحـبر المعدني لابد أن يتأثر بالتفاعل مع المـواد ويؤثر على الورق ويـؤدي إلى تـآكل الـورق ونخـره•
3 ـ لجنة الصيانة والترميم التابعة للمجلس الدولي للوثائق(9)
ICA. Conservation & Restoration Commitlee
كانت الحرب العالمية الثانية وماتركته من خراب ودمار في الأرواح والممتلكات، لاسيما في الممتلكات الثقافية، قد أثارت المزيد من الاهتمام إلى ضرورة الحفاظ على الممتلكات الثقافية وإبعاد أخطار الحروب في المستقبل وتخليص الإنسانية من الويلات والنكبات الناجمة عنها، وقد التمعت فكرة إيجابية في أذهان عدد من المفكرين ومن ذوي النزعات الإنسانية الخيرة في البحث لإيجاد صيغة من التعاون بين الدول وأن خير وسيلة لتحقيق ذلك هي اعتماد الثقافة والعلوم في المعاملات الدولية، ففي خريف عام 1945م تأسست المنظمة الدولية، للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ثم تبع ذلك تأسيس المجلس الدولي للوثائق (ICA) عام 1950(10)•
وكان من بين الأمور التي أولاها المجلس اهتماماً كبيراً هو اتخاذ الوسائل لصيانة وإنقاذ التراث البشري المتمثل في الوثائق والأرشيفات من النواحي النظرية والعملية، حيث تمت الموافقة على تشكيل لجنة متخصصة هي (لجنة الصيانة والترميم)•
وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الافتتاحي في مدينة فلورنسا (إيطاليا) 1976/5/20م والثاني في واشنطن 1976/9/30م كان من نتائجه توجيه استبيان إلى كل الأقطار والمؤسسات للوقوف على ما إذا كان لديها مختبرات ودوائر خاصة لصيانة الوثائق وترميمها•
وقد أنجزت هذه اللجنة الكثير من الأعمال كعقد المؤتمرات والحلقات الدراسية وإصدار كتب ومؤلفات عدة باحثة في هذا الميدان وذلك بالتعاون مع اليونسكو•
وإضافة إلى هذه المهمة تم إنشاء لجنتين متخصصتين هما:
1ـ لجنة التصوير المصغر (الميكرو فيلم) ICA.MICROFILM CIMMI TTEE
وقد عقدت اجتماعها الأول في باريس من 8ـ1970/4/10، وتصدر مجلة متخصصة في هـذا المجـال بعنـوان ICA.MICROFILM BULLETIN•
2ـ لجنة الصيانة والترميم:
ICA. CONSERVATION AND : RESTORATION COMMTTEE
وقد عقدت اجتماعها الأول في فلورنسا (إيطاليا) في 1976/5/20م وتصدر مجلة متخصصة يشرف عليها خبراء عالميون••ويضاف إلى ماتقدم أن المجلس الدولي للوثائق يصدر منذ عام 1951م مجلته العلمية المعروفة باسم (أركيفوم ARCHIVTM) التي تضطلع بنشر البحوث والدراسات الخاصة بالأرشيف والوثائق، كما نشر عدداً من المطبوعات، يضاف إلى ذلك أن منظمة اليونسكو لها مساهمات في حقل صيانة وترميم الوثائق•(11)
الهوامش:
(1) Dr. Fran. Ehrle تراجع مجلة: Restarator
(2) راجع مجلة الوثائق العربية، العدد / 8 لسنة 1982م ص 73 ـ 121
(3) نشر التقرير بعد سبعين سنة
(4) لمزيد من التفصيلات والمعلومات، راجع كتابنا: الفرع الإقليمي العربي للوثائق ـ بغداد، ط2 / 1977م•
(5) المورد ـ المصدر السابق ص 141، وراجع كذلك كتاب (ديفس Davies) ص56
(6) راجع المورد مجلد 5 العدد / 6 (1967م) ص 143 للأستاذ اكروال Argrawatl الخبير الهندي في صيانة الورق
(7) راجع المورد مجلد 5 العدد /6 (1976م) ص 143
(8) راجع : John Davies, Astudy of the Basic standaids and Methods in Presrvation and Restoration workshops, Applienble to the Developing Counties Brussel 1973
(9) يراجع: الألوسي (سالم عبود): الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للوثائق، ط2، بغداد ـ 1977م، ص18
(10) المزيد من المعلومات عن المجلس الدولي للوثائق ـ راجع المصدر السابق ص9ـ47
(11) مؤتمر ست غالين 1898 ـ 1898م ومؤتمر درسدن 1899/9/20م
المصدر
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
تمثله من موروث حضاري• وهذا البحث يبين الأخطار التي تتعرض لها الوثائق والمخطوطات وأهم العوامل التي تؤثر فيها سواء كانت طبيعية أم فيزيائية أم كيميائية•• كما يوضح ضرورة معالجة الوثائق المصابة لحمايتها وإطالة عمرها ويذكر طرق المعالجة المتبعة لصيانة الوثائق•
1ـ المقدمة:
كان موضوع الحفاظ على الوثائق والمخطوطات والكتب وصيانتها وإنقاذها من الأخطار التي تتعرض لها الشغل الشاغل لرجال العلم والثقافة بوجه عام والوثائقيين وأمناء المكتبات والآثاريين والفنانين بوجه خاص، لكون هذه الذخائر من التراث الثقافي للبشرية جمعاء، وكانت البدايات في هذا المجال محاولات متفرقة تجري في مختبرات المتاحف ودور الوثائق على نطاق الجهود الفردية أحياناً أو الحكومية على أوجه مختلفة، فكان لكل جانب أسلوبه الخاص في ترميم وصيانة الوثائق والمخطوطات والكتب النادرة والصور الثمينة والخرائط وغير ذلك من المحفوظات والآثار الفنية من الذخائر العلمية والثقافية•
أما على النطاق العلمي فإن أول محاولة علمية لدراسة الأسباب المؤدية إلى تلف وتفسخ المخطوطات والوثائق والكتب وتردي أحوالها، والبحث عن أفضل الوسائل التي تكفل حمايتها وتؤمن صيانتها فقد جاءت من قبل إدراة مكتبة الفاتيكان عندما وجدت أن الكثير من مجموعات المخطوطات والوثائق لحقها التلف مثل تقصف الورق وتساقط ألوان الصور والحبر ناهيك عن الأضرار الناجمة عن الحشرات والقوارض وغيرها•
طلبت إدارة مكـتبة الفاتيكـان من العالم الألمـاني الأستاذ الدكتـور الأب (فرانز ايرله) (1) ـ وهو من المشهورين بالدراسات والبحوث الكيماوية ومن المهتمين بهذا المجال ـ التخصص ودراسة الموضوع والبحث عن وسيلة تحد من الأضرار والأخطار• فبادر الأب ايرله لإعداد الخطوات لتحقيق هذا الطلب فوجه الدعوة إلى عدد من أمناء المكتبات في الأقطار الأوربية لحضور مؤتمر أو ندوة متخصصة تم عقدها في مدينة (سنت غالين) في سويسرا بمساعدة زميله العالم Dr. Vil Posse في خريف عام 1898 ومؤتمر دريسدن 1899 لأمناء الأرشيف الألمان، حيث جرت مناقشات ودراسات لجملة من التقارير والأبحاث كان من بينها التقرير الذي قدمه (ايرله) وكان بحق من أهم الأبحاث المقدمة في هذا المؤتمر، ونشر التقرير عام 1899 الذي تمخض عنه تشكيل لجنة لمتابعة الإجراءات والتوصيات في المؤتمر المذكور• (2)
يعدّ مؤتمر سنت غالين أول مؤتمر دولي يعقد لدراسة أحوال الكتب والمخطوطات والوثائق والسبل الكفيلة بالمحافظة عليها وإنقاذها من الأخطار التي تتعرض لها• كان هذا المؤتمر فاتحة لجهود أخرى• فقد تبع ذلك مؤتمر آخر عقده الوثائقيون (الأرشيفيون) الألمان في مدينة دريسدن في خريف عام 1899 بدعوة من وزارة الحرب البروسية، وكان المحور يدور حول صيانة الوثائق والخرائط وترميمها• (3)
كان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918) أما بعد الحرب العالمية الثانية، وماتركته هذه الحرب الضروس من دمار وخراب وخسائر في الأرواح والممتلكات وخاصة الثقافية منها، فقد أثارت اهتمام رجال العلم والثقافة حول مستقبل التراث العلمي والثقافي الذي هو ملك للإنسانية جمعاء• وقد تجسد هذا الاهتمام بتأسيس منظمة اليونسكو عام 1945 ثم جاءت خطوة مباركة أخرى بتأسيس المجلس الدولي للوثائق INTERNATIONL COUNCLL ON ARCTIVES المعروف اختصاصاً بـ (ايكا ICA) الذي اضطلع بمهمة جديدة لحماية الأرشيف والوثائق والمخطوطات على نطاق دولي• وقد تأسس هذا المجلس عام 1950 واتخذ من باريس مقراً لأمانته العامة التنفيذية، وهو دائب على عقد المؤتمرات والندوات المتخصصة في مجالات متعددة، من بينها تنظيم الحلقات الدراسية والندوات حول صيانة الوثائق والمخطوطات وترميمها والاستفادة من تجارب الجهات المختصة في هذا الميدان العلمي، وقد اضطلع المجلس بمهمة إصدار الكتب والنشرات حول هذا الموضوع من قبل اللجان الخاصة وهي: لجنة التصوير بأنواعه، ولجنة الصيانة والترميم التابعة للمجلس الدولي للأرشيف وتصدر مجلات متخصصة في هذه المجالات•(4)
ويمكن القول اليوم إن الأساليب والوسائل المتبعة لصيانة الوثائق والمخطوطات والأعمال الفنية خلال القرن العشرين قد استقرت على أسس وقواعد علمية رصينة تعززها مختبرات وخبراء في العلوم الكيماوية والفيزيائية على درجة عالية من الخبرة العلمية والعملية تضاف إلى ذلك الأجهزة والمعدات المستخدمة لهذا الغرض•
2 ـ الأخطار التي تتعرض لها الوثائق والمخطوطات والأعمال الفنية:
يمكن حصر الأخطار التي تهدد الوثائق والكتب والمخطوطات بالعوامل الآتية:
ـ العوامل الطبيعية: كالزلزال والفيضانات والحرائق
ـ العوامل البيولوجية:
أـ الحيوانات والقوارض كالجرذان والفئران•
ب ـ الحشرات والديدان بأنواعها•
جـ ـ عوامل بيئية كالفطريات الناجمة عن الرطوبة•
ـ العوامل الفيزيائية:
آ ـ فعل الإنسان، كالحك والتشويه والتمزيق•
ب ـ الحرارة، الضوء، الرطوبة•
ـ العوامل الكيماوية:
آ ـ الحامضية في الورق•
ب ـ الحبر وتركيبه•
ج ـ العوامل الجوية والغبار•
وسنأتي على تفصيل كل عامل من هذه العوامل•
2 ـ1 ـ الحيوانات والقوارض
تعد من أخطر العوامل المؤدية إلى تلف المخطوطات والكتب والوثائق والمعروضات المتحفية خاصة المواد العضوية كالخشب والجلود والورق والأقمشة والمواد العضوية الأخرى•
2ـ1ـ1 الحشرات
آـ الأرضة (النمل الأبيض) TERMITES (ISOPTERA)
وهي دودة صغيرة بيضاء فتاكة تقتات على الأخشاب والورق والجلود والمواد العضوية الأخرى، وتفتك بالكتب والمخطوطات بصورة كبيرة• تكافح بالمبيدات المعروفة كالكوردين وأحياناً بالنفط الأبيض (الكيروسين)•
ب ـ السمكة الفضية Silver Fish
هذه الحشرة الصغيرة لونها رمادي لؤلؤي، سريعة الحركة لها أرجل عديدة تعتاش على المواد العضوية كالورق والخشب والأصماغ وتحدث ثقوباً وقروضاً في المخطوطات والكتب والجلود• تعيش في الظلام وتهرب من الضوء• وتنمو بدرجة حرارة من 16ـ24مْ إذا كانت نسبة الرطوبة تزيد عن 55%، وتكافح بالمبيدات كالـ D.D.T والتبخير FUMIGATION•
ج ـ الحشرة القارضة CORRIDENTIA (BOOK-LICE)
ويطلق عليها كذلك قمل الكتب وهي حشرة صغيرة تعيش على الورق والصمغ وتكافح بالتبخير بالمبيدات•
ء ـ دودة الورق BOOK WORM - BOOK MOTH
وهي دودة بيضاء غليظة الجسم يبلغ طولها (1) سم، سريعة الحركة شرهة في أكل الكتب وتبدأ بأكل كعوب المخطوطات والكتب وتكافح بالـ D.D.T المذاب بالكليسرين، حيث يبخر المخطوط بعد وضعه في صندوق محكم الغلق•
هـ ـ دودة الكليو بترا CLEPTRA
دودة صغيرة من نـوع الخنافس Beetles طولها يتراوح بين 2ـ5 ملم، تؤدي إلى تلف الكتب والمخطوطات والورق وتضع بيوضها داخـل الثقوب التي تحدثها في المخطوطات والكتب والوثائق وفي كعوب الكتب، وتموت هذه الدودة بعد وضع بيضها بأيام قليلة، تكـافح بالتبخـير•
و ـ الخنفساء السوداء BLACK BEETLES
وهي على أنواع كثيرة، وتضع بيوضها في الأماكن المظلمة والرطبة، ودورة حياتها تختلف وفق أنواعها تلتهم الخنفساء الكتب والمخطوطات والأغلفة المصنوعة من الورق أو الجلود أو الرق PARCIIENNT•
2ـ1ـ2 الفطريات (العفن) ـ FUNGUS
أنواع الفطريات كثيرة تزيد على 100 نوع، وتظهر عندما تزيد درجة الرطوبة عن 80 درجة مئوية مع عدم وجود تيار هوائي•
ومن الملاحظ أن الفطريات لاتمتص الرطوبة من الجو بل من الشيء المخزون عندما تكون درجة الرطوبة 80%، حيث يمتص الجلد من الجو نسبة من الماء تتراوح مابين 18 ـ 28مْ، أما الأوراق فتمتص نسبة من الماء تتراوح مابين 9ـ14مْ ويصل امتصاص الجلد إلى 10% عندما تكون نسبة الرطوبة 70% وعند ذلك تتكون الفطريات• ويلاحظ أن الأتربة والغبار Dust تكون عاملاً مساعداً لنمو الفطريات، إضافة إلى العوامل الأخرى ولمكافحتها تستعمل مادة (بارا دكلوروبنزين) PARADICHLOROBENZENE وتعد أفضل مادة للقضاء عليها •
كيف نكافح العفن (الفطر) MOULD (5)
قلنا إن الفطريات تتكاثر عند زيادة الرطوبة النسبية، وللحفاظ على المحفوظات والمخزون من الكتب والمخطوطات والوثائق يجب اتخاذ الإجراءات لتقليل نسبة الرطوبة وتخفيضها لإيجاد جو يتسم بالجفاف، حيث إن الفطريات تتكون في الأجواء ذات درجة حرارة تتراوح مابين (21ـ27مْ)•
أما الرطوبة النسبية فتتراوح مابين 50 ـ 55% والطريقة المثلى هي وجود مكيف هواء تؤمن هذه الحالة، وفي حالة عدم وجود وحدات (أجهزة) التخلص من الرطوبة يجب استعمال مواد كيماوية مثل Selica gel وكلوريد الكالسيوم Calcium Chloride
وطين السليكا شائع الاستعمال في التقليل من الرطوبة، ومقاديره• 7 باوندات من Selica gel لـ 1000 قدم مكعب من المساحة الحجمية، ويمكن استعماله بعد تسخينه في فرن بدرجة (205مْ) ويحرك ويوضع داخل غرفة محكمة الإغلاق•
والطريقة الثانية هي إزالة الفطريات بقطعة من القطن في الهواء الطلق ثم تبخير المواد في غرفة مغلقة باستعمال أكسيد الإيثيلين Ethylene oxide خلال 24 ساعة، ولما كان الغاز ساماً فيجب أن يقوم بالعمل خبير متخصص•
وهناك طريقة تبخير أسهل استعمالاً وأقل ضرراً وأرخص كلفة هي استعمال مادة الثيمول Thymol في غرفة مغلقة لمدة 48 ساعة وتوضع المواد المراد تبخيرها على ارتفاع 10 بوصة، مع تسخين مادة الثيمول مرتين خلال 48 ساعة•
2 ـ 2 العوامل الفيزيائية:
2 ـ 2 ـ1 فعل الإنسان:
كثيراً مايكون فعل الإنسان ومساوىء استعماله أو استخدامه للكتب والوثائق والمخطوطات والخرائط من أهم العوامل المؤدية إلى تلفها وتمزيقها كالأسلوب الخشن في كيف التوريق وتقليب الصفحات أو استعمال أقلام الحبر والأقلام الملونة، والكتابة على الكتب والوثائق أو الخرائط، وكذلك استخدام السكاكين والشفرات والدبابيس في ربط الصفحات أو حكها أو تلوينها خلال الاستعمال إذا كانت الأيدي وسخة•
2ـ2ـ2 الحرارة ـ الضوء ـ الرطوبة:
إن المواد العضوية عامة والورق خاصة، لاسيما الورق المصنوع من عجينة الخشب، يكون أصفر اللون وسهل الكسر ويصبح ضعيفاً•• إذ إن قوة هذا الورق تتأثر بالضوء والرطوبة والحرارة وقد يكون هذا الورق من الضعف بحيث لايقوى على التداول•
والحرارة تزيد من تلف الورق إذا زادت على نسبة 20%، وكذلك الرطوبة فهي من العوامل المساعدة على تلف الورق والمواد العضوية، حيث تؤدي إلى زيادة الحامضية في الورق•
2 ـ 3 ـ العوامل الكيماوية:
2ـ3ـ1 الحامضية في الورق:
الحوامض في الورق تأتي من مصدرين:
1ـ احتواء الورق نفسه على الحوامض من بقايا المواد عند صناعته•
2ـ الجو الملوث ولاسيما في المدن الصناعية•
فالحوامض حتى ولو كانت ذات تركيز منخض فإنها تعرض الورق للتلف تدريجياً، ولعل أحد الأسباب التي تجعل الحوامض موجودة في الورق أن عجينة الورق لم تكن قد تمت تنقيتها منها تماماً عند عملية الصنع• كما أن غازات الكبريت في الجو لاسيما في المدن الصناعية هي الأخرى تعد من مصادر تكوين الحوامض•(6)
ويمكن القول بأن كلاً من الوثائقيين والمكتبيين معنيون في الوقت الحاضر، أكثر من غيرهم وبشكل جـدي، بالوقـوف على الحقائق القائلة بأن الحوامض هي السبب الرئيسي فـي تفسـخ الـورق والمـواد المماثلـة وترديـها وتقصفها•
ولأجل الحفاظ على الوثائق والكتب والمخطوطات والخرائط المصابة بالحامضية وتخليصها من حالات التردي والتفسخ المستمرين، فإنه من الأمور الحيوية والأساسية البحث عن الوسائل الملائمة التي تكفل التخلص من هذه الحامضية•
وهنا طرق متعددة ومختلفة قام بها وجربها عدد من العلماء والخبراء المتخصصين في هذا الميدان ولكون المواد المستخدمة في هذه الطرق هي مواد كيماوية مضرة بصحة الإنسان فيجب على من يقوم بها أن يكون خبيراً متخصصاً وإلا فإن الخطأ في استعمالها يلحق أفدح الأضرار بالإنسان والمواد التي تعالج بهذه الطرق، كما يتطلب الأمر استخدام أجهزة ومعدات خاصة يصعب على المكتبات ودور الوثائق شراؤها أو توفيرها لأنها باهظة الثمن إضافة إلى ضرورة توفر الخبرة لإدارتها وممارسة العمل فيها•
ولذلك نرى أن بعض الأقطار المتقدمة هيأت مراكز ومختبرات متخصصة للقيام بهذا العمل الدقيق والحساس•
وهنا نذكر إحدى هذه الطرق المعتمدة على النطاق العالمي في دوائر الأرشيف والمكتبات، وهي طريقة (بارو)، وتعتمد بالدرجة الأولى على الطريقة المائية في إزالة الحامضية نظراً لكفاءتها وضمان نتائجها، حيث أصبحت مقبولة من لدن العاملين في هذا الميدان•• والأساس في هذه الطريقة هو تعادل الحامضية في الورق، فإضافة إلى تخليص الورق من الحامضية فإنه يحميه ـ أي الورق ـ من العودة إلى حالة الحامضية مرة أخرى، وكذلك أن هذه الطريقة مأمونة في التطبيق•
تتلخص طريقة (بارو) في معالجة الورق المصاب بالحامضية باستخدام أسلوب غمس الورق أو الوثائق في محاليل مذابة تتألف من:
محلول مذاب من هيدروكسيد الكالسيوم، محلول مذاب من بيكاربونات الكالسيوم، ثم غسلها بماء صافٍ وتجفيفها•
وتمر هذه الطريقة بمرحلتين: الأولى غمر الوثيقة أو الورقة في محلول مشبع من هيدروكسيد الكالسيوم لمدة 20 دقيقة•• ثم تليها المرحلة الثانية وهي إخراج الوثيقة أو الورقة وغمرها في محلول مشبع من بيكاربونات الكالسيوم لمدة 20 دقيقة أيضاً•
وهذه الطريقة في المعالجة لاتقتصر على تعادل الحامض الموجود في الورق بل إنها تترك بعض جزئيات كاربونات الكالسيوم المذابة في الورق، وهي حالة تكفل الحفاظ على الأوراق والوثائق وتمنع من أن تتسرب إليها المركبات الحامضية الموجودة في الجو خلال العرض أو الخزن•
وتحتاج ثلاثة أواني مطلية بالميناء•
الإناء الأول ـ محلول هيدروكسيد الكالسيوم 15%
الإناء الثاني ـ ماء نقي
الإناء الثالث ـ محلول بيكاربونات الكالسيوم 15%
وهذه الطريقة مستخدمة في الهند وماليزيا•(7)
2ـ3ـ2 الضوء Light
إن الكثير من الكتابات والصور والرسوم الملونة إضافة إلى الأوعية التي احتوتها كالورق تتعرض إلى تغيير في ألوانها•• والضوء من أهم العوامل المسؤولة عن ذلك•
إن الأشعة فوق البنفسجية Ultra Violet، وهي ضوء أزرق شديد القوة، تعد الأكثر ضرراً وتأثيراً على الورق والحبر والألوان، كما أن ضوء الشمس غير المباشر أيضاً هو الآخر مضر جداً، ولهذا يجب تجنب هذا الضوء في أماكن حفظ أو عرض المخطوطات والكتب والخرائط والصور باستخدام مصابيح خاصة بذلك، أو استخدام زجاج خاص للشبابيك يمتص هذا النوع من الأشعة•
والضوء يؤثر على المواد العضوية فيغير ألوانها نتيجة تباين المواد في درجة تحملها لأشعة الضوء الساقطة عليها، ويمكن القول إن للضوء نوعين من التأثير•
آـ التأثير الضوئي(8) Photo Lysis
يتمثل باختزال الصفات بتأثيره على المواد العضوية الموجودة في المادة المعرضة للضوء في اللوحة الفنية ـ أساس اللوحة أو الطبقة الملونة•
والمواد العضوية هي عبارة عن مواد هايدروكاربونية، وتتألف من مجموعة من الذرات الكاربونية المتصلة مع بعضها بأصرة، وهذا الاتصال المستمر يسمى البلمرة Polymerization فتأثير الضوء على هذه الأصرة الكـاربونيـة يكسـرها فينعدم بـذلك الناتـج بوليمر• أي ينكسر السليلوز•• ونسمي هذه العمليـة depotymerization والسـليلـوز موجـود في أنـواع الأقمشـة والـورق والخـشب وبعض الأصـماغ•
ب ـ التأثير الكيماوي Chemical - Lysis
يقوم الضوء في هذه الحالة بتحليل الأوكسجين الموجود في الجو إلى أوكسجين ذري طري فيؤكسد المواد العضوية، وذلك بتفاعل الأوكسجين مع بخار الماء بتأثير الضوء فيكون بيروكسيد الهيدروجين O2+H2O = H2O2وتسمي هذه العملية Folo oxidation وهذه تؤدي إلى اختزال الألوان من المواد المعرضة للضوء•
وتتأثر الألوان بالعوامل التالية:
1ـ بعد الصورة أو اللوحة عن مصدر الضوء
2ـ شدة الضوء أو ضعفه
3ـ مدة التعرض للضوء
4ـ نوع المصدر الضوئي ـ شمس ـ كهرباء•
2ـ3ـ3 الحبر INK
توصل الإنسان إلى اختراع الحبر ـ المداد ـ بعد جهود مضنية استغرقت عشرات بل مئات من السنين، تعرضت خلالها الكثير من المدونات إلى التلف أو الضياع•• وهناك أنواع من الحبر نذكرها بإيجاز•
آـ حبر الكاربون: وقد عرف هذا النوع من الحبر باستخدام السناج الناتج عن المصابيح الزيتية ويمزج بالصمغ العربي كمادة رابطة مع ماء•• ويعد حبر الكاربون من أفضل أنواع الأحبار لأن لونه لايتغير كثيراً بمرور الزمن ثم تطور صنعه فأضيف إليه قليل من مادة كبريتات الحديدوز Ferrous sulfate السهلة الذوبان في الماء•
ب ـ حبر الحديد والعفص: ويمتاز بعدم ذوبانه في الماء ولايتأثر بالرطوبة ويعد من الأحبار الثابتة •• ويصنع من العفص كمادة صمغية ثم يضاف إليه قليل من الخل أو الشراب الأبيض، ثم يضاف إليه الصمغ العربي•
ج ـ حبر النيلة الأزرق: يحضر هذا النوع من صبغة النيلة الزرقاء indigs النباتية، وقد استعملها الرومان في معالجة الجروح ومن مزاياها أنها لا تتأثر أو تتلف بسبب المجهريات•
ءـ الحبر الأحمر: تؤخذ الصبغة الحمراء من نوع خاص من الخشب تنقع في الخل يضاف إليها الصمغ العربي أو صفار البيض، ثم استخدمت مواد أخرى مثل كبريتور الزئبقيك (الزنجفر)عوضاً عن الصبغة المستخلصة من الخشب•
هـ ـ حبر المطابع: يصنع من الكربون يغلى بدهن الكتان، وهو من الأحبار الثابتة التي لاتتأثر بالضوء•• وقديماً كانوا يصنعونه من السناج والصمغ العربي مع دهن الجوز للحصول على حبر جيد•
والحـبر المعدني لابد أن يتأثر بالتفاعل مع المـواد ويؤثر على الورق ويـؤدي إلى تـآكل الـورق ونخـره•
3 ـ لجنة الصيانة والترميم التابعة للمجلس الدولي للوثائق(9)
ICA. Conservation & Restoration Commitlee
كانت الحرب العالمية الثانية وماتركته من خراب ودمار في الأرواح والممتلكات، لاسيما في الممتلكات الثقافية، قد أثارت المزيد من الاهتمام إلى ضرورة الحفاظ على الممتلكات الثقافية وإبعاد أخطار الحروب في المستقبل وتخليص الإنسانية من الويلات والنكبات الناجمة عنها، وقد التمعت فكرة إيجابية في أذهان عدد من المفكرين ومن ذوي النزعات الإنسانية الخيرة في البحث لإيجاد صيغة من التعاون بين الدول وأن خير وسيلة لتحقيق ذلك هي اعتماد الثقافة والعلوم في المعاملات الدولية، ففي خريف عام 1945م تأسست المنظمة الدولية، للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ثم تبع ذلك تأسيس المجلس الدولي للوثائق (ICA) عام 1950(10)•
وكان من بين الأمور التي أولاها المجلس اهتماماً كبيراً هو اتخاذ الوسائل لصيانة وإنقاذ التراث البشري المتمثل في الوثائق والأرشيفات من النواحي النظرية والعملية، حيث تمت الموافقة على تشكيل لجنة متخصصة هي (لجنة الصيانة والترميم)•
وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الافتتاحي في مدينة فلورنسا (إيطاليا) 1976/5/20م والثاني في واشنطن 1976/9/30م كان من نتائجه توجيه استبيان إلى كل الأقطار والمؤسسات للوقوف على ما إذا كان لديها مختبرات ودوائر خاصة لصيانة الوثائق وترميمها•
وقد أنجزت هذه اللجنة الكثير من الأعمال كعقد المؤتمرات والحلقات الدراسية وإصدار كتب ومؤلفات عدة باحثة في هذا الميدان وذلك بالتعاون مع اليونسكو•
وإضافة إلى هذه المهمة تم إنشاء لجنتين متخصصتين هما:
1ـ لجنة التصوير المصغر (الميكرو فيلم) ICA.MICROFILM CIMMI TTEE
وقد عقدت اجتماعها الأول في باريس من 8ـ1970/4/10، وتصدر مجلة متخصصة في هـذا المجـال بعنـوان ICA.MICROFILM BULLETIN•
2ـ لجنة الصيانة والترميم:
ICA. CONSERVATION AND : RESTORATION COMMTTEE
وقد عقدت اجتماعها الأول في فلورنسا (إيطاليا) في 1976/5/20م وتصدر مجلة متخصصة يشرف عليها خبراء عالميون••ويضاف إلى ماتقدم أن المجلس الدولي للوثائق يصدر منذ عام 1951م مجلته العلمية المعروفة باسم (أركيفوم ARCHIVTM) التي تضطلع بنشر البحوث والدراسات الخاصة بالأرشيف والوثائق، كما نشر عدداً من المطبوعات، يضاف إلى ذلك أن منظمة اليونسكو لها مساهمات في حقل صيانة وترميم الوثائق•(11)
الهوامش:
(1) Dr. Fran. Ehrle تراجع مجلة: Restarator
(2) راجع مجلة الوثائق العربية، العدد / 8 لسنة 1982م ص 73 ـ 121
(3) نشر التقرير بعد سبعين سنة
(4) لمزيد من التفصيلات والمعلومات، راجع كتابنا: الفرع الإقليمي العربي للوثائق ـ بغداد، ط2 / 1977م•
(5) المورد ـ المصدر السابق ص 141، وراجع كذلك كتاب (ديفس Davies) ص56
(6) راجع المورد مجلد 5 العدد / 6 (1967م) ص 143 للأستاذ اكروال Argrawatl الخبير الهندي في صيانة الورق
(7) راجع المورد مجلد 5 العدد /6 (1976م) ص 143
(8) راجع : John Davies, Astudy of the Basic standaids and Methods in Presrvation and Restoration workshops, Applienble to the Developing Counties Brussel 1973
(9) يراجع: الألوسي (سالم عبود): الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للوثائق، ط2، بغداد ـ 1977م، ص18
(10) المزيد من المعلومات عن المجلس الدولي للوثائق ـ راجع المصدر السابق ص9ـ47
(11) مؤتمر ست غالين 1898 ـ 1898م ومؤتمر درسدن 1899/9/20م
أ• سالم الألوسي
( 2001-07-02 )
المصدر
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..