منذ كان الثعلب الأمريكي العجوز هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق في السلطة وهو على يقين وكما رسم وخطط،بأن الشرق الأوسط ستتغير ملامحه ووفقا للمصالح الأمريكية الصهيونية،ومرة أخرى يؤكد كيسنجر وأثناء تواجده في جامعة ميتشغان في الأيام المنصرمة الماضية،بأن بذور الصراع في سوريا زرعها الغرب خلال الحقبة الاستعمارية وأوضح أن سوريا ليست دولة تاريخية حيث أنشئت وعلى حد قوله في شكلها الحالي عام 1920م وأعطيت هذا الشكل حتى يسهل لفرنسا السيطرة عليها،كذلك الدول المجاورة العراق أعطيت شكلا أخرا حتى يسهل على بريطانيا السيطرة عليها،وأضاف كيسنجر بأن شكل كل دولة صمم ليجعل من الصعب على أي منهما الهيمنة على المنطقة،حيث يمكن تقسيم سوريا لعدة مناطق،وهذا السيناريو هو النتيجة الأفضل لأمريكا،كما أن هناك ثلاثة احتمالات في الوقت الراهن بالنسبة للوضع في سوريا، انتصار الأسد، انتصار السنة، أو مخرج أخر حيث تتوافق كل الإطراف على التعايش معا،ولكن في مناطق تتمتع بالحكم الذاتي،بحيث لا تضطهد الإطراف بعضها البعض،ويؤكد هذا القول الكاتب والمؤرخ غبريال شينمان حيث يقول أن القوى الأوروبية وقبل قرن من الزمن أعادت رسم حدود الشرق الأوسط حسب حاجتها،رحلت تلك القوى من المنطقة إنما الخريطة بقيت مع المفارقة الكبرى أن هذه الدول وجدت طرقا أفضل لرسم حدودها في حين الدول العربية التي اقتنعت من السلطنة العثمانية في حرق وتدمير نفسها،ويضيف شينمان بأن الخريطة السياسية للمنطقة عام1930تبدو متطابقة تقريبا للخريطة ذاتها عام 2013م في نظر الغرب،كما أن لهذه الحدود حريتها وقدسيتها لدرجة أن الأمريكيين و الأوروبيين سفكوا الدماء كي لا تتغير،ويضيف شينمان بأن على أوروبا أن تنظر لتطورها الجيوسياسي للاسترشاد إذ عرف التاريخ أوروبا الحديثة بظهور تدريجي لدول من قومية واحدة،برزت من رماد الإمبراطوريات متعددة الأعراق،هذه العملية التي اعتمدت حق تقرير المصير أدت في النهاية إلى أطول فترة سلام في تاريخ أوروبا،واضعة في الاعتبار أن على الدول الأوروبية أن لا تقف في طريق بلقنة الشرق الأوسط خصوصا أن احد المراقبين قال أن أسطورة الدول العربية القوية المتماسكة انتهى عمرها،كما يشير شينمان إلى نهاية السلطنة العثمانية التي ظلت تتنازع لمدة قرن تقريبا حتى أقدم الحلف لتحويل الشرق الأوسط إلى ما هو عليه الآن،وبأسماء اختارها الأوروبيون من العصور الرومانية القديمة،سوريا،ليبيا، فلسطين وقد صمم ورسم ذلك الدبلوماسي البريطاني السير مارك سايكس وفندها لأربعة ألوان الأسود والأبيض والأخضر والأحمر،وتمثل العصور العربية المختلفة الأموي والعباسي والفاطمي والهاشمي،كما أن الحدود لم تفرضها التضاريس و الديموجرافيا إنما حكمها اتفاقية سايكس بيكو القائمة على الحلف الفرنسي البريطاني الروسي. ويبقى أن أقول أيها السادة مهما كانت سياسة الشرق الأوسط الكبير آو الجديد والتي يسوق لها الغرب بخبث ودهاء والذي يريد أن يرسم الإسلام كما يريد بحيث يكون الاسلام السياسي الحارس الأمين للأهداف الاستعمارية ،إلا أن الموقف السعودي الذي تجلى وكان واضحا في المشهد المصري ووقوف المملكة شكلا ومضمونا مع شرعية الشعب المصري التي أسقطت مرسي،وبعد أن انكشفت النوايا الإخوانية والتي كانت تريد الذهاب بمصر للمجهول والقذف بها في براثن التقسيم وتبديد مقدراتها ومكتسباتها،فضلا عن ضياع هويتها،ومن حسن الطالع أيها السادة بأن أول من شعر بتلك المؤامرة وتلك الدسائس الفريق أول السيسي وزير الدفاع الذي وقف سدا منيعا ضد المشروع الأمريكي الصهيوني والذي كان الإخوان احد أهم ادواتة ومفرداتة،ولعل تطابق الموقف السعودي والمصري بخصوص الوقوف بحزم وشدة أمام المشروع الأمريكي لإيجاد شرق أوسط جديد والذي بدأ بإيصال الإخوان المسلمين للسلطة في مصر وفي تونس وليبيا أصاب الإدارة الأمريكية بإحباط شديد لاسيما أن سقوط الإخوان في مصر يعني سقوط النموذج التركي الذي تبنته أمريكا طوال الفترة الماضية والذي أراد أن يعرف نفسه كمحرك إقليمي لديمقراطية نموذجية في الشرق الأوسط.، بالرغم من الممارسات القمعية التي مارسها اردوغان بكل عنف وقسوة ضد معارضية في تقسيم وسط اسطنبول وبعض المناطق في تركيا .
2 يناير 2014
رئيس تحرير صحيفة العدالة
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..