الأحد، 5 يناير 2014

عيد وأحلام العام الجديد..!!

عيد موظف بسيط كادح، أعرفه منذ سنوات الدراسة ، يُعتبر بعض ذوي الدخل المحدود مقارنة به كباشوات مصر ومهراجات الهند ومع ذلك بقي لسنوات مضت متمسكاً بأحلامه التي طالما حدثني عنها، صحيح أنه في كل عام يتنازل عن جزء منها، وذلك بسبب الظروف التي على حد قوله ( من جرف لدحديرة )، فمثلًا كان يحلم أن يكون طيارًا، وأن يتزوج ببنت فلان الفلاني من علية القوم، وأن يبني قصرًا على أربعة شوارع ، وأن يكون صاحب شركات وعقارات، ولطالما داعبناه لمبالغته في أحلامه بـ ( لاتطمع يااا عيد ) ، ولكن ما إن تخرّج من الثانوية حتى تبدلت هذه الأحلام، وانخفض سقف أمنياته مستبدلًا حلم الطيران بوظيفة ( كويسة ) ، والزوجة ( الهاي) بالصابرة القنوعة من أي بيت مستور الحال ، والقصر بشقة تمليك ( على قد الحال )، والشركات بخياط أو حلاق، مضت الأيام ولم يتحقق لعيد إلا الزوجة الصابرة الصالحة، ووظيفة بعد التي واللتيا بمرتبة ضعيفة وراتب أضعف ، طار بحلم الشقة التمليك آخر أحلام عيد… ولكنه استطاع رغم ذلك أن يبدأ مشروعاً صغيرًا يوفر له جزءًا من مصروف البيت ...... ( كدَاد ).
الأسبوع الماضي جمعتني بصاحبي مناسبة، بعد غياب قارب العام ،مع أنه كان أنيقًا في هندامه – كما عهدته - إلا أنه بدا شاحب الوجه ،وقد نقشت عليه هموم الدنيا وشظف العيش لوحة تحكي البؤس، والشقاء، أثناء حديثنا و ( الحديث ذو شجون ) سمعت سؤالًا شد انتباهي في برنامج تلفزيوني عن الأمنيات في العام الجديد، التفت إلى صاحبي الذي انشغل بمحادثة أحد الأصدقاء وقلت له ممازحًا : ها يا عيد وش أمنياتك وأحلامك للعام الجديد ؟ رد بنبرة تحمل في طياتها تعباً ، وألماً، وانكساراً: أي أحلام، الله يرحم والديك!! ما فيه وقت للأحلام !! كل أفكاري بهمومي ..لا دخل مناسب، ولا بيت ملك ، ولا سيارة زينه، و برقبتي عيال لازم تأكل، وتشرب، وتلبس ... خلها على ربك يا رجااااااااال !! اصلًا إذا بغيت أحلم ما فيه إرسال شاشة سوداء!!! قاطعته مستحيل لازم يكون لك أحلام...أحلم الحلم بلاش ... خل عندك أمل بالله ...أعاد على مسمعي ما كان يحلم به سابقًا عندما كان منفصلاً عن الواقع – كما قال – ولكنه أمام إصراري الذي كنت أقصد منه أن نعيش التفاؤل لو للحظة وافقني على مضض قائلاً: فيه شيء جديد في عالم الأمنيات، والأحلام لا يعرفه إلا نحن الكادحين!! أكمل بسؤال وسط دهشة الجميع سمعتم عن الأماني المهمومة ؟!! تبادل الجميع النظر في جو صامت سادته الكآبة ثم استطرد مبسطاً الفكرة يعني تكون أمنيتك هــمَ !! يعني أمنياتي للعام الجديد أن تكون همومي أخف من العام الماضي، يعني أتمنى أن صاحب العمارة ما يرفع الايجار ، وأن تتجمل معي سيارتي وتقدر ظروفي .. وأن يحس فيني راتبي ويبقى معي لأطول مدة ... وأن .....مباشرة قاطعه أحد الأصدقاء ليخرجنا من هذه الغمامة السوداء التي أدخلتهم فيها محولاً الحديث إلى حديث المجالس
كرة القدم و ( متصدر لا تكلمني).
تأملت في حال عيد فإذا كانت هذه أحلامه وأمنياته للعام الجديد ، فيا ترى كيف ستكون في الأعوام القادمة ، أخشى ما أخشاه أن تكون أمنيته للعام القادم سيارة عائلية يقودها، ويسكنها، وموقف يقف به ، ولكني أوجه لعيد رسالتي بأن يحسن الظن بالله، ويتفاءل بالخير، ويستعين بالدعاء، وكثرة الاستغفار ...
وصدق القائل :
دع المقادير تجري في أعنتها*** ولا تبيتن إلا خالي البال
ما بين غمضة عين وانتباهتها**** يغير الله من حال إلى حال.

عيد وأحلام العام الجديد..!! خربشات فاضي
احمد بن جزاء العوفي
الأحد 05/01/2014

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..