ميزانية
2014 م تقدر مصروفاتها ب 855 مليار ريال سعودي ، وهي ميزانية ضخمة بجميع
المقاييس ، وفيها أعلى تقدير للمصاريف منذ أن توحدت المملكة على يد المغفور
له الملك عبدالعزيز والرجال المخلصين الذي ساندوه في مسيرة التوحيد ولم
الشمل .
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
مع
ذلك يشعر كثير من المواطنين بأن هذه الموازنة لا تعبر عنهم ، وأن هذه
المليارات التي تكتض بها الموازنة لا تؤثر في حياتهم ، ولا تساهم في
رفاهيتها ، ولا تعني لهم شيئاً ، فيه شيء غلط !
كانت
الموازنة في يوماً ما تعلن بشكل أكثر تفصيلاً ، وبمعلومات أكثر شفافية ،
فكانت تعطي تفاصيل الإنفاق على كل بند وكل وزارة وكل قطاع ، بل وتفصل
مصاريف أبواب الموازنة الداخلية لكل وزارة وقطاع ، أما حالياً فيتم الإعلان
عن القطاعات الخدمية فقط ، في حين تبقى موازنة القطاعات العسكرية
والوزارات السيادية والبنود السرية ، سراً غامضاً لا يعرف عنه إلا أصحاب
الشأن بهذه القطاعات ، وحتى القطاعات الخدمية تُجْمل ، فقطاع التعليم
والتدريب يشمل وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والمؤسسة
العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وربما معهد الإدارة العامة .. الخ ،
فيه شيء غلط !
هموم
كثير من المواطنين تتمحور حول أساسيات لا يمكن غض النظر عنها ، فغلاء
المعيشة يعصف بالمواطن ، والبحث عن عيادة أو سرير أو موعد لعملية يقهر
المواطن ، ومستوى التعليم لا يسر إلا العدو ، وقضية السكن أصبحت هم الليل
والنهار ، والفقراء يقولون “ يكاد الفقر أن يكون كفراً ” ، ماذا عملت
الموازنة لكل هؤلاء ؟ بالتأكيد فيه شيء غلط !
ألا
يعلم المسئولين بأن كثير من السعوديين لا يهتمون بموازنتهم الفلكية فضلاً
عن الفرح والإستبشار بها ! ألا يتابع المسئولين ما يقال حول الموازنة في
المجالس والإعلام المرئي والمسموع والمقروء ،والأهم الإعلام الجديد الذي
يعبر عن صوت كثير من المواطنين بدون رقابة وبلا انتقائية ، وكثير مما يقال
إمعان في التشاؤم والإحباط ! بالتأكيد فيه شيء غلط !
لا
أقلل من تحليل المتخصصين وقرائتهم الواعية للموازنة من خلال منظورهم
الإقتصادي ، وأحترم وجهة نظر مسئولي الحكومة حينما ينظرون إليها كأداة
لتحقيق إنجازاتهم ، ولا ألوم التجار عندما ينظرون إليها بعين الطامع في
خيرها . . الذي يهمني أمره وأكتب عنه هنا هو المواطن ، الموظف ، المتسبب ،
المزارع ، المتقاعد ، الباحث عن عمل ، الشاب المقبل على الحياة ويتطلب
الوظيفة والمسكن والزوج ويحلم بمستقبل أفضل من واقعه ، هؤلاء لا يرون في
الموازنة وأرقامها وتصريحات المسئولين أي بصيص لأمل ، لإنهم ملّوا من تكرار
نفس العبارات والآمال والتوجهات في كل عام ، بالتأكيد فيه شيء غلط !
كلمة
خادم الحرمين الموجزة بمناسبة إعلان الموازنة ؛ تختصر كثيراً من العبارات
عندما يوجه الوزراء والمسئولين بل ويرجوهم لتأدية واجبهم بإخلاص وأمانة ،
ويطلب منهم أن يراقبوا الله أولاً في عملهم ، وهي ما يطلبه كثير من
المواطنين ، ولا يجدونه ! بالتأكيد فيه شيء غلط !
عندما
يصرح وزير البترول بأنه لا يتوقع أي إحتمال لإنخفاض تصدير النفط في
الأعوام القادمة ، والصغير يعلم قبل الكبير بإن هناك مطالبات ملحة من إيران
والعراق بزيادة حصصهم في إنتاج أوبك البالغ 30 مليون برميل يومياً ، وأن
هناك تطور كبير في إنتاج البترول الصخري ، وعند تخفيض إنتاج أوبك أو إعادة
توزيع الحصص فإن السعودية ستكون الدولة الأولى التي تدفع هذه الضريبة بحكم
أنها المنتج والمصدر الأكبر حيث تبلغ حصتها ما يقارب ثلث حصة أوبك ،
بالتأكيد فيه شيء غلط !
عندما
نعمل من خلال تناقضات لا يمكن جمعها في قالب واحد ، وأبسط مثال لذلك هو
زيادة تكاليف العمالة والتكلفة الناتجة عن التوطين وتكلفة تخفيض معدل
البطالة بدون الأخذ في الإعتبار ما سيقابلها من زيادة في تكاليف المعيشة
المتوقعة ، وزيادة في معدلات التضخم ، وعدم إيجاد الحلول الإستراتيجية لهذه
التناقضات ! وعدم الشفافية بإعداد الناس لذلك ! بالتأكيد فيه شيء غلط !
لا
يوجد حلول سريعة وسحرية لما ذكرت ، ولكن بالتأكيد هناك تشخيص وهناك علاج ،
علمه أناس وجهله آخرين ، وفي ظني إن أبرز ما يتطلع اليه المواطن يتمحور
حول :
- سرعة تنفيذ المشاريع المعلقة ، وخاصة ما يتعلق بالصحة والتعليم والإسكان ، وتحسين الخدمات فيها ، وتأمينها بشكل متميز للفقير قبل الغني ، والوضيع قبل الوجيه ، والغفير قبل الوزير .
- تحسين مستوى التعليم وخاصة التعليم الأساسي ، والذي نعاني منه في بيوتنا فتجدنا في كل عام ننقل أبنائنا من مدرسة إلى أخرى بحثاً عن الأفضل ، حتى المدارس الخاصة لم تسلم ، خاصة بعد إجبارهم على توطين الوظائف .
- تفعيل حقيقي لمكافحة الفساد ، والتركيز على العقاب والإشهار ، و “قطع الخشوم مقدم على قطع الرسوم ” .
- تغيير أسلوب الدولة في الصرف وزيادة النفقات وعدم النظر اليه كحل وحيد ، وإنما يجب التركيز على تخفيض التكاليف على المواطن ، وذلك بإعادة تقنين الدعم للخدمات والسلع الأساسية وعلى رأسها الوقود والماء والكهرباء وتحمل الدولة لجزء كبير منها ، (وقد كتبت مقالاً بعنوان : الدعم الحكومي والنخلة العوجاء نشر في جريدة الشرق يلخص بعض الرؤى والأفكار حول الموضوع ) .
ختاماً . . بالتأكيد هناك شيء غلط !
فنحن
أمام ظاهرة مرضية ، متناقضة لأبعد حد ، صرف بالمليارات لا تصل نتيجته
للمستفيد ! أو على الأقل لا يشعر بها ولا يستمتع بها ! هذه الظاهرة تحتاج
إلى دراسة عميقة من وزارة الإقتصاد والتخطيط لتحديد محاور الخلل ، حتى نقلص
الهوة بين الواقع والمتوقع ، والفجوة بين ما هو ممكن وبين ما يطمح اليه
المواطن ، والأهم وضع الخطط والبرنامج الزمني لتقليص هذه الهوة وسد الفجوة
..
الكاتب : فهد بن عبدالله القاسم
falkassim
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..