الأحد,19,جمادى الثاني,1432 الموافق 22,آيار (مايو),2011
اشتهرت الرياض قبل خمسين سنة بتوزيع جغرافي متميز بني على تقسيمات متعارف عليها بين الناس
آخذين بالإعتبار أصول ساكني تلك ألأحياء ومن أين قدموا , فهذا حي للقصمان وهذا حي لأهالي الحوطة والخرج ومن يأتي من مناطق جنوب الرياض وأحياء اشتهرت لأهالي حريملاء وما حولها شمال شرق الرياض , وأحياء أشتهرت لأهالي القويعية غرب الرياض .... الخ ,ولم تكن تلك التقسيمات عنصرية او عصبية بل كانت عفوية تصنيفاً للقادمين , ولم يكن القادمين متعصبين او عنصريين ولكنهم كانو يستوحشون من الغربة حينما يقدمون إلى الرياض من مناطفهم البعيدة فتعارفو على السكنى بجوار بعضهم البعض حينما يأتون من نفس القرية او نفس المدينة , فيساعد بعضهم بعض ويدعم بعضهم بعض ويتفقدون احوال بعضهم البعض ,
وسأكتب في هذه السلسلة من المقالاات تاريخ " حلة القصمان " بالرياض ومعظم أهلها وبعض اسماء عوائلها وبعض القصص والأحداث التي صار لها صدى وتأثير , وقد حثني على كتابة هذه السلسلة بعض الأقران والأصدقاء والأخوة الذين عاشو تلك الحقبة الزمنية بحلوها ومرّها , ومنهم الأخ عبدالرحمن الحوشان , وأخي الشقيق الأكبر سليمان وآخرون ,, وسأسرد بعض الأحداث والقصص والأسماء بعفوية وحسن نية , وقد نبهني بعض الأقران ومن عاشو معي تلك الفترة بحساسية بعض الأحداث والقصص التي اوردتها والأسماء والكنى وإحتمال ان تفهم بطريقة أخرى لا تتوافق مع الغرض لهذا التوثيق التاريخي , فقمت بحذف بعض القصص والأحداث والأسماء وإزالة بعض الكنى وما يمكن ان يفهم منه التنقيص والذم, ومن تابع هذه السلسلة التي سأطرحها هنا يمكنه التواصل معي على البريد الظاهر بنهاية هذه المقالة او الفاكس للتصحيح أو الإضافات (( صندوق بريد 3354 الرياض 11211, ,, فاكس 01-4427858
Alkhodairy63@hotmail.com
حلة القصمان هي منطقة او حي من احياء مدينة الرياض القديمة الشهيرة بسكنى أهالي القصيم فيها حينما يقدمون إلى الرياض طلباًُ للرزق, بعد توحيد المملكة من عام 1355 هجريةحتى 1395 هجرية (وبعد 1395 هجرية تفرق القصمان إلى احياء أخرى كما سيأتي تفصيل ذلك لاحقاً ) ووكانت تكتب " حلة القصمان في الصكوك القديمة والوثائق وتصريح البناء من البلدية حتى تغّير اسم حلة القصمان لاحقاً إلى حي المرقب( في 1397 هجرية تقريباً) , , وكان الحي عبارة عن بيوت طينية ذات اسقفغ مبنية من الخشب إما خشب الأثل الغير متناسق ولكنه يحمل السقف من فوقه بطريقة هندسية , او المرابيع(وهي اخشاب طويلة مستطيلة الشكل ومنسقة بطريقة مربعة السماكة و, ويتم صفها على الأسقف وبين كل مربوعة وأخرى حوالي نصف متر ثم يتم مد الجريد (سعف النخل فوقها بطريقة متعارضة لكي تمنع تساقط الطين الذي يبنى فوقها ثم يتم مد بعض الحصير زيادة في العزل وقد يضع البعض قماش الخام لتغطية تلك الأسقف لتزيين الشكل وتغطية الفجوات التي غالباً ما تمتليء بانواع الحشرات والزواحف مثل الوزغ (يسمى شعبياً بالقصيم "البعرصي" او بلهجة اهل الرياض "الضاطور" ) ومنهم من يزّين بيته بالجبس ( الجص ) ويضع اشكال جمالية في اسفل الجدار او أعلاه ,,
ولم يكن في حلة القصمان أي بيت مبني من الخرسانة قبل 1390 هجرية سوى مدرسة القادسية الإبتدائية , وكانت حلة القصمان عبارة عن حارات يتجمع في كل حارة مجموعة من الأقارب او على الأقل اهل منطقة واحدة او قرية واحدة ,فهناك جهة لأهالي بريدة , وجهة منها لأهالي البكيرية , وجهة لأهالي الشماسية(شرق مسجد عمر بن ظاهر,) وجهة لأهالي الرس, وهكذا ,, وكان معظم أهالي حلة القصمان يعملون بالتجارة او البناء , وكان البناء آنذاك بالطين وخشب الأثل والتبن والتزيين بالجبس ( الجص ) , وكان الأغلبية يعملون لدى مقاول الملك عبدالعزيز لبناء قصور المربّع وهو الشيخ ابن قباع رحمه الله , وكان العمال ينقسمون إلى فئات , منهم الأستاذ (الأستاد) وهو معلم البناء وهو الذي يضع اللبنة في مكانها ويقوم بالوزن والضبط وامور هندسة البناء وتصميمه, وعمال البناء وعمال خلط وتجهيز خلطة الطين , وعمال لنقل المحافر (وهي أوعية جلدية ثم صارت بلاستيكية بعد غلاء الجلد *) وضعيف البنية منهم والصغير والطفل كان دوره فقط وضع كمية من الرماد في اسفل المحفر (الوعاء ) قبل وضع الطين لكي لا يلتصق الطين بالوعاء(المحفر) ثم يصعب تفريغه لأن الطين يلتصق بالأوعية, ,وكان والدي ضمن العاملين تحت إدارة ابن قباع من عام 1370 , وكان بناء قصور المربع من اضخم المشاريع آنذاك بعد إكتمال توحيد المملكة,
---------------------
وكان
بناء قصور المربع من اضخم المشاريع آنذاك بعد إكتمال توحيد المملكة,كانت
الشوارع ترابية ولا يوجد الاسفلت إلا في الشوارع الكبرى الرئيسية , اما بين
البيوت ووسط الأحياء فكانت الشوارع طينية ترابية وصخرية مليئة بالقمائم
والزجاجات المكسورة وعلب العصائر المتناثرة (واذكر منها عصير قها الذي يأتي
من مصر ) , وغالباً ما تمتلي الشوارع بالوحل والمياه الراكدة والوحل
الاسود ( نسميه غربة ) وعندما تهطل الأمطار يصعب التنقل بين البيوت وتمتلي
الطرق بالأوحال والقمائم والعلب الفارغة والزجاجات المكسورة ,,
وتبدأ ذكرياتي في حلة القصمان الجديدة شمال مقبرة حلة القصمان (بعد هدم ونزع ملكية حلة القصمان القديمة أو الأولى التي كانت حنوب مقبرة حلة القصمان ) في العام 1389- 1388 هجرية عندما دخلت مدرسة القادسية الإبتدائية كطالب في الصف الأول مرافقاً لأخي الأكبر ابراهيم ,ولم تكن امور القبول معقدة ولا تحتاج إلى أي اثباتات او تعبئة اوراق ,فقد امسك بيدي اخي ابراهيم وبرفقة الوالد يرحمه الله ودخلنا المدرسة وطلب والدي من المدير تسجيلي , ثم تم بعد بعدة اشهر ذلك التسجيل الرسمي, , والدراسة آنذاك طويلة حيث لا يوجد فصل آول ولا فصل ثاني , ويتم ألإختبار في كل المنهج في نهاية العام مرة واحدة , ومدرسة القادسية الإبتدائية في حلة القصمان عبارة عن مبنى رئيسي من الخرسانة (يسمى مسّلح ) وبها ساحتين صغيرتين يطل عليهما الفصول الدراسية من الدور الثاني ,ثم مبنى آخر غير متناسق في الغرب وموحش , ولا يوجد ملعب لكرة القدم او ساحة للرياضة فتم إلحاق منطقة جبلية تقع خلف المدرسة تم اعدادها لتكون ملعباً للطلاب , ويوجد بهذا الملعب منعطفات ومرتفعات جبلية حتى ان الواقف في طرف الملعب لا يرى الطالب الواقف على الطرف الآخر لكثرة المرتفعات الجبلية’ وتكثر الإصابات الرياضية بسبب الصخور والمرتفعات وصلابة الأرض , وكان أستاذ الرياضة آنذاك الأستاذ حمد العيوني , وكان يتألم حينما نقع بين الصخور وطالما نقل شكوانا لمدير المدرسة ,, , وقد الحق بالمدرسة مباني أخرى بجوارها لكي تستوعب الطلاب ومنها مبنى بالجهة الغربية ندخل اليه عبر دهاليز وسراديب مخيفة, وبعض الفصول تبدو وكأنهها منحوتة بداخل الجبال ,وترى الرطوبة وتسرب بعض المياه من جوانب الجدران الغربية للمبنى الملحق بالمدرسة , وكانت مخيفة وذات رائحة كريهة قد تكون بسبب تسرب مياه المجاري من البيوت المحيطة بالمدرسة,, وكانت دورات المياه قبيحة ومليئة بالبول والفضلات وكأنها دورات مياه سجن ( رغم انني لم ارى دورات مياه السجن ولكن حسب السماع والوصف من الروايات), ومن الاساتذة الذين اذكرهم الأستاذ كوجان من سوريا ,ومصطفى كمال من السودان, والأستاذ مبروك من مصر,وكانت الإدارة سعودية وبعض معلمي الفقه والتوحيد والقرآن وكذلك معلم الرياضة الذي كان يتصيد اللاعبين لتسجيلهم بألاندية, وأذكر إن لم تخنني الذاكرة ان ميوله هلالية ؟؟ وكان معظم المعلمين آنذاك من الدول العربية , وقليل جداً من السعوديين, وكانت المدرسة بمجملها مصممه بتصميم متواضع ,ويباع بالمقصف قطعة من الكيك بقرشين وزجاجة الكولا بقرشين , (وكانت الفسحة المدرسية المخصصة لنا اربعة قروش فقط , وبعض الطلاب قد لايتمكن من إحضار أي قرش فيستطعم من زملائه بطريقة ودية غير مستنكرة او يقول له ( تبقي لي ؟ ) أي ارجو وان تترك لي بعض الطعام او بقية الطعام), وبعض الطلاب ينتظر حتى تنتهي الفسحة فيتجول في الساحة ليأخذ بقايا الكيك اوبقايا الساندوتشات ليأكلها من بعد زملائه ولم يكن ذلك مستغرباً آنذاك فالأحوال المادية للجميع لم تكن جيدة ) ,( والساندويتشات كان يأتي بها ابناء الأجانب من الشوام والمصريين آنذاك لأن احوالهم المادية كانت جيدة حيث ان ابائهم معلمين او اطباء )
وخارج مدرسة القادسية الإبتدائية في حلة القصمان يصطف الباعة المتجولين من ابناء اليمن وبعض السعوديين والسعوديات لبيع البليلة وبعض المأكولات الشعبية والملابس المستعملة وكأنه سوق يوم الجمعة .., وبجوار المدرسة من الجهة الشرقية وبجوار بيت الزميع مخبز للكيك نمر عليه ونستمتع برائحة الكيك ,وكان للجميع نشاط تجاري إما على شكل مبسط صغير او (بسطة ) داخل البيت ؟ او يبيع البليلة او الإيسكريم من داخل بيته وهو عبارة عن مشروب التوت المثلج,, وندخل البيوت ببساطة لنشتري او نطلب من والدتهم زيارة امي او الحضور للتوليد ( حيث ان معظم نساء الحي يعملن تطوعاً كقابلات او في الطب الشعبي ) وهناك من إشتهرت بالخدمة المجانية وحب الأجر والتطّوع الخيري في علاج النساء او توليدهن مثل ( السّندية نسبة إلى عائلتها ؟ او قد يكون بلدها ؟ ) ومثل ام سارة ويسمونها الزلفاوية (لأنها الوحيدة من أهالي الزلفي في حلة القصمان , لذا يكفي لقب الزلفاوية لتعريفها ) وكانت الأسر القريبة من تلك المدرسة هي من الأسر القصيمية ولذلك سمي ذلك الحي : " حلة القصمان ", ومن تلك الاسر التي أذكرها في أواخر الف وثلاثمائة وثمانين الهجرية : الحصيني وجمعها (الحصنان) , من أهالي الشقة وهم عوائل كثر يسكنون غرب المدرسة وشرق سوق حلة القصمان ولكل عائلة اسم فني او كنية أو لقب يتميزون به , سواء بإسم التصغير للأب او اسم آخر , فهناك عائلة (العبيّيد, والعباد ( ومنهم الدكتور سليمان الحصيني "العباد" رئيس قسم العناية المركزة بمستشفى الملك فيصل التخصصي الآن )والدحيم و وهكذا , ومن تلك العوائل التي تسكن شرق السوق : النغيمشي وكان ابوهم يبيع الأقمشة ,والمهوّس وكانو يعملون في تجارة الأقمشة , وهم ثلاث عوائل والحوشان والبهيجان والسيف والشلاش والصلال,, والمزيني والعيشان ( من عائلة السنيدي ) واليعيش والجربوع والقفاري والعليان ,والعوّيد (أذكر ان من ابنائهم إثنين توأم او قريبين من بعضهم بالعمر ؟ ذهبو لأمريكا ايام السبعينات الميلادية ثم إنقطعت اخبارهم نهائياً, والذي جعلني أتذكرهم هو تميّزهم العلمي آنذاك وكانو (ما شاء الله عليهم) يشتهرون بالإبداع العلمي والنجاح الدراسي وكانو مثلاً للجميع و يساعدوننا في الإستذكار اثناء إجتماعنا نحن وبعض ابناء حلة القصمان في مسجد الغماس للمذاكرة قبل الإختبارات بأسابيع, وبالذات في مادة الجبر والهندسة والحساب ( قبل الرياضيات الحديثة كانت ثلاث مواد ) ,وقد شاع وقتها تجمع ابناء الحي للمذاكرة بالمسجد كما كان الكثير يفعل آنذاك, ) ومن العوائل الشهيرة :الحبيّب والجبر والبهيجان والشريدة ,والرميح والوسيدي واليوسف (اليوسف من الشماسية واليوسف من بريده عائلتين عائلة بريده منهم المهندس ابراهيم اليوسف في شركة الدوائية الآن وسليمان وعبدالله ), ومن عوائل عنيزة : البهيجان والحبردي والسليم والطريف الخشيبان والسلامة (جنوب مسجد عمر الظاهر ) والزغيبي وأهالي الشماسية يسكنون شرق مسجد عمر الظاهر ومنهم الفوزان (ومنهم الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء ) والسنيدي ,والمطرودي والحماد, اما عوائل اهالي الزلفي وسدير فيسكنون في الغالب جنوب وشمال مدرسة القادسية الإبتدائية ومنهم الأحيدب والعليان و الحبيش, والعقيل ,والفوزان (الفوزان ثلاث عوائل: فوزان الزلفي وفوزان الشماسية وفوزان بريدة ,) وهناك الفهاد والمسند والعيدي ؟ وهناك عوائل من غير القصيم مثل العجمي والخنبشي فقط أذكر عائلتين وسط حلة القصمان , , وكان في حلة القصمان رجال أفاضل لهم ادوار إجتماعية في مساعدة الآخرين وإستقبال القادمين وترتيب سكنهم ومساعدة المحتاجين للسفر او للسكنى , وأذكر منهم المقيطيب ( وكان رجلاً فاضلاً من اطيب الناس ويدير مواقف السيارات التي تنقل المسافرين الى خارج الرياض ويسمى الموقع ( الأستيشن- المحطة ) ويقف فيه سائقي الأجرة الذين ينقلون بين المدن , وكان ابنائه يساعدونه لتنظيم السير , وغالباً ما تقع مضاربات بالأستيشن بسبب دخول بعض السائقين مكان سائق آخر وتجاوز( السرى) أو الترتيب والصف الذي تقف فيه السيارات إنتظاراً لدورها في النقل , وكان له ابناء رجال و يتدخلون بالقوة إن لزم الأمر لتنظيم وترتيب السيارات بالصف , وكان منهم ابراهيم المقيطيب المسمى ـبو هريرة, وكان عمر الظاهر وغانم السماعيل لهما ادوار في الأعمال الإجتماعية
إنتقل والدي من بريده للسكن بالرياض نهائياً عام 1381 هجرية ,بعد أن أمضى تسع سنوات وهو يتردد بين الرياض وبريدة تاركاً زوجته وأطفاله في بريدة حتى بنى له بيتاً من الطين بمساعدة أستاذ البناء بالطين آنذاك " ابو عليان " ثم احضر الأسرة للرياض عام 1381 وبدأت حياتي منذ ولدت 1383 هجرية حتى بلغت السادسة من عمري في حلة القصمان الولى التي تم نزع ملكيتها عام 1988 هجرية, وكنا في بيت مجاور للفوال ابودحدح , وهو العم سالم بادحدج الذي كان له مكان كبير وحوش مجاور له لنشر وتغسيل وتجفيف الفول اثناء التحضير , وكنا نسكن في بيت مجاور للفوال بالضبط حيث يقع في الجهة الغربية من منزلنا, وكنا نصعد من فوق السطح لكي نشاهد ابناء بادحدح وهم يقومون بتجهيز الفول خلف الكواليس ومن ثم يتم نقل جرار الفول إلى مقدمة المبنى حيث يتجمع الناس لشراء الفول وكل شخص معه إنائه الخاص فيقومون بصف الآنية أمام المحل من بعد صلاة الفجر ثم يأتي العم سالم بادحدح بعد الصلاة وياخذ تلك ألاولني واحد وراء الآخر حسب الترتيب والصف ويسأل بصوت عالٍ: من ذا فوله ؟؟ لكي يعرف من هو صاحب الإناء .ويرد صاحب الإناء انا !! أو يقول فلان , ثم يسأله بادحدج بكم تريد ؟ هل تريد سمن ؟ ... ...
وهذه المنطقة التي بها منزلنا والفوال كانت تقع جنوب مقبرة حلة القصمان وهي مجاورة للسوق من الجهة الشرقية للسوق , ويقرب منها دكاكين النجارة ,وقد حدث فيها بعض التعديلات البلدية في عام 1388 هجرية فتم تثمينها ونزع ملكية المباني وتم هدم تلك المنازل وإنتقلنا للجهة الشمالية من المقبرة في منزل جديد إشتراه والدي بقيمة التثمين , اما بيوتنا القديمة فقد قام في مكانها سوق تجاري مبني من الخرسانة بحيث كانت البلدية تريد تحديث السوق العشوائي ولكن للأسف لم ينجح ذلك وبقي سوق حلة القصمان مغلقاً ومكاناً للقطط والنفايات لمدة عشرين سنة بعد بنائه ثم تم تشغيله ليكون سوقاً للحوم ثم فشل مرة اخرى وقد سمعت انه تم هدمه قبل خمس سنوات وبني مكانه سوق ثالث ,
----------
وأروع
ما في هذه السلسلة تواصلكم وتذكيركم لي ,وتتسع الذاكرة بتذكير الأخوة
الأفاضل وإستحثاث الفكر والذاكرة: فأتذكر عائلة الهبدان وابنائهم الذين
نسميهم بأسماء اخرى مثل الهبدان النافع , وزاملني منهم ابراهيم النافع
الهبدان ذو الصوت الجهوري , ومنهم الشيخ صالح المحمد الهبدان ومحمد
العبدالله ومحمد السليمان ومنهم عائلة الهبدان النقش ومنهم سليمان وصالح
السليمان وابراهيم ويوسف , وعائلة الخالد ومنهم بطل الكاراتيه حمد الخالد
وكذلك حماسة الخالد (اللي يحب المعايير ) وعائلة اللهيب ,, وكذلك اتذكر
عائلة القناص وابنائهم سليمان (وكيل امارة الرياض حالياً ) وابراهيم لاعب
الكاراتيه بنادي الهلال والمنتخب السعودي , وفهد , وابناء عمومتهم ,
(القناص عائلتين , ) , واذكر العريض وابنائهم صالح صاحب الكاراتية ثم قناة
مواهب وأفكار واخوه الأكبر محمد واشقاؤه الدكتور ابراهيم الأستاذ بجامعة
الملك سعود وخالد ,,, واتذكر الحجيلان والمهنا والمحيسني والشقير (علي
وعبدالرحمن ) وخالد, والصقر (كان اسمهم المناور ) والهلال (ابو هلال الله
يرحمه )والبلال والضويان والغلث والحنايا والملاحي والمزيني والقيضي
والرداحي والشيباني .وعائلة اللهيدي (يسمونهم القطان )لأن والدهم يبيع
بالقطنيات (الوسائد والمطارح)وكانو من قدامى الحي ومؤسسي حلة القصمان,
وأتذكر البابطين وابنهم خالد والجارالله والثويني والاحيدب ,والغيلان
والعبيد والخضير والمتعب والقشعم والسحيباني رجل الهيئة الشديد على الباطل (
وياما شقق لنا من كور (الصبة ) بسبب لعبنا بالشارع وقت الصلاة (لم نكن
نترك الصلاة ولكن نلعب حتى الإقامة ثم ندخل المسجد , والأحمد والدخيل
والعرفج ودغيم والغنيم والخربوش والخرينق (وقد تسب نزع ملكية الشارع الجديد
الذي ينطلق من كوبري البطحاء متجهاَ شرقاً الى دويرة الخرج شرخاً في حلة
القصمان وعزل الحي الى حارتين متعاديتين لاحقاً ,(بالمضاربات بين الشباب
)واصبح التنقل بينهما اصعب وصار الجزء الشمالي (ثليم ) والجنوبي الملتصق
بسوق حلة القصمان والدكاكين .
وأتذكر من الجيران الأعزاء عائلة الشيخ الفاضل الحنون ذو القلب الرحيم صالح العثيم يرحمه الله , وابنائه محمد يرحمه الله وثم عبدالله وعبدالعزيز واحمد وسليمان ...وبقيتهم ,, وقد جاورونا مرتين في حلة القصمان القديمة لمدة سبع سنوات قبل نزع الملكية في عام 1388 ثم في الملز مرة اخرى وهو ما سمي ملز القصمان فيما بعد وهو امتداد شارع صيته نحو الشرق ( وسيأتي تفاصيله لاحقاً حين الحديث عن رحيل القصمان من حلة القصمان وتفرقهم بعد طفرة عام 1398 هجرية الى عدة احيا بالرياض كالملز والخالدية)
وكنا نستمتع ونحن اطفال بالهروب من المنزل ظهراً بعد نوم الأباء بعد ان إنكسر حاجز حمار القايلة – او حصان القايلة الوهمي الذي كانو يخوفننا منه ,(كان الأباء يقولون لنا: إذا خرجت من البيت بعد صلاة الظهر يأتي حمار القايلة او حصان القايلة ويأكلك , لتخويفنا ومنعنا من الخروج بين الظهر والعصر لأنه وقت نوم وراحة وتخلو الشوارع ويكون مخيف وغير آمن ) , وكانت المتعة بالتمرد على الوالدين !! والعناد عند خروجنا من المنزل بين الظهر والعصر بالدوران حول أزيار اليوسف , او مشاهدة بعض الأولاد وهم يلعبون الورق و(العكوس: صور ابطال الكاوبوي مثل هوص وآدم وروي روجرز,) او لعب المصاقيل (وهي البراجون وهي كرة زجاجية صغيرة ندفعها بالأصبعبن لتقع داخل حفرة , ..) او التجول بين المحلات المغلقة وأذكر انه في احد الأيام رأينا عبدالله الصالح العثيم (رجل الأعمال العصامي المعروف حالياً وكان وقتها شاباً لم يصل العشرين) هو والعمال اليمنيين وهم يقومون بتنزيل بضاعة المواد الغذائية في دكان والده صالح العثيم بين الظهر والعصر , وينزلون البضاعة كاملة من على ظهر التريلة الناقلة وهم يتنافسون ويغنون الأغاني العدنية واليمانية التشجيعية بينهم ويتقاذفون بعض الكراتين بطريقة إحترافية (اربعة شلو الجمل والجمل ماشّلهم ) , فيقومون بإنزال حمولة تريلة كاملة في دكان العثيم للمواد الغذائية بين صلاتي الظهر والعصر قبل إزدحام السوق , لأن السوق شبه مغلق بين الظهر والعصر , وكان الأخ عبدالله العثيم يقوم بتشجيع العمال اليمنيين حينما يتكاسلون او يرهقون بشراء علب الكولا لهم والتضاحك معهم وإستحثاثهم وكان يشاركهم بنفسه في ذلك الجهد (التحميل او تنزيل البضاعة), ونحن صغاراً نتفرج على ذلك المنظر المدهش , وقد نحضى بسقوط كرتون أو إنفتاح كيس فتنتثر محتوياته فيقوم عبدالله العثيم بتوزيعه على الأطفال الحاضرين فيحملونه في حجورهم (وسط الثوب ( ثم ينطلقون لبيوتهم,,) وأحياناً يرسلنا عبدالله العثيم لجلب الماء او الكولا مع مكافأة مجزية لمن يقوم بذلك من الأطفال .وأذكر ان احد الأطفال كان من نصيبه علبة بازلاء , فلحقنا به وفتحنا العلبة ولم نعرف محتواها وأحترنا ماذا نفعل بها ؟ هل هي تطبخ او تؤكل هكذا لأنه لم يكن البازلاء مشتهراً آنذاك , وحسم الأمر بالإتجاه نحو بيت ابو شكيم وهو من المعلمين الذين قدمو من الشام ويسكن قريباً منا وخرج إلينا ابنه ماهر وأخبرنا ماهي البازلاء وأنها من انواع الخضار ويتم طبخها بالماء ورغم ذلك لم نقتنع بها ولم نستسغ الطعم.
ومن الجيران الأعزاء ابناء الشلاش ( ملاك دار الأركان حالياً )(ابو شلاش تحدث عنه الأخوة ودكانه المشهور ) و ابناء حمود الحوشان( ابراهيم يرحمه الله وحمد وعبدالرحمن وفهد ويوسف ... وهم لا يزالون أوفياء للجيرة والصداقة ووالدتهم الغالية ( جبهانه ) يرحمها الله وما تقوم به من تشجيع لنا وحنان وعطف منقطع النظير ولا يستغرب ذلك , فالأمهات عموماً في حلة القصمان كلهن كأنهن أمهاتنا وكثيراً ما ترضع احداهن بعض اولاد الجيران ,والإرضاع منتشر آنذاك وتجد من ترضع ثلاثة او اربعة من ابناء جيراننا , ونحب الأمهات ونعتبرهن امهاتنا فندخل البيوت ونتناول بعض الأكل ونفتعل بعض القصص والمطالب لكي نبرر دخولنا على بيوتهن عندما نشم رائحة الطبخ او القرصان ونفتعل بعض الأشياء مثل : تسلم عليك امي واقول عندك ابرة ؟ او عندك ملح ؟أو ليش نسيتو نعالكم عندنا ؟؟ اوما يشابه ذلك فتفهم تلك الخالة الغرض فتقول : تعال ياوليدي وخذ لك هالقرص (من القرصان ) او خذ هالخبزة وخذ الأبرة مع القرص او الخبزة, ولا تسمع منهن سوى: يا " جنيني " وهي كلمة تدل على الحنان مأخوذة من الجنين في بطن امه , , وكلمة يا وليدي , ويا حبيب قلبي, سلم لي على امك وقلها هذا من فلانة. وقل لها لاتنسوننا من الكليجا اللي جاكم من القصيم امس ))) وكان الجميع يتواصولن وكل يهدي للآخر مما لديه ( يطعم جيرانه ) أي يهدي إليهم بعض مما استطاع شراؤه سواء اللحم او الخضار أو حتى المأكولات مثل الجريش والقرصان والمرقوق فيتم غرف كمية مناسبة ووضعها في قدر صغير ثم ترسلنا الوالدة لإهدائها للجيران , و لاننسى رمضان ولياليه الجميلة وسهراته ومأكولاته البديعة , فتشم رائحة الأكل الشهي في كافة انحاء الحارة (رائحة الكشنة والمرقوق والمطازيز والجريش ), وفي رمضان وقبيل الإفطار يتم تبادل تلك المأكولات بين الجيران بصورة ملفتة للنظر , فتجدنا نسرع لإيصال إناء اللقيمات للجيران لكي يعيدون إناءنا وبه شيء آخر من المأكولات , وغالباً ما تقول لك سيدة المنزل : اصبر شوي يا وليدي اعيد لك الإناء ( وبالطبع لا يمكن ان يعاد الإناء فارغ بل يضعون فيه ما تبدع به بناتهم من مأكولات رمضانية او حتى في غير رمضان , سمبوسة او لقيمات او شوي جريش, او مرقوق , او حتى خبز بر من مخبوزات البيت , ولا انسى اننا مرة جائتنا بنت صغيرة من جيراننا اهل الزلفي ومعها اناء وقالت تقول امي خذ هالقبابيط معك لأمك ولم نعرف ماهي القبابيط فضحكنا عليها وخجلت وهربت ورمت الإناء على الأرض وذهبنا نكتشف ما هي القبابيط ( وبالتالي اكتشفنا انها المطازيز )
لم يكن الماء متوفراً وكان هناك صعوبة شديدة في الحصول عليه , وكان هناك تمديدات ومواسير تدخل بعض البيوت او كل البيوت ولكن الماء لا يأتي من تلك المواسير إلا مرة بالشهر؟ او مرتين بالشهر , وبقية الايام نقوم بما يسمى التروية ,( جلب الماء ) وهي جلب الماء من حنفية كبيرة للماء أنشأتها البلدية في وسط الحلة وتشبه ما نراه بالأفلام في بعض القرى الهندية والأفريقية حيث يتجمع الناس للحصول على الماء كلما جاء موعد تدفق الماء , وكانت هذه الحنفية الحكومية بجوار بقالة العم عبدالقادر وغالباً ما تكون بدون ماء , وإذا انقطع الماء من بيوتنا نذهب الى بيوت الجيران الذين لديهم خزان اكبر , او نقوم بجلب الماء من وايتات البلدية التي تتكرم علينا مرة كل يومين او ثلاثة بعد إشتداد العطش ونقص الماء , فنصطف جميعنا وكل واحد منا يحمل الوعاء الذي يستطيع حمله إذا امتلأ بالماء ,وغالباً ما تحدث مضاربات بين المنتظرين لقدوم الماء بسبب تقدم احدهم على الآخرين في الدوراو خط الإنتظار او ((يسمى شعبياً: السرى , أو الزام )) وغالباً ما نحمل الماء بواسطة القدور والأوعية التي نستطيع حملها سواء من البلاستيك او من المعدن (سطل) او أي شيء يمكن حمله وتعبئته بالماء ثم ننقله للبيوت ونقوم بتخزينه في توانكي كبيرة او براميل شبيهة ببراميل الزيت الكبيرة او براميل الكيروسين, , وقد يتحول لون الماء إلى لون احمر بسبب الصدأ وبالتحديد حينما يتوقف تدفق الماء من المواسير لعدة ايام فتصدأ تلك المواسير ( الأنابيب ) ثم يأتي الماء ويجلب معه صدأ الحديد ذو اللون الأحمر , ومن الطرائف انه حصل في احد الأيام ان جاء الماء عبر مواسير او انابيب البلدية , مما جعل الماء يأتي أحمراً عبر الصنبور بسبب الصدأ فصرخت اركض لوالدتي وانا اقول :" يمه بزبوزنا يصب دم" .... " بزبوزنا يصب دم " المقصود بالبزبوز باللهجة القصيمية الصنبور او الحنفيه ,, , , وفي البيوت يتم تخزين الماء في براميل او توانكي نرى فيها الصدأ والعلق(العلق هو جمع علقة وهي يرقات حشرية التي تفقس من بيوض البعوض ) وكل انواع التلوّث سواء الكيميائي بالصدأ او الميكروبي ,,,
كان الجميع في حلة القصمان من الصغار والكبار جادين ويعملون بجد وإجتهاد, ولا تجد الكسول, فمع أذان الفجر بصوت رخيم من مسجد الغماس او مسجد عمر الظاهر ,يصل صوت الأذان للجميع لأن الجميع ينامون في السطوح , ولا يوجد ما يشوّش او يضيّع سماع الأذان, فلا توجد مكيفات مزعجة ولا سيارات وأبواق , فالهدؤ يخيم على المكان, فينهض النساء والأطفال والرجال مع الأذان , ويتجه الأباء والأولاد للصلاة في المسجد ,ويصلي النساء والبنات في البيوت, وبعد العودة من المسجد يتم تقسيم العمل, فالأبن فلان يذهب للخباز لإحضار الخبز,والبنت فلانه تقوم بتجهيز القهوة والإفطار,(وهناك شلل من الأطفال والكبار يجتمعون حول المقبرة للعب الكرة بعد الفجر بالأخص في رمضان , ويشعلون النار للتدفئة ) وفي الصيف او وقت الدراسة في الشتاء نجلس في فترة الإفطارحول المائدة او موقد النار نتضاحك وندير الأحاديث بنشاط ,ولا يقطعها سوى صوت جهوري قاسي وشديد لأبي متروك بائع النعناع والكراث ( نعناع .... كراث .... نعناع ... كراث ,,, )وقد يكون ابو متروك قد ادخل النعناع مع تجارة الكراث لكي لا يعاب عليه بيع الكراث , فنخرج جميعاً لرؤية المشهد , فأبي متروك يجر عربة خشبية مسطّحة الشكل وعليها أكوام من النعناع والكراث وبعض الخضار والفلفل والليمون حسب حمولة تلك العربة وقدرته على دفعها , وإليكم المنظر الرائع , فهذه ام ابراهيم تشتري الكراث إستعداداً لإجتماع نساء حلة القصمان عندها بالبيت بعدما يتفرق الأطفال نحو مدارسهم , وذاك ابو صالح يشتري بعض الخضار من تلك العربة واما ابو سليمان فيشتري ثم يطلب من ابو متروك فحص الأبناء وعلاجهم, وكان ابو متروك يرحمه الله طبيباً شعبياً أيضاً , فهو يداوي ويصف بعض الأدوية , وكان قد إشتهر في تلك الفترة مرض جلدي نسميه الحزاة , وقد علمت فيما بعد انه مرض فطري جلدي يشبه البهاق ولكنه يتقرح ويسبب جروح وتقشر جلدي , وكان ابو متروك يداوي تلك القروح ( الحزاة ) برسم دائرة على الحزاة من قلم ملوّن يحمله ويحكم رسم الدائرة او الحلقة حتى يحاصر الحزاة داخل تلك الدائرة ثم يقوم بكتابة بعض الأيات داخل تلك الدائرة بنفس القلم والذي علمت فيما بعد ( بعد دراسة منهج ومادة الفطريات والأمراض الجلدية )انه قد يكون قلم طبي يطلق مادة اليود !!! واليود لا يزال حتى الآن علاج فعال ضد الفطريات الجلدية , فمن عّلم ابو متروك ؟ ومن اين اتى بذلك القلم الطبي الذي قد يكون معبأ باليود ؟؟؟أم أنه الحبر العادي ؟ ولكنه سام على الفطريات الجلدية ؟؟؟ وكانت طريقته ناجحة , فترى الأطفال قد أصطفوا حينما يدخل ابو متروك الحلة عارضين ايديهم المتقرحة او ارجلهم او اعضاء اخرى , وقد يدخل لبعض البيوت لمعالجة بعض البنات , وبعد عدة ايام تبرأ تلك القروح الفطرية ,, وكان يطلب ممن رسم على يده ان لا يلمس الماء ولا يغسلها حتى تشفى, ,,, ومن المعالجين الشعبيين الصمعاني ( وهو لايزال على قيد الحياة ولكنه كبير جداً بالسن ) ويقوم ابنه ناصر الصمعاني الآن بالتطبيب بنفس الطريقة , وهي الطب بالكي ,, والفوال ابودحدح ايضاً كان رجلاً زاهداً ويقرأ الرقية الشرعية على الناس مجاناً وكان مباركاً وشفي على يديه الكثير من الناس ,, وبعد ان تم هدم الحارة التي اشتهر بها كفوال تفرغ للزهد والرقية وإحتساب الأجر للقرآءة على الناس
لم يكن هناك أي تكييف او مكيفات سوى المراوح السقفية , وكنا من شدة الحر بالصيف ظهراً نقوم بترطيب الشراشف بالماء ثم نلفها على أجسادنا ثم ننام تحت المراوح ,وفي المساء قبيل الغروب نصعد جميعاً للأسطح ( سطح المنزل ونسميه باللهجة القصيمية " الطاية " ) ونقوم برش ارضيات وجدران الأسطح بالماء لكي تكتسب البرودة , ولا يزال في أنفي رائحة الطين حينما يمتزج بالماء قبل الغروب , ثم نقوم بعدها بنصف ساعة بفرش الفرش التي تكون قد تم لفها صباحاُ من نفس المكان ووضعها في غرفة بالسطح او تحت المعشاش ( او العشة ) وهي سقف من الخشب او الشينكو في طرف السطح ,وأحياناً يكون السطح مقّسم الى عدة اقسام , وننام مبكراً بعد صلاة العشاء مباشرة , وقد نتأخر إذا اتانا ضيف او نتسامر ونستمع للقصص والسواليف المخيفة من روايات و أساطير شعبية ,ونسمع ونحن بالسطح كل ما يجري بالحي من اصوات وأضوات القطط والكلاب في المقبرة المجاورة او اسفل الحي حيث تتجمع القمامة , ووألاصوات واضحة وهادئة بحيث انه لا يوجد مكيفات ولا سيارات ولا إزعاج فإننا لا نسمع سوى صوت التلفاز الوحيد في الحي في سطح بيت الفضل , وغالباً ما نسمع قرقعة قوارير الكولا وبعض الأشخاص يحملها إلى منزله للإستمتاع بشرب الكولا اثناء السهر في تلك الأسطح , فنركض نحو الكوّة او ( الدريشة ) وهي النافذة لكي نرى من هم المحظوظين لهذا اليوم الذين يشترون الكولا وقد نشتري نحن الكولا ولكن في مناسبات قليلة وتكثر هذه العادة الليلية الصيفية لشراء الكولا حينما يزورنا العم صالح قادماً من القصيم لشراء بضائع من مواد البناء(حيث كان له محل مواد بناء في شارع الصناعة ببريده حتى وقت قريب ) وكان يهدي لنا الكولا فنسهر عليها عند قدومه ويعطينا اخبار القصيم والجدة حصة ... فأرتبطت زجاجات الكولا بقدوم العم صالح ,, أونشتريها بالقطة (أي كل واحد يدفع جزء من القيمة ) ينام عندنا بعض الضيوف القادمين من القصيم او قصمان يأتون من احياء اخرى (كالشميسي ومنفوحة حيث كان بها قلة من اقاربنا من اهل القصيم ),فيكون الإحتفال بشراء البيبسي والكولا والسهر فوق الأسطح الهادئة وتداول السواليف ,,, والأسطح لها مذاق خاص قبل هجوم المكيفات عليها وعلى البيئة العامة, ففيها البرد القارس حتى في الصيف الشديد حيث نلجأ أحيناً للإغطية بسبب البرد , وقد قال الشاعر عن ليالي صيف نجد (( ألم ترى ان الليل يقصر طوله ::::::: بنجد وتزداد الرياح به برداً ؟؟))) فكان السطح والبرد متلازمين حتى في الصيف , ولا شيء الذ من تقطيع الحبحب (الجح ) فوق السطوح والسمر بتناول الحبحب ثم النوم ,,, وغالباً ما يكون السطح اقسام مفصولة
-----------
كانت
المشاريع تقوم ببطء شديد ولكن يوجد حرص على التطوير رغم قلة الميزانية
فيما يبدو ؟ ولولا فضل الله ثم حرص الأمير الشاب آنذاك سلمان بن عبدالعزيز
(تولى الأمير سلمان إمارة الرياض وهو في التاسعة عشر من عمره عام 1374
تقريباً ؟ ) فلولا الله ثم إصراره وحرصه وجهوده الحثيثة لتطوير الرياض لما
تطورت الرياض حتى رأيناها بهذا الوجه الجميل مقارنة مع تلك الأيام الخوالي
قبل اربعين سنة,,, فكان سمو الأمير سلمان شاباً بين العشرين والثلاثين
وقتها وبجهود مضنية ومخلصة كان يتابع بنفسه المشاريع (نزع الملكيات وتطوير
سوق حلة القصمان والبطحاء وتعديل الشوارع وفتح شارع الجديد (الإمام فيصل بن
تركي لاحقاً ) وأذكر أننا رأيناه (وقال لنا بعض الكبار ان هذا هو الأمير
سلمان ) ونحن اطفال مع بعض الخويا وقليل من المرافقين يتفقدون حلة القصمان (
وبالتحديد مكان القلعة القديمة التي تم نزع ملكيتها وهدمها بعد ذلك , وكان
يسكن فيها الرميح والمزروعي والدحمان والبرقان وعوائل اخرى سأذكرهم
بالتفصيل لاحقاً ) وكنا نجري خلف سيارة الحكومة الحمراء اللون يدفعنا
الفضول فلاحقنا سيارتهم وهي سيارة (مصندقة ) تشبه الصالون – احمر اللون
ومكتوب عليها كتابات رسمية تدل على ان السيارة حكومية وحولها جنود وهي
تتجول في شارع يفصل بين البطحاء وحلة القصمان (غرب مقبرة حلة القصمان )
وهذا الشارع ربط الحلة بسوق البطحاء وكان الأمير سلمان يتابع المشاريع
بنفسه في تلك الزيارة التي لا انساها لسوق حلة القصمان وهو متلثم ((داق
اللطمة )) لكي لا يعرفه احد او يزعجه الفضوليون , ومع ذلك سألنا بفضول
الأطفال عنه فاخبرنا احد الرجال ان هذا هو الأمير فقمنا بملاحقة السيارة
طمعاً بالسلام عليه او على ألاقل رؤيته حتى تم طردنا من الخويا المحيطين
بالسيارة , وهذا شاهد قوي على دقة المتابعة والحرص الشديد وتواجده في قلب
الميدان منذ الثمانينات والتسعينات الهجرية ,وقد افتتح سمو الأمير سلمان
ثلاث مشاريع كبيرة لتطوير حلة القصمان وربطها بالبطحاء في نهاية
الثمانينيات الهجرية و بداية 1391 هجرية ,وهذا فقط ما يحضرني في ذاكرتي
الصغيرة كطفل آنذاك,( والميزانية لم تصل عشرة ملايين آنذاك ) وأما الآن
فبالمئات بل بالآلاف نرى الشواهد على جديته (حفظه الله ) وحرصه على رعاية
الرياض وتنميتها منذ ان كانت مجموعة من البيوت الطينية (ويكفي ان نعلم انه
في عام 1328 هجرية بلغت كلفة مشاريع منطقة الرياض ثلاثين مليار تقريباً
!!!ومن مواقف الأمير سلمان المشّرفة مع سكان الرياض سواء من اهلها او
المناطق الأخرى هذا الموقف الذي كان والدي يردده دائماً اشادة بالأمير
سلمان : كان اساتذة البناء بالطين (الأستودية ) وكانو شبه مقاولين كبار
آنذاك قد تعطلت مصالحهم وتقلصت فرص البناء بالطين فشكو إليه ذلك فتفضل بحل
مشكلتهم واعطى الكثير منهم بدائل عملية او وظيفية حسب إختيارهم وتوجهاتهم
ورغباتهم , فمجموعة منهم اتحدو لتكوين شركة عقارية ومقاولات ومجموعة طلبو
منه تخصيص اراضي لهم لممارسة بيع وشراء مواد البناء (وكان منهم والدي حيث
تم تخصيص ارض له ومجموعته في الطرادية او حلة العبيد كما كانت تسمى , وكانت
تلك فاتحة خير لهم لم ينسوها له وكانو يدعون له كلما تذكروها , وليس
المجال هنا للتفصيل وقد يكون له مجال آخر ,,, ,
وأذكر من تلك المشاريع التي غيرت وجه الرياض انه كانت هناك منطقة تسمى القلعة , جنوب حلة القصمان الأولى والساسية التي تقع جنوب جامع حلة القصمان وبالتحديد جنوب غرب المقبرة وقد تم تفجيرها بالديناميت عام 1389 هجرية ليقوم مكانها مشروع تجاري , ومواقف سيارات متعددة الأدوار فيما بعد, وكنا ونحن اطفال ننطلق لمشاهدة طريقة التفجير التي تتم بطريقة عشوائية وغير آمنة, ونقف غير بعيد من تلك التفجيرات مندهشين من قوتها وشدة التفجير , وكنا لا نبتعد كثيراً عن مكان التفجير مما تسبب في إلحاق الأذي ببعض الأطفال ومنهم بعض جيراننا من جراء الحجارة المتطايرة والتي تتساقط على رؤسنا , او تنطلق بطريقة أفقية لتصيب من حولها, والأخطر من ذلك أننا نتسابق لتجميع أسلاك الكهرباء التاي استخدمت بالتفجير لكي نبيعها على تجار النحاس , وقد يكون جزء من تلك الديناميت لم ينفجر بعد فيندفع الأطفال فينفجر اثناء دخولهم منطقة التفجير ... , وبمناسبة ذكر النحاس وبيع النحاس : كان الباعة المتجولين من اليمن فقط وبعض السعوديين وهم قلة ويتجولون بين البيوت ويصرخون بصوت عالي : من عنده نحاس (من عنده صفر ) ؟ او من عنده زري (وهو شريط لامع يتم تزيين ملابس النساء بها ثناء الخياطة ) وهناك من يتجول بعربة يجرها الحمار وعليها برميل من براميل النفط موضوع بطريقة افقية فوق العربة التي يجرها الحمار ويبيع فيه القاز (الكيروسين ) الذي يستخدم كثيراً في الطبخ (للدوافير وهي جمع دافور وهو موقد يعمل على القاز :الكيروسين) وكذلك يستخدم الكيروسين للإضاءة لأن الكهرباء تنطفيء كثيراً,وهناك من يبيع القماش ويتجول بين البيوت وحتى بعض النساء تتجول بين البيوت في اوساط النساء لتبيع اشياء تحتاجها المرأة من طب شعبي وبهارات وأعشاب وملابس ... الخ, وهناك من يتجول ليشتري أي معدن فلا تسمع حين الهدؤ والقيلولة إلا بعض المزعجين من المتجولين صائحاً بأعلى صوته :من عنده صفر (وهو النحاس ) , او : من عنده زري ,,....
كان العاملين من ابناء الدول العربية الأخرى (مصر والشام ) يأتون فقط للتعليم او للتطبيب , وكان هناك مشروع اسمه " العماير لتسكين هؤلاء المعلمين وكان في بداية شارع الخزان من الجهة الغربية منطلقاً من البطحاء متجهاً لمستشفى الشميسي (الإمام فيصل بن تركي حالياً ), وكان هناك مشروع عماير آخر شمال شرق الرياض في بداية شارع الستين قريب من جبل ابو مخروق ( طريق صلاح الدين حالياً )وكل المنطقة التي حوله صحراء قاحلة وبيداء موحشة ينتهي فيها الرياض , ولا يسكن في تلك العماير سوى الأجانب ,
, وكان هناك منطقة شمال المقبرة في بداية السوق الصغير تضللها الأشجار الكثيفة وبجوار منزل اليوسف ( يسمونهم اليوسف الوشذا للتفريق بين ثلاث عوائل بإسم اليوسف كلهم من القصيم ( اليوسف من الشماسية , و من بريدة يسمون الوشذا , واليوسف من بريده ايضاً يسمونهم اليوسف العدل ) ؟؟ المهم انه كان امام بيت اليوسف شجرة كبيرة قام اليوسف واهل الخير بصف مجموعة من الأزيار ( جمع زير ) أمام بيته في ساحة سوق "حلة القصمان " و الزير هو إناء فخاري قائم اعلاه مفتوح واسفله مغلق يوضع به الماء فيجعله بارداً وصافياً وله طعم مميز , وكان هناك بعض القرب ( جمع قربة ) وهي آنية مصنوعة من جلود الأغنام والماعز بعد دباغتها وتجهيزها وإغلاق فتحاتها فلا يتسرب منها الماء وتملأ بالماء فيصبح بارداً وله طهم آخر مميز, وكانت القرب معلقة بجوار الأزيار في تلك الساحة وكل من دخل السوق يشرب منها , ويقوم عليها بعض المحتسبين وأهل الخير إما على شكل وقف او صدقة جارية او بصفة مؤقتة (في الصيف القائض ) بحيث يشترونها ويتابعون ملأها بالماء وتنظيفها وترميمها , وقد يعرف كل زير او قربة بإسم صاحبها او اوقفها وكنا صغاراً نمر بقربها وقد نشرب او نعبث بها فيلاحقنا بعض المحتسبين ويطردوننا لكي لا نفسد الماء على المارة., والسوق كان يبدأ من قرب جامع حلة القصمان ولكنه إمتد وتوّسع لكون اهالي حلة القصمان من أهل التجارة فيتوسعون ويفتتحون المحلات وكانت الأمور بسيطة آنذاك لا يحتاج تصريح بلدية ولا رخصة دفاع مدني ولا رسوم , فقط يفتح جزء من بيته ويجعله بقالة او محل لبيع الخضار او الملابس , وهكذا إمتد السوق حتى غطى اسوار المقبرة في أواخر التسعينات الهجرية , وكان بداية الإمتداد دكاكين الخضرة على سور المقبرة وحول الجامع , ومنها دكان الشيخ محمد القناص للفواكه والخضار , وكنا صغاراً نرى سليمان المحمد القناص ( وكيل امارة الرياض حالياً ) وهو شاباً يكبرنا بعدة سنوات ونراه يخرج من المدرسة ليذهب لدكان والده يساعد والده بالدكان ويحل مكانه وقت القيلولة لكي يذهب الوالد للراحة والقيلولة في البيت ثم يعود عصراً ويذهب سليمان للعب الكرة ومشاركة الشباب العابهم وعبثهم وتسكعهم , وكنا نهابه لقوة شخصيته وكانت له شخصية صامته معبرة جداً , وكان قيادياً بين أقرانه وله الشخصية القيادية ( ومن اقرانه شقيقي الاكبر سليمان وعبدالله العثيم ... ) وله هيبة وقيمة إعتبارية منذ ذالك الوقت , , ولا غرو فهو قد إكتسب شخصيته من والده يرحمه الله.
وكان هناك بقالة للعم عبدالقادر الحضرمي في ركن بيت عائلة الحبيش الكبير الواقع جنوب شرق مقبرة حلة القصمان وينافسه بقالة حسن اليماني الشمالي في الجهة المقابلة وبقالة بربيخ اليماني , وقد اشتهر من سكان جنوب المقبرة وسط حلة القصمان الأولى :عبدالعزيز الفهاد واخوه عبدالكريم باللطافة وحسن الخلق والفزعة والعيارة ( افضل ناس في الفزعة وتفقد أحوال الآخرين ولا يزالون حتى الآن سباقين للتواصل والمناسبات ولا ينافسهم في التواصل وحب الخير والوفاء للجيرة والجيران بأفراحهم وأحزانهم سوى عيال العثيم ,, وعبدالعزيز الفهاد محبوب جداً وله مكانة خاصة في قلوب جميع ابناء حلة القصمان ولا يزال) الله يجزاهم خير : هذا كان جنوب المقبرة , اما شمالها فالحصنان والحلوة وكنا بوسطهم ,, ومن العوائل التي فات ذكرها في الحلقات الماضية : في الشمال وشمال شرق القادسية الإبتدائية فهناك بيوت النصيان والبطاح والبطحي والخزعل والغيلان, وشمال منها وشمال القادسية الابتدائية (شرق جامع عمر الظاهر) واما من الجهة الشمالية الشرقية للمسجد: اليحي والقاسم والغفيلي والدبيان والعماري والعضاض والمسعر والسليم والجراح والشدوخي والصقري والدليلان والجمحان (مشهور بالتطهير والختان للأطفال ) والرزقان والشعيبي والمحمود والهويريني والجبعان والداوود والجلهمي والصقري والقرزعي وكذلك التويجري (شمال المسجد بعد الشارع الجديد) والعدال والطواله والقبس والفهد والدريبي والوايلي والشعيبي والمحيميد والمزيرعي والركف والخميس والزامل والدخيل والذياب والسكاكر والجمعة .( وكل مجموعة منغلقة نوعاً ما على شارعها او ما حولها ولهم ولاء خاص بالمضاربات والفزعات و(حط القمرق)
.وكنا صغاراً نتردد على تلك البقالات وحولها ما يشبه خزان ماء او بئر يروي الناس منه , وهو مكان تجمع لأبناء الحارة , والمباريات والألعاب ( والمضاربات أحياناً ) حيث كان مكان لتجمع الأولاد من كل الحارات وليس حلة القصمان فقط ,,, وكان الأولاد يلعبون بالورق والعكوس وكانت تنتشر بكثرة انذاك وهي صور ممثلي الكاوبوي الأمريكيين ونطلق عليها اسماء انجليزية مثل بونانزا وهوص وستيف , وروي روجرز و آدم .... الخ وكنا نتبارى بتلك الصور كلما تطابقت الصورتين تكسب وقد يحدث بسببها مضاربة وإعتداءات حيث ان بعضهم لا يتحمل الخسارة ويغضب عند الهزيمة , وكنا نزور بعض الحارات الأخرى المجاورة راجلين ونتمشى وفي بعض الحارات بالسياكل (الدراجات الهوائية ) او راجلين وقد يمسكون بنا ويضربوننا لأنها حارتهم ولا يريدوننا ان نمر بحارتهم , واحياناً يطلبون ان تدفع الجمرك إذا مررت بحارتهم ويقولون ( حط القمرق : وتعني ضع الجمرك) ,, وهو ما يوجد بجيبك اما قرش او قرشين او اكثر واحيناً يعتدون عليك ويأخذون كل شيء , وكان هناك محل للأعلاف بوسك حلة القصمان لأن الكثير من الناس يربي الأغنام والأبقار ويستفاد منها ومن البانها الكثير والكثير لأبناء الحي , وكان بعض ابناء الحي يعملون كسائقين اثناء العطلات او بعد الدراسة ويكدون تكاسي او وانيتات ,
وكانت العاب الأولاد خطيرة نوعاً ما ومنها الدنانة (وهي بقايا عجلة الدراجة الهوائية :الجزء المعدني التي يلتف حوله الكفر,(جنط سيكل ) ونأتي بعصا ونقوم بربط علبة على شكل قوس على العصا بحرف ( يو بالانجليزي) لكي يحتوي العجلة بطرفيه ويدفعها ونقوم بدفع العجلة لمسافات طويلة ونقطع بها الشوارع ونحن نجري خلفها , واللعبة الاخرى الخطيرة هي عربة الرمان بللي (رولمان بللي ) بحيث نقوم بشراء حلقات (الرولمان بللي) من بعض الأولاد الساكنين حول الصناعية الذين يجلبونها من الصناعية و من قمائم المخارط ثم نربطها بعصا او خشبة ثم نضع عليها لوح خشبي يشبه السطحة والرولمان بللي اسفلها ونجلس عليها ثم ندفعها ونحن ركوب على ظهرها من اعلى الحي الى نهايته من الأسفل وكثيراً ماتنقلب او تصطدم بالجدران مما يسبب جروح واصابات خطيرة وكدمات , وكان من الشهير وقتها ان الشاب اذا جرح او دعس على زجاجة مكسورة وسال الدم فإنه يتبول على الجرح ؟؟؟ او نضع الرماد ؟؟ وبعد ثلاثين سنة قرأت في كتاب سميث للأمراض المعدية وإالتهابات الميكروبات ان البول يستخدم في الفريقيا والدول الأسيوية البدائية قديماً كمعقم وقد ثبت لديه إنه لم يكن به التهاب ميكروبي او فيروسي فإنه معقم لأنه يخرج من الجسم مباشرة معقماً مالم يكن لدى الشخص التهاب بولي ميكروبي فهو معقم.وكذلك الرماد معقم لأنه إحترق حتى قتل كل الميكروبات فمن اخبر الناس وقتها ان البول محلول تعقيم ؟
,,وكانت البنات والنساء كما في جميع انحاء في مدينة الرياض آنذاك لهن وضع خاص من حيث الحشمة والدلع والدلال ولا يتعرض لهن احد إلا وينال العقاب القاسي , ولديهن أدب وعفة لم اشهد له مثيل , وكانت الفتيات لهن العاب خاصة واجواء خاصة واهازيج خاصة ( حبا حبا حوني ::: بالسوق لا قوني ::: معهم ولد عمي ::: يبي يخطب أختي ::: يا خطبة قشرة ::: تلعب مع العشرة ::: ))) ولا يدخل الأولاد في تلك الألعاب بل يتم طردهم,, يعيرن من يتدخل في العابهن بأقسى العبارات ومنها ما يشبه ألأنشودة :
( الولد مع البنات ::::: بطته شوكة ومات :::::: قالت امه ليه ليه :::: قال ابوه صلوا عليه :::) وفي حال الغضب تصبح العبارة الأخيرة اشد قسوة ,والعابهن هادئة وجميلة مثل (الدبق) وهي استخدام الأزارير التي تستخدم في الثياب كأحجار يتم دفعها بالاصبع لكي تتحرك بإتجاه الهدف الذي يبعد عشرين سم وهو حفرة من اوصل ازراره لها اولا فاز , ومثلها كذلك لعبة (الطّبة ) وهي ما يسمى (المصقال) وهي كرات زجاجية صغيرة بحجم حبة الحمّص يتم لف الاصبع الوسط (الوسطى ) على تلك الكرة ثم يتم دفعها بالابهام نحو الحفرة او نحو مصثال أخر فتضربه وتوجهه نحو الحفرة
,, وكانت الفتيات لهن اسماء تصغير او تدليع ففاطمة تصبح فطيمة ,وهيلة : الهلي , وحصة تصبح حصّوص او حصّيص أو حصيصة , ورقية تصبح رقيوة أو رقاوي .. وفقط منيرة هي التي يتم تكبيرها فتصبح مناير ؟؟؟ لا ادري لماذا ؟؟ وكانت البنات الكبار يجدن فينا نحن الأطفال فسحة وفرصة لنيل الاخبار و(كب العفش وتسريب الأخبار) فتمسك بعض البنات الكبار بالطفل وتسأله الأسئلة الخاصة : من جاءكم امس من القصيم ؟ وش جابو لكم ؟ جابو لكم بقل او كليجا ؟ عطونا منها؟ وش يبون ضيوفكم ؟ هل خطبو فلانة لفلان ؟ عمتك فلانة وش اشترت للعرس ؟ وش تبي تلبس اختك فلانه ؟ ... ومن باب "خذ علوم القوم من سفهائها " كانت العلوم والأخبار يتم تسريبها من قبلنا نحن الأطفال بكل فخر وإخلاص وحرص على الدقة وزيادة المعلومات لنيل رضى الكبار . ولم يكن هناك اي تسيّب اخلاقي او تهتك او قلة ادب في نساء الرياض عموماً , بل كانت المرأة رمز للعفة والنقاء والبراءة والحشمة والحياء الشديد ,, وفي احد الأيام خرجت من البيت وعمري 8 سنوات او تسع وقد تبلل شعري ولم انتبه إلا حينما صاحت بي احد بنات الجيران من نافذة بيتهم : ((مادام انك هبّطت شعرك .. ليش ما كديته ؟؟ )) وتقصد انني حيث انن بللت شعري بالماء وجعلت شعري يهبط بدلاً من النفور والتطاير فلماذا لم امرر عليه المشط لتنسيقه ؟؟ وهذا نوع من الإهتمام والحرص على ابناء الجيران وكأنني احد اخوتها, وهناك ابيات شعر تقال أذكرها وقد تغنى بها احد الفنانين الشعبيين /
في حلة القصمــــــــان=شفت الغضي ريــــــان
ساير مع الغـــــــزلان= والليل ياطايل
الكحل فـ , عيونــــــــــه=والثقل فـي جفونـــــــــه
والموت من دونـــــــه=والليل ياطايل
الخدّ وضاحـــــــــــــي=والخال فضاحـــــــــي
والرمش ذباحـــــــــي=والليل ياطايل
الحسن له كلــــــــــه=ماضيّعه دلـــــــــــــه
ابْداً ولا ملــــــــــــــه=والليل ياطايل
الى اخر تلك الأبيات ....التي نسيتها من ذلك الفنان الشعبي ... (( يالله ... من قدكن ؟؟ وتدللن يافتيات حلة القصمان : كان الشعراء يتغنون بكن ))
وكان الكبار من الأولاد (بالإضافة لكرة القدم أحياناً ) يلعبون كرة الطائرة بين الحواري بين المنازل الطينية بحيث يتم ربط حبل بين الجدارين ويستخدمونه كشبكة طائرة , وكان يسكن في حارتنا نجم المنخب السعودي ونادي اليمامة او نادي الهلال لا أذكر ايهما ؟ واسمه صالح السعيد ( لا ادري كم عمره الآن ولكنه كان يكبرنا بعشر سنين او اكثر وقتها ؟وكان أخي الأكبر سليمان من نجوم كرة الطائرة آنذاك وكنا نساهم بالتشجيع ورد الكرة حينما تذهب بعيداً وكان هناك تنافس شديد باللعبة وحلة القصمان يسكنها بعض لاعبي الأندية والنجوم ومن النجوم وقتها ابناء الرسي وهم نجوم بكرة الطائرة ,لهم فريق خاص وكان يقام ما يشبه الدوري بين الحارات (حلة القصمان و الصالحية وثليم والدركتر وغميته )غالباً ما تنتهي المباراة بالمهاوشات والمضاربات والمآسي وخصوصاً إذا كان الفريق الخصم قد جاء من الأحياء البعيدة (وكان اكثرهم شراسة وعدوانية أهالي الصالحية أو ثليم, واكثرهم طيبة وهدؤ اهالي حلة القصمان و الدركتر وغميته( ليس تعصباً وإنحيازاً لحلة القصمان ولكنه هكذا كان يبدو لي كطفل ؟ لأنني ارى ذلك وقتها ونخاف من المباريات التي اطرافها الصالحية او ثليم ونعد لها العدة وخطط الهروب ) وكانت هناك مباريات بكرة القدم ايضاً بين الأحياء كان ابطالها نجوم الأندية مثل العبيد لاعب الهلال والقناص والعريض والخالد لاعبي الكراتية ووبعض اللاعبين , وكان فهد العباد يقود اقوى الفرق , وكان الفريق المخيف وقتها فريق طاهر العدني وأخوه حسن , وكثيراً ما تنشا المضاربات بعد كل مباراة او في منتصفها فنتعرض للضرب والركل والجروح وكان هذا يعتبر وقتها من باب الرجولة والخشونة .ولا انسى حسن النوبي واخوه وكذلك , واذكر فريق التقدم ومن ابطاله الكابتن أحمد السلامة واخي الأكبر سليمان وعلي الخزّيم وفهد المقرن واخوه صالح المقرن , وللفريق صولات وجولات في ملعبهم بالغرابي وكانت المباريات لا تتوقف سواء بعد العصر في الأيام العادية أو بعد صلاة الفجر في رمضان ( وقد كان رمضان وقتها في أواخر 1389 هجرية في الشتاء , وكنا نتابع الكبار وهم يلعبون كرة القدم بجوار مقبرة حلة القصمان , وكانت مهمتنا كأطفال ان نحضر لهم الكرة ان سقطت داخل المقبرة عبر القفز على الأسوار والسير بين الأشواك لنحضر الكرة بعد عدة دقائق يتخللها السير على الأشواك , ثم نعود للتدفئة بجوار النار التي نوقدها للتدفئة , ولا تنتهي المباراة إلا حينما يحين وقت الدراسة فيصرخ احد المعلمين من مدرسة القادسية الإبتدائية المجاورة للملعب , ليطلب من الجميع دخول المدرسة لبدء الدراسة ,
كانت المنافسات بالمدارس في كرة الطائرة بين المتوسطة الثالثة (من الصالحية ) ومتوسطة حطين ) قرب حلة العبيد (الأحرار لاحقاً ) وبين متوسطة طويق ( شارع الدركتر وحي ثليم ),وفي الإبتدائيات بين التذكارية والقادسية والخالدية , وتعتبر تلك المبارات مصيرية ومثيرة بحيث تتوقف الدراسة حينما تكون المباراة في احد تلك المدارس ويذهب الطلاب للتشجيع ومؤازرة الفريق , حتى اننا نترك الدراسة في مدرسة القادسية الإبتدائية لنرافق فريق كرة الطائرة او نلعب مع فريق التذكارية ,
كان والدي يرحمه الله وقبيل إنتهاء عهد البناء بالطين قد تحول من البناء ليبع أخشاب البناء في مبسط خصصته البلدية لباعة الأخشاب ومواد البناء جنوب الرياض في منطقة كانت تسمى " حلة العبيد "(سميت لاحقاً حلة الأحرار رسمياً ثم أخيراً سميت العود ,, وتقع جنوب الطرادية , والتي قال فيها بشير حمد شنان اغنيتة المشهورة التي يصف فيها سخص عزيز عليه : (((وسط الطرادية ,,, في حارة حية ,,,, أهلها زقرتية ,,,, نمام ما يبغون ))) ويقصد ذلك الشاعر انها حي معروف لأهل الطرب والفن وإشتهرت شعبياً بوجود الفساق كما كان يطلق عليهم آنذاك وهم اهل الطرب والتتن (الدخان ) , وكانت ولا تزال حتى الآن تباع في الطرادية وحلة العبيد (( ثم سميت حلة الأحرار لاحقاً والآن تسمى رسميا العود)) ,الدخان والشيشة والجراك و اجهزة الأغاني من أسطوانات وأشرطة كاسيت لاحقاً وأدوات الطرب مثل العود والكمنجة والطبول ,ولا تسمع حينما تمر من امامهم سوى الأغاني والطرب وهناك محلات إصلاح الأجهزة الموسيقية , واما الروادو وحراج الروادو فكان في ىخر مربع من مربعات حلة القصمان القديمة جداً جنوبي البطحاء قبل ان تصل إلى محلات اللحوم والجزارة (الجزارين او سوق القصابين )), وهو شارع واحد صغير وضيق ومزدهم واهم اعمدته احد ابناءالصلال (اضن اسمه ابراهيم الصلال ؟؟ ) وهو دلال ومهندس راديو وذو شخصية قوية وعنيفة تصلح لنوعية مرتادي ذلك السوق ,, وأما سوق الطرادية للأجهزة الموسيقية فهو مختلف تماماً وكان الخوف يعترينا حينما نمر من تلك السوق ونخاف إلى درجة اننا نتعّلق بثياب والدي من الخوف ,واشكال مرتادي ذلك السوق مخيفة فمنهم ذو الشعر الطويل ومنهم ذو الثياب الغريبة ؟؟ ويشربون التتن ( الدخان) على الملأ, وهي ظاهرة لا يمكن المجاهرة بها في تلك الحقبة الزمنية وتعتبر من الموبقات , وترى بعضهم يلبس النعال بطريقة غريبة بحيث يلبس نصف الحذاء فقط وبقية الحذاء فارغ ؟ وقد وضع الشماغ او الغترة على كتفيه وليس على رأسه وتتدلى جوانب الغترة او الشماغ على جانبيه,والشعر كثيف وغير مرتب وتشتهر تلك الهيئة بأنها شخصية العرابجة آنذاك وتحدث مضاربات كثيرة هناك وإعتداءات جسدية على المارة وخصوصاً من يتجرأ على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ويسمون هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ذلك الوقت النواب ومفردهم نائب ) .
وكنا نذهب لحل الواجبات المدرسية بإشراف والدي وهو في مبسطه في حلة العبيد(العود) , حيث كان حريصاً رحمه الله ان لا نتسكع كثيراً بالشارع مثل بقية الأطفال بل كان يأخذنا معه للمبسط في اغلب الأوقات ومعنا كتبنا المدرسية فنقوم بحل الواجبات بجواره وهو يبيع ويشتري بالأخشاب ومواد البناء البسيطة آنذاك , وبعد إنهاء الواجبات نلعب قليلاً بين الأخشاب لعبة الغميمة او العاب اخرى حتى يخيم الظلام فيغلق محله بواسطة حبل فقط يربطه بين الاخشاب ثم ننطلق مشياً على الأقدام لنصلي المغرب في مسجد في بداية شارع الوزير (غرب البنك الأهلي حالياً ) وبعد الصلاة يشتري لنا بعض الأيس كريم ثم نمر من امام محلات المحامص والبقالات التي فتحها ابناء الشام إبان إنتقالهم اللافت للنظر في بداية السبعينات الميلادية ( ولهذا قصة اخرى سأتطرق لها لاحقاً ) وكانت تلك المحلات تعج بالمخللات والأجبان والقهوة المحّمصة ورائحتها تجذب المارة ولكننا لا نعرفها جيداً , فلم نعرف وقتها سوى جبن الكرافت الذي يعتبر من اغلى المواد الغذائية وقتها , ونمر من أمام بعض المطاعم التي تبيع شاورما اللحم ( ولم يكن هناك شاورما دجاج إلا بعد عشر او عشرين سنة من ذلك , لأن الدجاج لم يدخل قائمة الطعام في نجد إلا في نهاية 1395 هجرية , ) فتجذبنا رائحة الشاورما ولكننا لا نشتريها إما لأنها غالية الثمن ؟ أولأنها تعتبر طعام الأجانب وقتها ويعاب علينا وقتها الأكل بالمطاعم ؟؟ لا أدري لماذا ؟؟ ولكن بعد عدة سنوات إنكسر هذا العيب وصرنا نتناولها بصفة متقطعة كلما حانت الفرصة وتوفرت المادة ,,,,
, وفي بعض الأحيان (مرة في الشهر او مرتين) يصادف ان يكون مزاج والدي يرحمه الله صافياً أو أنه قد باع صفقة جيدة بالأخشاب فيترك المبسط مبكراً ونركب الباص ( خط البلدة المتجه نحو المطار (مطار الرياض القديم ) والذي يمر بشارع الوزارات ( طريق الملك عبدالعزيز حالياً – وهو إمتداد شارع البطحاء نحو الشمال ) وكانت مباني بعض الوزارت قد إنتهت وبدأ الموظفين بالإنتقال إليها ومعظمهم من جدة ومكة ,وليس بجوارها سوى صحراء قاحلة , واذكر انه يوجد مباني حديثة وعمائر متباعدة , قال لي والدي انها للموظفين والمعلمين ,وتقع جميع الوزارات على يسار المتجه للمطار ولم يكن على الجهة اليمنى سوى مستشفى طلال ( وهو مستشفى الملك عبددالعزيز الجامعي حالياً ) ومن بعده فندق اليمامه ومن بعد فندق اليمامه تبدأ الصحراء والأراضي الفارغة لمسافة خمسة كيلو مترات تقريباً حتى نصل للمطار , وبجوار شبك المطار بالتحديد بجوار بوابة قاعدة الرياض الجوية حالياً من الجهة الجنوبية من المطار حيث توجد بوابة المطار ونهاية مسار خط البلدة توجد كافتيريا بسيطة تبيع الكولا والشاي والكيك على يسار البوابة والبائع شيخ يمني قد نشر الكراسي والطاولات القديمة المصنوعة من القش والخوص ليجلس عليها الزبائن ويصرخون بطلباتهم وهو يسمع ثم يحضر الطلب ويقدمه بنفسه: أربع اسود : يعني شاي اسود اللون وحجم الأبريق اربع بيالات ) واحد حجر : يعني رأس من الشيشة ) وكان ناقلاً للأخبار ومغنياً ومتحدثاً بارعاً بحيث انه يتدخل في كل شيء ويتناقش مع الزبائن في كل صغيرة وكبيرة , وفي جهة أخرى من ذلك المقهى مكان للشيشة . يحاول والدي ان لا نراها ويأخذنا للجهة البعيدة عنها,,فنجلس في الكافتيريا ويطلب لنا الوالد يرحمه الله مشروب غازي ( زجاج كولا )مع قطعة من الكيك ونمضي ساعة او ساعتين إنتظاراً لرؤية احد الطائرات وهي تهبط او تقلع فيندفع الجميع نحو الشبك لمشاهدتها والإستمتاع بمنظر هبوطها أو إقلاعها ,وقد نحضى بذلك اثناء تلك الجلسة الإستراخائية او قد لانحضى بها حسب حركة الطيران ( فقد يمضي ساعتين ولم تهبط او تقلع أي طائرة )وكنا نصلي العشاء آنذاك في نفس المسجد الموجود حالياً بجوار بوابة قاعدة الرياض الجوية ,في اجواء باردة ورطبة يملأها الغبار المتطاير من عوادم الطائرات وكان ذلك عام 1389 هجرية , ومن ثم ننطلق عائدين على باص خط البلدة حتى نصل قرب البيت ونسير نحو البيت لمدة تتجاوز النصف ساعة وبعد النزول من خط البلدة نسير لمنصف ساعة اخرى للبيت نمر خلالها على احد المخابز لنأخذ الخبز الطازج من مخبز الأخوين اليماني , ويديره أخوين من اليمن وكتبو عليه لوحة بخط اليد : مخبز الأخوين عبده وحمّود, وبجواره محل للفول .فنأخذ الفول والخبز ونتجه للبيت للعشاء ومن ثم النوم.
اما الأباء سواء والدي او غيره من اباء الجيران المحيطين بنا فكانو قساة في الغالب ( لمصلحتنا ولتأديبنا ) ولا نجد منهم سوى الصرامة والجدية او التأديب لأنهم ومن حرصهم على تعليمنا أمور الرجولة والإعتماد على النفس والجدية كان كل اب من اباء الجيران يعتبرنا ابنائه وله الحق في تأديبنا ويشكره والدنا على ذلك لأنه كما كان يقول والدي يرحمه الله:" ترى فلان مثل ابوك يريد لك الخير والمرجلة , ويقوم مقام ابوك ," وكنا ببراءة وبساطة وفخر نقبل تأديبهم لنا وتوجيهاتهم ولا نعتبرها إهانة او تعدي او لقافة او تسفيه .وأذكر انني تلقيت تأديب متكرر بلطف وحرص ومحبة من بعض اباء الجيران لأعمال شقاوة قمت بها اثناء طفولتي ندمت عليها لاحقاً ولا ازال اذكرها واعلم ان التأديب الذي جائني من بعض اباء الجيران كان لمصلحتي ولتأديبي وليست للعداء.
--
كانت
الثلاجات نادرة ولكنها معروفة وموجودة عند البعض ,ولا توجد في كل بيت لذا
كان الجميع لا يشتري المؤن الغذائية او اللحوم إلا بنفس اليوم الذي سيطبخ
فيه (ونشتري بالنصف كيلو وبالحبة ... ) , اما اللحوم فيتم الشراء بالكيلو
لمن لديه مقدرة مادية , وكان سعر كيلو اللحم الحاشي 4 ريالات فقط !!! والذي
يشتري اللحم يجب عليه طبخه بنفس اليوم وإذا زاد شيء يتم تعليقه بواسطة ما
يسمى ( العرزالة ) وهي صندوق خشبي من الخشب المتشابك او الخوص ويتم ربطها
بحبل ثم يتم تعليقها في السقف (تربط بين أخشاب الأثل المكوّنة للأسقف )
وتتدلى بعيداً عن متناول الأطفال والقطط وغالباً ترتفع على ارتفاع مترين من
الأرض لكي لا تهجم عليها القطط وتأكلها اثناء الليل , واما بقية المؤن
الغذائية (الطماطم والكوسة والفاصوليا ... الخ ) فيتم شراؤها بالربطة او
الحبة فقط لكل يوم مؤنته لأن سوق حلة القصمان للخضار كان بجوارنا وقريب
جداً لاتحتاج لسيارة او سيكل لجلب الخضار لذا كنا نتسوق يومياً, ومحلات
الخضار والفواكه قريبة جداً والبائعين من اهل الحي , ولا يوجد اجانب إلا في
بعض المحلات وهم بعض اليمنيين ولكن ليس بنفس الكثرة التي نراها الآن.
ومن الطرائف التي لا تنسى أنه لم يكن في الشارع او الجهة التي نسكن فيها (عائلتي) في حلة القصمان عام 1388 حتى 1391 حسب علمي المحدود سوى تلفزيون واحد باللون الأبيض والأسود ويوجد في بيت محمد السليمان الفضل يرحمه الله فكنا (نحن كأبناء هذا الشارع من حلة القصمان) نحرص على صداقة ابناءه من اجل التلفاز ونتردد على بيتهم اوقات عرض البرامج المثيرة مثل وضحى وابن عجلان او برامج الأطفال مثل " الفيل صديقي – مايا ,او افلام كرتون ... ولا نجد حرج في دخول بيتهم لمشاهدة التلفاز في اي وقت ( ما نعطى وجه ), ومن المواقف المحرجة تجمع ابناء الحي جميعاً في مجلس الفضل في اوقات غير مناسبة ,مثل مبارايات كأس العالم ايام النجم البرازيلي : بيليه .. والتي كانت تبث في منتصف الليل نظرأ لفارق التوقيت , وكانو وقتها وبعد منتصف الليل يغلقون الباب بعد الإحراج الشديد,,, كان والدهم محمد السليمان الفضل يرحمه الله رجلاً كريماً ويفتح بابه للجميع , ولديه سيارة كبيرة نسميها ( حمّالية وهي تريلا او ما يسمى سقس ؟لأن له ست كفرات ) وهي سيارة نقل كبيرة يحمل بها الاسمنت لأنه يعمل في نقل الأسمنت , وفي العطلات ويوم الجمعة تتحول هذه السيارة إلى سيارة نقل لأبناء الحي نحو متنزهات الخرج وعيون الخرج حيث يركب الجميع رجالاً ونساء وأطفالاً في صندوق التريلة وبما يشبه السفر نشد الرحال من صلاة الفجر نحو الخرج ونستمتع بمزارع الخرج وعيون السهباء حتى الغروب ثم نعود ويتفرق كل إلى بيته ,, كل ذلك كان على حساب ابو سليمان الفضل ويشاركه بعض الاباء : هذا يجيب خبز وآخر يحضر الخروف او قطع اللحم, وثالث يحضر الفاكهة ,,
وبعدها بسنتين انتشرت بعض التلفزيونات خفية في بعض البيوت ثم جاءت التلفزيونات الملونة مع مطاعم ومقاهي اليمنيين حول حلة القصمان فصار الشباب يسهرون هناك في المقاهي ,وأذكر ان دخول التلفزيون الملوّن كان في عام 1392 او 1393 ؟ تقريباً وأول من جلبه مطعم في شارع الجديد ( شارع الإمام فيصل بن تركي لاحقاً ثم سمي طريق المدينة الآن) وكان فتحاً عظيماً وحدثا هاماً ذهبنا لرؤيته زرافات ووحدانا, ولم تكن السينما مستنكرة آنذاك , فكانت أعراس بعض الجيران يعرض فيها فيلم سينمائي في بيت اهل العرس او في احد البيوت المجاورة فيجتمع معظم الشباب لذلك , وعموماً كان هناك سينما في الأندية الرياضية فهناك سينما نادي الهلال وسينما نادي النصر ونادي الشباب واليمامة (نادي الرياض حالياً ) وكان الكبار من شباب الحي يذهبون للسينما ثم يعودون ليخبروننا ماذا شاهدو ويروون لنا قصة الفيلم ,
وكذلك لم يكن في الجزء الذي تسكنه عائلتي من حلة القصمان ( القريبة من منزلنا ) سوى تلفون واحد عند دحيم الحصيني يرحمه الله.,وكان جميع الجيران يستخدمونه وقت الضرورة او الحوادث , او إستقبال مكالمات من القصيم او من الأقارب للتبليغ عن الوفيات او المصائب , وأذكر ان بيت دحيم الحصيني (دحيم بالسكون وليس بالتشديد) كان هناك تليفون بالمجبب او المدربان ( وهو مدخل البيت ) وكأنه سبيل لأبناء الحي من دحيم الحصيني رحمه الله, وكان الشيخ دحيم رحمه الله من كبار تجار الأغنام والمواشي وكان يرى الهاتف ضروري له و يستخدمه فقط لمكالمات جدة حيث يدير تجارته في المواشي احد اخوته او ابناؤه , ولا تسمع اثناء سكون الليل سوى صراخه بالهاتف : بعتو 300 راس ؟ شريتو لنا مأتين ؟؟ ...
,في معظم البيوت بحلة القصمان يكون في السطح عشة (قفص كبير من الخشب وشبك الحديد) للأغنام او الدجاج او للحمام , ويتم وضع باقي الأكل وباقي الخبز لتلك الأغنام والأبقار ويستفاد منها في الحليب والأكل ... معظم هوايات الشباب المراهقين هي تربية الحمام فقد كانت تربية الحمام هامة جداً ويتميز بها شباب حلة القصمان ولها سوق رائج ومبايعات تصل الى الف ريال او ثلاثة الاف (وهي قيمة بيت شعبي آنذاك )(يشبه حالياً مزاين الإبل ) , اما بيض تلك الحمام المشهورة او فراختها ( تسمى الطبة ) أي الحمام حديث التفقيس اوالتفريخ ) فتباع احياناً بمائتي ريال او ثلاثمائة لأنها طبة او جيل لتلك الحمامة المشهورة لفلان من الناس ,,ويشبه ذلك مزاين الإبل حالياً ,فقد كان هناك مزاين حمام في سوق الحمام يوم الجمعة من كل اسبوع , يقع سوق الحمام في وسط سوق حلة القصمان ولهم يوم في الأسبوع (الجمعة ) يتم جلب الحمام اليه من كل انحاء الرياض بل يأتي اناس من مدن اخرى من المملكة (سمعت ان هناك من يأتي من الأحساء ومن القصيم لسوق الحمام انذاك ) وللحمام مواصفات خاصة , فمنها القطيفي او البصراوي (من البصرة ) والحساوي والمكاوي ..., فللحمام سوق ولها تصنيفات وابداعات وتتنوع ابداعات الحمام من التقلب بالجو (قلابي ) الى التغييم وهو الغياب بين السحب لفترة طويلة ثم تعود لنفس المكان الذي انطلقت منه) الى الرقص ( رقاصي ) ..... ففي حلة القصمان معظم الشباب مربين للحمام تحصل منافسات ومسابقات بين الشباب لإستعراض مهارات الحمام من تقلب بالجو إلى التراقص , وقد تحصل مضاربات بين مربي الحمام بسبب تلك الحمام والتنافس على إقتنائها او سرقتها بواسطة تدريب بعض انواع الحمام على ما يسمى الجذب , وهو ان تقوم حمامة فلان بجذب حمامة فلان اثناء التحويم والجميع على السطوح كل عصر وكل منهم لديه علم خاص او لون خاص تعرفه حمامته فتعود اليه , واما الحمام الجذابي فيجذب بعضها فتحدث سرقة ومن ثم مضاربة ,, وقد عاصرت مضاربة استخدم فيها احد ابناء الجيران بندقية الصيد المسماة "الشوزن" لقتل حمامة مبدعة غالية الثمن و ذات مهارات عالية ونادرة يملكها شقيقي الأكبر سليمان ,فقامو بقتلها رمياً بالرصاص من شدة التنافس الغير مشروع والأحقاد التي كانت تسود بينهم آنذاك وقد ساد الحزن منزلنا وقتها وحزنت كثيراً وانا في التاسعة من عمري وكرهت ذلك الشاب جداً ولم انس تلك الحادثة رغم السنين وقد قابلت ذلك الشاب المعتدي بعد خمس وعشرين سنة من تلك الحادثة ورأيت في وجهة العدوانية ( ولا ادري هل تكونت خلفية الكراهية ولم استطع زاحتها ؟ ام انها العقل الباطن الذي جلب تلك الذكرى الأليمة ؟؟)وكرهته اشد مما سبق ,, اما اخي سليمان فهو الآن وزيراً مفوضاً بمجلس التعاون الخليجي ولم يزل يتذكرها ولم ينسى تلك الحادثة بل يذكرها بمرارة والم
كان يمر وسط شارع البطحاء مجرى مائي كبير جداً بنيت جوانبه من الحجارة (كل حجر بنفس مقاس البلوك الاسمنتي الذي يستخدم الآن ( 40 سنتيميتر طولاً بعرض 20 سنتيميتراً) وهذه الأحجار او الحصى الكبيرة لا يستطيع العامل القوي إلا حمل واحدة منها وتم بناء هذا المجرى المائي لتصريف السيول وسط شارع البطحاء (بالرصيف الأوسط ) يبدأ من شمال (قريب من فندق سمير اميس القريب من مبنى البريد حالياً ) وعمق هذا المجرى المائي اربعة امتار تقريباً وعرضه اثنا عشر متر تقريباً ويقع في الجزيرة الوسطية لشارع البطحاء العام ( وكان هو الشارع الرئيسي الكبير بالرياض ) وكان هذا المجرى المائي يمتد على طول الشارع الذي يمر جنوب حلة القصمان متجهاً نحو جنوب الرياض , وكان اتجاه المياه حينما تتدفق في هذا المجرى من الشمال للجنوب , وكان المجرى عبارة عن قناة مفتوحة حولها ما يشبه الكورنيش , لتصريف السيول والمجاري ويتم رمي النفايات فيها أيضاً ويصب فيها انابيب الصرف الصحة من كل العمائر والبيوت والأسواق المحيطة به على شارع البطحاء , وفي الغالب نظراً لقلة الأمطار يجف هذا المجرى إلا من المجاري التي تصب فيه فتصورو مدى الروائح الكريهة التي تنبعث منه وأحياناً تملأه النفايات , واحياناً ترى بعض الأطفال العابثين والفقراء ينزلون داخل هذا المجرى المائي حينما يكون جافاً من السيول والأمطار للبحث بين النفايات عن اي شيء يمكن الإستفادة منه من داخل تلك النفايات , فهذه دراجة يمكن إستصلاحها , وذاك صندوق مليء بالملابس و....
وكان الجميع تقريباً يتطبب لدى الأطباء الشعبيين بالحي والطبيبات الشعبيات , فأشتهر ابو مزروع لتجبير الكسور ولف الجبيرة الخشبية على يد او رجل المصاب , واشتهرت ام سارة الزلفاوية وام المزيني والسندية بالطب في اوساط النساء , وأشتهر ابومتروك بالأمراض الجلدية والهضمية ,والصمعاني بالكسور ,وكان هناك دواء من المسّكنات القوية جداً يسمى النوفالجين يباع بالصيدليات ويشتريه الناس بالكميات ولكنه يحتاج إلى ابرة فيقوم بعض اهل الحي بضرب الأبر ويتفننون بذلك ويقومون بتعقيم الأبر الزجاجية المستخدمة بالماء المغلي لأنه لم يكن هناك ابر بلاستيك ذات افستخدام الواحد حتى في المستشفيات ,ثم تم منع هذا النوفالجين بعد سنوات لأنه يسبب امراض مستعصية ومشاكل صحية.
كان هناك مستوصف صغير اسمه مستوصف غميته جنوب شرق حلة القصمان وقريب من الطرادية والصالحية , وكنا نراجع هناك وبرفقتنا الوالده الحبيبة ( حفظها الله لنا وادام صحتها ) وهي تتفقدنا تقريباً مرة كل شهروتحرص على إصطحابنا والضغط على الممرضات لتزويدنا بالتطعيمات الضرورية (وشراب فيتامين اتذكره مرسوم عليه صور اطفال ) , وكانت حريصة جداً على التطعيمات والزيارة الدورية لمستوصف غميته رغم انها لم تدرس ولم تتعلم وكانت لا تكتب ولا تقرأ ولكنه حرص الوالدة جزاها الله عنا كل خير ورزقنا برها., ففي هذا المستوصف ايضاً يتجمعن نساء الحي في كل وقت وتكثر به السواليف بين الجارات وتبادل الأخبار والوصفات الشعبية ويصطف من حول المستوصف البائعات اللاتي تزدان مباسطهن بكل ما يباع سواء أغراض العطارة والتطبيب او الملابس والمأكولات , وكان هناك شيء غريب جداً لم استطع فهمه إلا بعد ان عملت في القطاع الصحي بعد عشرين سنة من ذلك التاريخ وهو اننا كنا نمر على البائعين بجوار المستوصف , او حتى مستشفى الشميسي الكبير آنذاك لشراء زجاجات فارغة (قوارير ) من البسطات التي بجوار المستوصف او المستشفى ثم نحملها معنا للمستوصف او المستشفى لكي يتم صرف الدواء لنا بتلك القوارير , وهي عبارة عن قوارير قديمة كانت تستعمل او مستعملة لأغراض غذائية ( زجاجات عصير وزجاجات حليب ؟؟ ) بأحجام مختلفة والوان مختلفة .. المهم انها زجاجات فارغة ومغسولة يدوياً (بدون تعقيم ) ويتم بيعها لمراجعي المستشفى بواسطة باعة متجولين, فنمر نحن والوالد او الوالدة قبل الدخول للمستوصف او المستشفى (نسميه الصحية ) ونشتري زجاجة فارغة ثم نذهب بها لصيدلية المستشفى لكي يضعون بها الدواء الذي تم صرفه من قبل الطبيب ؟؟؟ !!!! وقد فهمت الان ماذا يعني ذلك , وهو ان وزارة الصحة قبل عام 1391 هجرية كانت تشتري الأدوية بعبوات كبيرة جداً لرخص ثمنها ثم تطلب من المريض ان يحضر أوعيته الصغيرة بنفسه ليتم سكب بعض الدواء فيها في قارورته او زجاجته التي يأتي بها معه سواء من بيته او من الباعة المتجولين خارج المستشفى , وكان مستشفى الشميسي في بداية تكوينه يفتقر الى الأطباء المتميزين فكانت الأمم المتحدة تشجع برامج منظمة الصحة العالمية لتحسين الوضع الصحي في بعض مناطق العالم ومن ضمنها السعودية , فاصبح مستشفى الشميسي مقراً للأطباء الزائرين من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اوجامعة الدول العربية او منظمة الصحة العالمية ؟ او برامج زيارات متقطعة لبعض الجراحين ومنهم الدكتور , عبدالرحمن فهمي ؟ الذي اتى من مصر بتنسيق من منظمة الصحة العالمية لعمل بعض العمليات المعقدة, كان منها عملية أجريت لأبن عمتي راشد الحسن , حيث كانت معقدة جداً آنذاك تم خلالها إستئصال جزء كبير من الرئة إثر التهاب رئوي حاد تم إهماله لعدة سنوات, حتى جاء هذا الفريق الطبي المتخصص, وكان من الأطباء السعوديين القلائل آنذاك طبيب متدرب حديث التخّرج اسمه محمد راشد الفقيه رافق الفريق الطبي الزائر واستفاد من تجاربهم ,, (( وهو الآن رئيس قسم جراحة القلب في المستشفى العسكري وهو من اكبر أطباء القلب وجراحة القلب في المملكة, )) وعلمت لاحقاً ان بعض الأدوية يتم جلبها بصعوبة نظراً لقلة ذات اليد قبل الطفرة البترولية التي جاءت بعد 1395 هجرية ,
وكان المرضى الذين لديهم امراض مستعصية يتم ارسالهم للخارج للعلاج في عدة دول , وأدرك جلالة الملك فيصل يرحمه الله الحاجة الماسة لتطوير العناية الصحية وأمر آنذاك وقبل عام 1392 هجرية بالعمل على إنشاء مستشفى الملك فيصل التخصصي لكي يقل عدد السعوديين الذي يسافرون للعلاج بالخارج , فتم انجاز هذا الصرح الطبي الكبير والمتقدم طبياً عام 1392 وكان نقلة نوعية رائعة وجهد ملكي جبار وخطوة تقدمية غير مسبوقة جعلت المملكة في مصافي الدول المتقدمة طبياً بعد افتتاحه بعشر سنوات,, وكان مستشفى الملك فيصل التخصصي في بداية نائه يقع في منطقة نائية جداً وبعيدة عن العمران ولم يكن حول التخصصي آنذاك سوى بعض المزارع ومنها مزارع ابن جديد (حي العليا- المسمى المزرعة حالياً مكانه حديقة العليا التي تقع بين طريق الملك فهد وشارع التخصصي – خلف الطيار للسفر والسياحة) وكنا نزور تلك المزرعة لأن قريبنا وزوج ابنة عمتي الشيخ فهد الربدي كان مشرفاً على تلك المزرعة , وكنا نزور تلك المزرعة ونذهب بواسطة التاكسي الذي يرفض احياناً الدخول بسيارته لتلك المزارع حول مستشفى الملك فيصل التخصصي خوفاً من التغريز وتعلق سيارته بالصحراء التي تقع بين مستشفى الملك فيصل التخصصي ومزرعة بن جديد وذلك لأن الأسفلت ينقطع عندما يصل للتخصصي , ومن بعده اكوام من الأتربة والجبال والغبار و طرق ترابية مليئة بالحفر ومنطقة صحراوية هي الآن احياء تعتبر وسط الرياض حالياً وهي الآن السليمانية و العليا وام الحمام والمحمدية .... الخ( كان ذلك عام 1393 هجرية )
كنا ثلاثة اشقاء في عمر متقارب (بعد الأخ سليمان الأكبر منا بحوالي ثمان او سبع سنوات) ؟ وكنا انا وابراهيم وخالد نسير مع بعضنا البعض دائماً ونشترك في كل شيء من باب الحماية لبعضنا البعض وشد أزر بعضنا البعض ولا يمكن ان يتخلف منا احد فإما نذهب معاً او نجلس معاً ,وكوّنا قوة ثلاثية لحماية بعضنا البعض , وهذا ساعدنا كثيراً في الإستقواء وعدم التعرض للمضاربات والإذلال التي يحاول بعض الأشخاص إستعراض عضلاته بها علينا ,كما أشتهرت تلك الفترة,, وكان يزورنا في الصيف ابناء العم والعمه والأقارب من القصيم او احياء اخرى من الرياض , من الأحداث الطريفة التي لم انساها انه قد زارنا في صيف 1392 هجرية تقريباً عبدالعزيز الصالح الخضيري (لاعب نادي الرائد لاحقاً وموظف في جامعة القصيم حالياً) ابن العم وابراهيم العلي الحسن ابن العمه (موّجه تربوي الآن في بريده) , وقد إستقوينا بهم في تلك الصيفية وزادنا ذلك قوة إلى قوتنا الثلاثية فصرنا ندخل المضاربات بجرأة اكبر , فتجاوزنا بعض الحدود من باب إستعراض العضلات امام ابناء الشارع من باب التفاخر بقدوم ابناء العم والأقارب وتعرضنا لمواقف مشينة من المضاربات مع بعض ابناء الحصيني وكذلك ومنها المضاربة التي لا أنساها مع بعض اليمنيين في سوق حلة القصمان وكانت معركة غير متكافئة تورطنا فيها ودخل ضدنا كل اليمنيين بالسوق مما جعلنا نتمنى السلامة ونهرب مع طرق وسراديب نعرفها جيداً لأننا ابناء الحارة ونعرف مسالكها وطرق الهروب , فهربنا تاركين اقاربنا عبدالعزيز الصالح وابراهيم الحسن ليواجهو الضرب ويحاولو الرد ولكن كثرة اليمنيين غلبت على قواتهم التي كنا نفتخر بها , ولولا فضل الله ثم تدخل بعض المارة ليفضو المضاربة لحصل ما لايحمد عقباه , فهربو مما ساهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه ويقلل من الخسائر الجسمية من كدمات وضرب , وبعد ساعة عادو للبيت يشتموننا على تخلينا عنهم وهروبنا بدونهم ,وندمنا على تعريضهم لمثل هذا الموقف وهم ضيوف زائرين , وعلم والدي يرحمه الله بذلك فقام بتأديبنا وهددنا بترحيل الزائرين وإعادتهم للقصيم من (( استيشن ابن مقيطيب )) وحرماننا من الإستمتاع بالعطلة الصيفية وهم معنا , وصرنا نبتعد عن المضاربات والمشاكل وصرنا نستمتع بالعطلة بالتسكع في شارع الوزير والبطحاء والتجول في حديقة الفوطة بعد ركوب الباص المتجه لمستشفى الشميسي ونغامر بركوب خط البلدة نحو المطار والفرجة على الوزارت والمطار وإقلاع الطائرا وهبوطها , وكنا نسهر في البيوت على لعبة السلالم والثعبان او المونوبولي آنذاك او الورق ,وننام متأخرين فنتخلف عن صلاة الفجر فنأخذ علقة وعقوبة يومية بسبب التخلف عن صلاة الفجر , ولأننا ننام متأخرين لا نستيقظ مع الناس وقت الفجر ونتناول الإفطار معهم ,بل نصلي الفجر بسرعة ثم نعود للسطوح ونستمر بالنوم وبعد سقوط اشعة الشمس نسحب الفرش نحو الضل المجاور للجدران لتعويض ساعات النوم زكل نصف ساعة نصحو ونسحب الفراش نحو الضل مرة اخرى ثم ننام حتى تحرقنا الشمس ولا يصبح هناك مناطق ضل على السطوح , والسبب عدم وجود المكيفات في الغرف لذا نكتفي بالنوم في السطوح بأجوائها الباردة ليلاً,, , وتلخبط برنامج العائلة فلم يجد والدي من يحضر الخبز والفول بعد الفجر إلا ان يذهب بنفسه آنذاك,حتى نهاية الصيف
كانت العمالة الوحيدة في المملكة اليمنيين فقط , ومعظمهم قد احضرو عوائلهم معهم ويسكنون معنا في نفس الحي ويشاركوننا في السراء والضراء والفزعات , ويشهد الله انهم من افضل الجيران وكانو ذوي نخوة ومرؤة ,وكانت لهم تسهيلات حكومية كثيرة وتعاملهم الجهات الرسمية وكأنهم مواطنين من حيث حرية التجارة والتنقل فلا يطلب منهم إقامة ولا تصريح فكانو يفتحون المحال التجارية ويتاجرون دون اي مشاكل , وبإستثناء الفنيين والمهندسين والأطباء والمعلمين (( الذين كانو من الشام ومصر )) لم تدخل المملكة اي عمالة من جنسية أخرى غير اليمنيين حتى عام 1395 حينما بدأ مشروع المجاري والصرف الصحي فدخل العمال المصريين مع شركة الخرافي , ثم توالت الجنسيات بالتدريج حيث دخل الهنود وغيرهم في نهاية 1398 هجرية , واستمرت مميزات وتسهيلات اليمنيين رغم ذلك وكانو كثرة كثيرة ,ومنهم من نال الجنسية ,, وكانو يستقدمون عوائلهم بيسر وسهولة ولم يكن ضدهم اي تمييز حتى جاءت حرب الخليج الأولى حينما دخل صدام الكويت عام 1410 فوقف علي عبدالله صالح مع صدام وساند عدوانه على الكويت ثم تجرأ وطالب صدم بغزو السعودية , وتبعه بعض المغرر بهم من اليمنيين فقام بعضهم بأعمال مشينة إستعداداً للإنضمام لصدام , ولكنهم فشلو بفشل صدام , وبعدها تغير نظام معاملة اليمنيين وخرج بعضهم من السعودية برغبته إنتصاراً لعلي عبدالله صالح رئيسهم مما فتح الباب بعدها للعمالة الأسيوية من الهنود والبنقال ..... الخ
--
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
شارع الريل والدركتر (عوائل وذكريات)
اشتهرت الرياض قبل خمسين سنة بتوزيع جغرافي متميز بني على تقسيمات متعارف عليها بين الناس
آخذين بالإعتبار أصول ساكني تلك ألأحياء ومن أين قدموا , فهذا حي للقصمان وهذا حي لأهالي الحوطة والخرج ومن يأتي من مناطق جنوب الرياض وأحياء اشتهرت لأهالي حريملاء وما حولها شمال شرق الرياض , وأحياء أشتهرت لأهالي القويعية غرب الرياض .... الخ ,ولم تكن تلك التقسيمات عنصرية او عصبية بل كانت عفوية تصنيفاً للقادمين , ولم يكن القادمين متعصبين او عنصريين ولكنهم كانو يستوحشون من الغربة حينما يقدمون إلى الرياض من مناطفهم البعيدة فتعارفو على السكنى بجوار بعضهم البعض حينما يأتون من نفس القرية او نفس المدينة , فيساعد بعضهم بعض ويدعم بعضهم بعض ويتفقدون احوال بعضهم البعض ,
وسأكتب في هذه السلسلة من المقالاات تاريخ " حلة القصمان " بالرياض ومعظم أهلها وبعض اسماء عوائلها وبعض القصص والأحداث التي صار لها صدى وتأثير , وقد حثني على كتابة هذه السلسلة بعض الأقران والأصدقاء والأخوة الذين عاشو تلك الحقبة الزمنية بحلوها ومرّها , ومنهم الأخ عبدالرحمن الحوشان , وأخي الشقيق الأكبر سليمان وآخرون ,, وسأسرد بعض الأحداث والقصص والأسماء بعفوية وحسن نية , وقد نبهني بعض الأقران ومن عاشو معي تلك الفترة بحساسية بعض الأحداث والقصص التي اوردتها والأسماء والكنى وإحتمال ان تفهم بطريقة أخرى لا تتوافق مع الغرض لهذا التوثيق التاريخي , فقمت بحذف بعض القصص والأحداث والأسماء وإزالة بعض الكنى وما يمكن ان يفهم منه التنقيص والذم, ومن تابع هذه السلسلة التي سأطرحها هنا يمكنه التواصل معي على البريد الظاهر بنهاية هذه المقالة او الفاكس للتصحيح أو الإضافات (( صندوق بريد 3354 الرياض 11211, ,, فاكس 01-4427858
Alkhodairy63@hotmail.com
حلة القصمان هي منطقة او حي من احياء مدينة الرياض القديمة الشهيرة بسكنى أهالي القصيم فيها حينما يقدمون إلى الرياض طلباًُ للرزق, بعد توحيد المملكة من عام 1355 هجريةحتى 1395 هجرية (وبعد 1395 هجرية تفرق القصمان إلى احياء أخرى كما سيأتي تفصيل ذلك لاحقاً ) ووكانت تكتب " حلة القصمان في الصكوك القديمة والوثائق وتصريح البناء من البلدية حتى تغّير اسم حلة القصمان لاحقاً إلى حي المرقب( في 1397 هجرية تقريباً) , , وكان الحي عبارة عن بيوت طينية ذات اسقفغ مبنية من الخشب إما خشب الأثل الغير متناسق ولكنه يحمل السقف من فوقه بطريقة هندسية , او المرابيع(وهي اخشاب طويلة مستطيلة الشكل ومنسقة بطريقة مربعة السماكة و, ويتم صفها على الأسقف وبين كل مربوعة وأخرى حوالي نصف متر ثم يتم مد الجريد (سعف النخل فوقها بطريقة متعارضة لكي تمنع تساقط الطين الذي يبنى فوقها ثم يتم مد بعض الحصير زيادة في العزل وقد يضع البعض قماش الخام لتغطية تلك الأسقف لتزيين الشكل وتغطية الفجوات التي غالباً ما تمتليء بانواع الحشرات والزواحف مثل الوزغ (يسمى شعبياً بالقصيم "البعرصي" او بلهجة اهل الرياض "الضاطور" ) ومنهم من يزّين بيته بالجبس ( الجص ) ويضع اشكال جمالية في اسفل الجدار او أعلاه ,,
ولم يكن في حلة القصمان أي بيت مبني من الخرسانة قبل 1390 هجرية سوى مدرسة القادسية الإبتدائية , وكانت حلة القصمان عبارة عن حارات يتجمع في كل حارة مجموعة من الأقارب او على الأقل اهل منطقة واحدة او قرية واحدة ,فهناك جهة لأهالي بريدة , وجهة منها لأهالي البكيرية , وجهة لأهالي الشماسية(شرق مسجد عمر بن ظاهر,) وجهة لأهالي الرس, وهكذا ,, وكان معظم أهالي حلة القصمان يعملون بالتجارة او البناء , وكان البناء آنذاك بالطين وخشب الأثل والتبن والتزيين بالجبس ( الجص ) , وكان الأغلبية يعملون لدى مقاول الملك عبدالعزيز لبناء قصور المربّع وهو الشيخ ابن قباع رحمه الله , وكان العمال ينقسمون إلى فئات , منهم الأستاذ (الأستاد) وهو معلم البناء وهو الذي يضع اللبنة في مكانها ويقوم بالوزن والضبط وامور هندسة البناء وتصميمه, وعمال البناء وعمال خلط وتجهيز خلطة الطين , وعمال لنقل المحافر (وهي أوعية جلدية ثم صارت بلاستيكية بعد غلاء الجلد *) وضعيف البنية منهم والصغير والطفل كان دوره فقط وضع كمية من الرماد في اسفل المحفر (الوعاء ) قبل وضع الطين لكي لا يلتصق الطين بالوعاء(المحفر) ثم يصعب تفريغه لأن الطين يلتصق بالأوعية, ,وكان والدي ضمن العاملين تحت إدارة ابن قباع من عام 1370 , وكان بناء قصور المربع من اضخم المشاريع آنذاك بعد إكتمال توحيد المملكة,
---------------------
الجمعة,1,رجب,1432 الموافق 03,حزيران (يونيو),2011
وتبدأ ذكرياتي في حلة القصمان الجديدة شمال مقبرة حلة القصمان (بعد هدم ونزع ملكية حلة القصمان القديمة أو الأولى التي كانت حنوب مقبرة حلة القصمان ) في العام 1389- 1388 هجرية عندما دخلت مدرسة القادسية الإبتدائية كطالب في الصف الأول مرافقاً لأخي الأكبر ابراهيم ,ولم تكن امور القبول معقدة ولا تحتاج إلى أي اثباتات او تعبئة اوراق ,فقد امسك بيدي اخي ابراهيم وبرفقة الوالد يرحمه الله ودخلنا المدرسة وطلب والدي من المدير تسجيلي , ثم تم بعد بعدة اشهر ذلك التسجيل الرسمي, , والدراسة آنذاك طويلة حيث لا يوجد فصل آول ولا فصل ثاني , ويتم ألإختبار في كل المنهج في نهاية العام مرة واحدة , ومدرسة القادسية الإبتدائية في حلة القصمان عبارة عن مبنى رئيسي من الخرسانة (يسمى مسّلح ) وبها ساحتين صغيرتين يطل عليهما الفصول الدراسية من الدور الثاني ,ثم مبنى آخر غير متناسق في الغرب وموحش , ولا يوجد ملعب لكرة القدم او ساحة للرياضة فتم إلحاق منطقة جبلية تقع خلف المدرسة تم اعدادها لتكون ملعباً للطلاب , ويوجد بهذا الملعب منعطفات ومرتفعات جبلية حتى ان الواقف في طرف الملعب لا يرى الطالب الواقف على الطرف الآخر لكثرة المرتفعات الجبلية’ وتكثر الإصابات الرياضية بسبب الصخور والمرتفعات وصلابة الأرض , وكان أستاذ الرياضة آنذاك الأستاذ حمد العيوني , وكان يتألم حينما نقع بين الصخور وطالما نقل شكوانا لمدير المدرسة ,, , وقد الحق بالمدرسة مباني أخرى بجوارها لكي تستوعب الطلاب ومنها مبنى بالجهة الغربية ندخل اليه عبر دهاليز وسراديب مخيفة, وبعض الفصول تبدو وكأنهها منحوتة بداخل الجبال ,وترى الرطوبة وتسرب بعض المياه من جوانب الجدران الغربية للمبنى الملحق بالمدرسة , وكانت مخيفة وذات رائحة كريهة قد تكون بسبب تسرب مياه المجاري من البيوت المحيطة بالمدرسة,, وكانت دورات المياه قبيحة ومليئة بالبول والفضلات وكأنها دورات مياه سجن ( رغم انني لم ارى دورات مياه السجن ولكن حسب السماع والوصف من الروايات), ومن الاساتذة الذين اذكرهم الأستاذ كوجان من سوريا ,ومصطفى كمال من السودان, والأستاذ مبروك من مصر,وكانت الإدارة سعودية وبعض معلمي الفقه والتوحيد والقرآن وكذلك معلم الرياضة الذي كان يتصيد اللاعبين لتسجيلهم بألاندية, وأذكر إن لم تخنني الذاكرة ان ميوله هلالية ؟؟ وكان معظم المعلمين آنذاك من الدول العربية , وقليل جداً من السعوديين, وكانت المدرسة بمجملها مصممه بتصميم متواضع ,ويباع بالمقصف قطعة من الكيك بقرشين وزجاجة الكولا بقرشين , (وكانت الفسحة المدرسية المخصصة لنا اربعة قروش فقط , وبعض الطلاب قد لايتمكن من إحضار أي قرش فيستطعم من زملائه بطريقة ودية غير مستنكرة او يقول له ( تبقي لي ؟ ) أي ارجو وان تترك لي بعض الطعام او بقية الطعام), وبعض الطلاب ينتظر حتى تنتهي الفسحة فيتجول في الساحة ليأخذ بقايا الكيك اوبقايا الساندوتشات ليأكلها من بعد زملائه ولم يكن ذلك مستغرباً آنذاك فالأحوال المادية للجميع لم تكن جيدة ) ,( والساندويتشات كان يأتي بها ابناء الأجانب من الشوام والمصريين آنذاك لأن احوالهم المادية كانت جيدة حيث ان ابائهم معلمين او اطباء )
وخارج مدرسة القادسية الإبتدائية في حلة القصمان يصطف الباعة المتجولين من ابناء اليمن وبعض السعوديين والسعوديات لبيع البليلة وبعض المأكولات الشعبية والملابس المستعملة وكأنه سوق يوم الجمعة .., وبجوار المدرسة من الجهة الشرقية وبجوار بيت الزميع مخبز للكيك نمر عليه ونستمتع برائحة الكيك ,وكان للجميع نشاط تجاري إما على شكل مبسط صغير او (بسطة ) داخل البيت ؟ او يبيع البليلة او الإيسكريم من داخل بيته وهو عبارة عن مشروب التوت المثلج,, وندخل البيوت ببساطة لنشتري او نطلب من والدتهم زيارة امي او الحضور للتوليد ( حيث ان معظم نساء الحي يعملن تطوعاً كقابلات او في الطب الشعبي ) وهناك من إشتهرت بالخدمة المجانية وحب الأجر والتطّوع الخيري في علاج النساء او توليدهن مثل ( السّندية نسبة إلى عائلتها ؟ او قد يكون بلدها ؟ ) ومثل ام سارة ويسمونها الزلفاوية (لأنها الوحيدة من أهالي الزلفي في حلة القصمان , لذا يكفي لقب الزلفاوية لتعريفها ) وكانت الأسر القريبة من تلك المدرسة هي من الأسر القصيمية ولذلك سمي ذلك الحي : " حلة القصمان ", ومن تلك الاسر التي أذكرها في أواخر الف وثلاثمائة وثمانين الهجرية : الحصيني وجمعها (الحصنان) , من أهالي الشقة وهم عوائل كثر يسكنون غرب المدرسة وشرق سوق حلة القصمان ولكل عائلة اسم فني او كنية أو لقب يتميزون به , سواء بإسم التصغير للأب او اسم آخر , فهناك عائلة (العبيّيد, والعباد ( ومنهم الدكتور سليمان الحصيني "العباد" رئيس قسم العناية المركزة بمستشفى الملك فيصل التخصصي الآن )والدحيم و وهكذا , ومن تلك العوائل التي تسكن شرق السوق : النغيمشي وكان ابوهم يبيع الأقمشة ,والمهوّس وكانو يعملون في تجارة الأقمشة , وهم ثلاث عوائل والحوشان والبهيجان والسيف والشلاش والصلال,, والمزيني والعيشان ( من عائلة السنيدي ) واليعيش والجربوع والقفاري والعليان ,والعوّيد (أذكر ان من ابنائهم إثنين توأم او قريبين من بعضهم بالعمر ؟ ذهبو لأمريكا ايام السبعينات الميلادية ثم إنقطعت اخبارهم نهائياً, والذي جعلني أتذكرهم هو تميّزهم العلمي آنذاك وكانو (ما شاء الله عليهم) يشتهرون بالإبداع العلمي والنجاح الدراسي وكانو مثلاً للجميع و يساعدوننا في الإستذكار اثناء إجتماعنا نحن وبعض ابناء حلة القصمان في مسجد الغماس للمذاكرة قبل الإختبارات بأسابيع, وبالذات في مادة الجبر والهندسة والحساب ( قبل الرياضيات الحديثة كانت ثلاث مواد ) ,وقد شاع وقتها تجمع ابناء الحي للمذاكرة بالمسجد كما كان الكثير يفعل آنذاك, ) ومن العوائل الشهيرة :الحبيّب والجبر والبهيجان والشريدة ,والرميح والوسيدي واليوسف (اليوسف من الشماسية واليوسف من بريده عائلتين عائلة بريده منهم المهندس ابراهيم اليوسف في شركة الدوائية الآن وسليمان وعبدالله ), ومن عوائل عنيزة : البهيجان والحبردي والسليم والطريف الخشيبان والسلامة (جنوب مسجد عمر الظاهر ) والزغيبي وأهالي الشماسية يسكنون شرق مسجد عمر الظاهر ومنهم الفوزان (ومنهم الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء ) والسنيدي ,والمطرودي والحماد, اما عوائل اهالي الزلفي وسدير فيسكنون في الغالب جنوب وشمال مدرسة القادسية الإبتدائية ومنهم الأحيدب والعليان و الحبيش, والعقيل ,والفوزان (الفوزان ثلاث عوائل: فوزان الزلفي وفوزان الشماسية وفوزان بريدة ,) وهناك الفهاد والمسند والعيدي ؟ وهناك عوائل من غير القصيم مثل العجمي والخنبشي فقط أذكر عائلتين وسط حلة القصمان , , وكان في حلة القصمان رجال أفاضل لهم ادوار إجتماعية في مساعدة الآخرين وإستقبال القادمين وترتيب سكنهم ومساعدة المحتاجين للسفر او للسكنى , وأذكر منهم المقيطيب ( وكان رجلاً فاضلاً من اطيب الناس ويدير مواقف السيارات التي تنقل المسافرين الى خارج الرياض ويسمى الموقع ( الأستيشن- المحطة ) ويقف فيه سائقي الأجرة الذين ينقلون بين المدن , وكان ابنائه يساعدونه لتنظيم السير , وغالباً ما تقع مضاربات بالأستيشن بسبب دخول بعض السائقين مكان سائق آخر وتجاوز( السرى) أو الترتيب والصف الذي تقف فيه السيارات إنتظاراً لدورها في النقل , وكان له ابناء رجال و يتدخلون بالقوة إن لزم الأمر لتنظيم وترتيب السيارات بالصف , وكان منهم ابراهيم المقيطيب المسمى ـبو هريرة, وكان عمر الظاهر وغانم السماعيل لهما ادوار في الأعمال الإجتماعية
إنتقل والدي من بريده للسكن بالرياض نهائياً عام 1381 هجرية ,بعد أن أمضى تسع سنوات وهو يتردد بين الرياض وبريدة تاركاً زوجته وأطفاله في بريدة حتى بنى له بيتاً من الطين بمساعدة أستاذ البناء بالطين آنذاك " ابو عليان " ثم احضر الأسرة للرياض عام 1381 وبدأت حياتي منذ ولدت 1383 هجرية حتى بلغت السادسة من عمري في حلة القصمان الولى التي تم نزع ملكيتها عام 1988 هجرية, وكنا في بيت مجاور للفوال ابودحدح , وهو العم سالم بادحدج الذي كان له مكان كبير وحوش مجاور له لنشر وتغسيل وتجفيف الفول اثناء التحضير , وكنا نسكن في بيت مجاور للفوال بالضبط حيث يقع في الجهة الغربية من منزلنا, وكنا نصعد من فوق السطح لكي نشاهد ابناء بادحدح وهم يقومون بتجهيز الفول خلف الكواليس ومن ثم يتم نقل جرار الفول إلى مقدمة المبنى حيث يتجمع الناس لشراء الفول وكل شخص معه إنائه الخاص فيقومون بصف الآنية أمام المحل من بعد صلاة الفجر ثم يأتي العم سالم بادحدح بعد الصلاة وياخذ تلك ألاولني واحد وراء الآخر حسب الترتيب والصف ويسأل بصوت عالٍ: من ذا فوله ؟؟ لكي يعرف من هو صاحب الإناء .ويرد صاحب الإناء انا !! أو يقول فلان , ثم يسأله بادحدج بكم تريد ؟ هل تريد سمن ؟ ... ...
وهذه المنطقة التي بها منزلنا والفوال كانت تقع جنوب مقبرة حلة القصمان وهي مجاورة للسوق من الجهة الشرقية للسوق , ويقرب منها دكاكين النجارة ,وقد حدث فيها بعض التعديلات البلدية في عام 1388 هجرية فتم تثمينها ونزع ملكية المباني وتم هدم تلك المنازل وإنتقلنا للجهة الشمالية من المقبرة في منزل جديد إشتراه والدي بقيمة التثمين , اما بيوتنا القديمة فقد قام في مكانها سوق تجاري مبني من الخرسانة بحيث كانت البلدية تريد تحديث السوق العشوائي ولكن للأسف لم ينجح ذلك وبقي سوق حلة القصمان مغلقاً ومكاناً للقطط والنفايات لمدة عشرين سنة بعد بنائه ثم تم تشغيله ليكون سوقاً للحوم ثم فشل مرة اخرى وقد سمعت انه تم هدمه قبل خمس سنوات وبني مكانه سوق ثالث ,
----------
الاثنين,11,رجب,1432 الموافق 13,حزيران (يونيو),2011
وأتذكر من الجيران الأعزاء عائلة الشيخ الفاضل الحنون ذو القلب الرحيم صالح العثيم يرحمه الله , وابنائه محمد يرحمه الله وثم عبدالله وعبدالعزيز واحمد وسليمان ...وبقيتهم ,, وقد جاورونا مرتين في حلة القصمان القديمة لمدة سبع سنوات قبل نزع الملكية في عام 1388 ثم في الملز مرة اخرى وهو ما سمي ملز القصمان فيما بعد وهو امتداد شارع صيته نحو الشرق ( وسيأتي تفاصيله لاحقاً حين الحديث عن رحيل القصمان من حلة القصمان وتفرقهم بعد طفرة عام 1398 هجرية الى عدة احيا بالرياض كالملز والخالدية)
وكنا نستمتع ونحن اطفال بالهروب من المنزل ظهراً بعد نوم الأباء بعد ان إنكسر حاجز حمار القايلة – او حصان القايلة الوهمي الذي كانو يخوفننا منه ,(كان الأباء يقولون لنا: إذا خرجت من البيت بعد صلاة الظهر يأتي حمار القايلة او حصان القايلة ويأكلك , لتخويفنا ومنعنا من الخروج بين الظهر والعصر لأنه وقت نوم وراحة وتخلو الشوارع ويكون مخيف وغير آمن ) , وكانت المتعة بالتمرد على الوالدين !! والعناد عند خروجنا من المنزل بين الظهر والعصر بالدوران حول أزيار اليوسف , او مشاهدة بعض الأولاد وهم يلعبون الورق و(العكوس: صور ابطال الكاوبوي مثل هوص وآدم وروي روجرز,) او لعب المصاقيل (وهي البراجون وهي كرة زجاجية صغيرة ندفعها بالأصبعبن لتقع داخل حفرة , ..) او التجول بين المحلات المغلقة وأذكر انه في احد الأيام رأينا عبدالله الصالح العثيم (رجل الأعمال العصامي المعروف حالياً وكان وقتها شاباً لم يصل العشرين) هو والعمال اليمنيين وهم يقومون بتنزيل بضاعة المواد الغذائية في دكان والده صالح العثيم بين الظهر والعصر , وينزلون البضاعة كاملة من على ظهر التريلة الناقلة وهم يتنافسون ويغنون الأغاني العدنية واليمانية التشجيعية بينهم ويتقاذفون بعض الكراتين بطريقة إحترافية (اربعة شلو الجمل والجمل ماشّلهم ) , فيقومون بإنزال حمولة تريلة كاملة في دكان العثيم للمواد الغذائية بين صلاتي الظهر والعصر قبل إزدحام السوق , لأن السوق شبه مغلق بين الظهر والعصر , وكان الأخ عبدالله العثيم يقوم بتشجيع العمال اليمنيين حينما يتكاسلون او يرهقون بشراء علب الكولا لهم والتضاحك معهم وإستحثاثهم وكان يشاركهم بنفسه في ذلك الجهد (التحميل او تنزيل البضاعة), ونحن صغاراً نتفرج على ذلك المنظر المدهش , وقد نحضى بسقوط كرتون أو إنفتاح كيس فتنتثر محتوياته فيقوم عبدالله العثيم بتوزيعه على الأطفال الحاضرين فيحملونه في حجورهم (وسط الثوب ( ثم ينطلقون لبيوتهم,,) وأحياناً يرسلنا عبدالله العثيم لجلب الماء او الكولا مع مكافأة مجزية لمن يقوم بذلك من الأطفال .وأذكر ان احد الأطفال كان من نصيبه علبة بازلاء , فلحقنا به وفتحنا العلبة ولم نعرف محتواها وأحترنا ماذا نفعل بها ؟ هل هي تطبخ او تؤكل هكذا لأنه لم يكن البازلاء مشتهراً آنذاك , وحسم الأمر بالإتجاه نحو بيت ابو شكيم وهو من المعلمين الذين قدمو من الشام ويسكن قريباً منا وخرج إلينا ابنه ماهر وأخبرنا ماهي البازلاء وأنها من انواع الخضار ويتم طبخها بالماء ورغم ذلك لم نقتنع بها ولم نستسغ الطعم.
ومن الجيران الأعزاء ابناء الشلاش ( ملاك دار الأركان حالياً )(ابو شلاش تحدث عنه الأخوة ودكانه المشهور ) و ابناء حمود الحوشان( ابراهيم يرحمه الله وحمد وعبدالرحمن وفهد ويوسف ... وهم لا يزالون أوفياء للجيرة والصداقة ووالدتهم الغالية ( جبهانه ) يرحمها الله وما تقوم به من تشجيع لنا وحنان وعطف منقطع النظير ولا يستغرب ذلك , فالأمهات عموماً في حلة القصمان كلهن كأنهن أمهاتنا وكثيراً ما ترضع احداهن بعض اولاد الجيران ,والإرضاع منتشر آنذاك وتجد من ترضع ثلاثة او اربعة من ابناء جيراننا , ونحب الأمهات ونعتبرهن امهاتنا فندخل البيوت ونتناول بعض الأكل ونفتعل بعض القصص والمطالب لكي نبرر دخولنا على بيوتهن عندما نشم رائحة الطبخ او القرصان ونفتعل بعض الأشياء مثل : تسلم عليك امي واقول عندك ابرة ؟ او عندك ملح ؟أو ليش نسيتو نعالكم عندنا ؟؟ اوما يشابه ذلك فتفهم تلك الخالة الغرض فتقول : تعال ياوليدي وخذ لك هالقرص (من القرصان ) او خذ هالخبزة وخذ الأبرة مع القرص او الخبزة, ولا تسمع منهن سوى: يا " جنيني " وهي كلمة تدل على الحنان مأخوذة من الجنين في بطن امه , , وكلمة يا وليدي , ويا حبيب قلبي, سلم لي على امك وقلها هذا من فلانة. وقل لها لاتنسوننا من الكليجا اللي جاكم من القصيم امس ))) وكان الجميع يتواصولن وكل يهدي للآخر مما لديه ( يطعم جيرانه ) أي يهدي إليهم بعض مما استطاع شراؤه سواء اللحم او الخضار أو حتى المأكولات مثل الجريش والقرصان والمرقوق فيتم غرف كمية مناسبة ووضعها في قدر صغير ثم ترسلنا الوالدة لإهدائها للجيران , و لاننسى رمضان ولياليه الجميلة وسهراته ومأكولاته البديعة , فتشم رائحة الأكل الشهي في كافة انحاء الحارة (رائحة الكشنة والمرقوق والمطازيز والجريش ), وفي رمضان وقبيل الإفطار يتم تبادل تلك المأكولات بين الجيران بصورة ملفتة للنظر , فتجدنا نسرع لإيصال إناء اللقيمات للجيران لكي يعيدون إناءنا وبه شيء آخر من المأكولات , وغالباً ما تقول لك سيدة المنزل : اصبر شوي يا وليدي اعيد لك الإناء ( وبالطبع لا يمكن ان يعاد الإناء فارغ بل يضعون فيه ما تبدع به بناتهم من مأكولات رمضانية او حتى في غير رمضان , سمبوسة او لقيمات او شوي جريش, او مرقوق , او حتى خبز بر من مخبوزات البيت , ولا انسى اننا مرة جائتنا بنت صغيرة من جيراننا اهل الزلفي ومعها اناء وقالت تقول امي خذ هالقبابيط معك لأمك ولم نعرف ماهي القبابيط فضحكنا عليها وخجلت وهربت ورمت الإناء على الأرض وذهبنا نكتشف ما هي القبابيط ( وبالتالي اكتشفنا انها المطازيز )
لم يكن الماء متوفراً وكان هناك صعوبة شديدة في الحصول عليه , وكان هناك تمديدات ومواسير تدخل بعض البيوت او كل البيوت ولكن الماء لا يأتي من تلك المواسير إلا مرة بالشهر؟ او مرتين بالشهر , وبقية الايام نقوم بما يسمى التروية ,( جلب الماء ) وهي جلب الماء من حنفية كبيرة للماء أنشأتها البلدية في وسط الحلة وتشبه ما نراه بالأفلام في بعض القرى الهندية والأفريقية حيث يتجمع الناس للحصول على الماء كلما جاء موعد تدفق الماء , وكانت هذه الحنفية الحكومية بجوار بقالة العم عبدالقادر وغالباً ما تكون بدون ماء , وإذا انقطع الماء من بيوتنا نذهب الى بيوت الجيران الذين لديهم خزان اكبر , او نقوم بجلب الماء من وايتات البلدية التي تتكرم علينا مرة كل يومين او ثلاثة بعد إشتداد العطش ونقص الماء , فنصطف جميعنا وكل واحد منا يحمل الوعاء الذي يستطيع حمله إذا امتلأ بالماء ,وغالباً ما تحدث مضاربات بين المنتظرين لقدوم الماء بسبب تقدم احدهم على الآخرين في الدوراو خط الإنتظار او ((يسمى شعبياً: السرى , أو الزام )) وغالباً ما نحمل الماء بواسطة القدور والأوعية التي نستطيع حملها سواء من البلاستيك او من المعدن (سطل) او أي شيء يمكن حمله وتعبئته بالماء ثم ننقله للبيوت ونقوم بتخزينه في توانكي كبيرة او براميل شبيهة ببراميل الزيت الكبيرة او براميل الكيروسين, , وقد يتحول لون الماء إلى لون احمر بسبب الصدأ وبالتحديد حينما يتوقف تدفق الماء من المواسير لعدة ايام فتصدأ تلك المواسير ( الأنابيب ) ثم يأتي الماء ويجلب معه صدأ الحديد ذو اللون الأحمر , ومن الطرائف انه حصل في احد الأيام ان جاء الماء عبر مواسير او انابيب البلدية , مما جعل الماء يأتي أحمراً عبر الصنبور بسبب الصدأ فصرخت اركض لوالدتي وانا اقول :" يمه بزبوزنا يصب دم" .... " بزبوزنا يصب دم " المقصود بالبزبوز باللهجة القصيمية الصنبور او الحنفيه ,, , , وفي البيوت يتم تخزين الماء في براميل او توانكي نرى فيها الصدأ والعلق(العلق هو جمع علقة وهي يرقات حشرية التي تفقس من بيوض البعوض ) وكل انواع التلوّث سواء الكيميائي بالصدأ او الميكروبي ,,,
كان الجميع في حلة القصمان من الصغار والكبار جادين ويعملون بجد وإجتهاد, ولا تجد الكسول, فمع أذان الفجر بصوت رخيم من مسجد الغماس او مسجد عمر الظاهر ,يصل صوت الأذان للجميع لأن الجميع ينامون في السطوح , ولا يوجد ما يشوّش او يضيّع سماع الأذان, فلا توجد مكيفات مزعجة ولا سيارات وأبواق , فالهدؤ يخيم على المكان, فينهض النساء والأطفال والرجال مع الأذان , ويتجه الأباء والأولاد للصلاة في المسجد ,ويصلي النساء والبنات في البيوت, وبعد العودة من المسجد يتم تقسيم العمل, فالأبن فلان يذهب للخباز لإحضار الخبز,والبنت فلانه تقوم بتجهيز القهوة والإفطار,(وهناك شلل من الأطفال والكبار يجتمعون حول المقبرة للعب الكرة بعد الفجر بالأخص في رمضان , ويشعلون النار للتدفئة ) وفي الصيف او وقت الدراسة في الشتاء نجلس في فترة الإفطارحول المائدة او موقد النار نتضاحك وندير الأحاديث بنشاط ,ولا يقطعها سوى صوت جهوري قاسي وشديد لأبي متروك بائع النعناع والكراث ( نعناع .... كراث .... نعناع ... كراث ,,, )وقد يكون ابو متروك قد ادخل النعناع مع تجارة الكراث لكي لا يعاب عليه بيع الكراث , فنخرج جميعاً لرؤية المشهد , فأبي متروك يجر عربة خشبية مسطّحة الشكل وعليها أكوام من النعناع والكراث وبعض الخضار والفلفل والليمون حسب حمولة تلك العربة وقدرته على دفعها , وإليكم المنظر الرائع , فهذه ام ابراهيم تشتري الكراث إستعداداً لإجتماع نساء حلة القصمان عندها بالبيت بعدما يتفرق الأطفال نحو مدارسهم , وذاك ابو صالح يشتري بعض الخضار من تلك العربة واما ابو سليمان فيشتري ثم يطلب من ابو متروك فحص الأبناء وعلاجهم, وكان ابو متروك يرحمه الله طبيباً شعبياً أيضاً , فهو يداوي ويصف بعض الأدوية , وكان قد إشتهر في تلك الفترة مرض جلدي نسميه الحزاة , وقد علمت فيما بعد انه مرض فطري جلدي يشبه البهاق ولكنه يتقرح ويسبب جروح وتقشر جلدي , وكان ابو متروك يداوي تلك القروح ( الحزاة ) برسم دائرة على الحزاة من قلم ملوّن يحمله ويحكم رسم الدائرة او الحلقة حتى يحاصر الحزاة داخل تلك الدائرة ثم يقوم بكتابة بعض الأيات داخل تلك الدائرة بنفس القلم والذي علمت فيما بعد ( بعد دراسة منهج ومادة الفطريات والأمراض الجلدية )انه قد يكون قلم طبي يطلق مادة اليود !!! واليود لا يزال حتى الآن علاج فعال ضد الفطريات الجلدية , فمن عّلم ابو متروك ؟ ومن اين اتى بذلك القلم الطبي الذي قد يكون معبأ باليود ؟؟؟أم أنه الحبر العادي ؟ ولكنه سام على الفطريات الجلدية ؟؟؟ وكانت طريقته ناجحة , فترى الأطفال قد أصطفوا حينما يدخل ابو متروك الحلة عارضين ايديهم المتقرحة او ارجلهم او اعضاء اخرى , وقد يدخل لبعض البيوت لمعالجة بعض البنات , وبعد عدة ايام تبرأ تلك القروح الفطرية ,, وكان يطلب ممن رسم على يده ان لا يلمس الماء ولا يغسلها حتى تشفى, ,,, ومن المعالجين الشعبيين الصمعاني ( وهو لايزال على قيد الحياة ولكنه كبير جداً بالسن ) ويقوم ابنه ناصر الصمعاني الآن بالتطبيب بنفس الطريقة , وهي الطب بالكي ,, والفوال ابودحدح ايضاً كان رجلاً زاهداً ويقرأ الرقية الشرعية على الناس مجاناً وكان مباركاً وشفي على يديه الكثير من الناس ,, وبعد ان تم هدم الحارة التي اشتهر بها كفوال تفرغ للزهد والرقية وإحتساب الأجر للقرآءة على الناس
لم يكن هناك أي تكييف او مكيفات سوى المراوح السقفية , وكنا من شدة الحر بالصيف ظهراً نقوم بترطيب الشراشف بالماء ثم نلفها على أجسادنا ثم ننام تحت المراوح ,وفي المساء قبيل الغروب نصعد جميعاً للأسطح ( سطح المنزل ونسميه باللهجة القصيمية " الطاية " ) ونقوم برش ارضيات وجدران الأسطح بالماء لكي تكتسب البرودة , ولا يزال في أنفي رائحة الطين حينما يمتزج بالماء قبل الغروب , ثم نقوم بعدها بنصف ساعة بفرش الفرش التي تكون قد تم لفها صباحاُ من نفس المكان ووضعها في غرفة بالسطح او تحت المعشاش ( او العشة ) وهي سقف من الخشب او الشينكو في طرف السطح ,وأحياناً يكون السطح مقّسم الى عدة اقسام , وننام مبكراً بعد صلاة العشاء مباشرة , وقد نتأخر إذا اتانا ضيف او نتسامر ونستمع للقصص والسواليف المخيفة من روايات و أساطير شعبية ,ونسمع ونحن بالسطح كل ما يجري بالحي من اصوات وأضوات القطط والكلاب في المقبرة المجاورة او اسفل الحي حيث تتجمع القمامة , ووألاصوات واضحة وهادئة بحيث انه لا يوجد مكيفات ولا سيارات ولا إزعاج فإننا لا نسمع سوى صوت التلفاز الوحيد في الحي في سطح بيت الفضل , وغالباً ما نسمع قرقعة قوارير الكولا وبعض الأشخاص يحملها إلى منزله للإستمتاع بشرب الكولا اثناء السهر في تلك الأسطح , فنركض نحو الكوّة او ( الدريشة ) وهي النافذة لكي نرى من هم المحظوظين لهذا اليوم الذين يشترون الكولا وقد نشتري نحن الكولا ولكن في مناسبات قليلة وتكثر هذه العادة الليلية الصيفية لشراء الكولا حينما يزورنا العم صالح قادماً من القصيم لشراء بضائع من مواد البناء(حيث كان له محل مواد بناء في شارع الصناعة ببريده حتى وقت قريب ) وكان يهدي لنا الكولا فنسهر عليها عند قدومه ويعطينا اخبار القصيم والجدة حصة ... فأرتبطت زجاجات الكولا بقدوم العم صالح ,, أونشتريها بالقطة (أي كل واحد يدفع جزء من القيمة ) ينام عندنا بعض الضيوف القادمين من القصيم او قصمان يأتون من احياء اخرى (كالشميسي ومنفوحة حيث كان بها قلة من اقاربنا من اهل القصيم ),فيكون الإحتفال بشراء البيبسي والكولا والسهر فوق الأسطح الهادئة وتداول السواليف ,,, والأسطح لها مذاق خاص قبل هجوم المكيفات عليها وعلى البيئة العامة, ففيها البرد القارس حتى في الصيف الشديد حيث نلجأ أحيناً للإغطية بسبب البرد , وقد قال الشاعر عن ليالي صيف نجد (( ألم ترى ان الليل يقصر طوله ::::::: بنجد وتزداد الرياح به برداً ؟؟))) فكان السطح والبرد متلازمين حتى في الصيف , ولا شيء الذ من تقطيع الحبحب (الجح ) فوق السطوح والسمر بتناول الحبحب ثم النوم ,,, وغالباً ما يكون السطح اقسام مفصولة
-----------
الأحد,24,رجب,1432 الموافق 26,حزيران (يونيو),2011
وأذكر من تلك المشاريع التي غيرت وجه الرياض انه كانت هناك منطقة تسمى القلعة , جنوب حلة القصمان الأولى والساسية التي تقع جنوب جامع حلة القصمان وبالتحديد جنوب غرب المقبرة وقد تم تفجيرها بالديناميت عام 1389 هجرية ليقوم مكانها مشروع تجاري , ومواقف سيارات متعددة الأدوار فيما بعد, وكنا ونحن اطفال ننطلق لمشاهدة طريقة التفجير التي تتم بطريقة عشوائية وغير آمنة, ونقف غير بعيد من تلك التفجيرات مندهشين من قوتها وشدة التفجير , وكنا لا نبتعد كثيراً عن مكان التفجير مما تسبب في إلحاق الأذي ببعض الأطفال ومنهم بعض جيراننا من جراء الحجارة المتطايرة والتي تتساقط على رؤسنا , او تنطلق بطريقة أفقية لتصيب من حولها, والأخطر من ذلك أننا نتسابق لتجميع أسلاك الكهرباء التاي استخدمت بالتفجير لكي نبيعها على تجار النحاس , وقد يكون جزء من تلك الديناميت لم ينفجر بعد فيندفع الأطفال فينفجر اثناء دخولهم منطقة التفجير ... , وبمناسبة ذكر النحاس وبيع النحاس : كان الباعة المتجولين من اليمن فقط وبعض السعوديين وهم قلة ويتجولون بين البيوت ويصرخون بصوت عالي : من عنده نحاس (من عنده صفر ) ؟ او من عنده زري (وهو شريط لامع يتم تزيين ملابس النساء بها ثناء الخياطة ) وهناك من يتجول بعربة يجرها الحمار وعليها برميل من براميل النفط موضوع بطريقة افقية فوق العربة التي يجرها الحمار ويبيع فيه القاز (الكيروسين ) الذي يستخدم كثيراً في الطبخ (للدوافير وهي جمع دافور وهو موقد يعمل على القاز :الكيروسين) وكذلك يستخدم الكيروسين للإضاءة لأن الكهرباء تنطفيء كثيراً,وهناك من يبيع القماش ويتجول بين البيوت وحتى بعض النساء تتجول بين البيوت في اوساط النساء لتبيع اشياء تحتاجها المرأة من طب شعبي وبهارات وأعشاب وملابس ... الخ, وهناك من يتجول ليشتري أي معدن فلا تسمع حين الهدؤ والقيلولة إلا بعض المزعجين من المتجولين صائحاً بأعلى صوته :من عنده صفر (وهو النحاس ) , او : من عنده زري ,,....
كان العاملين من ابناء الدول العربية الأخرى (مصر والشام ) يأتون فقط للتعليم او للتطبيب , وكان هناك مشروع اسمه " العماير لتسكين هؤلاء المعلمين وكان في بداية شارع الخزان من الجهة الغربية منطلقاً من البطحاء متجهاً لمستشفى الشميسي (الإمام فيصل بن تركي حالياً ), وكان هناك مشروع عماير آخر شمال شرق الرياض في بداية شارع الستين قريب من جبل ابو مخروق ( طريق صلاح الدين حالياً )وكل المنطقة التي حوله صحراء قاحلة وبيداء موحشة ينتهي فيها الرياض , ولا يسكن في تلك العماير سوى الأجانب ,
, وكان هناك منطقة شمال المقبرة في بداية السوق الصغير تضللها الأشجار الكثيفة وبجوار منزل اليوسف ( يسمونهم اليوسف الوشذا للتفريق بين ثلاث عوائل بإسم اليوسف كلهم من القصيم ( اليوسف من الشماسية , و من بريدة يسمون الوشذا , واليوسف من بريده ايضاً يسمونهم اليوسف العدل ) ؟؟ المهم انه كان امام بيت اليوسف شجرة كبيرة قام اليوسف واهل الخير بصف مجموعة من الأزيار ( جمع زير ) أمام بيته في ساحة سوق "حلة القصمان " و الزير هو إناء فخاري قائم اعلاه مفتوح واسفله مغلق يوضع به الماء فيجعله بارداً وصافياً وله طعم مميز , وكان هناك بعض القرب ( جمع قربة ) وهي آنية مصنوعة من جلود الأغنام والماعز بعد دباغتها وتجهيزها وإغلاق فتحاتها فلا يتسرب منها الماء وتملأ بالماء فيصبح بارداً وله طهم آخر مميز, وكانت القرب معلقة بجوار الأزيار في تلك الساحة وكل من دخل السوق يشرب منها , ويقوم عليها بعض المحتسبين وأهل الخير إما على شكل وقف او صدقة جارية او بصفة مؤقتة (في الصيف القائض ) بحيث يشترونها ويتابعون ملأها بالماء وتنظيفها وترميمها , وقد يعرف كل زير او قربة بإسم صاحبها او اوقفها وكنا صغاراً نمر بقربها وقد نشرب او نعبث بها فيلاحقنا بعض المحتسبين ويطردوننا لكي لا نفسد الماء على المارة., والسوق كان يبدأ من قرب جامع حلة القصمان ولكنه إمتد وتوّسع لكون اهالي حلة القصمان من أهل التجارة فيتوسعون ويفتتحون المحلات وكانت الأمور بسيطة آنذاك لا يحتاج تصريح بلدية ولا رخصة دفاع مدني ولا رسوم , فقط يفتح جزء من بيته ويجعله بقالة او محل لبيع الخضار او الملابس , وهكذا إمتد السوق حتى غطى اسوار المقبرة في أواخر التسعينات الهجرية , وكان بداية الإمتداد دكاكين الخضرة على سور المقبرة وحول الجامع , ومنها دكان الشيخ محمد القناص للفواكه والخضار , وكنا صغاراً نرى سليمان المحمد القناص ( وكيل امارة الرياض حالياً ) وهو شاباً يكبرنا بعدة سنوات ونراه يخرج من المدرسة ليذهب لدكان والده يساعد والده بالدكان ويحل مكانه وقت القيلولة لكي يذهب الوالد للراحة والقيلولة في البيت ثم يعود عصراً ويذهب سليمان للعب الكرة ومشاركة الشباب العابهم وعبثهم وتسكعهم , وكنا نهابه لقوة شخصيته وكانت له شخصية صامته معبرة جداً , وكان قيادياً بين أقرانه وله الشخصية القيادية ( ومن اقرانه شقيقي الاكبر سليمان وعبدالله العثيم ... ) وله هيبة وقيمة إعتبارية منذ ذالك الوقت , , ولا غرو فهو قد إكتسب شخصيته من والده يرحمه الله.
وكان هناك بقالة للعم عبدالقادر الحضرمي في ركن بيت عائلة الحبيش الكبير الواقع جنوب شرق مقبرة حلة القصمان وينافسه بقالة حسن اليماني الشمالي في الجهة المقابلة وبقالة بربيخ اليماني , وقد اشتهر من سكان جنوب المقبرة وسط حلة القصمان الأولى :عبدالعزيز الفهاد واخوه عبدالكريم باللطافة وحسن الخلق والفزعة والعيارة ( افضل ناس في الفزعة وتفقد أحوال الآخرين ولا يزالون حتى الآن سباقين للتواصل والمناسبات ولا ينافسهم في التواصل وحب الخير والوفاء للجيرة والجيران بأفراحهم وأحزانهم سوى عيال العثيم ,, وعبدالعزيز الفهاد محبوب جداً وله مكانة خاصة في قلوب جميع ابناء حلة القصمان ولا يزال) الله يجزاهم خير : هذا كان جنوب المقبرة , اما شمالها فالحصنان والحلوة وكنا بوسطهم ,, ومن العوائل التي فات ذكرها في الحلقات الماضية : في الشمال وشمال شرق القادسية الإبتدائية فهناك بيوت النصيان والبطاح والبطحي والخزعل والغيلان, وشمال منها وشمال القادسية الابتدائية (شرق جامع عمر الظاهر) واما من الجهة الشمالية الشرقية للمسجد: اليحي والقاسم والغفيلي والدبيان والعماري والعضاض والمسعر والسليم والجراح والشدوخي والصقري والدليلان والجمحان (مشهور بالتطهير والختان للأطفال ) والرزقان والشعيبي والمحمود والهويريني والجبعان والداوود والجلهمي والصقري والقرزعي وكذلك التويجري (شمال المسجد بعد الشارع الجديد) والعدال والطواله والقبس والفهد والدريبي والوايلي والشعيبي والمحيميد والمزيرعي والركف والخميس والزامل والدخيل والذياب والسكاكر والجمعة .( وكل مجموعة منغلقة نوعاً ما على شارعها او ما حولها ولهم ولاء خاص بالمضاربات والفزعات و(حط القمرق)
.وكنا صغاراً نتردد على تلك البقالات وحولها ما يشبه خزان ماء او بئر يروي الناس منه , وهو مكان تجمع لأبناء الحارة , والمباريات والألعاب ( والمضاربات أحياناً ) حيث كان مكان لتجمع الأولاد من كل الحارات وليس حلة القصمان فقط ,,, وكان الأولاد يلعبون بالورق والعكوس وكانت تنتشر بكثرة انذاك وهي صور ممثلي الكاوبوي الأمريكيين ونطلق عليها اسماء انجليزية مثل بونانزا وهوص وستيف , وروي روجرز و آدم .... الخ وكنا نتبارى بتلك الصور كلما تطابقت الصورتين تكسب وقد يحدث بسببها مضاربة وإعتداءات حيث ان بعضهم لا يتحمل الخسارة ويغضب عند الهزيمة , وكنا نزور بعض الحارات الأخرى المجاورة راجلين ونتمشى وفي بعض الحارات بالسياكل (الدراجات الهوائية ) او راجلين وقد يمسكون بنا ويضربوننا لأنها حارتهم ولا يريدوننا ان نمر بحارتهم , واحياناً يطلبون ان تدفع الجمرك إذا مررت بحارتهم ويقولون ( حط القمرق : وتعني ضع الجمرك) ,, وهو ما يوجد بجيبك اما قرش او قرشين او اكثر واحيناً يعتدون عليك ويأخذون كل شيء , وكان هناك محل للأعلاف بوسك حلة القصمان لأن الكثير من الناس يربي الأغنام والأبقار ويستفاد منها ومن البانها الكثير والكثير لأبناء الحي , وكان بعض ابناء الحي يعملون كسائقين اثناء العطلات او بعد الدراسة ويكدون تكاسي او وانيتات ,
وكانت العاب الأولاد خطيرة نوعاً ما ومنها الدنانة (وهي بقايا عجلة الدراجة الهوائية :الجزء المعدني التي يلتف حوله الكفر,(جنط سيكل ) ونأتي بعصا ونقوم بربط علبة على شكل قوس على العصا بحرف ( يو بالانجليزي) لكي يحتوي العجلة بطرفيه ويدفعها ونقوم بدفع العجلة لمسافات طويلة ونقطع بها الشوارع ونحن نجري خلفها , واللعبة الاخرى الخطيرة هي عربة الرمان بللي (رولمان بللي ) بحيث نقوم بشراء حلقات (الرولمان بللي) من بعض الأولاد الساكنين حول الصناعية الذين يجلبونها من الصناعية و من قمائم المخارط ثم نربطها بعصا او خشبة ثم نضع عليها لوح خشبي يشبه السطحة والرولمان بللي اسفلها ونجلس عليها ثم ندفعها ونحن ركوب على ظهرها من اعلى الحي الى نهايته من الأسفل وكثيراً ماتنقلب او تصطدم بالجدران مما يسبب جروح واصابات خطيرة وكدمات , وكان من الشهير وقتها ان الشاب اذا جرح او دعس على زجاجة مكسورة وسال الدم فإنه يتبول على الجرح ؟؟؟ او نضع الرماد ؟؟ وبعد ثلاثين سنة قرأت في كتاب سميث للأمراض المعدية وإالتهابات الميكروبات ان البول يستخدم في الفريقيا والدول الأسيوية البدائية قديماً كمعقم وقد ثبت لديه إنه لم يكن به التهاب ميكروبي او فيروسي فإنه معقم لأنه يخرج من الجسم مباشرة معقماً مالم يكن لدى الشخص التهاب بولي ميكروبي فهو معقم.وكذلك الرماد معقم لأنه إحترق حتى قتل كل الميكروبات فمن اخبر الناس وقتها ان البول محلول تعقيم ؟
,,وكانت البنات والنساء كما في جميع انحاء في مدينة الرياض آنذاك لهن وضع خاص من حيث الحشمة والدلع والدلال ولا يتعرض لهن احد إلا وينال العقاب القاسي , ولديهن أدب وعفة لم اشهد له مثيل , وكانت الفتيات لهن العاب خاصة واجواء خاصة واهازيج خاصة ( حبا حبا حوني ::: بالسوق لا قوني ::: معهم ولد عمي ::: يبي يخطب أختي ::: يا خطبة قشرة ::: تلعب مع العشرة ::: ))) ولا يدخل الأولاد في تلك الألعاب بل يتم طردهم,, يعيرن من يتدخل في العابهن بأقسى العبارات ومنها ما يشبه ألأنشودة :
( الولد مع البنات ::::: بطته شوكة ومات :::::: قالت امه ليه ليه :::: قال ابوه صلوا عليه :::) وفي حال الغضب تصبح العبارة الأخيرة اشد قسوة ,والعابهن هادئة وجميلة مثل (الدبق) وهي استخدام الأزارير التي تستخدم في الثياب كأحجار يتم دفعها بالاصبع لكي تتحرك بإتجاه الهدف الذي يبعد عشرين سم وهو حفرة من اوصل ازراره لها اولا فاز , ومثلها كذلك لعبة (الطّبة ) وهي ما يسمى (المصقال) وهي كرات زجاجية صغيرة بحجم حبة الحمّص يتم لف الاصبع الوسط (الوسطى ) على تلك الكرة ثم يتم دفعها بالابهام نحو الحفرة او نحو مصثال أخر فتضربه وتوجهه نحو الحفرة
,, وكانت الفتيات لهن اسماء تصغير او تدليع ففاطمة تصبح فطيمة ,وهيلة : الهلي , وحصة تصبح حصّوص او حصّيص أو حصيصة , ورقية تصبح رقيوة أو رقاوي .. وفقط منيرة هي التي يتم تكبيرها فتصبح مناير ؟؟؟ لا ادري لماذا ؟؟ وكانت البنات الكبار يجدن فينا نحن الأطفال فسحة وفرصة لنيل الاخبار و(كب العفش وتسريب الأخبار) فتمسك بعض البنات الكبار بالطفل وتسأله الأسئلة الخاصة : من جاءكم امس من القصيم ؟ وش جابو لكم ؟ جابو لكم بقل او كليجا ؟ عطونا منها؟ وش يبون ضيوفكم ؟ هل خطبو فلانة لفلان ؟ عمتك فلانة وش اشترت للعرس ؟ وش تبي تلبس اختك فلانه ؟ ... ومن باب "خذ علوم القوم من سفهائها " كانت العلوم والأخبار يتم تسريبها من قبلنا نحن الأطفال بكل فخر وإخلاص وحرص على الدقة وزيادة المعلومات لنيل رضى الكبار . ولم يكن هناك اي تسيّب اخلاقي او تهتك او قلة ادب في نساء الرياض عموماً , بل كانت المرأة رمز للعفة والنقاء والبراءة والحشمة والحياء الشديد ,, وفي احد الأيام خرجت من البيت وعمري 8 سنوات او تسع وقد تبلل شعري ولم انتبه إلا حينما صاحت بي احد بنات الجيران من نافذة بيتهم : ((مادام انك هبّطت شعرك .. ليش ما كديته ؟؟ )) وتقصد انني حيث انن بللت شعري بالماء وجعلت شعري يهبط بدلاً من النفور والتطاير فلماذا لم امرر عليه المشط لتنسيقه ؟؟ وهذا نوع من الإهتمام والحرص على ابناء الجيران وكأنني احد اخوتها, وهناك ابيات شعر تقال أذكرها وقد تغنى بها احد الفنانين الشعبيين /
في حلة القصمــــــــان=شفت الغضي ريــــــان
ساير مع الغـــــــزلان= والليل ياطايل
الكحل فـ , عيونــــــــــه=والثقل فـي جفونـــــــــه
والموت من دونـــــــه=والليل ياطايل
الخدّ وضاحـــــــــــــي=والخال فضاحـــــــــي
والرمش ذباحـــــــــي=والليل ياطايل
الحسن له كلــــــــــه=ماضيّعه دلـــــــــــــه
ابْداً ولا ملــــــــــــــه=والليل ياطايل
الى اخر تلك الأبيات ....التي نسيتها من ذلك الفنان الشعبي ... (( يالله ... من قدكن ؟؟ وتدللن يافتيات حلة القصمان : كان الشعراء يتغنون بكن ))
وكان الكبار من الأولاد (بالإضافة لكرة القدم أحياناً ) يلعبون كرة الطائرة بين الحواري بين المنازل الطينية بحيث يتم ربط حبل بين الجدارين ويستخدمونه كشبكة طائرة , وكان يسكن في حارتنا نجم المنخب السعودي ونادي اليمامة او نادي الهلال لا أذكر ايهما ؟ واسمه صالح السعيد ( لا ادري كم عمره الآن ولكنه كان يكبرنا بعشر سنين او اكثر وقتها ؟وكان أخي الأكبر سليمان من نجوم كرة الطائرة آنذاك وكنا نساهم بالتشجيع ورد الكرة حينما تذهب بعيداً وكان هناك تنافس شديد باللعبة وحلة القصمان يسكنها بعض لاعبي الأندية والنجوم ومن النجوم وقتها ابناء الرسي وهم نجوم بكرة الطائرة ,لهم فريق خاص وكان يقام ما يشبه الدوري بين الحارات (حلة القصمان و الصالحية وثليم والدركتر وغميته )غالباً ما تنتهي المباراة بالمهاوشات والمضاربات والمآسي وخصوصاً إذا كان الفريق الخصم قد جاء من الأحياء البعيدة (وكان اكثرهم شراسة وعدوانية أهالي الصالحية أو ثليم, واكثرهم طيبة وهدؤ اهالي حلة القصمان و الدركتر وغميته( ليس تعصباً وإنحيازاً لحلة القصمان ولكنه هكذا كان يبدو لي كطفل ؟ لأنني ارى ذلك وقتها ونخاف من المباريات التي اطرافها الصالحية او ثليم ونعد لها العدة وخطط الهروب ) وكانت هناك مباريات بكرة القدم ايضاً بين الأحياء كان ابطالها نجوم الأندية مثل العبيد لاعب الهلال والقناص والعريض والخالد لاعبي الكراتية ووبعض اللاعبين , وكان فهد العباد يقود اقوى الفرق , وكان الفريق المخيف وقتها فريق طاهر العدني وأخوه حسن , وكثيراً ما تنشا المضاربات بعد كل مباراة او في منتصفها فنتعرض للضرب والركل والجروح وكان هذا يعتبر وقتها من باب الرجولة والخشونة .ولا انسى حسن النوبي واخوه وكذلك , واذكر فريق التقدم ومن ابطاله الكابتن أحمد السلامة واخي الأكبر سليمان وعلي الخزّيم وفهد المقرن واخوه صالح المقرن , وللفريق صولات وجولات في ملعبهم بالغرابي وكانت المباريات لا تتوقف سواء بعد العصر في الأيام العادية أو بعد صلاة الفجر في رمضان ( وقد كان رمضان وقتها في أواخر 1389 هجرية في الشتاء , وكنا نتابع الكبار وهم يلعبون كرة القدم بجوار مقبرة حلة القصمان , وكانت مهمتنا كأطفال ان نحضر لهم الكرة ان سقطت داخل المقبرة عبر القفز على الأسوار والسير بين الأشواك لنحضر الكرة بعد عدة دقائق يتخللها السير على الأشواك , ثم نعود للتدفئة بجوار النار التي نوقدها للتدفئة , ولا تنتهي المباراة إلا حينما يحين وقت الدراسة فيصرخ احد المعلمين من مدرسة القادسية الإبتدائية المجاورة للملعب , ليطلب من الجميع دخول المدرسة لبدء الدراسة ,
كانت المنافسات بالمدارس في كرة الطائرة بين المتوسطة الثالثة (من الصالحية ) ومتوسطة حطين ) قرب حلة العبيد (الأحرار لاحقاً ) وبين متوسطة طويق ( شارع الدركتر وحي ثليم ),وفي الإبتدائيات بين التذكارية والقادسية والخالدية , وتعتبر تلك المبارات مصيرية ومثيرة بحيث تتوقف الدراسة حينما تكون المباراة في احد تلك المدارس ويذهب الطلاب للتشجيع ومؤازرة الفريق , حتى اننا نترك الدراسة في مدرسة القادسية الإبتدائية لنرافق فريق كرة الطائرة او نلعب مع فريق التذكارية ,
كان والدي يرحمه الله وقبيل إنتهاء عهد البناء بالطين قد تحول من البناء ليبع أخشاب البناء في مبسط خصصته البلدية لباعة الأخشاب ومواد البناء جنوب الرياض في منطقة كانت تسمى " حلة العبيد "(سميت لاحقاً حلة الأحرار رسمياً ثم أخيراً سميت العود ,, وتقع جنوب الطرادية , والتي قال فيها بشير حمد شنان اغنيتة المشهورة التي يصف فيها سخص عزيز عليه : (((وسط الطرادية ,,, في حارة حية ,,,, أهلها زقرتية ,,,, نمام ما يبغون ))) ويقصد ذلك الشاعر انها حي معروف لأهل الطرب والفن وإشتهرت شعبياً بوجود الفساق كما كان يطلق عليهم آنذاك وهم اهل الطرب والتتن (الدخان ) , وكانت ولا تزال حتى الآن تباع في الطرادية وحلة العبيد (( ثم سميت حلة الأحرار لاحقاً والآن تسمى رسميا العود)) ,الدخان والشيشة والجراك و اجهزة الأغاني من أسطوانات وأشرطة كاسيت لاحقاً وأدوات الطرب مثل العود والكمنجة والطبول ,ولا تسمع حينما تمر من امامهم سوى الأغاني والطرب وهناك محلات إصلاح الأجهزة الموسيقية , واما الروادو وحراج الروادو فكان في ىخر مربع من مربعات حلة القصمان القديمة جداً جنوبي البطحاء قبل ان تصل إلى محلات اللحوم والجزارة (الجزارين او سوق القصابين )), وهو شارع واحد صغير وضيق ومزدهم واهم اعمدته احد ابناءالصلال (اضن اسمه ابراهيم الصلال ؟؟ ) وهو دلال ومهندس راديو وذو شخصية قوية وعنيفة تصلح لنوعية مرتادي ذلك السوق ,, وأما سوق الطرادية للأجهزة الموسيقية فهو مختلف تماماً وكان الخوف يعترينا حينما نمر من تلك السوق ونخاف إلى درجة اننا نتعّلق بثياب والدي من الخوف ,واشكال مرتادي ذلك السوق مخيفة فمنهم ذو الشعر الطويل ومنهم ذو الثياب الغريبة ؟؟ ويشربون التتن ( الدخان) على الملأ, وهي ظاهرة لا يمكن المجاهرة بها في تلك الحقبة الزمنية وتعتبر من الموبقات , وترى بعضهم يلبس النعال بطريقة غريبة بحيث يلبس نصف الحذاء فقط وبقية الحذاء فارغ ؟ وقد وضع الشماغ او الغترة على كتفيه وليس على رأسه وتتدلى جوانب الغترة او الشماغ على جانبيه,والشعر كثيف وغير مرتب وتشتهر تلك الهيئة بأنها شخصية العرابجة آنذاك وتحدث مضاربات كثيرة هناك وإعتداءات جسدية على المارة وخصوصاً من يتجرأ على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ويسمون هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ذلك الوقت النواب ومفردهم نائب ) .
وكنا نذهب لحل الواجبات المدرسية بإشراف والدي وهو في مبسطه في حلة العبيد(العود) , حيث كان حريصاً رحمه الله ان لا نتسكع كثيراً بالشارع مثل بقية الأطفال بل كان يأخذنا معه للمبسط في اغلب الأوقات ومعنا كتبنا المدرسية فنقوم بحل الواجبات بجواره وهو يبيع ويشتري بالأخشاب ومواد البناء البسيطة آنذاك , وبعد إنهاء الواجبات نلعب قليلاً بين الأخشاب لعبة الغميمة او العاب اخرى حتى يخيم الظلام فيغلق محله بواسطة حبل فقط يربطه بين الاخشاب ثم ننطلق مشياً على الأقدام لنصلي المغرب في مسجد في بداية شارع الوزير (غرب البنك الأهلي حالياً ) وبعد الصلاة يشتري لنا بعض الأيس كريم ثم نمر من امام محلات المحامص والبقالات التي فتحها ابناء الشام إبان إنتقالهم اللافت للنظر في بداية السبعينات الميلادية ( ولهذا قصة اخرى سأتطرق لها لاحقاً ) وكانت تلك المحلات تعج بالمخللات والأجبان والقهوة المحّمصة ورائحتها تجذب المارة ولكننا لا نعرفها جيداً , فلم نعرف وقتها سوى جبن الكرافت الذي يعتبر من اغلى المواد الغذائية وقتها , ونمر من أمام بعض المطاعم التي تبيع شاورما اللحم ( ولم يكن هناك شاورما دجاج إلا بعد عشر او عشرين سنة من ذلك , لأن الدجاج لم يدخل قائمة الطعام في نجد إلا في نهاية 1395 هجرية , ) فتجذبنا رائحة الشاورما ولكننا لا نشتريها إما لأنها غالية الثمن ؟ أولأنها تعتبر طعام الأجانب وقتها ويعاب علينا وقتها الأكل بالمطاعم ؟؟ لا أدري لماذا ؟؟ ولكن بعد عدة سنوات إنكسر هذا العيب وصرنا نتناولها بصفة متقطعة كلما حانت الفرصة وتوفرت المادة ,,,,
, وفي بعض الأحيان (مرة في الشهر او مرتين) يصادف ان يكون مزاج والدي يرحمه الله صافياً أو أنه قد باع صفقة جيدة بالأخشاب فيترك المبسط مبكراً ونركب الباص ( خط البلدة المتجه نحو المطار (مطار الرياض القديم ) والذي يمر بشارع الوزارات ( طريق الملك عبدالعزيز حالياً – وهو إمتداد شارع البطحاء نحو الشمال ) وكانت مباني بعض الوزارت قد إنتهت وبدأ الموظفين بالإنتقال إليها ومعظمهم من جدة ومكة ,وليس بجوارها سوى صحراء قاحلة , واذكر انه يوجد مباني حديثة وعمائر متباعدة , قال لي والدي انها للموظفين والمعلمين ,وتقع جميع الوزارات على يسار المتجه للمطار ولم يكن على الجهة اليمنى سوى مستشفى طلال ( وهو مستشفى الملك عبددالعزيز الجامعي حالياً ) ومن بعده فندق اليمامه ومن بعد فندق اليمامه تبدأ الصحراء والأراضي الفارغة لمسافة خمسة كيلو مترات تقريباً حتى نصل للمطار , وبجوار شبك المطار بالتحديد بجوار بوابة قاعدة الرياض الجوية حالياً من الجهة الجنوبية من المطار حيث توجد بوابة المطار ونهاية مسار خط البلدة توجد كافتيريا بسيطة تبيع الكولا والشاي والكيك على يسار البوابة والبائع شيخ يمني قد نشر الكراسي والطاولات القديمة المصنوعة من القش والخوص ليجلس عليها الزبائن ويصرخون بطلباتهم وهو يسمع ثم يحضر الطلب ويقدمه بنفسه: أربع اسود : يعني شاي اسود اللون وحجم الأبريق اربع بيالات ) واحد حجر : يعني رأس من الشيشة ) وكان ناقلاً للأخبار ومغنياً ومتحدثاً بارعاً بحيث انه يتدخل في كل شيء ويتناقش مع الزبائن في كل صغيرة وكبيرة , وفي جهة أخرى من ذلك المقهى مكان للشيشة . يحاول والدي ان لا نراها ويأخذنا للجهة البعيدة عنها,,فنجلس في الكافتيريا ويطلب لنا الوالد يرحمه الله مشروب غازي ( زجاج كولا )مع قطعة من الكيك ونمضي ساعة او ساعتين إنتظاراً لرؤية احد الطائرات وهي تهبط او تقلع فيندفع الجميع نحو الشبك لمشاهدتها والإستمتاع بمنظر هبوطها أو إقلاعها ,وقد نحضى بذلك اثناء تلك الجلسة الإستراخائية او قد لانحضى بها حسب حركة الطيران ( فقد يمضي ساعتين ولم تهبط او تقلع أي طائرة )وكنا نصلي العشاء آنذاك في نفس المسجد الموجود حالياً بجوار بوابة قاعدة الرياض الجوية ,في اجواء باردة ورطبة يملأها الغبار المتطاير من عوادم الطائرات وكان ذلك عام 1389 هجرية , ومن ثم ننطلق عائدين على باص خط البلدة حتى نصل قرب البيت ونسير نحو البيت لمدة تتجاوز النصف ساعة وبعد النزول من خط البلدة نسير لمنصف ساعة اخرى للبيت نمر خلالها على احد المخابز لنأخذ الخبز الطازج من مخبز الأخوين اليماني , ويديره أخوين من اليمن وكتبو عليه لوحة بخط اليد : مخبز الأخوين عبده وحمّود, وبجواره محل للفول .فنأخذ الفول والخبز ونتجه للبيت للعشاء ومن ثم النوم.
اما الأباء سواء والدي او غيره من اباء الجيران المحيطين بنا فكانو قساة في الغالب ( لمصلحتنا ولتأديبنا ) ولا نجد منهم سوى الصرامة والجدية او التأديب لأنهم ومن حرصهم على تعليمنا أمور الرجولة والإعتماد على النفس والجدية كان كل اب من اباء الجيران يعتبرنا ابنائه وله الحق في تأديبنا ويشكره والدنا على ذلك لأنه كما كان يقول والدي يرحمه الله:" ترى فلان مثل ابوك يريد لك الخير والمرجلة , ويقوم مقام ابوك ," وكنا ببراءة وبساطة وفخر نقبل تأديبهم لنا وتوجيهاتهم ولا نعتبرها إهانة او تعدي او لقافة او تسفيه .وأذكر انني تلقيت تأديب متكرر بلطف وحرص ومحبة من بعض اباء الجيران لأعمال شقاوة قمت بها اثناء طفولتي ندمت عليها لاحقاً ولا ازال اذكرها واعلم ان التأديب الذي جائني من بعض اباء الجيران كان لمصلحتي ولتأديبي وليست للعداء.
--
الجمعة,7,شعبان,1432 الموافق 08,تموز (يوليو),2011
ومن الطرائف التي لا تنسى أنه لم يكن في الشارع او الجهة التي نسكن فيها (عائلتي) في حلة القصمان عام 1388 حتى 1391 حسب علمي المحدود سوى تلفزيون واحد باللون الأبيض والأسود ويوجد في بيت محمد السليمان الفضل يرحمه الله فكنا (نحن كأبناء هذا الشارع من حلة القصمان) نحرص على صداقة ابناءه من اجل التلفاز ونتردد على بيتهم اوقات عرض البرامج المثيرة مثل وضحى وابن عجلان او برامج الأطفال مثل " الفيل صديقي – مايا ,او افلام كرتون ... ولا نجد حرج في دخول بيتهم لمشاهدة التلفاز في اي وقت ( ما نعطى وجه ), ومن المواقف المحرجة تجمع ابناء الحي جميعاً في مجلس الفضل في اوقات غير مناسبة ,مثل مبارايات كأس العالم ايام النجم البرازيلي : بيليه .. والتي كانت تبث في منتصف الليل نظرأ لفارق التوقيت , وكانو وقتها وبعد منتصف الليل يغلقون الباب بعد الإحراج الشديد,,, كان والدهم محمد السليمان الفضل يرحمه الله رجلاً كريماً ويفتح بابه للجميع , ولديه سيارة كبيرة نسميها ( حمّالية وهي تريلا او ما يسمى سقس ؟لأن له ست كفرات ) وهي سيارة نقل كبيرة يحمل بها الاسمنت لأنه يعمل في نقل الأسمنت , وفي العطلات ويوم الجمعة تتحول هذه السيارة إلى سيارة نقل لأبناء الحي نحو متنزهات الخرج وعيون الخرج حيث يركب الجميع رجالاً ونساء وأطفالاً في صندوق التريلة وبما يشبه السفر نشد الرحال من صلاة الفجر نحو الخرج ونستمتع بمزارع الخرج وعيون السهباء حتى الغروب ثم نعود ويتفرق كل إلى بيته ,, كل ذلك كان على حساب ابو سليمان الفضل ويشاركه بعض الاباء : هذا يجيب خبز وآخر يحضر الخروف او قطع اللحم, وثالث يحضر الفاكهة ,,
وبعدها بسنتين انتشرت بعض التلفزيونات خفية في بعض البيوت ثم جاءت التلفزيونات الملونة مع مطاعم ومقاهي اليمنيين حول حلة القصمان فصار الشباب يسهرون هناك في المقاهي ,وأذكر ان دخول التلفزيون الملوّن كان في عام 1392 او 1393 ؟ تقريباً وأول من جلبه مطعم في شارع الجديد ( شارع الإمام فيصل بن تركي لاحقاً ثم سمي طريق المدينة الآن) وكان فتحاً عظيماً وحدثا هاماً ذهبنا لرؤيته زرافات ووحدانا, ولم تكن السينما مستنكرة آنذاك , فكانت أعراس بعض الجيران يعرض فيها فيلم سينمائي في بيت اهل العرس او في احد البيوت المجاورة فيجتمع معظم الشباب لذلك , وعموماً كان هناك سينما في الأندية الرياضية فهناك سينما نادي الهلال وسينما نادي النصر ونادي الشباب واليمامة (نادي الرياض حالياً ) وكان الكبار من شباب الحي يذهبون للسينما ثم يعودون ليخبروننا ماذا شاهدو ويروون لنا قصة الفيلم ,
وكذلك لم يكن في الجزء الذي تسكنه عائلتي من حلة القصمان ( القريبة من منزلنا ) سوى تلفون واحد عند دحيم الحصيني يرحمه الله.,وكان جميع الجيران يستخدمونه وقت الضرورة او الحوادث , او إستقبال مكالمات من القصيم او من الأقارب للتبليغ عن الوفيات او المصائب , وأذكر ان بيت دحيم الحصيني (دحيم بالسكون وليس بالتشديد) كان هناك تليفون بالمجبب او المدربان ( وهو مدخل البيت ) وكأنه سبيل لأبناء الحي من دحيم الحصيني رحمه الله, وكان الشيخ دحيم رحمه الله من كبار تجار الأغنام والمواشي وكان يرى الهاتف ضروري له و يستخدمه فقط لمكالمات جدة حيث يدير تجارته في المواشي احد اخوته او ابناؤه , ولا تسمع اثناء سكون الليل سوى صراخه بالهاتف : بعتو 300 راس ؟ شريتو لنا مأتين ؟؟ ...
,في معظم البيوت بحلة القصمان يكون في السطح عشة (قفص كبير من الخشب وشبك الحديد) للأغنام او الدجاج او للحمام , ويتم وضع باقي الأكل وباقي الخبز لتلك الأغنام والأبقار ويستفاد منها في الحليب والأكل ... معظم هوايات الشباب المراهقين هي تربية الحمام فقد كانت تربية الحمام هامة جداً ويتميز بها شباب حلة القصمان ولها سوق رائج ومبايعات تصل الى الف ريال او ثلاثة الاف (وهي قيمة بيت شعبي آنذاك )(يشبه حالياً مزاين الإبل ) , اما بيض تلك الحمام المشهورة او فراختها ( تسمى الطبة ) أي الحمام حديث التفقيس اوالتفريخ ) فتباع احياناً بمائتي ريال او ثلاثمائة لأنها طبة او جيل لتلك الحمامة المشهورة لفلان من الناس ,,ويشبه ذلك مزاين الإبل حالياً ,فقد كان هناك مزاين حمام في سوق الحمام يوم الجمعة من كل اسبوع , يقع سوق الحمام في وسط سوق حلة القصمان ولهم يوم في الأسبوع (الجمعة ) يتم جلب الحمام اليه من كل انحاء الرياض بل يأتي اناس من مدن اخرى من المملكة (سمعت ان هناك من يأتي من الأحساء ومن القصيم لسوق الحمام انذاك ) وللحمام مواصفات خاصة , فمنها القطيفي او البصراوي (من البصرة ) والحساوي والمكاوي ..., فللحمام سوق ولها تصنيفات وابداعات وتتنوع ابداعات الحمام من التقلب بالجو (قلابي ) الى التغييم وهو الغياب بين السحب لفترة طويلة ثم تعود لنفس المكان الذي انطلقت منه) الى الرقص ( رقاصي ) ..... ففي حلة القصمان معظم الشباب مربين للحمام تحصل منافسات ومسابقات بين الشباب لإستعراض مهارات الحمام من تقلب بالجو إلى التراقص , وقد تحصل مضاربات بين مربي الحمام بسبب تلك الحمام والتنافس على إقتنائها او سرقتها بواسطة تدريب بعض انواع الحمام على ما يسمى الجذب , وهو ان تقوم حمامة فلان بجذب حمامة فلان اثناء التحويم والجميع على السطوح كل عصر وكل منهم لديه علم خاص او لون خاص تعرفه حمامته فتعود اليه , واما الحمام الجذابي فيجذب بعضها فتحدث سرقة ومن ثم مضاربة ,, وقد عاصرت مضاربة استخدم فيها احد ابناء الجيران بندقية الصيد المسماة "الشوزن" لقتل حمامة مبدعة غالية الثمن و ذات مهارات عالية ونادرة يملكها شقيقي الأكبر سليمان ,فقامو بقتلها رمياً بالرصاص من شدة التنافس الغير مشروع والأحقاد التي كانت تسود بينهم آنذاك وقد ساد الحزن منزلنا وقتها وحزنت كثيراً وانا في التاسعة من عمري وكرهت ذلك الشاب جداً ولم انس تلك الحادثة رغم السنين وقد قابلت ذلك الشاب المعتدي بعد خمس وعشرين سنة من تلك الحادثة ورأيت في وجهة العدوانية ( ولا ادري هل تكونت خلفية الكراهية ولم استطع زاحتها ؟ ام انها العقل الباطن الذي جلب تلك الذكرى الأليمة ؟؟)وكرهته اشد مما سبق ,, اما اخي سليمان فهو الآن وزيراً مفوضاً بمجلس التعاون الخليجي ولم يزل يتذكرها ولم ينسى تلك الحادثة بل يذكرها بمرارة والم
كان يمر وسط شارع البطحاء مجرى مائي كبير جداً بنيت جوانبه من الحجارة (كل حجر بنفس مقاس البلوك الاسمنتي الذي يستخدم الآن ( 40 سنتيميتر طولاً بعرض 20 سنتيميتراً) وهذه الأحجار او الحصى الكبيرة لا يستطيع العامل القوي إلا حمل واحدة منها وتم بناء هذا المجرى المائي لتصريف السيول وسط شارع البطحاء (بالرصيف الأوسط ) يبدأ من شمال (قريب من فندق سمير اميس القريب من مبنى البريد حالياً ) وعمق هذا المجرى المائي اربعة امتار تقريباً وعرضه اثنا عشر متر تقريباً ويقع في الجزيرة الوسطية لشارع البطحاء العام ( وكان هو الشارع الرئيسي الكبير بالرياض ) وكان هذا المجرى المائي يمتد على طول الشارع الذي يمر جنوب حلة القصمان متجهاً نحو جنوب الرياض , وكان اتجاه المياه حينما تتدفق في هذا المجرى من الشمال للجنوب , وكان المجرى عبارة عن قناة مفتوحة حولها ما يشبه الكورنيش , لتصريف السيول والمجاري ويتم رمي النفايات فيها أيضاً ويصب فيها انابيب الصرف الصحة من كل العمائر والبيوت والأسواق المحيطة به على شارع البطحاء , وفي الغالب نظراً لقلة الأمطار يجف هذا المجرى إلا من المجاري التي تصب فيه فتصورو مدى الروائح الكريهة التي تنبعث منه وأحياناً تملأه النفايات , واحياناً ترى بعض الأطفال العابثين والفقراء ينزلون داخل هذا المجرى المائي حينما يكون جافاً من السيول والأمطار للبحث بين النفايات عن اي شيء يمكن الإستفادة منه من داخل تلك النفايات , فهذه دراجة يمكن إستصلاحها , وذاك صندوق مليء بالملابس و....
وكان الجميع تقريباً يتطبب لدى الأطباء الشعبيين بالحي والطبيبات الشعبيات , فأشتهر ابو مزروع لتجبير الكسور ولف الجبيرة الخشبية على يد او رجل المصاب , واشتهرت ام سارة الزلفاوية وام المزيني والسندية بالطب في اوساط النساء , وأشتهر ابومتروك بالأمراض الجلدية والهضمية ,والصمعاني بالكسور ,وكان هناك دواء من المسّكنات القوية جداً يسمى النوفالجين يباع بالصيدليات ويشتريه الناس بالكميات ولكنه يحتاج إلى ابرة فيقوم بعض اهل الحي بضرب الأبر ويتفننون بذلك ويقومون بتعقيم الأبر الزجاجية المستخدمة بالماء المغلي لأنه لم يكن هناك ابر بلاستيك ذات افستخدام الواحد حتى في المستشفيات ,ثم تم منع هذا النوفالجين بعد سنوات لأنه يسبب امراض مستعصية ومشاكل صحية.
كان هناك مستوصف صغير اسمه مستوصف غميته جنوب شرق حلة القصمان وقريب من الطرادية والصالحية , وكنا نراجع هناك وبرفقتنا الوالده الحبيبة ( حفظها الله لنا وادام صحتها ) وهي تتفقدنا تقريباً مرة كل شهروتحرص على إصطحابنا والضغط على الممرضات لتزويدنا بالتطعيمات الضرورية (وشراب فيتامين اتذكره مرسوم عليه صور اطفال ) , وكانت حريصة جداً على التطعيمات والزيارة الدورية لمستوصف غميته رغم انها لم تدرس ولم تتعلم وكانت لا تكتب ولا تقرأ ولكنه حرص الوالدة جزاها الله عنا كل خير ورزقنا برها., ففي هذا المستوصف ايضاً يتجمعن نساء الحي في كل وقت وتكثر به السواليف بين الجارات وتبادل الأخبار والوصفات الشعبية ويصطف من حول المستوصف البائعات اللاتي تزدان مباسطهن بكل ما يباع سواء أغراض العطارة والتطبيب او الملابس والمأكولات , وكان هناك شيء غريب جداً لم استطع فهمه إلا بعد ان عملت في القطاع الصحي بعد عشرين سنة من ذلك التاريخ وهو اننا كنا نمر على البائعين بجوار المستوصف , او حتى مستشفى الشميسي الكبير آنذاك لشراء زجاجات فارغة (قوارير ) من البسطات التي بجوار المستوصف او المستشفى ثم نحملها معنا للمستوصف او المستشفى لكي يتم صرف الدواء لنا بتلك القوارير , وهي عبارة عن قوارير قديمة كانت تستعمل او مستعملة لأغراض غذائية ( زجاجات عصير وزجاجات حليب ؟؟ ) بأحجام مختلفة والوان مختلفة .. المهم انها زجاجات فارغة ومغسولة يدوياً (بدون تعقيم ) ويتم بيعها لمراجعي المستشفى بواسطة باعة متجولين, فنمر نحن والوالد او الوالدة قبل الدخول للمستوصف او المستشفى (نسميه الصحية ) ونشتري زجاجة فارغة ثم نذهب بها لصيدلية المستشفى لكي يضعون بها الدواء الذي تم صرفه من قبل الطبيب ؟؟؟ !!!! وقد فهمت الان ماذا يعني ذلك , وهو ان وزارة الصحة قبل عام 1391 هجرية كانت تشتري الأدوية بعبوات كبيرة جداً لرخص ثمنها ثم تطلب من المريض ان يحضر أوعيته الصغيرة بنفسه ليتم سكب بعض الدواء فيها في قارورته او زجاجته التي يأتي بها معه سواء من بيته او من الباعة المتجولين خارج المستشفى , وكان مستشفى الشميسي في بداية تكوينه يفتقر الى الأطباء المتميزين فكانت الأمم المتحدة تشجع برامج منظمة الصحة العالمية لتحسين الوضع الصحي في بعض مناطق العالم ومن ضمنها السعودية , فاصبح مستشفى الشميسي مقراً للأطباء الزائرين من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اوجامعة الدول العربية او منظمة الصحة العالمية ؟ او برامج زيارات متقطعة لبعض الجراحين ومنهم الدكتور , عبدالرحمن فهمي ؟ الذي اتى من مصر بتنسيق من منظمة الصحة العالمية لعمل بعض العمليات المعقدة, كان منها عملية أجريت لأبن عمتي راشد الحسن , حيث كانت معقدة جداً آنذاك تم خلالها إستئصال جزء كبير من الرئة إثر التهاب رئوي حاد تم إهماله لعدة سنوات, حتى جاء هذا الفريق الطبي المتخصص, وكان من الأطباء السعوديين القلائل آنذاك طبيب متدرب حديث التخّرج اسمه محمد راشد الفقيه رافق الفريق الطبي الزائر واستفاد من تجاربهم ,, (( وهو الآن رئيس قسم جراحة القلب في المستشفى العسكري وهو من اكبر أطباء القلب وجراحة القلب في المملكة, )) وعلمت لاحقاً ان بعض الأدوية يتم جلبها بصعوبة نظراً لقلة ذات اليد قبل الطفرة البترولية التي جاءت بعد 1395 هجرية ,
وكان المرضى الذين لديهم امراض مستعصية يتم ارسالهم للخارج للعلاج في عدة دول , وأدرك جلالة الملك فيصل يرحمه الله الحاجة الماسة لتطوير العناية الصحية وأمر آنذاك وقبل عام 1392 هجرية بالعمل على إنشاء مستشفى الملك فيصل التخصصي لكي يقل عدد السعوديين الذي يسافرون للعلاج بالخارج , فتم انجاز هذا الصرح الطبي الكبير والمتقدم طبياً عام 1392 وكان نقلة نوعية رائعة وجهد ملكي جبار وخطوة تقدمية غير مسبوقة جعلت المملكة في مصافي الدول المتقدمة طبياً بعد افتتاحه بعشر سنوات,, وكان مستشفى الملك فيصل التخصصي في بداية نائه يقع في منطقة نائية جداً وبعيدة عن العمران ولم يكن حول التخصصي آنذاك سوى بعض المزارع ومنها مزارع ابن جديد (حي العليا- المسمى المزرعة حالياً مكانه حديقة العليا التي تقع بين طريق الملك فهد وشارع التخصصي – خلف الطيار للسفر والسياحة) وكنا نزور تلك المزرعة لأن قريبنا وزوج ابنة عمتي الشيخ فهد الربدي كان مشرفاً على تلك المزرعة , وكنا نزور تلك المزرعة ونذهب بواسطة التاكسي الذي يرفض احياناً الدخول بسيارته لتلك المزارع حول مستشفى الملك فيصل التخصصي خوفاً من التغريز وتعلق سيارته بالصحراء التي تقع بين مستشفى الملك فيصل التخصصي ومزرعة بن جديد وذلك لأن الأسفلت ينقطع عندما يصل للتخصصي , ومن بعده اكوام من الأتربة والجبال والغبار و طرق ترابية مليئة بالحفر ومنطقة صحراوية هي الآن احياء تعتبر وسط الرياض حالياً وهي الآن السليمانية و العليا وام الحمام والمحمدية .... الخ( كان ذلك عام 1393 هجرية )
كنا ثلاثة اشقاء في عمر متقارب (بعد الأخ سليمان الأكبر منا بحوالي ثمان او سبع سنوات) ؟ وكنا انا وابراهيم وخالد نسير مع بعضنا البعض دائماً ونشترك في كل شيء من باب الحماية لبعضنا البعض وشد أزر بعضنا البعض ولا يمكن ان يتخلف منا احد فإما نذهب معاً او نجلس معاً ,وكوّنا قوة ثلاثية لحماية بعضنا البعض , وهذا ساعدنا كثيراً في الإستقواء وعدم التعرض للمضاربات والإذلال التي يحاول بعض الأشخاص إستعراض عضلاته بها علينا ,كما أشتهرت تلك الفترة,, وكان يزورنا في الصيف ابناء العم والعمه والأقارب من القصيم او احياء اخرى من الرياض , من الأحداث الطريفة التي لم انساها انه قد زارنا في صيف 1392 هجرية تقريباً عبدالعزيز الصالح الخضيري (لاعب نادي الرائد لاحقاً وموظف في جامعة القصيم حالياً) ابن العم وابراهيم العلي الحسن ابن العمه (موّجه تربوي الآن في بريده) , وقد إستقوينا بهم في تلك الصيفية وزادنا ذلك قوة إلى قوتنا الثلاثية فصرنا ندخل المضاربات بجرأة اكبر , فتجاوزنا بعض الحدود من باب إستعراض العضلات امام ابناء الشارع من باب التفاخر بقدوم ابناء العم والأقارب وتعرضنا لمواقف مشينة من المضاربات مع بعض ابناء الحصيني وكذلك ومنها المضاربة التي لا أنساها مع بعض اليمنيين في سوق حلة القصمان وكانت معركة غير متكافئة تورطنا فيها ودخل ضدنا كل اليمنيين بالسوق مما جعلنا نتمنى السلامة ونهرب مع طرق وسراديب نعرفها جيداً لأننا ابناء الحارة ونعرف مسالكها وطرق الهروب , فهربنا تاركين اقاربنا عبدالعزيز الصالح وابراهيم الحسن ليواجهو الضرب ويحاولو الرد ولكن كثرة اليمنيين غلبت على قواتهم التي كنا نفتخر بها , ولولا فضل الله ثم تدخل بعض المارة ليفضو المضاربة لحصل ما لايحمد عقباه , فهربو مما ساهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه ويقلل من الخسائر الجسمية من كدمات وضرب , وبعد ساعة عادو للبيت يشتموننا على تخلينا عنهم وهروبنا بدونهم ,وندمنا على تعريضهم لمثل هذا الموقف وهم ضيوف زائرين , وعلم والدي يرحمه الله بذلك فقام بتأديبنا وهددنا بترحيل الزائرين وإعادتهم للقصيم من (( استيشن ابن مقيطيب )) وحرماننا من الإستمتاع بالعطلة الصيفية وهم معنا , وصرنا نبتعد عن المضاربات والمشاكل وصرنا نستمتع بالعطلة بالتسكع في شارع الوزير والبطحاء والتجول في حديقة الفوطة بعد ركوب الباص المتجه لمستشفى الشميسي ونغامر بركوب خط البلدة نحو المطار والفرجة على الوزارت والمطار وإقلاع الطائرا وهبوطها , وكنا نسهر في البيوت على لعبة السلالم والثعبان او المونوبولي آنذاك او الورق ,وننام متأخرين فنتخلف عن صلاة الفجر فنأخذ علقة وعقوبة يومية بسبب التخلف عن صلاة الفجر , ولأننا ننام متأخرين لا نستيقظ مع الناس وقت الفجر ونتناول الإفطار معهم ,بل نصلي الفجر بسرعة ثم نعود للسطوح ونستمر بالنوم وبعد سقوط اشعة الشمس نسحب الفرش نحو الضل المجاور للجدران لتعويض ساعات النوم زكل نصف ساعة نصحو ونسحب الفراش نحو الضل مرة اخرى ثم ننام حتى تحرقنا الشمس ولا يصبح هناك مناطق ضل على السطوح , والسبب عدم وجود المكيفات في الغرف لذا نكتفي بالنوم في السطوح بأجوائها الباردة ليلاً,, , وتلخبط برنامج العائلة فلم يجد والدي من يحضر الخبز والفول بعد الفجر إلا ان يذهب بنفسه آنذاك,حتى نهاية الصيف
كانت العمالة الوحيدة في المملكة اليمنيين فقط , ومعظمهم قد احضرو عوائلهم معهم ويسكنون معنا في نفس الحي ويشاركوننا في السراء والضراء والفزعات , ويشهد الله انهم من افضل الجيران وكانو ذوي نخوة ومرؤة ,وكانت لهم تسهيلات حكومية كثيرة وتعاملهم الجهات الرسمية وكأنهم مواطنين من حيث حرية التجارة والتنقل فلا يطلب منهم إقامة ولا تصريح فكانو يفتحون المحال التجارية ويتاجرون دون اي مشاكل , وبإستثناء الفنيين والمهندسين والأطباء والمعلمين (( الذين كانو من الشام ومصر )) لم تدخل المملكة اي عمالة من جنسية أخرى غير اليمنيين حتى عام 1395 حينما بدأ مشروع المجاري والصرف الصحي فدخل العمال المصريين مع شركة الخرافي , ثم توالت الجنسيات بالتدريج حيث دخل الهنود وغيرهم في نهاية 1398 هجرية , واستمرت مميزات وتسهيلات اليمنيين رغم ذلك وكانو كثرة كثيرة ,ومنهم من نال الجنسية ,, وكانو يستقدمون عوائلهم بيسر وسهولة ولم يكن ضدهم اي تمييز حتى جاءت حرب الخليج الأولى حينما دخل صدام الكويت عام 1410 فوقف علي عبدالله صالح مع صدام وساند عدوانه على الكويت ثم تجرأ وطالب صدم بغزو السعودية , وتبعه بعض المغرر بهم من اليمنيين فقام بعضهم بأعمال مشينة إستعداداً للإنضمام لصدام , ولكنهم فشلو بفشل صدام , وبعدها تغير نظام معاملة اليمنيين وخرج بعضهم من السعودية برغبته إنتصاراً لعلي عبدالله صالح رئيسهم مما فتح الباب بعدها للعمالة الأسيوية من الهنود والبنقال ..... الخ
--
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
شارع الريل والدركتر (عوائل وذكريات)
مشكور اخوي بس نسيت عائلتنا ان تذكرها عائله علي السعد الصانع وكان الولد رحمه الله من اكبر النجارين بحلة القصمان ومن اكبر العوائل والمؤسسين لها
ردحذفجهد تشكر عليه.
ردحذفلكن عندك مشكله بالتواريخ مثلا وضحى وابن عجلان بث عام ١٣٩٥هـ
التلفزيون الملون دخل المملكة عام ١٣٩٦هـ
ماشاء الله عليك كاني أعيش تلك الايام في هذه اللحظه وماشاء الله ذاكرتك لاتخذلك
ردحذفمشاالله عليك رجعتنا لايام الطفولة بحلة القمصان بس فيه عائله كانو جيراننا طيبين ومعروفين عايلة الضاحي لم تذكرهم من اولادهم خالد وعلي كذالك اذكر ذالك الرجل الطيب المسكين ساكن خلف بقالة أو دكان ابو عبدالقادر اسمه نشمي كذالك لا أنسى ايّام مدرسة القادسية من مشاغبة الطالب و ضربهم بوقت الفسحة شبه يومي / حمود الحصيني
ردحذفلم تعلق على الشيخ ابو صالح الغماس ودوره الاجتماعي وخدمته لاهل الحي سواء في مدرسة القادسية او في الحي وكذلك وصوته الشجي ومؤذن مسجده الشيخ الرزقان
ردحذفتشكرعلى هالذكريات عن حلة القصمان وفيه عوائل كثير يصعب على الانسان حصرها كلها للتذكير من العوائل المجاهد والزميع والقنيطير والمنصور والنمر والبريكان ونسيت الي يصلح السياكل والدي الله يرحمه ابراهيم الدحمان كان له دكان في حله القصمان
ردحذفما نسيته يا اخ عبدالرحمن الدحمان
حذفكان جارنا في المرقب مقابل لبيت البدر و اتذكر ابنه محمد كنا نجلس احيانا نتحدث حول السيارات //// شباب !