الجمعة، 21 سبتمبر 2018

شارع الريل والدركتر (عوائل وذكريات)

       طلب مني الإعلامي محمد الهمزاني أن أكتب عن شارع الريل والدركتر، وعن الذكريات والعوائل التي سكنت هناك؛ ليتحدث عنهما في السناب شات كعادته في كل مرة يتحدث عن
حي من أحياء الرياض القديمة. فها هي الذكريات يسبق بعضها بعضًا، لترسم على الصفحات لوحة فنية، نرى من خلالها جمال الماضي، ونشم رائحة عبقه الفواح.
نبذة عن شارع الريل وشارع الدركتر في فترة التسعينيات الهجرية إلى عام 1402هـ:
    سُمِّي شارع الريل بهذا الاسم لقربه من محطة القطار، فكبار السن يُسمُّون القطار ريل، وكثير من الأسماء دخيلة علينا ككلمة (قشة) و(باغة) و(كرّتة) و(موتر) وغيرها من الكلمات، التي قد يكون أصلها فارسيًّا أو غير ذلك. أما بالنسبة إلى شارع الدركتر فقد سمعت من الوالد رحمه الله أن سبب التسمية نظرًا لوقوف دركتر فترة طويلة في طرف الشارع، وشارع الدركتر يتفرع من شارع الريل، فهو مسار واحد ينتهي بحرف T لشارع الريل من الجهة الشمالية ومن الجهة الجنوبية كذلك، وتقع على أطرافه بعض المحالّ التي يرتادها ساكنو الحواري المحيطة به، كالبقالات ومحال الحِلاقة وبعض الخطاطين، والجزارين والخبازين، وغيرها من الخدمات، والمنطقة التي نتحدث عنها وعن عوائلها التي قطنت فيها مددًا مختلفة من الزمن، وحدودها الحالية كالآتي:
من الشمال شارع الريل الذي يسمى حاليًّا شارع عمر المختار.
ومن الشرق طريق الخرج.
ومن الجنوب طريق أبوأيوب الأنصاري.
ومن الغرب طريق الفرزدق (انظر: الصورة المرفقة)   ويسمى الحي حاليًّا (ثليم).


وكان هناك مكان معروف لدى أهل الحي، وهو محل حميدان يبيع به العلف للماشية بحكم أن أغلب البيوت في التسعينيات الهجرية تُربي الماشية كالأغنام، وقليل يُربي البقر، وكان حميدان رجلًا بسيطًا يملك عربة لتحميل العلف، وهذه العربة يجرّها حمار! وأيضًا يوجد محل غاز يُمول أهل الحي، وما زال موجودًا حتى الآن في آخر زيارة لي مطلع شهر ذي الحجة.

أيضًا هناك رجل يُدعى علي السلمان له مطبخ متواضع يطبخ للأهالي في مناسبات الأعراس، وأحيانًا يأتي يطبخ بنفسه لأهل العرس في مقر إقامة الحفلة، وهي غالبًا في البيوت، فيطبخ على الحطب، ومكان الطبخ في الشارع. أما شارع الريل فكان يختلف، فهو مساران عليه بعض العمائر الكبيرة يسكنها الإخوة الحضارم والفلسطينيون، فيها محال للمُعدات والعِدد، وبعض الورش لصيانة السيارات وتنجيدها. كنا نأخذ الكربون وهو من مخلفات السمكرة للسيارات، ونلعب به، ونصنع مفرقعات! الآن بقيت محال العِدد، أما الورش الصناعية فلم يبقَ منها شيء. كان هناك مدرسة سعد بن أبي وقاص الابتدائية بالقرب من شارع الدركتر، تخرّج فيها الكثير ممن لهم  مناصب الآن، ثم انتقلت، وأُخلي المبنى، وانتقل أغلب أبناء الحارة للمدرسة السعودية، والمدرسة السعودية على طرف شارع الريل بزاوية الفرزدق، وهو ما استحدث أخيرًا بعد تثمين بعض البيوتات لإتمام شارع الفرزدق ليمتد جهة الجنوب. المدرسة السعودية سابقًا كانت غرب شارع الريل، وقد سمعت أنها كانت بيتًا للوجيه الجميح، ثم بعد ذلك أصبح البيت تُقام فيه الزواجات. أما الحالية فكانت مكتبًا للعمل، وما زالت حتى الآن، وأيضًا كان هناك مدرسة ابن كثير الابتدائية التي أُسِّست عام 1391هـ والتي كان يديرها الأستاذ عبدالله محمد الفريح رحمه الله منذ بداية تأسيسها وحتى عام 1419هـ، ودرس فيها بعد افتتاحها أغلب أبناء شارع الريل والدركتر، وعند تخرجهم ينتقلون إلى متوسطة جبل طويق القريبة منها، وكانت كلتا المدرستين تقعان شمال شارع الريل مباشرة، ولا تزالان موجودتين حتى الآن وبالاسم نفسه، وقد تخرج في هاتين المدرستين ممن سكنوا تلك المنطقة كثير من المسؤولين والمشايخ والضباط والمعلمين والمبدعين. أما مدرسة البنات فكان اسمها المدرسة التاسعة عشرة الابتدائية، تخرّج فيها الكثير، ممن هن اليوم معلمات وقائدات وموجهات وأمهات وجدات.
   ومن ضمن من درس فيها الصحافية والكاتبة الدكتورة ناهد باشطح في مرحلتها الابتدائية، وشارع الريل يمتد من الشرق، وينتهي بالغرابي غربًا.
أما حيّنا الذي ولدّت فيه، وعشت فيه سنوات الطفولة فهو (ثليم) غرب شارع الدركتر وجنوب شارع الريل وشمال شرق حلة القصمان.
الوالد رحمه الله سكن فيه في السبعينيات الهجرية، أما أنا فذكرياتي محصورة في التسعينيات الهجرية، وأذكر من العوائل التي سكنت في هذا الحي:
والدي عبدالرحمن العلي الهويريني، إبراهيم العلي الهويريني، إبراهيم السليمان الهويريني، عبدالله العلي الهويريني،محمد الصالح الهويريني، عبدالله البراهيم الهويريني، محمد البراهيم الهويريني، عبدالله المحمد الهويريني
ايضاً النويصر، والمقبل، والعساف، وأيضًا السديس والد إمام الحرم المكي، وكان الشيخ عبدالرحمن وقتها شابًّا مع والده، وكان عمه صالح أيضًا من جيراننا، وكان من ضمن العوائل التي سكنت هذه المنطقة الضلعان والقرناس والكنعان والنفيسة والجري والمفرح والعميم والعثيم الحديثي وعماش الثقيل واللحيدان، والبطي والحبيب والخوير، والمحسن والحواس والرثيع والخضير واليوسف والمحمود والضيف الله، والمانع والراجحي والدهيمان والخضيري والنجيدي والعبداني، والدويش والجارالله والنملة والبراك، والفريح، والجربوع، والعبدان، والعقيلي والبطاح والعبرة والخلف والخزيم والحجاج والزبن والبكري (العيوني) والعقيل والعقل الصغير والحسون النفيسة، والعبيد، والحرير، والسويداء، والحواس، والرشيد، والزويد، والخضير، والغيلان، والعميم، والسلامة، والهديان، والمنيع، والمحيسن، والهطلاني، والربع والعيدان والضحيان والمزروع والرشيد والنصيان والرديني والصويان والعميم والاصقة (النفيسة) والكنعان واللحيدان والجردان والشعيبي والمرزوق واليوسف والمزيني والعمرو والعواد والوهيبي والطويرش والضلعان مع مراعاة أن هناك عددًا من هذه الأسماء تسكن بأكثر من عائلة، وغيرهم لم تحضرني أسماؤهم.

وكان من ضمن سكان الحي رجل اسمه (أمان) ترجع أصوله إلى إفريقية يسكن وحده، فلا زوجة ولا ولد، وقد سمعت أنه كان يعمل في قصور الأمراء حتى كبرت سنه، ثم ترك العمل، ولكن تُصرف له مخصصات شهرية، وكان في ذاك الوقت يلبس الثياب المزينة بالقيطان، ويتعطر، وتظهر عليه النعمة، وكان يُربي بعض الأغنام والطيور، ولديه بقرة أيضًا، فكان يُدللها، ويُشربها البيبسي، وكان رجلًا سمحًا كريمًا يعطي ويجزل في العطاء خاصة العيديات لأبناء الحي وبناته، وكان الكل يحرص على أن يذهب إليه ليعطيه باقي الطعام لماشيته؛ لما نجده من كرم
وكان محبوبًا ومستأمنًا لدى رجالات الحارة.
وأيضًا سرهيد ،ولا يخفى على رجال اليوم من هي أعمارهم بين الأربعين والستين من هو سرهيد؟!
هو رجل يقوم بمهنة التمريض والخِتان.

كانت الحياة بسيطة نعيشها مثل باقي الأحياء المجاورة، بيوت طينية أو مسلحة وشوارع ضيقة، نفرح بكل ما هو جديد، ولنا ألعابنا الخاصة كالبرجون والرمان بلي والبلف، والعكوس، والدنانة، إضافة إلى اللعب في الشارع الذي يتم تحويله إلى ملعب كرة قدم من بعد صلاة العصر وحتى أذان المغرب وغيرها. وبعد المغرب نجتمع، ونسمر تحت ضوء لمبة صفراء عند أحد الأبواب إلى وقت العِشاء.
في ذاكراتي :
* رجل أسمر ذو لحية حمراء، يأتي بين الفينة والأخرى ليشتري الخردة من المعادن وبعض أسلاك النحاس .
* امرأة مُسنة نسمع أنها بلوشية، تطوف الشوارع، وكنا نحن الأطفال نقوم بملاحقتها وأذيتها بالكلام، فتُلاحقنا، وتثور علينا، وكانت في هيئة مخيفة.
أيضًا في الذاكرة بعض الباعة مثل:
* فَرّقنا (بائع الملابس) يحملها بـ (بقشة) على رأسه، ويطوف الشوارع، مناديًا: فرقنا، فرقنا.
* بائع الهريسة، وهو من الإخوة اليمنيين نترقب مجيئه، يأتي بصينيته الدائرية المعدنية.
* بائع القاز يأتي بعربة يجرها حمار واضعًا برميل القاز في العربة، يجوب الشوارع، ويردد بسرعة: قاز قاز قاز، ومن سرعته كأنه يقول: قيقز، حتى إننا نسميه راعي القيقز، نسمع صدى صوته وهو آتٍ من بعيد.
* بائع الآيس كريم، وهو ما نسميه (عسكريم) يمشي، ويُردد: آيس كريم النجاح.
* مراقب عداد الكهرباء يأتي ليقرأ العداد في مدخل البيت.
* سيارة الفليت، وهي تجوب الشوارع والأطفال تركض وراءها من شارع إلى شارع.
* التوت المثلج في أكياس، تبيعه إحدى العوائل لتتكسب.
* بيع البليلة والبسطات في الشارع لبعض الأولاد والبنات.
* أم (حميّد) و (أم إبراهيم) ونساء أخريات يبعن في بيوتهن إما ملابس أو بعض حاجات النساء.
أيضًا موقف لا أنساه، وهو في ليلة مطيرة سقط بيت أحد العوائل من جازان أظن اسمهم السرداب توفي ولد لهم كان يدرس معي، فتأثرت وقتها، وأصبحت أخاف وقت المطر في الليل.

كان في الحارة دكانان صغيران: الأول لأبي عبدالله المحمود رحمه الله، فعلى الرغم من صغر مساحته إلا أنه متوافر فيه جميع الاحتياجات، حتى الأدوات المدرسية، رحمه الله كان سمحًا في البيع والشراء، وكان يستأمنا على الرغم من صغر سننا، ويعطينا بالآجل إذا لم يتوافر معنا بعض القروش.

الدكان الثاني للسيد، وهو رجل من اليمن، اسمه طاهر السيد، أما الآن فتغيرت بعض المعالم لتثمين بعض البيوت لامتداد شارع الفرزدق جنوبًا التي قاربت 40 منزلًا تقريبًا لإقامة حديقة كبيرة ممتدة من شارع الفرزدق شرقًا إلى شارع الدركتر غربًا، وتمسى حاليًّا حديقة الفرزدق.
مسجد الحارة هو مسجد ابن سحيم يقع في طلعة أحمد أسود كما كنت أسمع هذا الاسم عند الوصف والوصول لهذا المكان، ولا أدري عن سبب التسمية، وكأنني سمعت عن رجل سكن قديمًا بهذا الاسم لم ألحق عليه، ولم أعاصره، فأظن أن الطلعة سُميت باسمه، أما المسجد فكان في رأس الطلعة، وكان إمامه في تلك الفترة عبدالعزيز السديس رحمه الله والد إمام الحرم الشيخ عبدالرحمن.

ومن الشخصيات المعروفة التي سكنت شارع الريل والدركتر :
الشيخ عبدالرحمن البراك.
رئيس جهاز أمن الدولة عبد العزيز بن محمد الهويريني الذي سكن مع والده شمال شارع الريل.
الدكتور علي النملة وزير العمل سابقًا والشؤون الاجتماعية.
إمام الحرم عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس الذي كان جارًا لنا، فبيتهم ملاصق لبيتنا.
الدكتور فهد محمد الخضيري بقسم المسرطنات بمستشفى التخصصي.
الأديب والشاعر علي عبد الله الهويريني.
الممثل محمد سعد المفرح المعروف بشخصية (أبو مسامح) (يرحمه الله).
الدكتور محمد بن عبدالله المفرح استشاري الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي.
الدكتور محمد الحجاج بمستشفى الملك خالد قسم الجهاز التنفسي.
الدكتور عبدالعزيز الجارالله الكاتب في جريدة (الجزيرة).
الإعلامي منصور بن عبدالعزيز الخضيري
الدكتور علي بن عبدالعزيز الخضيري، وقد كانا شرق شارع الدركتر.
الكاتب الدكتور محمد الحضيف.
الصحافية والكاتبة بجريدة (الجزيرة) الدكتورة ناهد باشطح التي كانت طفولتها بشارع الريل.
الفريق متقاعد عبد الله بن محمد البصيلي رحمة الله
سليمان بن حمد الشعيبي وكيل وزارة التجارة
محمد سليمان العمر  سفير متقاعد ملحق إعلامي
منديل بن محمد بن منديل بن على بن محمد بن فهيد(رحمه الله )صاحب برنامج البادية.

بقلم
أبو منذر
صالح بن عبدالرحمن بن علي الهويريني.

مواضيع مشابهة - أو -ذات صلة :

وسط الرياض.. حنين على ما تبقى من ذكريات!

أحياء وشوارع الرياض القديمة.. التاريخ وثّق الأسماء لـ «جيل الألفية»!

حلة القصمان سلسلة يرويها د. فهد الخضيري

اللقاء الثاني لساكني "حلة القصمان " - الرياض

اللقاء الرابع لساكني "حلة القصمان " القدامى - الرياض رجب 1437

أوائل الموجودات في مدينة الرياض قبل أكثر من نصف قرن :

هناك تعليقان (2):

  1. كم تتوقعون عمر شارع الريل هل قائم في وقت الملك عبدالعزيز رحمه الله فالواضح أن مقبر الريل في وقته ايام انتشار المرض وموت كثيرمن الأطفال والمقبرة شاهدة على ذلك

    ردحذف
  2. الله يا الدنيا انتم بشارع الريل وحنا بشارع الدركتر ايام جميلة ماراح ترجع

    ردحذف

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..