الثلاثاء، 4 مارس 2014

المشكلة التايوانية "عرض عن المشكلة "

تايوان في العلاقات الصينية الامريكية

作者: 穆斯塔法.萨法日尼
مسألة تايوان ، ان قلنا انها مسألة في غاية البساطة ، فانها كذلك ، وان قلنا انها في غاية الصعوبة
والتعقيد فانها بالفعل كذلك ايضا .. مثلها مثل القضية الفلسطينية ، على الرغم من اختلاف طبيعتيهما .. الاولى مسألة داخلية بينما الثانية احتلال اجنبي .. بساطتها تأتي كون تايوان هي جزء لا تتجزأ من الاراضي الصينية ، وهذا ما هو مسلم به دوليا ، اي انها شأن داخلي صرف ، ولا يحق لاي كان التدخل في الشؤون الداخلية للصين .. فاذا كان الامر كذلك فان حلها سيكون في غاية السهولة ، وصعوبتها وتعقيداتها تأتي بسبب التدل الاجنبي بها وخاصة الولايات المتحدة .. وهنا اوجه التشابه مع القضية الفلسطينيى .. ببساطتها انها صراع بين الاحتلال والمحتل ، بزوال الاحتلال تنتهي المشكلة ، الا ان الدعم الخارجي للاحتلال وخاصة من الولايات المتحدة هو سبب التعقيد للمشكلة .. والتشابه الاّخر يكمن في هدف الولايات المتحدة من التدخل في المشكلتين .. تدخلها في مشكلة تايوان يهدف الى لجم سرعة نمو وتطور الصين عن طريق اغراقها بالمشاكل والتناقضات الداخلية والعمل على احتوائها لتبقى مسيطرة مهيمنة على المنطقة والعالم ، ودعمها للمحتل الاسرائيلي يهدف ايضا الى احكام سيطرتها على الشرق الاوسط الغني بالموارد البترولية ..
جزيرة تايوان تقع في الجنوب الشرقي من الصين .. قامت اليابان عام 1895 باقتطاعها بالقوة والجزر المحيطة بها من اسرة تشينغ الصينية .. نجح الدكتور صن يات صن عام 1911 بتأسيس حزب " لكومنتانج " حزب الشعب الوطني وتفجير ثورة اطاحت بالحكم الامبراطوري واقامة اول جمهورية وطنية في تاريخ الصين عام 1912 .. تبع ذلك تأسيس الرئيس الصيني ماو تسي تونغ للحزب الشيوعي الصيني عام 1921 ، الذي خاض حرب تحرير شعبية ضد الاحتلال الياباني ، ومن ثم الحرب الاهلية ضد حزب الكومنتانغ المدعوم أميركيا مسجلا في ذلك انتصارا ساحقا واسس جمهورية الصين الشعبية عام 1949 .. هرب تشيانغ كاي شيك لجزيرة فورموزا ( تايوان ) واسس فيها ما يسمى ب " حكومة الصين الوطنية " ووقع مع الولايات المتحدة عام 1953 معاهدة الدفاع عن تايوان ضد أي عدوان خارجي ..
نجحت الصين في تفجير أول قنبلة ذرية لها عام 1965 ، واصبح في استطاعتها تجنب الضربة النووية الأولى . ونجحت عام 1971 في استعادة مكانتها الطبيعية في هيئة الامم المتحدة ومجلس الامن .. ودخلت الصين إلى عصر الفضاء ، وأرسلت العام الماضي رجلها الأول إلى الفضاء ، كما نجحت الصين في تحقيق معجزة اقتصادية، فأصبحت صاحبة أكبر اقتصاد في العالم الى حد وصفها بأنها مصنع العالم .. ظلت قضية تايوان محور اهتمامات الحكومة الصينية وتضع قضية التوحيد الكبرى على رأس اهتماماتها .. بينما ظلت الولايات المتحدة تتخذ من هذه القضية وسيلة للتدخل في شؤون الداخلية للصين وزعزعة استقرارها والحد من زيادة نموها الاقتصادي.. مسألة تايوان هي المسألة الجوهرية الاكثر حساسية والاكثر اهمية في العلاقات الصينية الامريكية ، فباستعادة الصين لتايوان واعادتها الى الاوطن الام ، كما حصل مع هونغ كونغ ومكاو ، تكون قد تغلبت على إرادة الولايات المتحدة ، وبالتالي ، فإن هذا النصر سوف يعزز المكانة الصينية في المنطق ، وسيظهرها كقوة عظمى .. مما يؤدي الى تعزيز مسار التعددية القطبية ويضعف نزعة التفرد والهيمنة الاميركية .. لا شك من إن موازين القوى تميل باتجاه الصين ، ولن تجدي كل المحاولات الأمريكية لترويض الصين واحتوائها نفعا .. فالصين لم تعد بحاجة إلى الولايات المتحدة لدعم انخراطها في النظام الدولي ، وبات الفضاء العالمي مفتوحاً أمام القوة الصينية الصاعدة ..
على اثر تأسيس الصين الجديدة لم تكن الولايات المتحدة لترضى بهزيمتها فى الصين ، فحاولت عزلها سياسيا و خنقها اقتصاديا ، وتهديدها عسكريا من الجوانب الثلاثة – كوريا و فيتنام و تايوان، فظلت تروج سياستها المعادية للصين وتتشبث بوجودها العسكرى فى جزيرة تايوان و مضيقها .. المفاوضات الصينية الامريكية التي جرت في الخمسينات على مستوى السفراء لم تفلح ، وظل الجانب الامريكي يقوم بتحريض سلطات تايوان للانتقام وغزو البر الصيني ، و ارسلت امريكا اساطيلها البحرية لحراسة تايوان والدفاع عنها مهددة بجاهزيتها لغزو البر الصين فى اى وقت تشاء .. و من اجل سحق مخططات سلطات تايوان- المعززة اميركيا واثارتها للهجمات المباغتة ، وللتناغم مع الشعوب العربية التى كانت يومها فى غمرة نضالها ، بدأ جيش التحرير للشعب الصينى في 23 اّب 1958بقصف مدفعي لجزيرتى جين مين JIN MINو ما تزو NA ZU ، مما ارغم الولايات المتحدة على التراجع ، وتوجيه النصائح وبالحاح ل جيانغ كاي شيك التايواني بالتخلي عن الجزيرتين المذكورتين , و الاخذ بسياسة " تقسيم السيادة على جانبى المضيق " و التى ترمى الى سلخ جزيرة تايوان عن الوطن الام ، وخلق صينيين على الساحة الدولية .. وبذلك تكون الصين قد اسقطت المؤامرات الامريكية على الجبهات الثلاثة اّنذاك ، شبه الجزيرة الكورية ، والهند الصينية ، ومضيق تايوان ..
ان عزم الحكومة الصينية على استعادة تايوان هو عزم ثابت لا يتزعزع .. الا ان كيفية الاستعادة شهدت بعض التغيرات خلال السنوات العشر الماضية .. فقبل عام 1979، كانت الحكومة الصينية تفكر في استخدام القوة العسكرية ، حيث كان التوتر والعزلة يخيمان على الاوضاع بين طرفي المضيق .. و بعد عام 1979، طرحت الحكومة الصينية مبادئها الجديدة الرامية الى حل قضية تايوان بالطرق السلمية ، في الوقت الذي لم تسقط فيه خيار الحل العسكري في حالتين : اعلان القوى الانفصالية لاستقلال والتدخل الاجنبي فيها .. اجاز المجلس الوطنى لنواب الشعب الصينى فى دورته السنوية لعام 2005 قانون مكافحة تقسيم الوطن بالاغلبية .. ومن المؤكد ان سن هذا القانون سيلعب دورا فعالا وبعيد المدى في دفع وتطوير العلاقات بين طرفي المضيق ، ودفع التوحيد السلمى ومعارضة وكبح القوى الانفصالية الرامية الى استقلال تايوان وحماية السلام والاستقرار فى منطقة مضيق تايوان.. ففي القترة الماضية خفت حدة التوتر في مضيق تايوان .. حيث بدأت رحلات الطيران المباشر بين طرفي المضيق في اعياد الربيع ، وتم تحقيق عملية تسويق المنتجات الزراعية التايوانية في البر الصيني ، إضافة إلى الزيارة الناجحة التي قام بها السيد ليان جان LIAN ZHAN رئيس حزب الكومينتانغ ، والسيد سونغ تشو يوي SONG CHU YU رئيس حزب " الشعب اولا " على التوالي للبر الصيني .. هاتان الزيارتان التاريخيتان ستساعدا بكل تأكيد على تعزيز التبادل وتعميق التفاهم بين طرفي المضيق ، وستشكلان ، مع الاجراءات التي اتخذها البر الصيني لتوثيق العلاقات التجارية بين الضفتين في تشجيع ودفع التبادل والتعاون في مجالات التربية والتعليم والعلوم والثقافة والرياضة ، ارضية صلبة لتطوير العلاقات بين طرفي المضيق بشكل سلمي وسلس ..
منذ قيام الصين الجديدة اتخذت من مسألة تايوان نقطة حمراء في نسج علاقاتها الرسمية مع الدول الاخرى ، وظل الاعتراف بمبدأ الصين الواحدة هو الاساس الذي يحكم تلك العلاقات ، وعلى هذا الاساس اقامت الصين علاقات دبلوماسية مع اكثر من 156 دولة مستقلة في العالم .. ومع هذا ظلت مسألة تايوان مسألة جوهرية الاكثر اهمية والاكثر حساسية في العلاقات الصينية الامريكية .. وعليه لازمت العلاقات بين البلدين منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية .. وتم تطبيعها على اساس البيانات الثلاثة المشتركة التي وقعت بين البلدين ، والتي اعترفت امريكا فيها بكل صراحة ووضوح بمبدأ الصين الواحدة وعدم اقامة اي علاقات او تبادلات رسمية مع سلطات تايوان والتوقف التدريجي عن تزويدها بالاسلحة وعدم دعم القوى الانفصالية الداعية الى " الاستقلال " ..
لقد اظهرت الصين من المرونة الكثير لحل مسالة تايوان ولقطع الفرصة عن الدول الكبرى للتخل فيها .. لقد اكدت الحكومة الصينية على امكانية مناقشة اي موضوع كان تحت مبدأ الصين الوحدة ، بما في ذلك منح تايوان حكما ذاتيا رفيع المستوى وامكانية مشاركة ابناءها في السلطات التشريعية والتنفيذية للبلاد وعدم ارسال قوات من الجيش الصيني للمرابطة في تايوان ومنحهها فضاء دوليا محددا في اطار مبدأ دولة واحدة بنظامين .. وتعهدت في العمل بأقصى درجات المصداقية وبذل اقصى الجهود لتحقيق التوحيد السلمي ، ولن تلجأ للقوة الا في حالة اعلان الاستقلال " والتدخل الخارجي .. وما أريد التأكيد عليه هنا هو سياسة الصين الحكيمة التي تضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار .. الصين قادرة على استعادة تايوان بساعة أو ساعتين ، وهذا شيء معروف لدى الجميع .. الا انها دولة مسؤولة ظلت ومنذ البداية تدعو الى نبذ العنف وتغليب لغة الحوار والتفاوض لحل النزاعات والخلافات هذا من جهة ، ومن جهة اخرى فان اي عمل عسكري من جانبها سيؤكد صحة الادعاءات الامريكية وغيرها من الدول التي تتشدق بمقولة " خطر الصين وتهديداتها " .. اضف الى ذلك ما سيعود به العمل العسكري من دمار على الشعب الصيني نفسه .. فالخيار العسكري غير وارد في حسابات القادة الصينيين الا في حالة صد محاولات التجزئة و " الاستقلال " .. انها قضية قومية لا تتنازل عنها او المساومة عليها ، السياسة الصينية ومبادئها متزنة وواقعية وموضوعية .. ان مسألة تايوان صنيعة الولايات المتحدة ، وستبقي عليها كعصى تهدد بها الصين وتسخرها للجم تقدمها شأنها شأن ما يسمى بمشكلة التبت وحقوق الانسان والديمقراطية .. الخ واليوم تخرج بمقولة اخرى حول التهويل والتضخيم بالقدرة العسكرية الصينية وما تشكله من تهديد على توازن القوى في اسيا وفي مضيق تايوان .. انها مسرحيات لتمثيلية واحدة واغراضها مبيتة وواضحة .. جاء هندسة مبدأ صين واحدة بنظامين ملائما للظروف الموضوعية وللوضع الدولي المعاش ولطبيعة العلاقات القائمة بين طرفي المضيق .. الحكومة الصينية شديدة الحرص على مصالح مواطني تايوان ، كحرص الام على ابنائها ، على العكس من السلطات الانفصالية وقوى التدخل الخارجية التي تقامر بأبناء تايوان ولا هم لها سوى تعزيز سيطرتها وهيمنتها على المنطقة وخيراتها .. فمهما تحقق في الصين من انجازات سواء في حقوق الانسان او الديمقراطية ، ومهما وصل النمو والتقدم في التبت وغيرها ، ومهما قدمت الصين من حلول موضوعية لحل مشكلة تايوان حلا سلميا ومهما ومهما ، فلن تغير الموقف الامريكي منها الا اذا غيرت امريكا ما في نفسها من سيطرة وهيمنة على العالم .. فما دامت الولايات المتحدة تقف عكس تيار التاريخ فستبقى العقبة امام تقدم الشعوب ورفاهيتها ، والعقبة امام السلام والاستقرار العالمي .. والعقبة امام التعددية القطبية .. والعقبة امام اقامة نظام عالمي عادل ومنصف في مجاليه السياسي والاقتصادي .. بسياسة التفرد والتطلع للهيمنة بدأت تعزل نفسها رويدا رويدا .. فلن تستطيع الوقوف عائقا امام التطور الحتمي للتاريخ .. لذا نراها يوميا تصرح بتمسكها بسياسة " الصين الواحدة " ، في الوقت الذي تقوم به باستمرار تزويد الاسلحة المتطورة والحديثة لتايوان ، وتقوم بتعديل الاتفاقيات الامنية مع اليابان لتدخل منطقة مضيق تايوان في اطارها ..
ان مسألة تايوان هي اكثر المسائل حساسية واهمية في العلاقات الصينية الاميركية .. اقول هذا في الوقت الذي اعي فيه بأن العلاقات الصينية الامريكية قطعت شوطا كبيرا من التعاون بالرغم من العقبات التي تعترضها.. فعلى مستوى العلاقات التجارية والاقتصادية وصل حجم التبادل التجاري بينهما الى اكثر من مائتي مليار دولار اميركي ، اذ تتشابك و تتداخل العلاقات السياسية مع العلاقات الاقتصادية ، وتعزز التعاون بينهما في مجال مكافحة الارهاب والتنسيق والتعاون في الشؤون الدولية... واكد البلدان مسئولياتهما المشتركة فى الحفاظ على السلام العالمى ودفع التنمية المشتركة ، واستمرار تأكيد الجانب الامريكي على التزامه بالبيانات الثلاث المشتركة وتمسكه بمبدأ الصين الواحدة ، الا انها لن تكف عن العمل على احتواء الصين ما دامت تنتهج سياسة القوة والهيمنة والتفرد .. على الرغم من ان البعض يرى ان الولايات المتحدة قد اعادت من جديد تحديد الاسس الاستراتيجية لعلاقاتها مع الصين نظرا لما شهدته هذه العلاقات من تطور سلس على الصعيدين السياسى والامنى في الفترة الاخيرة ، لتحول بؤرة اهتماماتها من الاحتراس والحذر الى التركيز على المجال الاقتصادي والتجاري معها ، الا ان مثل هذه المقولة تبقى بعيدة عن الواقع . فمن الطبيعي ان تبقى مسألة تايوان هي اكثر المسائل حساسية في العلاقات الصينية الامريكية .
واخيرا لا بد لي من خلاصة تؤكد على ان نجاعة سياسة الاصلاح والانفتاح هي التي فندت المؤامرات والمحاولات الاميركية والتايوانية الداعية الى استقلال تايوان ، فتطور الصين وتعاظمها والتزامها بسياستها السلمية والمستقلة لم يعط اي فرصة لؤلائك الذين يخططون ويحيكون المؤامرات خلف الستار ..



------------------------------------------
الأربعاء 19 نيسان 2006 - العدد 2242 - صفحة 19
مشكلة تايوان تقلق الصين مجدداً!
مسعود ضاهر
كانت تايوان جزءاً من الصين حتى انتصار الثورة الشيوعية في الصين الشعبية عام 1949 ومنذ قيام جمهورية الصين الشعبية وحتى تاريخ إعادة العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية عام 1972، بقيت تايوان، أو الصين الوطنية، الممثل الوحيد للشعب الصيني في الأمم المتحدة. فقد رفضت الصين الشعبية الجلوس الى جانبها كدولتين مستقلتين في الأمم المتحدة على غرار الكوريتين، والألمانيتين، ودولتي الفيتنام وغيرها. واشترطت على جميع دول العالم التي ترغب بإقامة علاقات ديبلوماسية معها أن يتم الاعتراف أولاً بوحدة الصين، أرضاً وشعباً، وأن تكون جمهورية الصين الشعبية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصيني، وما زالت على استعداد تام لقطع علاقاتها فوراً مع أية دولة تعترف باستقلال تايوان، أو بانفصالها عن الوطن الأم أي "البر الصيني" الذي يضم الآن مليار وثلاثمائة مليون نسمة، يبلغ تعداد تايوان الآن قرابة 22 مليون نسمة. ولدى بعض قادتها شعور بالتمايز عن الصين، وأن جزيرة تايوان أكثر تطوراً من البر الصيني في مجالات العلوم والتكنولوجيا. والدخل الفردي. وممارسة الحريات الديمواقراطية. وهي تعتبر نفسها أكثر التصاقاً بالنموذج الغربي منها الى نموذج الدولة الآسيوية على غرار الصين، والهند.

في عام 1990 أسست سلطات تايوان برئاسة لي تنغ هوي "مجلس التوحيد الوطني". فعقد المجلس أكثر من أربعة عشر اجتماعاً، وأصدر "الخطوط العامة للتوحيد الوطني" عام 1991، والتي نصت على أن كلاً من البر الصيني وجزيرة تايوان يخضعان لسيادة الصين. واقترح المجلس تعزيز العلاقات بين الشعب الواحد، والعمل الحثيث على توحيد الدولة والشعب كمهمة مشتركة لجميع الصينيين. ووضعت مخططاً طويل الأمد لتحقيق وحدة الصين على ثلاث مراحل متدرجة بالاستناد الى خطوات ديموقراطية، ورفض كل أشكال العنف أو إراقة الدم الصيني على أرض الصين، وبأيدي الصينيين أنفسهم، وحددت الخطوط العامة لسياسة التوحيد الوطني بدقة توجه الصين وتايوان نحو الوحدة ضمن دولة مركزية عاصمتها بكين، وأن من واجب جميع الصينيين العمل على إعادة توحيد بلادهم في دولة مركزية واحدة.

بعد تولي رئيس تايوان الحالي، السيد تشن شوي ـ بيان حكم تايوان في أيار 2000 تعهد بعدم اعلان استقلال تايوان أو انفصالها عن الوطن الأم، وعدم الاشارة الى دولتين في دستورها، وعدم إجراء أي استفتاء شعبي بشأن استقلال تايوان أو انفصالها، وعدم إلغاء مجلس التوحيد الوطني، وبرنامج الخطوط العامة لسياسة التوحيد الوطني، إلا أنه سرعان ما عطل مجلس التوحيد الوطني، ومع أن الصين الشعبية نددت بهذا التوجه مراراً، إلا أنها تجاوزته ولم تجعل منه مسألة خلافية مع تايوان في ظروف اقليمية ودولية كانت تزداد تأزماً مع الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية بسبب الأزمة النووية في كوريا الشمالية، واستطاعت الصين، بمساندة فاعلة من روسيا، حل الأزمة الكورية بما يضمن المزيد من التقارب بين الدول الآسيوية وروسيا، واستبعاد التدخل الأميركي في المنطقة خاصة مع بروز خلاف حاد بين الصين واليابان على اقتسام حقول النفط والغاز في منطقة بحرية مشتركة قرب الحدود الدولية، وهي ما زالت متأزمة حتى الآن.

في هذه الظروف الاقليمية والدولية المأزومة جاءت تطورات الأسبوع الأول من آذار 2006 لتحمل الكثير من الدلالات الخطرة، إذ أصدر رئيس تايوان قراراً بوقف أعمال مجلس التوحيد الوطني، ووقف العمل بالخطوط العامة لسياسة التوحيد الوطني.

نبّه بعض المحللين السياسيين الى أن التدابير الجديدة صدرت بعد مشاورات دقيقة مع الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في منطقة جنوب وشرق آسيا. وجاء الرد الفوري من الأحزاب الرئيسية في تايوان التي انتقدت هذا القرار بشدة ووصفته بالمتسرع. فقد اتخذ بصورة فردية دون استشارة الأحزاب الكبرى ومنها حزب الكومينتانغ، وحزب الشعب، واتحاد التضامن، والجمعيات. والنقابات، ومؤسسات المجتمع المدني، ومختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.

وصدرت مواقف كثيرة تدين القرار من داخل تايوان والصين، ومن دول ومنظمات دولية مؤيدة لوحدة الصين، وأدانت بعض الدول التصرف غير المسؤول لزعيم تايوان لأن يشكل محاولة مدروسة لاستقلال الجزيرة أو انفصالها عن الصين. لكنه يعرف جيداً أن الصين لن تقبل أبداً بأية صيغة لاستقلال أو انفصال تايوان عنها حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة العسكرية ضد دعاة الانفصال والاستقلال. فسياسة الصين الشعبية ثابتة في هذا المجال وهي تقوم على المبدأ التالي: "تايوان صينية ويجب أن تبقى صينية". وأن هذا الشعار ليس لمصلحة الصين فحسب بل لمصلحة شعب تايوان أيضاً والذي أعرب كثير من قادته ومنظماته الجماهيرية عن الرغبة بالتوحد مع أكبر دول في العالم، وتسير بخطى ثابتة لتصبح أحد أبرز الأقطاب الفاعلين في عصر العولمة، وعلى مختلف الصعد السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والمالية، والتكنولوجية والثقافية.

ختاماً، اعتبرت حكومة الصين أن القرار الوحيد الجانب الذي اتخذه زعيم تايوان يسيء الى مصالح شعبها الأساسية بشكل خاص، ومصالح الشعب الصيني وقضية توحيد الصين بشكل عام. فالخروج على الخطط المرحلية المتفق عليها لتوحيد الصين بالطرق الديبلوماسية لا يخدم مصلحة تايوان بل يضع شعبها على أبواب نزاعات دموية مع الوطن الأم. فالصين لا تقبل أبداً باستقلال تايوان أو انفصالها عنها، ولا تتساهل مع أي دولة تعترف بذلك الاستقلال.
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..