الثلاثاء، 22 أبريل 2014

مناقشة للأخوين (السكران) و(الطريفي) حول أصل الولاية وأصل الطاعة ..

 بسم الله الرحمن الرحيم
..قرأت في (تويتر) تعليقاً للأخ (إبراهيم السكران) وللأخ (عبدالعزيز الطريفي) وفقهما الله لهداه؛ يدور حول ولاية الحاكم، ويشهد الله أنني لا أتصيّد ولا أتتبّع الزلاّت ولا أفرح بالخطأ؛ ولكن الاستجابة لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم توجب حماية السنة؛ بالتواصي بالحقّ والنهي عن المنكر ونصح المخطئ وتنبيه المسلمين؛ حتى لا يندرس الحق وينقلب المعروف منكراً والمنكر معروفاً
..
مُلخّص رأي الأخ (إبراهيم السكران):
1. أن الشورى تعني رأي الكل أو الأغلب
2. أن من تولى بغير الشورى؛ فهو إمام، لكنه غير مستحقّ للولاية
..
مُلخّص رأي الأخ (عبدالعزيز الطريفي):
ربط طاعة الحاكم بمقدار أهليته وعدله
..
الوقفة الأولى
..
لا يصح تفسير الشورى برأي الكل أو الأغلب أو الجمهور؛ حيث لم يقل به المُتقدّمون، ولم يفعله أحد عبر العصور، كما أنه غير ممكن واقعا
..
والدليل على ذلك أن عمر رضي الله عنه اختار للخلافة ستةً من الصحابة وجعل الأمر شورى بينهم؛ فلم يجعل الرأي لكل ولا لأغلب المسلمين، وقد وافقه الصحابة على هذا، فهو إجماع منهم
..
كيف وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنة عمر رضي الله عنه حيث قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي"، وقال: "إن يطع الناسُ أبا بكر وعمر يرشدوا"
..
الوقفة الثانية
..
لا ينبغي تجاهل ثبوت الولاية بطريق الاستخلاف، وذلك بأن يوصي الحاكم لرجل بعده، وهذه طريقة صحيحة عند أهل السنة
..
والدليل على ذلك أن أبا بكر رضي الله عنه استخلفَ عمرَ رضي الله عنه
..
وعلى رأي الأخ (السكران)؛ فإن عمر غير مستحق للخلافة؛ لأنها لم تحصل له بالشورى! فهذا الرأي يلزم منه تسفيه وتأثيم الصحابة، بل يلزمه القول بأن جميع الأئمة والحكام على مرّ العصور غير مستحقّون للإمامة!
..
الوقفة الثالثة
..
المناداة باستشارة الكل أو الأغلب تتعارض مع ذم الله للكثرة
..
والدليل على ذلك قول الله: "وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله"، وقوله: "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين"
..
الوقفة الرابعة
..
المناداة باستشارة الكل أو الأغلب تعني التسوية بين رأي العالم والجاهل، ورأي السني والبدعي؛ وهذا أمر باطل
..
والدليل على ذلك أن الله فرّق بينها حيث قال: "هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"، وفي الحديث: "أمرنا رسول الله أن نُنزل الناس منازلهم"
..
ولنفرض أن إخواننا في بعض البلدان أخذوا برأي الأخ (السكران) وكانت الغالبية في ذلك البلد للرافضة أو الليبرالية؛ فما النتيجة؟! وهل سيكون الحاكم الرافضي أو الليبرالي هو المستحقّ للإمامة في هذه الحال؟!
..
الوقفة الخامسة
..
لا يصحّ الاستشهاد على اشتراط المشورة بقول عمر رضي الله عنه: "من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يُبايع هو ولا الذي تابعه ..."؛ فإنه رضي الله عنه كان يردّ على من زعم أن بيعة أبي بكر رضي الله عنه كانت فلتة (فجأة)، وليس كلامه في مقام تقرير اشتراط المشورة في استحقاق البيعة
..
والدليل على ذلك أنه رضي الله عنه جعل الخلافة من بعده في ستة من خيار الصحابة؛ فلم يستشر كل أو أغلب المسلمين في تعيين هؤلاء الستة
..
الوقفة السادسة
..
لا يصح الاستشهاد على التفريق بين انعقاد الإمامة واستحقاق الإمامة بقول ابن تيمية رحمه الله؛ فإن كلامه رحمه الله كان في سياق الردّ على الرافضي الذي يُشغّب على مسألة الإمامة، ولم يكن يُقرّر التفريق بينهما
..
والدليل على ذلك أن ابن تيمية رحمه الله لا يقول بعدم استحقاق من أخذ الإمامة بغير مشورة؛ كحال خلافة عمر رضي الله عنه التي حصلت له بغير مشورة الجميع ولا الأغلب ولا الجمهور
..
ثم ألفت الانتباه إلى إن الأخ (السكران) مزج عبارتين لابن تيمية رحمه الله في عبارة واحدة حتى صاغ منها النصّ الذي نقله، وهذا الفعل يُعكّر صفوَ الأمانة العلمية، فكان الواجب نقل العبارة الأولى ثم نقل العبارة الثانية، أو الإشارة إلى أن العبارة المذكورة ليست من قول ابن تيمية رحمه الله بل من تلخيص الباحث
..
الوقفة السابعة
..
لا ثمرة من التفريق بين انعقاد الولاية واستحقاقها؛ لأن أهل السنة متّفقون على صحة الولاية ووجوب السمع والطاعة وتحريم الخروج على الحاكم ولو توصّل للولاية بالقتال والغلبة؛ فلا تأثير للطريقة التي توصّل الأمير بها للولاية
..
والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وإن تأمر عليكم عبد حبشي"؛ فقوله (تأمر) فيها إشارة للتغلّب والقهر، بل حكى جمع من أهل العلم الإجماع على ثبوت الولاية بالتغلّب
..
كما أن العلماء على مرّ العصور لم يذكروا فرقاً في حقوق وصلاحيات الأمير؛ بين المتغلّب، ومن أخذ الحكم بالشورى، ومن أخذها بالاستخلاف
..
الوقفة الثامنة
..
القول بربط السمع والطاعة بعدل الإمام؛ قول مخالف لأدلة الوحي
..
والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بطاعة الإمام الظالم، ولم يستثن من ذلك إلا إن أمرنا بمعصية؛ فإذا أمرونا بمعصية فلا سمع ولا طاعة لهم في تلك المعصية، مع ثبوت أصل السمع والطاعة في غير هذه المعصية
..
سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقّهم ويمنعونا حقّنا؛ فما تأمرنا؟ فقال: "اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم"
..
بل إن كلام العلماء في كل عصر عن السمع والطاعة والصبر؛ إنما يعنون به الحاكم الظالم الجائر المقصّر، أما العادل البرّ التقيّ فليسوا بحاجة للتذكير بالسمع له والطاعة
..
رسائل مباشرة:
..
1. لا تأخذ العلم إلا من العلماء الثقات، ولا تغترّ بكل من يتكلم ويقرّر، لا سيما في وقت الفتن، إلا أن يحتجّ على ما يقول بالدليل الصحيح الصريح ويستشهد من كلام الأئمة المعتبرين بنقل صحيح صريح
..
2. لا تستعجل في نشر اكتشافاتك العلمية؛ فالدين مبناه على الاتّباع لا الاختراع والابتداع
..
3. لا تغفل عن النظر في نتيجة رأيك وتأمل لوازمه؛ فإن هذا مما يُعين على معرفة التوفيق والتسديد
..
4. الافتتان بالغرب والانبهار بالانتخابات واللّهفة عليها هي السرّ الذي جعل البعض يُفتّش عما يؤيدها ولو من بعيد
..
5. اعلم أن التعامل مع الحكام يعدّ فتنة العصر؛ فإن أردتَ النجاة فتلمّس السنة وضع قدمك حيث وضعها السلف
..
6. من رأيت منه طعنا في أصل الإمامة وإضعافا لأصل السمع والطاعة فاتّهمه على عقيدة أهل السنة والجماعة؛ لا تقديسا للحكام ولا مبالغة في الدفاع عنهم كما يقول من لا يعرف، وإنما استجابة لأمر الله ورسوله في السمع والطاعة
..
7. من لوازم السمع والطاعة؛ عدم العمل على إضعاف هذا الأصل، وعدم نشر الأطروحات المبهمة التي تتضمن إشارات للسفهاء وقليلي الفهم، ولا أدلّ على هذا من تزامن بعض الآارء مع بيعة ولي العهد حفظه الله ومع الولايات الجديدة التي أمر بها ولي الأمر
..
من المعين الصافي
..
قال ابن مسعود رضي الله عنه: إنا نقتدي ولا نبتدي ونتّبع ولا نبتدع ولن نضلّ ما تمسّكنا بالأثر
..
وقال سفيان الثوري رحمه الله: ينبغي للرجل ألاّ يحكّ رأسه إلا بأثر
..
وقال شاذ بن يحيى رحمه الله: ليس طريق أقصد (أقرب) إلى الجنة مِن طريق مَن سلك الآثار
..
وقال أيوب السختياني رحمه الله: لا أعلم اليوم أحداً من أهل الأهواء يُخاصم إلا بالمتشابه
..
وقال أحمد بن سنان رحمه الله: ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث، فإذا ابتدع الرجل نُزعت حلاوة الحديث من قلبه
..
..
بندر المحياني

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..