الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
١/ كل من يعيّن في وظيفته بأمر ملكي فالأصل أن كلمته محسوبة على الدولة وعلى قائدها الأعلى الذي عينه ، ومديرو الجامعات داخلون في هذا بالأولى للمكانتين الوظيفية والأكاديمية ، فهم فرضا أوواقعا من النخب المحسوبة.
٢/ يلاحظ أن كلمة مدير جامعة الإمام الإسلامية عن تركيا ورئيسها كانت ارتجالية هجومية تفتقد وتفتقر إلى كثير من معاني الأدب واللباقة وانتقاء الألفاظ ومراعاة العرف الدبلماسي والدولي وباختصار كانت كلمة غير مسؤولة ، وغير مهذبة، وغير موفقة كأنها موجهة إلى المالكي عقب تصريحه أمس عن المملكة بأنها ترعى الإرهاب !!
٣/ أيامَ كنا على رآس العمل في الجامع والجامعة كانت التعميمات تترا ناهية ومحذرة من التدخل في الشأن السياسي ولزوم حدود الوعظ والإرشاد الديني والمنهج الدراسي ، فهل تغير ما هنالك ؟!
٤/ كلمة مدير الجامعة خارج الشأن الجامعي بل والعلمي بل والبلدي ؛ وكأن مناسبتها مفتعلة لإبلاغ رسالة ما.
٥/ الكلمة تعتبر ضمنا تخطئة ومناقضة لخيار القيادة السعودية في استحقاق رئيس وزراء تركيا لكل من جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام والدكتوراة الفخرية من جامعة أم القرى وجامعات إسلامية وعربية.
٦/ الكلمة استعداء سافر للشعب التركي وتعبئة لعواطفه واستفزاز لمشاعره: أ- باعتبار الهجوم مركزا على الدولة التركية برمتها وبألفاظ سوقية جاهلة لا تصدر من شخص على هرم صرح تربيوي كبير ب- وباعتباره موجها إلى شخصية رمزية كبرى في نفوس الشعب التركي وصل إلى مكانة قيادية مرموقة باختيار حر من الشعب عينه.
٧/ ومن العجب أن هذه الكلمة صدرت قبل أن يجف مداد القرارات الملكية المشددة على التعرض لقيادات الدول واستعدائها ضد المملكة ؛ فإن كان في قرارة نفس المصرّح قناعة أن هذه القرارات لا تشمله أفلا حرص على احترام هيبة دولته وقيادتها وقراراتها ، وأن يكون أول الممتثلين ولو ظاهرا؛ باعتباره على رأس صرح تربوي يضم عشرات الآلاف ممن ينظرون إليه قدوة من طلاب وطالبات، إنه بتصريحه السافر كالممسخر بالقرارات ومصدرها، والمظهر للعالم أن التطبيقات القرارية في بلاده انتقائية ومزاجية.
٨/ يمكن على مضض أن يتفهم هجوم المدير لو كان بين دولتنا والدولة الهدف حرب معلنة أو غير معلنة ، أو لو صرح المستهدف بالهجوم(أردغان)بنوايا عدوانية تجاه المملكة أو تنزلا لو دعا إلى تتويج هامته إماما وخليفة للمسلمين ؛ فما ذنبه وعلاقته بتصريح مواطن سعودي في موقعه الخاص ليس له أية صفة وصبغة رسميتين إن صدق المدير في زعمه ؛ لأنه لم يسم مصدر كلامه، والدعاوى مالم يقيموا عليها بينات أصحابها أدعياءُ والعجب أن المستهدف بالهجوم في نظري وكثيرين من أعقل من مر على رئاسة الدولة التركية تجاه المملكة والعرب ، ومعلوم أن قيادات تركية سابقة أقامت الدنيا ولم تقعدها لما أقدمت الحكومة السعودية على إزالة قلعة تركية نائية عن الحرم ، واليوم نرى بأم أعيننا هدم البناء التركي والمملوكي الغابر عليه مئات السنين ، دون أن تنبس الحكومة التركية ببنت شفة ، وقد قيل إن محاولات لمتعصبين في بلاده جرت لاستثارته فقال : قد أُفهمنا أن هذه الخطوة لمصلحة الحرم وطلبنا تسليم الأنقاض إلينا هذا كافٍ انتهى كلامه ، وهذه خطوة عاقلة من رجل عاقل حصيف.
٩/ ياترى هل جدع قصير أنفه وصرح تصريحه غيرة عقدية أو حتى وطنية ؛ وهل سيهاجم القيادة التركية بالحدة نفسها لوكان النموذج الأتاتوركي هو الحاكم !!
١٠/ وأخيرا لا تغيب عنا حادثة الدرعية وآلامها وجراحها التي لاتعفيها القرون ؛ ولكن إن كنا سنظل ذاكري هذه الآلام التاريخية العميقة، فدول أوربا برمتها أذاقتنا عذاب القرون عبر الحملات الصليبية، بل هذه مصر كانت رأس الحربة في الحرب على الدولة السلفية ممثلة بقيادتها محمد علي وأبنائه طوسون وإبراهيم وخورشيد وأركان جيشه ، فالسلطان التركي لم يقدم نجد محاربا ؛ فإن فتحت هذه الملفات فجيراننا أول الملومين ؛ وإن قلنا :" تلك أمة قد خلت" فلا معنى للانتقائية وفتح جراح سكت عنها قرونا.
أسأل الله أن يحفظنا وبلادنا وبلاد المسلمين وأن يصرف عنا شر العوادي والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وجنايات أفعالنا. والحمد لله رب العالمين
محمد بن أحمد الفراج
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..