السبت، 7 يونيو 2014

التوريث لا يخلق قيادات

خاص – التقرير
المشهد السياسي في الخليج ملفت ومثير للأسئلة. الأسر الحاكمة تكاثرت مثلها مثل كل الأسر
المواطنة بل تكاثروا أضعاف الأسر العادية، ببساطة لأن مستقبلهم المعاشي والعملي مضمون، خصوصاً أن أربع من دول الخليج تعيش على مُنتج النفط. الملاحظ أنه كلما وصل جيل أو فريق إلى السلطة يكرر نفس طريقة والده وعمه وجده ولديه نفس المخاوف ويحدثك نفس مفردات الأولين ودائماً يعلقون على شماعة المجتمع عدم تقدمهم الثقافي والعملي وتبرير قيادتهم لمجتمعاتهم قيادة تقليدية.
ولذلك شعوب الخليج تتقدم في الوعي الحقوقي ليس رغبة في إقصاء الحكومات لأنهم يعتبرونها صمام أمان ولكن يتقطعون حسرة وهم يرون كيف تصرف المخصصات وكيف يعبث الفساد بالمال العام ويرون أيضاً الثروات البليونية لأشخاص فقط مؤهلهم أنهم أبناء أو إخوان ملك أو أمير !
يتحدث أهل العقول من أبناء الخليج أمام صانعي القرار بمسارات المستقبل وما هي الممرات الآمنة الواجب سلوكها حتى تكون البلدان الخليجية وشعوبها في مأمن من عوادي الزمن. وكان حديث النخب قبل 10 سنوات يشير إلى مخاطر المستقبل ولاجواب.
ومع بركة تقدم قنوات التواصل الإجتماعي والانفراج الإعلامي بدأ الصوت يأخذ في الارتفاع والوضوح حتى أصبحت كل التصورات الُمنقذة للخليج يتحدث بها الناس بالأسم والأرقام والبلدان وعلى كل صعيد.
الآن يُطرح سؤال بإلحاح: من يدير الأمور في صناعة القرار؟ ولاجواب.الغريب أن الكثير منن تلتقيهم النخب السياسية والثقافية من أبناء الأسر الحاكمة يتحدثون إلى النخب بأنهم يحملون مشاعر إصلاحية أكثر من النخب ولكنهم دائماً يتحدثون عن (هذا) و (هؤلاء) ولا يطرحون من هو (هذا) ومن هم (هؤلاء)، وهناك عبارة مستهلكة تُردد وهي (طُرحت الفكرة في وقت غير مناسب!) وهذا الوقت المناسب لايأتي أبداً.
أعتقد أن الأزمة هي أن الأسر لا تفكر كيف تصنع كوادر قيادية، وإنما ينصب جل اهتمامها كيف يُعين إبنها في هذا المنصب أو ذاك. وفي اعتقادي أن أغلب من يعمل في أجهزة الدول الخليجية من الأمراء لم يصل إلى هذا المنصب قدراته العلمية ومهاراته السياسية وإنما وصل بحكم مركز والده أو أخيه أو جده!
وأخطر مافي تلك الحالة هي أن الآباء تعايشوا مع الناس من واقع بسيط، نتيجة دور التأسيس والحالة الاقتصادية البائسة قبل تفجر النفط. وبعد تفجر النفط بدأت الأسر الحاكمة تأخذ الحصة الأكبر من الدخل وتعيش حياة رغيدة لا تتوافق مع حياة الناس وبدأ التباعد والفوقية.
ولعدم وجود رؤية لدى الأسر بخلق قيادات سياسية تتعامل مع الواقع وتنجز الحلول وتلتقط الجديد في علم الإدارة والسياسة وتطبقه في برامجها الإدارية، أصبح أبناء الأسر الحاكمة همهم الرئيس جمع المال واستخدام نفوذهم المعنوي والعملي والأسري لتحقيق هذا الهدف.
والهدف الثاني لمن يؤهله وضعه الأسري لتسنم المراكز الوظيفية هو بذل الجهد لإرضاء القائد حتى يكون ظاهرا وبارزا أمام عينه، فيقفز إلى صناعة القرار بمجرد أن تحين الفرصة.
كما أشاهد في حالة أبناء الخليج، ازدياد الاحتقان يزيد بين المواطنين وأبناء الأسر الحاكمة والتباعد يتسارع ولا أرى في الأفق نية لصناعة قيادات قادرة على نقل دول الخليج إلى الموقع الطبيعي شعوباً وأسر حاكمة، وهو في اعتقادي مشروع سهل التنفيذ لكن بشرط أن تعترف الأسر الحاكمة بحق الشعوب الخليجية بالشراكة في إدارة الأوطان سياسياً وبشكل صادق وبحماسن بحيث تقرر الأسر الحاكمة القطيعة مع الوضع السابق، والاستعداد لصياغة علاقة وطنية تحقق العدل والأمن والعيش الكريم للجميع.
لماذا أطالب بالتخلي عن الماضي؟ فقط لأن الأسر الحاكمة الخليجية بالرغم من حالة الثراء الفاحش التي يعيشون فيها، هم بحاجة ماسّة إلى المحافظة على مكانتهم الاعتبارية والسياسية لدى شعوبهم، وأنا على يقين أن كل شعوب الخليج تحفظ لهم هذا الاستحقاق ولا ترغب في منازعتهم الشرعية.
أخيراً لن يواجه الخليج بكل أهله التحديات بالمقالات التي تزيد التشرذم والضعف ولا بدفع الملايين على إعلام مُضلَل فالكل يشاهد ما تقوله حكومات الخليج لشعوبها وما تقوله الشعوب في تويتر. هل تفكر الأسر الخليجية الحاكمة في قفل تويتر أو في مزيد من التقارب مع الشعوب وخلق مشاريع سياسية حديثة تُحدث نقلة نوعية في طريقة إدارة دول الخليج ويتحول مشروع الحصول على وظيفة قيادية بما يمتلكه الشخص من قدرات علمية وثقافية وعملية، بحيث تُمسح إلى الأبد عبارة ( من أنت ولده). مع الدعاء بالخير للخليج وأهله نحتاج مشاريع حقيقة وسريعة وواضحة للمشاركة السياسية.
لك كل الخير ياوطني الحبيب المملكة العربية السعودية.

 عقل الباهلي

مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..