تعريف:

الزراعة المائية أو (hydroponics) هى عبارة عن زراعة النباتات بإستخدام محلول مغذى و (بدون تربه) حيث تنمو جذور النباتات بشكل مباشر داخل المحلول المغذى أو داخل تربه من (مواد خامله) مثل الصوف الزجاجى أو أحجار البرليت، و المقصود بخامله هنا أى أنها لا تتفاعل مع المحلول المغذى لتظل كافة مكوناته فى صوره ميسره لجذور النباتات لإمتصاصها.

فى القرن ال 18 إكتشف العلماء أن النباتات تتغذى من خلال إمتصاص أيونات العناصر الغذائية المعدنيه الذائبه فى الماء، و أن التربه الزراعية أو الأرض ما هى إلا (مخزن) لهذه العناصر ليس إلا!! فعند إضافة الماء الى التربه يقوم الماء بإذابة العناصر الغذائية من التربه فيما يعرف بإسم (محلول التربه) لتصبح ميسره لجذور النباتات لإمتصاصها، فيما عدا هذا لا فائدة للتربه فى نمو النباتات بل أن لها مضار سوف نتعرض لها لاحقا.

فوائد الزراعة المائية:

1. لا تحتاج إلى تربه، أى أنها توفر فى الأرض الزراعية التى تتناقص مساحتها فى مصر بصورة مفزعه كما و أنها تصلح للإستخدام فى أى مكان حتى داخل المدينة فوق أسطح المنازل و فى البلكونات و على أسطح المبانى الحكومية التى تعانى الإهمال الشديد فمن الممكن إستغلالها من خلال إتحادات العاملين و بيع المنتج لهم بسعر التكلفه.

2. التوفير فى الأرض له بعد آخر يجب النظر إليه، ففى دراسة رائعه شاهدتها على اليوتيوب للدكتور/ أشرف عمران ذكر أن إنتاجية مساحة 1000 متر مربع فى الحقل المفتوح من الخضر الورقية مثل خس الكابوتشا هى 7 طن خلال مدة 28 يوم، بينما ترتفع هذه الإنتاجيه لنفس وحدة المساحة من البيوت الزجاجيه بإستخدام تقنية الزراعة المائية إلى 20 طن خلال مدة 15 يوم!!!! معنى هذا أننا فى خلال نفس الوقت تقريبا المستهلك فى دورة زراعية تقليديه نستطيع أن نجرى دورتين زراعيتين داخل الصوب الزجاجيه ليكون الإنتاج المقارن هو 40 طن أى حوالى ستة أضعاف الإنتاج التقليدى. و يزيد الأمر فى محصول مثل الطماطم ليصل إنتاج وحدة ال 1000 متر مربع سنويا من 5.6 طن فى حالة الزراعة التقليدية إلى 40 طن فى حالة الزراعة المائية أى حوالى سبع أضعاف الإنتاج التقليدى.

3. ماذا يعنى لنا – كمستثمرين- هذا الكلام؟ يعنى أن إنتاج الفدان من الصوب الزجاجيه يعادل إنتاج ستة أو سبعة أفدنه بالزراعة العاديه، أى لو أن سعر الفدان مثلا 100 ألف جنيه، يمكننا توفير ثمن 5 - 6 أفدنه أى ما يعادل 500 - 600 ألف جنيه و توجيه جزء منهم أو حتى كلهم إلى إنشاء المشروع على الفدان المشترى والإستفاده من كل المميزات الآتى ذكرها، و هى تساوى –ماديا – الكثير على المدى البعيد.

4. الوفر فى الماء، حيث تستغل كل قطرة ماء بشكل مثالى فلا يوجد فقد بالبخر أو بالهروب داخل التربه بعيدا عن منطقة الجذور النشطه، فى الواقع و من خلال قراءاتى فنسبة الوفر فى الماء تتراوح بين 80 – 90% بالمقارنه بالزراعة التقليدية، و لا يخفى على أحد حجم المشكله المائية التى تعانى منها كل دول المنطقة العربية بما فيها مصر مع ما يتهددها من مشاكل مع دول حوض النيل.

5. الوفر فى التسميد، حيث يتم توفير ما يقارب من 80% من تكلفة التسميد بالمقارنه بالزراعة التقليدية نتيجه للإستغلال الأمثل لكل قطرة ماء و إعادة إستخدام الماء مرات و مرات و بالتالى يتم تعويض القدر من الأسمده الذى أمتص بواسطة الجذور فلا يوجد مشكلة (غسيل الأسمده) فى حالة الرى بالزيادة كما و أنه لإنعدام وجود التربه فلا توجد مشكلة (تثبيت) العناصر السماديه بالتفاعل مع مكونات التربه و بالتالى تحويلها الى عناصر غير قابله للإمتصاص بواسطة جذور النباتات.

6. تقليل التسميد بهذا القدر الكبير له فائدتين، الأولى التوفير فى المصروفات فلا يغيب علينا الإرتفاعات الجنونية فى أسعار الأسمده و المستمره إلى ما شاء الله! و الثانيه هى المحافظه على البيئه لأن إضافة الأسمده و هى بالأساس (أملاح) تزيد من ملوحة التربه كما و أنها قد تتسرب الى المياه الجوفيه فتلوثها.

7. الإنتظاميه فى نمو النباتات هى نتيجه أخرى جيده، حيث نجد أنه فى الزراعات التقليديه قد يكون هناك بعض البؤر فى الحقل حيث يقل نمو النباتات أو ينعدم و عندما تسأل يقال لك بسبب أن هذه المنطقه بها تربه طفليه مالحه أو تربه صخريه أو ما الى ذلك، فتجد نفسك تصرف على هذه المنطقه و لا تأخذ منها عائد، فى الزراعة المائية هذه المشكله غير موجوده من الأساس لعدم وجود التربة.

8. الزراعة المائية تتم غالبا داخل بيوت زجاجيه مكيفة الهواء و متحكم فى نسبة الرطوبه و الحراره داخلها بواسطة أجهزة تحكم و بالتالى يسمح لك هذا بإنتاج ما تريد فى أى وقت من السنة بصرف النظر عن موعد الزراعة فى الحقول المفتوحه لأنك متحكم فى الظروف الجويه، فيمكنك هذا من إنتاج الخضروات فى الوقت الذى يكون فيه سعرها مرتفعا فى الأسواق و جنى المزيد من الأرباح.

9. هذه البيئة المغلقه تساعد أيضا فى التحكم بالإصابات الحشريه فتقلل منها و بالتالى تقلل من إستخدام المبيدات الملوثه للبيئة و التى قد تبقى على النباتات بنسب تضر بصحة الإنسان و كلنا يعرف موضوع (الفترة الآمنه) التى يجب تركها من تاريخ آخر رشه بالمبيد لتاريخ جنى المحصول.

10. الوفر فى العماله، فلا يخفى على أحد مشكلة العماله من حيث الندره و الكفاءة و التكلفه، فالعامل اليوم يصل أجره فى كثير من الأحيان الى 100 جنيه فى اليوم و يعمل أكثر من (يوميه) فى اليوم الواحد و كثير منهم يفتقد إلى المهارة و الأمانه فى العمل بكل أسف. العمل فى الزراعة المائية يتم من خلال الأجهزة بصورة كبيره فلا يوجد معاملات أرضيه مثل الحرث أو التقصيب و لا توجد مقاومة للحشائش و هى (مصيبه كبيره) تستهلك المياه و التسميد و تضر المزروعات و تكلف مبيدات و يوميات من العمال لمقاومتها، و العماله مطلوبه فقط عند جنى المحصول.

11. و على ذكر جنى المحصول، ففى حالة الزراعة المائية الجنى يعتبر (نزهه لطيفة) عند مقارنته بالزراعة التقليدية، فالمحصول مكثف للغايه و موجود فى مكان واحد (مكيف) و لك أنت أن تتخيل المجهود المبذول لنزع النبات من الماء مقارنة بنزعه من التربه و أن تضرب فارق الطاقه المستهلكه من العامل لنزع كل نبات فى عدد نباتات الحقل لترى بنفسك كم ستوفر من العماله!

12. خاصية التحكم فى البيئة الزراعيه مهمه جدا، فنتيجه للتغيرات المناخيه التى يشهدها العالم و التى تجعل الصيف يأتى شديد الحراره و الشتاء شديد البروده مما يضر بالمزروعات ضررا كبيرا، فإن وجود الزراعات فى بيئه متحكم فى درجة حرارتها و نسبة الرطوبه بها يقضى على هذه المشكله، و بالعكس فقد يكون فيه فرصه للربح الوفير فى حالة أن تضررت الزراعات التقليديه بتقلبات الجو و قل المحصول و أرتفعت أسعاره فى الأسواق.

مضار الزراعة المائية:

1. فى غياب التربه كمخزن للعناصر كم أسلفنا، فإن أى نقص فى تركيبة المحلول المغذى سيكون له أثر فورى على النباتات، لذا يجب مراقبة المحلول المغذى بصورة يومية من خلال أجهزة قياس متخصصه للتعرف على حالة المحلول بصورة دائمه و هذه متوفره و تعتبر من أركان إنشاء المشروع.

2. تكلفة الإنشاء عاليه جدا بالمقارنه مع الزراعة التقليدية و هذه تحدثنا فيها فى بند (3) السابق و بينا أن الوفر فى ثمن الأرض سيعوض تكلفة الإنشاء، أما الوفر فى التسميد و الرى و العماله فسيكون إضافه مباشره إلى الأرباح بصورة مستمره طالما أستمر المشروع.

3. الزراعة المائية هى زراعة حديثه و متقدمه و تتطلب منا البحث عن كوادر بشريه (قابله) للتأهل لهذا العمل و هى نادره للأسف.

4. أى تلوث بالممرضات للمحلول المغذى سيكون له أثر فورى على النباتات فلابد من الحفاظ على البيئة داخل البيت الزجاجى فى حاله شبه معقمه و إتباع إجراءات صارمه بشأن حالة أى مواد يسمح بدخولها.


مضار أخرى تفضل بإضافتها السادة المشاركون و رأيت وضعها هنا (مع تعليقى عليها) لإتمام الفائدة:

5. عدم توافر المحلول المغذى بصورة جاهزة للإستخدام، و فى رأيي أن الأمر يمكن حله من خلال عمل جمعيه للمستثمرين الذين يودون الإستثمار فى هذا المجال، و بتجميع طاقاتهم يمكنهم الإتفاق مع أحد منتجى الأسمدة السائلة (المحترمين) فى مصر
لتصنيع الكميات السنوية التى يحتاجونها من المحلول المغذى و توريدها على مراحل و أعتقد أن أى مصنع سيرحب بإضافة نشاط جديد و خبرة جديدة إليه و كذلك فتح أسواق جديدة و واعده. الأمر فى هذا المقال لا يعدو عن كونه دعوه لإستطلاع المميزات الموجوده فى هذا النظام و مدى ما ستوفره لنا كمصريين و أيضا كعرب لأن الظروف المناخيه و المائيه لنا جميعا متشابهه، و عندما يكون هناك زخم كافى من النيات و الإمكانات للبدء ستكون البدايه كبيره و واسعه و التجارب الفرديه فى هذا الشأن لن تجلب ما أحلم به لأوطاننا. و مع هذا فمن يريد أن يبدأ على مستوى صغير ليتعلم من خلاله فيمكنه إستيراد المحلول المغذى من الخارج و لن تكون الكميه كبيره فنحن نزرع مساحة صغيره جدا مقارنه بالزراعة المفتوحه و الوفر فى الأسمدة حوالى 80%.

6. سرعة إنتشار المرض فى حالة وجود شتله واحده مريضة و ذلك من خلال إعادة إستخدام المحلول المغذى فينتشر المرض فى البيت الزجاجى كله، هذا الأمر تم علاجه من خلال إضافة وحدة (شتل) محليه تعتبر من أساسيات التصميم فى حالة الزراعة المائيه، هذه الوحدة تكون داخليه أى داخل الصوبه و تتم عليها كل المعاملات التأمينيه و لا يسمح بدخول شتلات من الخارج و إنما (البذور) فقط و يتم صناعة الشتلات داخل الصوبة.