للسفر آداب عديدة منها ما يكون قبله أو أثناءه أو قبيل الوصول أو بعد الوصول والعودة ومنها :
أولا: الاستخارة
فيشرع
لمن يريد سفرا أو غيره مما له بال أن يصلي ركعتين ويدعو بدعاء الاستخارة
الوارد في حديث
جابر رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في الْأُمُورِ كما يُعَلِّمُنَا
السُّورَةَ من الْقُرْآنِ يقول:( إذا هَمَّ أحدكم بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ من غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: اللهم إني أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ من فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ ولا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللهم إن كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هذا الْأَمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أو قال عَاجِلِ أَمْرِي وآجله فَاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي ثُمَّ بَارِكْ لي فيه وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هذا الْأَمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أو قال في عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عنه وَاقْدُرْ لي الْخَيْرَ حَيْثُ كان ثُمَّ أَرْضِنِي به )
قال ( وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ ) رواه البخاري ( 1109) قال ابن أبي جمرة رحمه الله تعالى: " هو عام أريد به الخصوص فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما فانحصر الأمر في المباح وفي المستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه " قال الحافظ ابن حجر معلقا " قلت: وتدخل الاستخارة فيما عدا ذلك في الواجب والمستحب المخير وفيما كان زمنه موسعا ويتناول العمومُ العظيمَ من الأمور والحقير فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم " ا.هـ فتح الباري 11/ 184 قال العيني رحمه الله تعالى: " فيه استحباب صلاة الاستخارة والدعاء المأثور بعدها في الأمور التي لا يدري العبد وجه الصواب فيها أما ما هو معروف خيره كالعبادات وصنائع المعروف فلا حاجة للاستخارة فيها نعم قد يستخار في الإتيان بالعبادة في وقت مخصوص كالحج مثلا في هذه السنة لاحتمال عدوٍّ أو فتنة أو حصر عن الحج وكذلك يحسن أن يستخار في النهي عن المنكر كشخص متمرد عاتٍ يخشى بنهيه حصول ضرر عظيم عام أو خاص " اهـ عمدة القاري 7/224 وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: " فعوض رسول الله أمته بهذا الدعاء عما كان عليه أهل الجاهلية من زجر الطير والاستقسام بالأزلام الذي نظيره هذه القرعة التي كان يفعلها إخوان المشركين يطلبون بها علم ما قسم لهم في الغيب ... والمقصود أن الاستخارة توكل على الله وتفويض إليه واستقسام بقدرته وعلمه وحسن اختياره لعبده وهي من لوازم الرضى به ربا الذي لا يذوق طعم الإيمان من لم يكن كذلك وإن رضي بالمقدور بعدها فذلك علامة سعادته " اهـ زاد المعاد 2/443-445
ثانيا: التوبة
وهي واجبة على كل مسلم ومسلمة إقامة وسفرا قال تعالى (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور:31) ، من عزم على
السفر فليبدأ بالتوبة من المعاصي ويخرج من مظالم الخلق ويقضي ما أمكنه من ديونهم.
ثالثا: قضاء الدين
فجملة
من الناس في هذا الزمان يستدين ويثقل كاهله بأموال كثيرة ليسافر ويتنزه
بينما الواجب أداء الدين وإبراء الذمة منه لا زيادته فشأن الدين والتهاون
بأدائه عظيم فالذي ينبغي على المسلم أن لا يستدين إلا لأمر
يستدعي ذلك أما النزهة والسياحة فليست ضرورية ليستدان لأجلها فتجد الرجل
يستدين مالا كثيرا للفسحة والنزهة ويمكث سنوات طوال يضيق على نفسه وعلى
أهله النفقة بسبب ذلك فالعاقل لا يأخذ أموال الناس إلا عند الحاجة إليها
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: ( مَن مات وعليه دين فليس ثمَّ دينار ولا درهم ولكنها الحسنات والسيئات ) رواه الحاكم 2/ 32 وصححه، وعن عبد اللَّهِ بن عَمْرِو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ( يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إلا الدَّيْنَ )
رواه مسلم (1886) قال النووي رحمه الله تعالى: " ففيه تنبيه على جميع
حقوق الآدميين وأن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال البر لا يكفر حقوق
الآدميين وإنما يكفر حقوق الله تعالى " اهـ شرح صحيح مسلم 13/29 والديباج
على مسلم 4/477 تنوير الحوالك 1/307 وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: "
وفيه دليل على أن أعمال البر المتقبلات لا يكفر من الذنوب إلا ما بين
العبد وبين ربه فأما تبعات بني آدم فلا بد فيها من القصاص " اهـ التمهيد
23/232
وعن ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قال ( مَن فَارَقَ الرُّوحُ الْجَسَدَ وهو برئ من ثَلاَثٍ دخل الْجَنَّةَ الْكِبْرِ وَالدَّيْنِ وَالْغُلُولِ ) رواه أحمد (22423) والنسائي في الكبرى (8764) والحاكم 2/34 وصححه .
ومن ذلك أيضاً أن يرد الودائع ثم يستحل ممن كان بينه وبينه مماطلة في شيء أو مصاحبة.
وإذا لم يتمكن من قضاء دينه فينبغي أن يوكل من يقضيه .
رابعا : أن يترك المسافر نفقة لأهله
فنفقة
الزوجة والأولاد واجبة على الزوج بلا نزاع فلا يحل له التفريط فيها وإنك
لتعجب من بعض المسافرين الذين لا همَّ لهم سوى أنفسهم فتجد أحدهم يسافر
للنزهة ناسيا بل متناسيا تلك الأمانة التي تحملها وهي حقوق زوجته وأولاده
عليه فلا يترك لهم النفقة الكافية مدة سفره بل يتركهم عالة يسألون الناس بل
إن بعضهم يبيع ذهب زوجته ظلما وعدوانا كي يسافر هو وزملاؤه عن عبد
اللَّهِ بن عَمْرٍو رضي الله عنهما قال : قال رسول اللَّهِ - صلى الله
عليه وسلم-: ( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ من يَقُوتُ ) رواه أحمد (6495) وأبو داود ( 1692) والنسائي في الكبرى (9177) وصححه ابن حبان (4240) والحاكم 1/575.
خامسا : أن لا يسافر المرء وحده
لحديث عبد الله بن عمر رضي عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن الناس يعلمون من الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده) رواه البخاري(2998). وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب )رواه
مالك (1764) وأحمد (6748) وأبو داود (2607) والترمذي (1674) وقال: حديث
حسن صحيح. والنسائي في الكبرى( 8849) والحاكم 2/212 ولفظه: أن رجلا قدم من
سفر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَن صحبت )؟ فقال: ما صحبت أحدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب ).
ومن سافر وحده خاصة للبلاد التي تنتشر فيها المحرمات فإنه عرضة للوقوع
فيها لذا لابد من اختيار الصحبة الصالحة ، ويستحب له أن يطلب صاحباً موافقا
راغبا بالخير عارفاً بالشر، يذكره إن نسي ، ويعينه ـ إن ذكرـ على الطاعة
ويبعده عن مواطن الشبهات والشهوات
1436/2/26
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..