القاهرة
ـ قالت مصادر بجماعة الإخوان المسلمين في مصر إن خلافا يدور حاليا داخل
قيادة الجماعة العليا، حول مسار التعامل مع الواقع الحالي، وحديث البعض عن
التصعيد والقصاص من السلطات المصرية الحاكمة مقابل إصرار آخرين على السلمية
كوسيلة للتغيير.
واكدت المصادر ان التناقض في الموقفين
ادى إلى ظهور قيادتين للجماعة، كلّ منهما تعتبر نفسها صاحبة "شرعية" قيادة
الجماعة والمسؤولة عنها.
وأوضحت المصادر أن الخلاف بدا
على السطح قبل 4 شهور وبلغ ذروته الأسبوع الجاري، عقب مقال نشره المتحدث
باسم جماعة الإخوان محمود غزلان، أكد فيه على السلمية على عكس ما كان ينشره
المتحدث الإعلامي للجماعة محمد منتصر على مدار الشهور الأربعة الماضية حول
"التصعيد والقصاص".
وقالت المصادر التي فضلت عدم الكشف
عن هويتها إن بداية القصة كانت عقب فض اعتصام رابعة العدوية في منتصف
أغسطس/آب 2013، والقبض على المرشد العام للجماعة محمد بديع، حيث تم نقل
صلاحيات الأخير إلى محمود عزت (71 عاما) بصفته نائب المرشد الوحيد الموجود
داخل مصر، بالإضافة إلى باقي أعضاء مكتب الإرشاد (أعلى سلطة تنفيذية
بالجماعة) في الداخل.
وأضافت "نظرا لصعوبة حركة عزت (نظرا
لكبر سنه والمخاوف الأمنية التي يواجهها)، تم توكيل مهام القائم بأعمال
المرشد العام، لمسؤول التربية في الجماعة، محمد طه وهدان، 54 عاما، والذي
كان يشغل عضوية مكتب الإرشاد، قبل الإطاحة بمحمد مرسي (في 3 يوليو/تموز
2013)، وشاركه في مهمته محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد، وحسين إبراهيم،
الأمين العام لحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية للإخوان)، وعبد الرحمن
البر الملقب بمفتي الجماعة".
وأشارت المصادر إلى أن
الفريق القديم ظل مسيطرا على الجماعة والتنظيم، ويدير المشهد من خلف ستار
حتى تزايد الدعوات لإجراء انتخابات داخلية بالجماعة منتصف العام 2014.
وتابعت "تمت الانتخابات الداخلية في نهاية 2014، وأسفرت عن انتخاب مكتب ارشاد جديد يتكون من 18 شخصا، لم يتضمن أغلب الوجوه القديمة".
وقالت
المصادر إن أعضاء المكتب القديم وعلى رأسهم عزت وغزلان يرون أن "أزمة
العنف والسلمية" داخل الإخوان التي ظهرت للعلن بقوة خلال الأسبوع الجاري،
كانت نتاج الخلافات المكبوتة داخل التنظيم منذ شهور.
وكانت
أزمة حول اتجاه الإخوان للعنف أو إصرارها على اتخاذ السلمية كمنهج، ظهرت
الأسبوع الجاري عقب مقال نشره غزلان على أحد النوافذ الإعلامية للجماعة
يؤكد فيها على السلمية ويرفض فيه دعوات البعض للجوء للعنف.
وجاء
أغلب مقال غزلان متوافقا مع رغبة مكتب إخوان مصر بالخارج (تم الإعلان عن
تشكيله في أبريل/نيسان) المختص بالتعامل مع الدول والبرلمانات الأجنبية،
الذي اعترض أمام مكتب الإرشاد الجديد على اللهجة التصاعدية للجماعة، التي
لا تتناسب مع السلمية التي يتحدثون فيها مع الخارج، حسب المصادر.
وأضافت
المصادر "القيادات القديمة بالمكتب تعتبر اللهجة التصاعدية واستخدام العنف
أو حتى التهديد به ليس من فكر الإسلام ولا الإخوان في شيء، إلا أن المكتب
الجديد يعتبر أن القيادات القديمة لا تشعر بنبض الشارع وما يحدث من قتل
واغتصاب واعتقال"، حسب زعمهم.
وأكدت أن ذلك الخلاف حول
العنف والسلمية، فجر أزمة مكبوتة حول شرعية مكتب الإرشاد الجديد، حيث ترى
القيادات القديمة وعلى رأسها محمود عزت ومحمود غزلان، إنه لم تتم دعوتهم
إلى الانتخابات، وتم انتخاب آخرين لمكتب الارشاد، وعلى رأسهم محمد سعد
عليوة ومحمد كمال (كانا عضوين بمكتب الأرشاد إبان عزل مرسي)، بالإضافة إلى
على بطيخ، الذي يشغل منصب عضو مجلس شورى الجماعة (أعلى سلطة رقابية
بالتنظيم)، فيما أعيد انتخاب حسين إبراهيم، الأمين العام لحزب الحرية
والعدالة (تم حله بقرار قضائي في أغسطس/ آب 2014) في المكتب الجديد.
ووفق المصادر ذاتها، فإن مكتب الارشاد الجديد يزايد على القيادات القديمة في التوجه أكثر نحو العنف.
ويقول
المكتب الجديد إن هذه القيادات (أي عزت وغزلان) أعلنت رغبتها في
الاستقالة، وهو ما دفعهم لعدم دعوتهم للانتخابات فضلا عن أن الظروف الأمنية
حالت دون وجودهم.
وتابعت المصادر أن المكتب الجديد يقول إن الانتخابات تمت بمن تبقى من أعضاء مجلس شورى الجماعة خارج السجون.
ومضت
قائلة إنه لم تجر انتخابات لاختيار قائم جديد بأعمال المرشد العام
للإخوان، بل تم تكليف محمد كمال بهذا المنصب باعتباره أكبر الأعضاء سنا،
وهو ما اعتبره القيادات القديمة تجاوزا للائحة الداخلية للجماعة.
وقالت
إن اعتراض مكتب الإرشاد القديم على المكتب الجديد، ظل داخل الغرف المغلقة،
حتى الأسبوع الماضي، عندما ظهر الخلاف للعلن عبر مقالات لقيادات في
الجماعة نشرتها نوافذ إلكترونية محسوبة عليها.
وأوضحت
المصادر أنه، خلال الأسبوع الجاري، وجهت القيادات القديمة التي خرجت من
تشكيل مكتب الإرشاد، دعوة لأعضاء المكتب الجديد من المتواجدين في مصر،
لحضور اجتماع، إلا أن المكتب الجديد رفض الدعوة، واعتبر الأمر دعوة "ليست
ذات صفة".
وتابعت أن القيادات القديمة اجتمعت برئاسة
محمود عزت، وأكدت أنها تمثل مكتب الارشاد "الشرعي" للجماعة، وأن المكتب
الجديد جاء بانتخابات مطعون فيها نهاية العام الماضي، ولا يمثل الجماعة،
وهو الأمر الذي رفضه المكتب الجديد برئاسة محمد كمال.
وأشارت المصادر إلى أن الجماعة الآن يقودها مكتبين للإرشاد، أحدهما قديم برئاسة عزت، وآخر برئاسة كمال.
وأرجعت القبض على طه وهدان الأربعاء غرب القاهرة، إلى حركته السريعة والمتكررة خلال الأسبوع، لرأب الصدع بين المكتبين.
وتابعت أن أعضاء المكتب القديم برئاسة عزت، شكلوا لجنة تحقيق مع المكتب الجديد، متهمين إياه بالتلاعب في الانتخابات الداخلية.
المصادر
توقعت أن يتم التوصل لصيغة تفاهم بين المكتب الجديد، والمكتب القديم،
مشيرة إلى أن عدد من أعضاء مجلس الشورى (لم يسمهم) قدموا طلبا بإقامة
انتخابات جديدة لمكتب الإرشاد، في أسرع وقت للفصل في هذا الخلاف، وهو الطرح
الذي ذهب إليه مكتب الإرشاد الجديد، قبل أن يعلن المكتب القديم إنه القائد
الشرعي للجماعة، دون أن يوضح موقفه من طرح إجراء انتخابات جديدة.
وانعكس
الخلاف بين المكتبين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أطلق عدد من
شباب الجماعة هاشتاغ بعنوان "مش هنرجع لورا (لن نعود للوراء)"، في إشارة
إلى دعمهم للقيادة الجديدة للجماعة، في الوقت الذي دشن فيه آخرون هاشتاغ
بعنوان "قوتنا في وحدتنا" للم شمل المكتبين.
وقال أحمد
عقيل، وهو قيأدى بارز من الشباب "لست مضطرا أن أختار بين خيارين سيئين،
ولست مضطرا أن أستبدل فاشل بفاشل آخر، نحن في حاجة إلى طليعة جديدة تبني
المستقبل وتتخذ مسار الثورة الراشدة في إطار مؤسسي وبشفافية ومحاسبة
ومسؤولية".
ودخل محمود حسين الأمين العام لجماعة الاخوان
المسلمين المحسوب على المكتب القديم على الخط، مؤكدا في بيان أن "نائب
المرشد (يقصد عزت) وفقا للائحة (اللائحة الداخلية للجماعة) يقوم بمهام
المرشد العام، إلى أن يفرج الله عنه، وأن مكتب الارشاد هو الذي يدير عمل
الجماعة".
وأضاف في البيان أن "الجماعة تعمل بأجهزتها
ومؤسساتها وفقا للوائحها وبأعضاء مكتب الارشاد، ودعمت عملها بعدد من
المعاونين وفقا لهذه اللوائح ولقرارات مؤسساتها".
وسارع
مكتب الارشاد الجديد إلى الرد عليه حيث أصدر تعميما حسب المصادر، أكد فيه
أن محمود حسين فقد عضويته بمكتب الإرشاد، وبالتالي الأمانة العامة للمكتب
بمجرد خروجه من مصر، وأن من يعبر عن الجماعة هو متحدثها الإعلامي محمد
منتصر.
وعزل الجيش المصري الرئيس الإخواني محمد مرسي في 3
يوليو/تموز 2013، استجابة لثورة شعبية عارمة ضغطت على مدى ايام للتخلص من
حكم الإخوان الذي سعوا خلال فترة حكم مرسي الى اقصاء خصومهم السياسيين
وحاولوا فرض نموذج للحكم ترفضه غالبية المصريين.
وتتهم
السلطات المصرية قيادات الإخوان ومنتسبيها بـ"التحريض على العنف والإرهاب"،
كما صنفت الجماعة كحركة إرهابية، في 25 ديسمبر/كانون الأول 2013.
وواجه
القضاء المصري قيادات وأفراد من الجماعة بعشرات المحاكمات، طالت المرشد
العام محمد بديع والرئيس السابق محمد مرسي قبل أن تصدر أحكاما أولية على
المئات منهم بالإعدام والسجن فترات متفاوتة وصل بعضها إلى المؤبد (25
عاما).
وسعت الجماعة للترويج إلى فكرة ان القضاء يصفي
حساباته معها في "خصومة سياسية"، بينما تؤكد السلطات المصرية أنها لا تتدخل
في القضاء الذي يسهر على تنفيذ للعدالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..