الثلاثاء، 9 يونيو 2015

رسالة إلى طارق السويدان

 الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده,,
كعادة الدكتور طارق السويدان يطلق كلمات غير منضبطة بضابط الشرع فقبل أيام سمّى العلماء الذين يجانبون الهوى
ويتقيدون بالوحي ولا يقدمون الرأي عليه بالتقليدين واتهمهم بأنهم يقاومون تطور الأمة

والدكتور طارق نموذج لمدرسة قديمة هي مدرسة تقديم الرأي على النصوص وعدم التقيد بمنهج الوحي, فهذه التهمة التي أطلقها لو قيل له ما هو دليلك من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلن يجد جوابا, وهو أصلا لم يبني حكمه وقضاءه الكبير واتهامه لأهم شريحة في الأمة على دليل من الكتاب والسنة وإنما بناه على هواه ورأيه بمعزل عن الوحي وهذا المنهج نلمسه دائما عندما نتابع كل ما يطرحه السويدان فهو كحاطب الليل الذي يحتطب في الليل فإنه قد يأتي بحطب وقد يأتي بثعبان وسط الحطب لأنه لا يستنير بنور الوحي ولا يتخذه دليلا ومرشدا, ينطبق عليه قوله تعالى (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم) وما قضية دعم شيعة البحرين على حساب أهل السنة التي تخبط فيها ببعيد أيضا قال ساخرا إن العلماء كل شيء عندهم حرام وشرك فهذا القول منه كذب صريح وتجني على العلماء لأنهم لا يحرمون كل شيء, وإنما يحرمون ما حرم الله ويبينون الأعمال الشركية التي جعلها الله شركا (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون) وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم بيان للشركيات والمحرمات والكبائر والعلماء فقط يبينون ذلك بل إن علمائنا هم الأبعد عن التكفير لأنهم يتشددون في تكفير المعين ويشترطون لذلك أشد الشروط ولا يكاد يوجد أحد كفروه إلا قلة لا تذكر, ولقد حذر الله رسوله صلى الله عليه وسلم والأمة من هذا المنهج الذي يسير عليه السويدان ومن كان على شاكلته ممن يقدمون الرأي على الوحي أعظم التحذير كمال قال تعالى (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير) وقال سبحانه (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا , ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا , إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا)

والنبي صلى الله عليه وسلم أعظم من استقام على الوحي وجانب الهوى فهل يقال إنه قاوم تطور الأمة؟! والخلفاء الراشدون والصحابة عموما ما كان يعرف منهم إلا الاستقامة على الوحي فهل هم أيضا قاوموا تطور الأمة؟! ومثل ذلك يقال عن أئمة التابعين مثل عطاء والحسن البصري وسعيد بن المسيب ومن جاء بعدهم والأئمة الأربعة كلهم على ذات المنهج فهل قاوموا تطور الأمة؟! والعلماء الذين أثروا في الأمة في كل عصر هم العلماء المقتفين للأثر مثل ابن عبد البر وابن تيمية وابن رجب والنووي وابن حجر فهل هؤلاء قاوموا تطور الأمة؟! بل إن الذين يشهد لهم أكثر المسلمين أنهم جددوا للأمة دينها كانوا أيضا من أهل الأثر والاستقامة على الوحي مثل عمر بن عبد العزيز وأحمد ابن حنبل وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب والألباني في هذا العصر فهل هؤلاء قاوموا تطور الأمة؟!

بل أقول للدكتور طارق إن الصحوة التي تعم الأمة اليوم سببها الدعوة السلفية التي عادت بالأمة للوحي الرباني الذي تكفل الله لمن استقام عليه بسعادة الدنيا والآخرة كما قال تعالى (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا) (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا) (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) وإنما أصاب الأمة ما أصابها بسبب البعد عن منهج الوحي وعدم الاستقامة عليه, وهذا الوحي يتضمن أهم قيم الحضارة الحقيقية وهي العدل والأمانة والعلم كما في قوله تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا) وكما دلت قصة ذي القرنين في القرآن وكما دلت سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة الصديق والفاروق وعثمان وعلى رضي الله عنهم وكل الأئمة المهديين من بعدهم, فإذا الأمة أحيت هذه القيم الثلاثة العدل والأمانة والعلم فسوف تنهض وتقيم حضارة وتتقدم كما حدث ذلك فعلا في الصدر الأول وفي عصور مختلفة, ومن العلم يا دكتور طارق أن لا نتكلم في الدين إلا بدليل من الكتاب أو السنة ومن العدل أن لا نتهم علماء الأمة بمقاومة تطورها بدون ذنب إلا أنهم يتمسكون بالسنة ويستقيمون على الوحي ومن الأمانة أن لا نشكك الأمة في علمائها, وبناء على ذلك فإني أقول لك إنك أخر من يتكلم عن التقدم ونهضة الأمة لأن فاقد الشيء لا يعطيه
مسفر أحمد الغامدي


مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..